اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• حكايتي مع الناطق الاخرس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 بقلم عصام شابا فلفل

حكايتي مع الناطق الاخرس

 

قرع جرس الباب في التاسعة صباحا ، ففتحته واذ بمجموعة من موظفي الهاتف مستعدون كل الاستعداد لنصب هاتف ارضي لي ،والذي مضت على تسجيلي له اعوام واعوام .. المهم ..تم نصب الهاتف .. فهنأني الموظفون على ذلك.. اما انا وكعادة الكرماء فشكرتهم على صنيعهم معي شكرا خاصا جدا وعلى الطريقة العراقية الحديثة في الكرم ، والمستشرية في دوائر الدولة حاليا..!! عمل الهاتف بصورة جيدة جدا.. ومن فرحي به اتصلت بزميلي وصديقي الصحفي (ل) وزميلي الاخر الصحفي (ب) ، وباركني الاثنين معا بحصولي على هاتف ارضي  في منزلي الذي كنت قد حرمت منه لأعوام .. وهنا فقد دعوت زملائي لحفل غداء فاخر تيمنا بهذه المناسبة السعيدة.. وبعد يومين لبى زملائي الصحفيين دعوتي بكل احترام ووقار ..وبعد تبادل التهاني بفوزي بهذا الناطق الكبير وكانني فزت في انتخابات مجلس المحافظة، حضر الغداء وانهمكنا جميعا بتناول تلك الوجبة الشهية وكانت اصوات الملاعق وهي تداعب الصحون تسمع من مسافة وكانها تعزف سيمفونية لباخ او لموتزارت .. وبعد الانتهاء من تناول الغداء ، حضر الشاي اللذيد ،واثناء تناوله تبادلنا اطراف الحديث عن الذي يجري ويدور في بلدنا العظيم ، فتطرقنا بحديثنا عن زميلنا الغائب عنا والحاضر في اذهاننا ( ر ) والذي ترك ارض الوطن لأسباب قد تكون خارجة عن ارادته .. حينها نهض صديقي ( ب) وقرر ان يتصل بـ ( ر) عبر هاتفي الجديد .. فرفع سماعته .. ثم قال عبارة جعلتني  انقلب (180) درجة  بالاتجاه المعاكس.. ( الخط مقطوع) .. صعقتني العبارة .. الخط مقطوع..كررها ثانية .. يا سلام .. يا سلام .. لم اصدق اول الامر .. ذهبت اليه والتقطت السماعة من يده .. نعم الخط مقطوع.. كيف حصل هذا ولم يمض على نصبه في منزلي سوى يومين فقط.. يومين فقط.. اذن الخط عاطل ..لذا عاد صاحبي (ب ) كئيبا مهموما وكأن فريق برشلونة الذي يشجعه قد خسر امام فريق ريال مدريد الذي يضجر منه.. ومرت على هذا العطل يومين ..واسبوعين .. وشهرين بالتمام والكمال..وكل  يوم نرفع سماعة الهاتف لعله نسمع منه اهة واحدة على الاقل.. ولكنه ومع الاسف ..اخرس.. اصم.. وبعد انقضاء الشهرين، ونحن قد نسينا موضوعه تماما ، ونسينا باننا نتملك هاتفا ارضيا.. كنت يوما جالسا على مكتبي وانا منهمك بكتابة مقالة عن اوضاع شعبنا والماسي التي يعيشها في ارض ابائه واجداه .. وفجأة ودون مقدمات .. سمعت رنين هاتفي يلعلع في اجواء المنزل وكانه جرس مدرستي حين يرن داعيا طلابي للدخول الى صفوف العلم ، فلم اصدق اذني ، فهرعت الى منصة الهاتف مسرعا جدا كجائع يقبل على تناول طبق دسم مليء بلحم الخروف الطازج او من السمك العراقي المسكوف ، وقفت بجانبه ورفعت سماعته متبخترا وانا اعدل ربطة عنقي وكانني مدير عام من الطراز الحديث والمتوفر كثيرا في دوائر الدولة يخاطب سكرتيرته ..الو..الو.. ولكن لم استلم منه سوى اشارة تقول ( توت..توت ..توت ) .. خاب ظني اذن ..اعدت السماعة الى موضعها ثم عدت الى مكتبي كي اكمل مقالتي التي أصيبت هي الاخرى بنحس الهاتف فقد توقفت سلسلة افكاري في مكانها وتسمرت وكانها قانون حماية الصحفيين الذي تسمر في مكانه في مجلس النواب.. وهنا تدخلت زوجتي فاتتني بقدح ماء مع فنجان قهوة عربية لتواسيني بماساتي تلك ..وقبل ان ارتشف قهوتي..رن جرس الهاتف بقوة افزعني صراخها ، ومن شدة فزعي سقط فنجان القهوة من يدي فبلل بدلتي الانقية التي لا امتلك غيرها  .. والغريب ان الذي تبلل هو البنطال فقط .. ولكن اين تبلل..؟؟وكانت تلك ماساتي الثانية، لأني لا استطيع الخروج بتلك الحالة من منزلي .. المهم هرعت الى الهاتف ورفعت سماعته وقلت الو..الو..وهنا كم كانت فرحتي كبيرة حين استلمت الجواب ,, وما احلاه من جواب.. جواب لا يتصوره العقل والمنطق.. وخصوصا في مثل حالتي تلك.. قال ( الو.. كلي تلفونكم يعمل لو لا..؟؟!!) اجبته وببساطة شديدة ( لقد كان اخرسا مذ تم نصبه .. ولكن بفضلك يا سيدي فقد عمل ..والا فكيف كنت الان تكلمني لو لم يعمل ..؟) انتهت المكالمة والسعادة تغمرني ونسيت موضوع بنطالي المبلل من الامام ، وضعت سماعة الهاتف في موضعها وعدت الى مكتبي ..وتيمنا بهذا الفوز فقد فتحت موبايلي الانيق الحديث على اغنية كاظم الساهر ( رن..رن وفرحني ) والابتسامة العريضة لا تفارق شفتي ..وبعد ساعة تذكرت ان علي الحديث مع زميلي ( ب ) ..رفعت سماعته ..فاذا به قد صمت مرة اخرى كصمت ممثلي شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في مجلس النواب اثناء نقاشه لقضايا شعبنا المصيرية  .. حينها عدت كئيبا مهموما  .. انتظر من الله الفرج ..ولكن جاءني ولدي البكر وقال لي.. لماذا انت مهموم يا والدي العزيز.. هل تاثرت ببعض من سادتنا اعضاء المجلس البلدي في تلكيف حيث يصفون الناس بالمتلونين، وهم لا يرون الوانهم ابدا..؟.. استعمل هاتفك الخلوي ، .. فهذا افضل..اجبته.. انت محق يا ولدي الغالي .. ولكن الا ترى ان ثمن بطاقة التعبئة اثقلت كاهلي وكانها بطاقة المهجرين الصفراءوالتي اصبحت بصمة عار على المهجرين من ديارهم رغم ماساتهم ، اذ اصبح ينظر اليهم وكانهم ليسوا من ابناء هذا الوطن ، كل ذلك وبفضل تلك البطاقة المشؤومة ..ورغم كل هذا فقد امتثلت لأمر الله ونصيحة ولدي واخذت الموبايل واتصلت بصديقي ..ولكن واحسرتي .. فقد ظل فكري مع الدولار الذي صرفته .. تلك هي ماساتي مع الناطق الاخرس.. وصرفيات الموبايل .... تحياتي  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.