اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أيبقى مخاض الجياع لقمة خبز مضرجة بدماء حمراء . .. وإلا . . ؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
يوسف زرا

        أيبقى مخاض الجياع لقمة خبز مضرجة بدماء حمراء . .. وإلا . . ؟

 

لا زال بعض قادة الدول التي تغريهم هيبة الكراسي المطعمة بالأحجار الكريمة وذات المقاعد الواسعة والوثيرة، والمصابين بالسادية وداء العظمة ينفردون بالسلطة المطلقة ويحكمون شعوبهم بالحديد والنار، وهم قابعون تحت قباب لقصور فخمة شيدتها سواعد أجيال من العمال المأجورين والمهنيين. نعم لا زال هؤلاء الحكام لا يفقهون من حركة المجتمع الانساني وفرضية قوانينه المتفاعلة مع الاحداث اليومية وفق منطوق المادية التاريخية المسيرة لاموره الاقتصادية والاجتماعية والفكرية وذات صفة ديناميكية ومتجددة.

لا بل وبكل عنجهية هؤلاء القادة الغلاة، يطوون سجل التاريخ، وكأنه وسادة تارة يفرشونها تحت اقدامهم ويمشون عليها متبخترين غير مبالين بمأسي شعوبهم وحرمانهم من ابسط حقوقهم وحريتهم في الحياة الكريمة. وتارة تهمل فوق الرفوف عمدا فها هو التاريخ يروي لنا النتائج الوخيمة لفواجع الفقر المدقع لكثير من شعوب الارض. ولا لهيجانها حينما خوت بطونهم حتى من فتات خبز يابس وبدون ملح. وما ثورة العبيد في شمال ايطاليا في اوائل القرن الاخير قبل الميلاد، وبقيادت بطلها الاسطورة سبارتاكوس. ورغم انتهائها المؤلم وبدون تحقيق أي هدف لها واعدام قائدها والكثير من رفاقه عام 72ق.م . على يد قادة الامبراطورية الرومانية القساة. ولكن بموت سبارتاكوس ورفاقه. فأن التاريخ سجل الحدث كمعجزة لالئك العبيد وقادتهم. ووصمة عار في جبين الامبراطورية المذكورة وقياصرتها الطغاة. رغم مرور قرون عديدة على ركود المجتمع البشري . . . . . ولكن

لن ولم تخمد حركة وثورة الشعوب المغلوبة والمقهورة ظلما وعدوانا. فقد قامت للقرامطة وفي العهد العباسي ( القرن الثامن ) ثورة جبارة وذات اتجاهات سياسية ودينية، عصفت بالمجتمع الاسلامي ايام الخليفة المعتضد. وكان اندلاعها في العراق ومن مدينتي كوفة والبصرة واتسعت الى غالبية الدولة العباسية واشهر قادتها – حمدان بن الاشعث – الملقب بقرمط. ورافقتها ثورة مماثلة في اهدافها في تحرير العبيد من الظلم والبؤس، ومن قساوة الحالة المعاشية والاحتقان الفكري، وهي ثورة ( الزنج ) بقيادة علي بن محمد وشملت جنوب العراق والكويت. ودامت قرابة العقد ونصف العقد من السنين. وعدت هذه الثورة، كحركة اجتماعية ذات جذور فكرية واقتصادية وتحررية بعبيدة التطبيق ومقربة الى مفهوم الاشتراكية في انتزاع ملكية الأسياد وتوزيعها على العبيد،وتعتبر هذه الثورة في نظري بمثابة سبق زمني         

لتحقيق العدالة الاجتماعية في المنطقة. لافتقارها الى مفهوم العدالة الاجتماعية نظريا وعلميا. ولابد ان نعرج الى الثورات المعاصرة لحركة المجتمع البشري والتي قلبت وجه التاريخ لما كان سائدا، وجاءت بمفاهيم اقتصادية واجتماعية وفكرية جديدة وجذرية. ومنها ثورة الشعب الباريسي في 14/تموز/1789 حين هاجمت جموع الكتل البشرية الجائعة قصر قرساي وطوقت سجن باستيل الرهيب وحطمت ابوابه واسقطت اخر ملوك فرنسا – لويس السادس عشر – وزوجته ماري انطوانيت وارسلتهم الى المقصلة.

ويمكن اعتبار هذه الثورة بمفاهيمها الجذرية امتدادا لثورة الزنج التي ورد ذكرها سابقا. الا انها ايضا الت الى الانهيار لتصارع قادتها على السلطة فيما بينهم ولفقرها ايضا الى نظرية ثورية وقيادة موحدة تعمل بموجبها وسميت الى هذا اليوم بـ(كومونة باريس)  ( اي مشاعية باريس )

لم يركن التيار الثوري التجددي للمجتمع الانساني رغم مضي اكثر من قرن وربع القــرن على ( كومونة باريس ). فكانت ثورة العمال الروس التـي انفجــرت في 7 / اكتوبر عام 1917 كصفحة جديدة في تاريخ التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والفكري وعلى نطاق البشرية بصورة عامة والمجتمع الروسي والاوربي بصورة خاصة. ولاول مرة بداء الانسان الروسي مرحلة بناء الاشتراكية وفق نظرية اقتصادية وسياسية وفكرية علمية ناضجة، وتلتها الثورة الصينية التي بدأت اثر وفاة القائد الصيني الديمقراطي صن يات صن في عام 1909. وانحراف خلفه شان كاي شيك عن الخط المرسوم من قبل القائد المذكور. فلاحت بوادر قيام ثورة جبارة في الصين منذ عام 1927، وبرغم الاخفاقات والنكسات الكثيرة التي اصابتها عبر مسيرتها الطويلة والشاقة والمسيرة الكبرى لجيش التحرير الصيني. حتى انتصرت الثورة عام 1949 وانهزم شان كاي شيك الى جزيرة فرموزة. وقامت جمهورية الصين الشعبية وترسخت دعائمها المادية والفكرية وتطور مجتمعها تطورا اقتصاديا وفق اسس علمية حديثة ويشهد المجتمع الدولي على ذلك .

فليس من السهل ترك الشعوب تئن من الجوع ولا مكبلة حريتها وافكارها كما هو قائم في غالبية دول العالم الثالث بصورة عامة ودول الشرق الأوسطية والعربية في مقدمتها بصورة خاصة. تحكمها قيادات بعيدة كل البعد عن فهم ميزة العصر واهمية احترام قيمة الانسان وحقوقه المشروعة في العيش الكريم وبأختيار نظام حكمه بكل نزاهة وحرية ومصداقية. حقا انها قيادات غالبيتها جمهورية بالتسمية ووراثية بالواقع         ( كملوك بلا تيجان ) تعاقبت على دسة الحكم سنين وعقود واستبدت به دون ان تعي ضرورة قيام انظمة دستورية تكون قياداتها منتخبة بشكل ديمقراطي ونزيه وشفاف. والا لما الت الحالة المأساوية التي تعيشها شعوبها ومن الواقع المزري والفقر المدقع لغالبية البنية التحتية لها بسبب البطالة المستشرية فيها. الى جانب حكر السلطة وتفشي الرشوة والفساد الاداري والمالي والمحسوبية في غالبة دوائر الدولة. والشعب العراقي لا زال يئن من هول الفوضى الاقتصادية والامنية منذ اربعة عقود واكثر بسبب الحكم الدكتاتوري السابق والمحتل الاجنبي والى اليوم .

ومخاض الجياع لا يمكن وفي اي بقعة من الارض كانت فأن بؤرة ثورة عارمة اذا انفجرت فلا حدود لها، وليس ما حدث في تونس بالذات من الانتفاضة السلمية لشعبها والتي بدأت في العاصمة وامتد نارها الى سائر المدن والبلدات. وحاول الحكام اخمادها بالحديد والنار الا ان لهبها حاصرهم في قصورهم حتى فر رئيس الجمهورية وحاشيته وسقطت حكومته. الا ان مجرى الاحداث يبدو ان هناك محاولة الالتفاف على هذه الثورة التي روت دماء شعبها العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى ارض تونس الخضراء. وذلك بأبقاء غالبية اعضاء الحكومة السابقة وبخطوة دستورية مشبوهة ومشوهة بغية ان لا تأتي حكومة شعبية من صلب الثوار وتحيل جميع رموز العهد السابق الى القضاء العادل، وبناء عهد جديد تسوده الديمقراطية الحقه.

وها هي الثورة التونسية لم تتوقف حتى امتد سعيرها الى جيرانها من دول المنطقة كالجزائر وموريتانيا، وقد تتوسع رقعتها ما دام الغبن والحكم الدكتاتوري الظالم يحكم الكثير من شعوب افريقيا ودول الشرق الاوسط والعربية منها بالذات .

فهي بالحق ثورة البؤساء والمحرومين من حتى لقمة العيش البسيط انها بمثابة صرخة مدوية بوجه كل طاغ ومستبد ومزيف لارادة الشعب . . . .

الا يتعظ المعنيون حتى يفيض تحت اقدامهم غضب شعوبهم المقهورة، ويوقفون هدر دماء ابنائهم ومن اي مكونات بشرية كانت  ؟

فلن يبقى مخاض جياع لقمة خبز مضرجة بدماء حمراء . . . . والا .

 

                                                                    

                                                                 20 / 1 / 2011

        

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.