اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

العلاقة الفكرية التاريخية بين لغة العقل ولغة المنطق// يوسف زرا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

     بحث فكري

العلاقة الفكرية التاريخية بين لغة العقل ولغة المنطق

يوسف زرا

 

     صنف علماء الاجتماع الانسان وفق المراحل الزمنية التي مر بها ، فكان ذلك حسب تطور مصدر ( فكرة الدماغ ) بايولوجيا ، وكل مرحلة وفق مقاييس صوتية كانت تستعمل كاشارات عن مايتحسس من الملموسات المادية والتاثيرات البيئية والمناخية ، واولى هذه المراحل هي التي سمي بها (الحيوان الناطق)، وهنا لابد ان نقف ونقول، بان كل النبرات الصوتية المستعملة كانت كماقطع ذات تعبير لحاجته من المفردات اليومية الضرورية ، سواء كانت اجتماعية بسيطة كعلاقته مع افراد اسرته البدائية المتكونة عبر مرحلة الصيد، او مقاطع اخرى تدل على مايحدث في مجرى حياته العامة كالاحزان والمخاطر التي يتعرض عليها ضمن الرقعة الجغرافية التي يعيش فيها. وامتدت به هذه المرحلة الى ان وصل يستعمل الى جانب المقاطع الصوتية ، الكثير من الاشارات الدالة بواسطة استعماله الاطراف الامامية والراس والتي تعتبر ايضا مشاركة منها لما يحتاجوه او مايتحسسه من المؤثرات الطبيعية ، وتمكن بعد هذه الفترة من الانتقال الى استعمال بعض الرموز وصور لتلك الاشارات الدالة ويبصمها إما على قطع طينية أو يحفرها على جدران الكهوف والمغاور التي كان يأوى اليها. وبواسطة قطع من حجر الصيوان الصلب والحاد او بواسطة عظام كبيرة وصلدة .

     وبسبب التطور البايولوجي الذي حدث على العمليات الجارية في الدماغ ، حدث تطور ايضاً في عملية التفكير وكيفية الانتقال من التعبير عن الصور والعلامات الرمزية الدالة ، الى مرحلة الانتقال الى النطق وبلغة معينة ولكل شئ تسمية خاصة به _أي دالة_. ومنها انتقل الى مرحلة اختراع الكتابة ، وهي الفترة المهمة والتي ادت بالانسان الى تدوين وتوثيق ماتوصل اليه في الحياة اليومية ومفرداتها المتعددة ، ولربما استغرق ذلك قرونا ً عديدة من السنين. وتعتبر فترة ظهور الكتابة مابين عام 3200 – 3000 ق.م وفي جنوب وادي الرافدين حصراً.اي ظهور اللغة ببدء فترة ظهور الثقافات ، فأعتبر ذلك بداية لتاريخ الانسانية بشكل جلي لمفردات حياته اليومية ولجميع خصائصه الاثنية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وغيرها.

   ولم يتم اكتشاف أي نوع من الكتابة في موقع جغرافي اخر قبل التاريخ المذكور حتى الان.

   وبعد انتقاله الى هذه المرحلة سُمي بـ(الحيوان السياسي). أي اصبح ينسق أعماله وحياته ومسكنه، واصبح تعامله مع بني جنسه ضمن الموقع المتعايش به ومع البعيد منه باسلوب مرضي ومقبول نسببياً ونتج عن ذلك علاقة الألفة والانسجام مع البعض بواسطة تطور لغته وسهولة التفاهم مع الغير . مما أدى الى تقليص النزاعات الفردية والجماعية الى حدٍ ما. ولابد ان يكون هذا الانتقال بعد ظهور القرية الزراعية، وبدء التبادل الاقتصادي بالمواد المنتجة وحسب الحاجة (المقايضة).

    علماً بان موضوع ظهور الكتابة في الحياة البشرية لازال يعتبر طفرة حياتية كبيرة وبدء بناء مستوطنات اجتماعية هنا وهناك كنواة لنشوء حضارات متعددة وبخصائص فكرية واجتماعية واقتصادية معينة ضمن البيئات الجغرافية والمناخية المتواجدة في تلك المستوطنات.

    وبعد هذه المرحلة،بدء الانسان يفكر ويحاول ايجاد مايمكن من الوسائل التي بموجبها يحمي نفسه ويأتمن على حياته ومعه اسرته ومجتمعه. وكانت مرحلة الاستقرار النسبي والبحث لما حوله من الظواهر الطبيعيه واهميتها وتأثيراتها على حياته السلبية والايجابية والآنية والمستقبلية، كالشمس ولماذا ظهورها نهاراً واختفائها كليا ليلاً، او القمر وظهوره ليلاً واختفائه كلياً نهاراً. وكذلك انتقل الى مرحلة عبادة الاسلاف، او الظواهر الطبيعية الاخرى، كالزلازل او الزوابع والاعاصير والفيضانات والبراكين، وماتلحق بحياته من الكوارث والمحن، وكيف يتعامل معها. وبدأ يحاول ان يطمأن ذاته بالخضوع لها أي (الرجاء والتوسل) كحالة لضعفه أو بتقديم بعض القرابين وإداء بعض الحركات الايقاعية ترضية لها، وكأنها في تفكيره آلهة كي تجعل حياته بلا كوارث أو صعوبات، ويعيش اكثر اطمئناناً. وبعد ظهور العبادة، بدأ بنشوء نوع من العلاقات وطقوس دينية مشتركة، وتشييد صروح واماكن خاصة لتقديم تلك القرابين واقامة المراسيم في مواعيد معينة. اي بمعنى ظهور الثقافة الدينية لعبادة الطبيعية.

     وبعد مرور قرون عديدة على حياة الانسان نضجت فترة وظهرت فيها لغة العقل واهميتها الفكرية التاريخية لتنظيم الحياة بصورة افضل، وبداية للتاريخ كما جاء اعلاه. ويمكن اعتبار ماتوصل اليه الانسان بعد ظهور الكتابة وتعدد اللغات، ثم ظهور عبادة الطبيعة كأول تطور في لغة العقل البشري التي توصل اليها بسبب قناعته باعتماده على التامل والانفراد في التفكير الذاتي أي (ظهور التصوف العقائدي البدائي)، بغية تفهمه لهذه الظواهر واسبابها وكيف يتعامل معها. لابل بدأ يناجيها ويحاول محاورتها (مع نفسه) لتقيه وتحميه من شرها. وكانت طفرة كبيرة  في تفكيره الفلسفي المثالي وكمهمة مرحلية تاريخية كانت كأحد الاسباب الرئيسية المؤدية الى نشوء حضارات عظيمة واستماتت حتى هذا اليوم في الدفاع عن قيمها الفكرية ومانتج منها ضمن العلاقات  الاجتماعية، ونظم الانسان حياته العائلية والادارية بموجبها، بعد ان صاغ بعض الاعراف والقيم والعادات بشكل انظمة، لابل قوانين لابُد من الالتزام بها واحترامها واعتبارها المنسق الضروري لحياته العامة والخاصة. وذات قدسية كبيرة وانتقل اثرها من جيل الى آخر وبشكل متوارث جماعي ضمن قبائل وشعوب الى يومنا هذا، حتى ظهرت الدولة الحديثة بعد سقوط عدة حضارات حكمتها سلالات متعددة الاجناس، ومنها الحضارة الرومانية في اواسط القرن السادس عشر (1550م) وظهور الدول الاوروبية الحالية وبتسميات جغرافية أو بانساب بشرية وبأنظمة ملكية أو امارات، ثم سقوط الحضارة الاسلامية العثمانية في العقد الثاني من القرن الماضي (القرن العشرين) ، وظهور الدول العديدة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وبتسميات قبلية (مشايخ وامارات أوممالك) وكلها امتداد لحكم الطبقة الاقطاعية ولحد هذا اليوم لازال هذا النفوذ قائما في بعضها ومرتدياً ثوب الدين ومنها مذهب معين وغيرها. وغالبيتها الشرق اوسطية العربية والاسيوية تحكمها لغة العقل. أما الدول الاوروبية فأن ظهور عصر النهضة في القسم الغربي منها اواسط القرن الثامن عشر والطفرة العلمية والتقدم التكنلوجي في جميع المرافق الخدمية قلبت الامور وظهرت لغة المنطق وفلسفتها المادية التي توازي الفلسفة المثالية (لغة العقل) وتتقاطع معها في كثير من التحليلات الفكرية ولها اسبابها ومبرراتها لدى الفلسفتين وضرورة بقاء هاتين الفلسفتين كمحفزتان للعقل البشري للتغيير والتجدد الى أنماط من الحياة في المستقبل ولاتوقف لذلك مازال الفكر الانساني دائم ومتواصل في أنتاج الافضل فكرياً واقتصادياً واجتماعياً وغيرها.

    واذا اردنا أن نجزء التاريخ والمراحل التي يمكن اعتبارها مع تداخلها مع بعضها نسبياً بأنها كانت بداية لحضور الوعي والادراك النسبي في كل مرحلة وحسب مقتضى الحالة الحياتية، عدا العمليات الفسلجية  للظاهرة الفطرية والمنفصلة كليا عن الطفرات البسيطة في التفكير الانساني، والذي كان ناتج عن قدرة المخ على التكييف في محيطه والمستجدات التي تفرض على الانسان التعامل معها، لان تواصل الفكرة تؤدي الى تغييرات فسلجية في معظم اجهزه الجسم وعلى سبيل المثال:-

    إن تفرغ الاطراف الامامية للانسان للقيام بعدة عمليات، ومنها الحصول على طعامه من تسلق أعلى الجبال، أو قتاله مع الحيوانات بواسطتها وحتى تمكنه من استخدام القطع الحجرية كسلاح ضد العدو وغيرها. مما أدى الى تحررها كلياً من وظيفة المشي وأنتصاب القامة تدريجياً. وهكذا تطورت أساليب الإيمآت والاشارات من حركية الى صوتية، وثم الى مقاطع خاصة لمدلولات مادية ومعنوية كما جاء في البحث سابقاً.

      واذا تناولنا مراحل ظهور الحضارات في كثير من بقاع الكرة الارضية واسبابها البيئية والمناخية فلا بد من ان نتكلم بشكل مقتضب عن مفهوم الحضارة واسباب قيامها.

فان المقصود بالحضارة كما نعتقد، بانها تعتبر ناتج تجمع بشري في عمق التاريخ ضمن بقعة جغرافية معينة ووفق نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي وعقائدي ولغة التداول فيها وبسبب تحول مقومات حياة الانسان- اعراف- قيم- عادات- الى مستوى من التقديس والعبادة واعتبارها إرثاً ينظم حياته بموجبها، مع روابط حيَّة دائمة التجدد وحسب الحاجة الآنية لكل مجتمع. ومن هذا المنطلق وعبر التاريخ تنوعت العقائد الدينية الناتجة من لغة العقل تميز بعضها عن البعض عقلياً وأجتماعيا ًوفكرياً، كما توصل اليها المؤرخ والعالم الاجتماعي الاغريقي–اليوناني(هيرودوتس) 485-425 ق.م. والذي يعتبر من أشهر علماء وفلاسفة العهد الاغريقي والذي تزامن عصره مع فلاسفة –أثينا- ومنهم سقراط وارسطو وزينون وغيرهم، والذين اهتموا في ذلك العصر بفلسفة المنطق. واهم هذه الحضارات وحسب مواقعها الجغرافية وقدمها التاريخي هي:-

1-   الحضارة الايرانية -3900- ق.م. وتعتبر امتدادا لحضارات الشرق الاوسط وتحديدا شرق وادي الرافدين، والتي ظهرت فيها عدة مستعمرات زراعية مزدهرة في الالف الثالث قبل الميلاد، اصابها الخمول وتعرضت الى تمزق، واقتصر الامر لتطور حضاري في بعض اجزائها الشمالية والوسطى، أما بخصوص الملاحم الادبية ذات طابع فلسفي للغة المنطق والتي ولدت الصراع بين الشك واليقين، أي بين فلسفة العقل (التامل) وبين فلسفة لغة المنطق، فأن قصيدة زرادشت (660 ق.م.) النبي الايراني، والتي جاءت بعنوان (عقائد الإله الواحد) ولم يقل عقيدة الإله الواحد، ومحتوى القصيدة عبارة عن طرح عدة اسئلة مستفسراً عن الشمس والنجوم والقمر والارض والسماء والمياه وغيرها. ولان-لغة العقل- غير قادرة أن تجيب عن هذه الاسئلة، فضلت تشك بحقيقتها، ولابد أن يعترف الانسان بأنه غير قادر على اكتشاف اسرار المعرفة عبر فلسفة العقل. الى جانب أن ولادة زرادشت في عام 660 ق.م. والتي تقول:-

    عندما كان الراعي –يوروزهاريو- يرعى ماشيته في حقل ما، فظهر له شبحان نوريان واقتربا منه وقدما له غصناً من نبات –الهوما- المقدس وأمراه ان يحملاه الى زوجته، وستحمل طفلاً بكيان روحاني. فمزج الرجل الغصن باللبن وحسب التوصية وشربه هو وزوجته وحملت وليداً وهو (زرافوشترا) أي زرادشت. وهناك عنصر مشترك بين ولادة زرادشت وولادة بوذا في الهند عام 568 ق.م. بان الملكة امه حلمت بأن فيلاً يحمل في خرطومه غصناً من نبات (البشنين) ودار الفيل ثلاث مرات حول فراشها، وثم مسَ جانبها الايمن ودخل رحمها وحملت ببوذا.

      وهنا نرى بأنه لم تكتف لغة العقل لدى الايرنيين بقبول هذه الاسطورة وظلت تعبد الطبيعة ايضاً كما في الديانة السومرية والبابلية والهندية وغيرها كعبادة ثانية احتياطية لعدم توفر اليقين بذلك.

2-   حضارة وادي الرافدين (3200)ق.م. والتي شملت الامتداد الجغرافي لكل من العراق وسوريا الحاليتين وجزء من تركيا حتى ارمينيا.

       فلابد ان نتكلم عن ميزة هذه الحضارة بصورة خاصة، بانها الموطن الاول للملاحم الادبية والقصص الاسطورية التي خلفتها للبشرية، والتي كان لها الفضل الكبير في مفاهيم فكرية وفلسفية سابقة لزمانها، وإن سرعة تطور حياة الانسان فيها وعامل الاستقرار بالوسط الجغرافي ساعد على أهمية التأمل في كيفية تنظيم الحياة لعشرات القرون. ثم سعى لتعميم ذلك داخل البيئة المتعايش بها وخارجها. واهم هذه المنجزات الفكرية والفلسفية التي ظهرت، هي كمنجزات للغة العقل ،وهي قصة الخلق السومرية والتي تقول بأن الآلهة-ماما- قامت بذبح الإله –وي إلا- أحد آلهة (تيامات) التي استخدمته كسلاح فتاك ضد الآلهة السبع بقيادة –مردوخ- وهو من غنائم الحرب، وبعد ذبحه خلطت دمه بالطين الاحمر النقي وقذفته في البرية فولد الانسان.

    وهنا لابد ان تقف البشرية بكل خشوع واجلال امام هذا التعبير الفلسفي لعقل الانسان قبل اكثر من ستة آلاف عام. والذي عبر فيه أبن الرافدين عن مفهوم ولادة الانسان من عدة عناصر مادية، وجعل الطبيعة، الرحم الذي حضنته ونما فيها وتحول وارتقى الى كائن حي، وهي صيغة فلسفية وواقعية لنفس الاطوار التي يولد فيها الانسان بعملية إخصاب البويضة، وهنا يمثلها الطين الاحمر النقي بواسطة دم وي-ألا-الذكر، والارض كرحم طبيعي أي الام الكبرى الحاضنة للمولود، الى جانب الانتقال الى تطور العقل الانساني وفرضية تنظيم الحياة كضرورة لظهور قوى ذات خصائص فريدة تمثل جميع أطرف ذات العلاقة بهذا المفهوم، وهي ظهور التوحيد التاريخي للأله الواحد –من سبع آلهه- وكل إله له وظيفة بأحدى ظواهر الطبيعة، وتنازل عنها بدون قيد وشرط الى اله واحد وهو (إله مردوخ) كرمز تاريخي يقوم مقام الكل ويفرض النظام والطاعة الطوعية الضرورية، مصحوبة بمركزية دينية مهمة لذلك الانسان.

3-   حضارة الفراعنة في وادي النيل (3100) ق.م. وشملت كل من مصر-سودان –ليبيا، وإن مايخص هذه الحضارة في موضوع الموت وفناء الجسد، فكان الفراعنة قد أعتقدوا  ووفق فلسفة العقل، بأن للانسان روح تسكن جسده، أي هي بمثابة –قرين- له، ففي حالة خروج القرين من الجسد إما بسبب النوم أو الموت. وبعد جولة غير محدودة مدتها وعاد القرين أي الروح الى مسكنها (الجسد) وحسب تصورهم بأن جسد الانسان في هذه الحالة بعد الممات يفنى. فأن الروح -القرين- ستتيه وتدخل جسماً غريباً قد يكون شريراً وتصبح شريرة ايضاً. ولهذا اضطرت الحضارة الفرعونية الى اكتشاف طريقة للاحتفاظ بالجسد بعد الممات سالماً، فكانت عملية التحنيط الطريقة الوحيدة التي جعلت أجساد ملوكهم وكهنتهم سالمة حتى هذا اليوم.

4-   حضارة الصين (3000) ق.م. وشملت وديان الانهار الثلاثة –النهر الاصفر- هوانج – والنهر الازرق يانغ تشي كانغ - والنهر الجنوبي- سي كيانغ – فان الحضارة الصينية كاي حضارة قديمة، فكانت تعتقد بوجود الحاكم الاعلى، والمسمى (شانج تي) والذي يمثل حسب اعتقادهم القوى الرئيسية المسيطرة على العالم، ولم يكتف الصينيون بالحاكم الاعلى، فقد اعتقدوا بوجود (الاله الاعظم) (تيان) وهو سيد كل الالهة، اي  (هو السماء بذاتها) وهذا الاعتقاد جاء باعتبار:-

1.   ان المطر الذي يروي حقولهم للرز ياتي من السماء.

2.   وان السحابة التي تحمل المطر تاتي من السماء.

3.   وان الريح التي تدفع السحابة تهب من السماء.

4.   وان البرق والرعد اللذان يفتحان السحابة موجودان في السماء.

5.   وان القوس والقزح الذي يظهر بعد سقوط المطر يبدو في السماء.

    واخيرا بما ان كل شيء من السماء فان (تيان) هو السماء. ولكن لغة العقل لم تكتف بهذا المعتقد الذي اقره المنطق، بل قالوا يجب ان يكون لتيان - روح – وبما ان الروح ممثلة بالعناصر النازله من السماء وهي:- روح المطر، روح السحاب، روح البرق والرعد، روح القوس والقزح –والجبل – والنهر وغيرها.

بمعنى ان ظهور عند الصينيين لغتين في ان واحد، وهي لغة العقل في الحاكم الاعلى، ولغة المنطق في الاله الاعظم - تيان – ثم تعدد الالهة بالارواح فعادوا الى استخدام لغة العقل لحسم الامر. بمعنى ان لغة المنطق غير معتمده كليا وان لغة العقل اقوى

5 – حضارة وادي السند – (2500) ق.م وشملت كل من الهند وباكستان وبنكلادش. وسبق ان تكلمنا عن المفهوم الفلسفي للغة العقل وتعدد الالهة في هذا الوادي مع عبادة الاله بوذا (المستنير) وكيف ولد مطابقا لولادة زرادشت وان هو الاقدم (اي بوذا) وقد تم التحدث عنه في الفقرة الاولى من الحضارة الايرانية.

    الا ان العبادة الاقدم في وادي السند (الهند) كانت البرهمية وهو الخالق للرجل والمرأة كزوجين وثم جاء من نسل كلاهما عن طريق تناسخ الارواح لجميع الكائنات الحية وفي مقدمتها حين أنقلبت الزوجة الى البقرة المقدسة، فأنقلب الزوج الى ثور وثم كلاهما الى زوجين جديدين من الاحياء –فرس وحصان- حتى وصولاً الى النمل.

    وحسب هذه العقيدة والتي هي من منشأ لغة العقل، تعتبر هذه الرموز من الاحياء، مصادر للقوة وكلها من الاله الاعظم برهما.ورغم انتشار هذه الديانة في الهند بشكل كبير الا أن هناك الكثير من الآلهه تمثل بالافاعي والقردة وغيرها مما يدل أن لغة العقل لدى الانسان ماقبل التاريخ كانت لغة التصوف اي الانطواء والعزلة على الذات. ولازالت هذه العقائد وبطقوس دينية متعددة قائمة في الهند وغيررها حتى هذه اللحظة، ولها قدسيتها وكتبها الدينية وإن اقدم مصدر عن الديانة الهندية كوثيقة تاريخية هي (الفيدالوجيا) –واخيراً نأتي على نهاية بحثنا هذا، مؤكدين إن الانسان اعتمد على لغة العقل كمصدر للتامل لغرض وصوله في تلك المرحلة الى نوع من الاستقرار الذهني والنفسي، وإضطر لعبادة الطبيعة والاسلاف فترة طويلة حتى ظهور أستخدام لغة المنطق وبدء عبادة الإله الواحد. ورغم ذلك فلازالت عبادة الطبيعة أوعبادة الاسلاف باقية في كثير من المناطق الجغرافية ومنها مجاهل حوض نهر الامزون في امريكا الجنوبية وفي بعض جزر الاوقياندس وجنوب شرق الصين والهند وغيرها .

المصادر:-

1-   موسوعة حضارات – عباس عباس

2-   قصة الاديان – سليمان مظهر

3-   فلاسفة اليونان – د. جعفر آل ياسين

4-   حضارة وادي الاندلس – د. احمد سوما

5-   المعتقدات الدينية في بلاد الرافدين – رينيه لايات

 

يوسف زرا

 

25-1-2014م

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.