اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (608)- الشخصية العفوية للفنان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (608)

(ارجو مساهمة الجميع في طرح آرائهم للمساهمة

في تثبيت الافكار الفنية)

***

الشخصية العفوية للفنان (هامش1)

       يتميز الفنان بصورة عامة، بشخصية وكاريزما(هامش2) خاصة به قد لايتقن الحديث عنها حتى الفنان نفسه..! ان شخصية الفنان، بوصفه مؤديا في أي مجال من الفنون، قادرة على ان تعكس نفسها في المجتمع بصورة تكاد تكون كاملة. قادرة على ان تعرض بحُريّة كل صفاتها. بغض النظر عن قيمتها، قوية ام ضعيفة، رائعة ام تافهة، فمكانتها في الحدث هي على نحو لاتستطيع معه الا ان تتصرف وتعبر عن نفسها وعن قيمتها بصورة تكاد تكون عفوية تماما.

 

       وليس صعبا جدا ادراك العوامل المشتركة بين المغني المقامي وبين الفن الغنائي الذي يتوجب عليهما معا معالجة التفاصيل الحياتية المعاشة. وهذه بالضبط احدى المفاتن الكثيرة التي تتميز بها النتاجات الغنائية المقامية الناجحة، التي يوكل امر نجاحها في الاعم الاغلب الى شخصية المغني الظاهرة والخفية..! الى قيمة ممتلكاته الفنية، عفوية ام عقلية، فالقيمة الفنية لمقام المنصوري مثلا، المؤدى من قبل محمد القبانجي، غير القيمة الفنية لنفس المقام المؤدى من قبل غيره، وهكذا ينطبق المثل على كل النتاجات المقامية التي يعول فيها على الممتلكات التي يتمتع  بها المغني، الفنية والشخصية بصورة عامة، لان المغني الناجح والحاوي على اوفر متطلبات الاداء، يخلق مواقف تظهر فيها الانعكاسات التعبيرية ذات الاهمية الكبيرة، اذا صح التعبير، وهي مواقف يخطو فيها المغني الناجح، خطوات طبيعية صحيحة وفق مقومات الاداء الفني الصحيح.

 

      ان المنافسات الفنية بين المغنين في هذه التفاعلات، هي منافسات اخلاقية في معظمها، فالمؤدون المتنافسون الكبار، ومثالهم رحمة الله شلتاغ واحمد الزيدان ورشيد القندرجي ومحمد القبانجي. يمثلون من الناحية الفنية والاجتماعية، وبالتالي من الناحية الاخلاقية، حالة متشابهة كثيرا، فمجال تصرفاتهم الاخلاقي والفني هو ذاته تقريبا، حبا بهذا التراث ومن اجــــــــــــــــــل الحفاظ عليه وبالتالي نتاجات مقامية ناجحة.

 

         مرة اخرى نتحدث عن مسالة التعبير الفني، بالمعنى الادائي للمقامات العراقية، فاعجاب المغنين الكبار امثال رشيد القندرجي ومحمد القبانجي ونجم الشيخلي وجميل البغدادي وجميل الاعظمي وغيرهم. بالمقامات الرئيسة، وهي على العموم المقامات الكبيرة في نواحيها اللحنية باصولها التاريخية والتقليدية، او بالمقامات بصورة عامة، رئيسية او فرعية، التي حشد لها من تفاصيل الاصول التقليدية ما يكفي ان ينظر اليها على انها مقامات تاريخية كبيرة غاية في الرصانة ومن الوزن الثقيل. وياتي هذا الاعجاب من لدن المغنين الكبار، بهذه المقامات، بوصفها مقامات تمتلك اقصى درجات التعبير الادائي الاصولي والتاريخي للمقامات، وهي بالتالي تمتلك اقصى درجات التعبير عن شجون الانسان العراقي الذي عاش حقب تاريخ هذه المقامات وساهم في بلورتها وانضاجها حتى وصلتنا وهي زاخرة بهذه التراكمات التاريخية. التي جعلتنا نكتشف الوسيلة الممكنة التي يتمكن منها الفن الادائي المقامي من خلال مؤديه الكبار من عكس الواقع التاريخي والعاطفي والنفسي والاجتماعي والسياسي و.... و...الخ عكسا كافيا لحياة العراقيين خلال القرون الماضية، دون مبالغة او تزويق، وهكذا يضفي المغنون الكبار في غنائهم المقامي، طابعا انسانيا واخلاقيا بواسطة تراثهم الحضاري. وعليه يكمن فن هؤلاء المغنين الكبار بالضبط في تفريد نتاجاتهم المقامية باسلوب يصل الى قلوب الناس بكل سهولة ويسر، باسلوب تتوضح فيه سمات فردية محضة معينة للشخصية. خاصة بها تماما، حية خالصة جدا، مع العصر الذي يعيشون فيه، مع الغاية التي يسعون اليها، وهم في نفس الوقت يمثلون الحاجة التاريخية لشخصياتهم الفردية الخاصة والدور الخاص الذي يلعبه كل منهم في المسيرة التاريخية للغناء المقامي.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله

 

اضغط على الرابط

عبد المجيد العاني، مقام الرست

https://www.youtube.com/watch?v=dYTPrSCJKlQ

 

هوامش

1 – هامش1: من كتابي الموسوم بـ (الطريقة الزيدانية في المقام العراقي واتباعها) الصادر في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2013، ص 115 و 116.

2 – هامش2: كاريزما. هي الجاذبية المقنعة أو السحر الذي يُمكن أن يلهم التفاني في الآخرين، والكاريزما مصطلح يوناني أصلاً، مشتق من كلمة نعمة (Charis)، وفي الإنجليزيّة (Charisma)أي هبة إلهية تجعل المرء مُفضلاً لجاذبيته. والكاريزما تدل على معنى "المغناطيسية الشخصية" وتعرف الكاريزما بأنّها قوة الجاذبية الشخصيّة التي يمتلكها بعض الأفراد فطريّاً، وتجعلهم قادرين على التأثير في الأفراد وسحرهم ولفت انتباههم واكتساب إعجابهم.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.