اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

غطرسة الكبار في أقاليم الصغار// يوسف زرا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

غطرسة الكبار في أقاليم الصغار

يوسف زرا

 3/3/2014

بالأمس كانت سياسة أمريكا تحاول التهديد لا بل بالتدخل وتوجيه ضربة عسكرية لحكومة سوريا، وبالتعاون مع حلفائها التقليديين الأوربيين وبعض حكام المنطقة وفي مقدمتهم بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وحاولت الغطرسة الأمريكية تكرار ذلك في دمشق والتي مبتلية بحرب أهلية منذ أكثر من سنتين، بعد أن تمكنت هذه الدول من إسقاط النظام (الطالباني في أفغانستان في عام 2001 ونظام صدام حسين في العراق في 9/4/2003 وثم نظام قذافي في ليبيا في عام 2013 وأخيراً القزم الصغير علي عبد الله صالح في اليمن). وكل ذلك تحت ستار إقامة أنظمة ديمقراطية في هذه الدول وإنقاذ شعوبها من الوضع المأساوي التي نعيشه طيلة عقود من جراء الحكام المستبدين والمتطرفين المصابين بداء العظمة.

وبعد أن سقطت جميع حججها المزيفة ولم تعد تنطلي هذه الأكاذيب على الساحة الدولية، والتي غايتها السيطرة التامة على منابع النفط في الشرق الأوسط وفتح أسواقها أمام إنتاجها العسكري الهائل وتصريفه بالأسعار التي تريدها وتدر منها مليارات الدولارات. وإقامة حكومات هزلية وتحت الوصايا المباشرة أو غير المباشرة. متكفلة بحمايتها من غضب شعوبها إذا ما نهضت وثارت ضدها.

وما يشهده العراق منذ سقوط النظام السابق وكذلك ليبيا واليمن من فقدان الأمن وحالة حرب شبه أهلية، وطغيان عصابات المافيا من القتلة والإرهابيين وسارقي ثروات شعوبها تحت مسميات قانونية ودستورية مشوهة، محققة قيام حكام من تشكيلات مختلفة من المحاصصة الدينية والطائفية والقبلية وغيرها.

فكانت أولى انتكاسات لسياسة الغرب بصورة عامة والأمريكية بصورة خاصة حينما حذرت روسيا أمريكا وحلفائها من أي تدخل عسكري مباشر في سوريا. وإن إسقاط النظام فيها يعتبر الخط الأحمر بين الطرفين الشرقي والغربي. وبما أن إستراتيجية أمريكا السياسية والعسكرية، الغاية منها حماية أمنها واقتصادها، وإبعاد شبح أي حرب مقبلة من ساحتها الجغرافية كما فعلت في الحرب العالمية الأولى عام 1914 والحرب العالمية الثانية عام 1939، وأحرقت أوربا بأجها وما تسبب لها من الدمار الاقتصادي والاجتماعي والعمراني وغيرها.

فها هي روسيا نهضت ثانية عسكرياً واقتصادياً ومعها الصين وغيرها تقف بوجه الغرب وأمريكا خاصة في أزمة أوكرانيا والتي تنذر بحرب في أوربا مجدداً ولعدم تمكن أمريكا من زج حلفائها الأوربيين عسكرياً في سوريا كما فعلت في الدول المذكورة أعلاه، فإنزوت مجبرة، وسبق أن نوهنا عن بدء أفول نجم هذه الإمبراطورية وتراجعها عسكرياً على نطاق الساحة الدولية بصورة عامة والإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا لاحقاً. وفي مقال لنا بتأريخ 13/9/2013 ونشر عبر الكثير من المواقع للانترنيت وتحت عنوان (عندما يتنازل الكبار عن كبريائهم). وكيف تمكنت روسيا رغم أنها ليست كنظام قائم للدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، أو حمايتها من الحكام المستبدين والدكتاتوريين أمثال الوارد ذكرهم في هذا المقال ومن ضمنهم حكام سوريا. بل أيضاً تنطلق روسيا من منطلق الدفاع عن مصالحها وأمنها وهيبتها التاريخية. إلى جانب وحسب اعتقادها، إنها الممثل الشرعي للدولة السوفييتية التي انهارت عام 1991 بفعل التآمر الجمعي للدول الغربية بقيادة أمريكا وأسباب ذاتية للنظام المذكور. فلا بد أن تكون صاحية الثأر له. بمعنى أن القوى العسكرية في كل زمان ومكان ليست إلا الرديف التاريخي لقانون الغاب (القوي يأكل الضعيف). وإن الحضارة والمدنية قد طرزتها بعدة أطر مزركشة وبراقة، فالضحية في الغابة الحيوان الضعيف، وفي المجتمع الإنساني الشعوب الضعيفة والصغيرة والمغلوبة الأمر من قبل حكامها وأنظمتها المتطرفة، وسهولة جعلها في دوامة مستمرة من التخبط في وسط الصراعات الداخلية الدينية والمذهبية والعنصرية والقبلية والقومية وغيرها. إلى جانب إمكانية الدول الكبرى في الكثير من المواقف من تأليب دول المنطقة الكبيرة والصغيرة على بعضها، بعد أن تتكفل بحماية حكومات أكثرها ثراءً، وما ينعش اقتصادها من ثرواتها الطبيعية كما هو الحال في الدول العربية الدافعة ضمن قارتي آسيا وأفريقيا، ومنها بصورة خاصة منطقة الجزيرة العربية ودول الخليج وإيران معاً. فإلى متى تكون الشعوب الصغيرة والأقليات منها ورقة لعب بيد الكبار، والمحفل الدولي ومنظماته الإنسانية والقانونية يقف متفرجاً على هذه المسرحيات، وكأنها حلبات صراع طبيعية يتلذذ حكامها بمشاهدة المناظر المأساوية ولحمامات الدم التي تغطي ساحات وساحات في الكثير من المناطق الجغرافية لدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وهل يبقى مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة منبراً لنفوذ الكبار، وتذرف دموع التماسيح على هذه الحالة المزرية للإنسان.

 

وهل احترام لائحة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية مناط بالدول والشعوب الصغيرة؟ وتصبح بالنسبة للكبار حبر على الورق عندما تتعرض مصالحهم وأنظمتهم إلى أبسط خطر وتقوم القيامة مهما تكون النتائج.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.