سعدية العبود

بمناسبة اليوم العالمي للطفل

في عيدهم ( أطفال بلا حياة  )

 لم تعرف أجفانهم غفوة الصباح ,ولم يداعبهم نسيم الصبا .فصديقهم كوكب الزهرة لأنه ينير طريقهم عندما يبدأ مشوارهم اليومي .  تفاجئ برؤيتهم عند الفجر في المقابر وعند الطرق المؤدية إلى المزارات قد يتخذون المقابر مأوى لهم .تراهم بلا مستقبل وحياة كأنهم أموات يسيرون على سطح الأرض ,يتصرفون  بطريقة تكون اقرب بالاستجداء منها إلى البيع  للحصول على حاجتهم  كي لا يفوتهم زائراً لمقبرة السلام او الروضة الحيدرية يرتمون على الزوار بالطريقة التي  تبيح لهم بيع ما يعرضون  حتما, أو تقديم خدمة تقلهم أو أمتعتهم بالعربات التي يجرونها وهم يترحمون على السومريين الذين اخترعوا العجلة وسهلت مشقة العمل .لم يفكر احدهم في اقتناء ملبس جديد لان العائلة أحوج إلى ما يصرفوه أو لديهم احتياجات خاصة  .يأتون من المناطق المجاورة للنجف الاشرف لوجود فرص عمل في هذه المحافظة  فالقريب من أهل البيت يعيش ببركتهم  .

 اقتربت من احدهم اسأله إن كان يعرف إن اليوم عيده ,تبسم وأردف انه يعرف عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الغدير بالإضافة إلى الزيارة الرجبية والشعبانية فهي العيد بعينه حيث يتوافد الزوار على المدينة مما يعني بيع أكثر وعائد اكبر ,فلهم نسبة مما يبيعون .وهذا هو العيد .لم يفكر يوما في اقتناء بلي ستيشن أو اتاري .فما يحصل عليه لا يكفي لسد احتاجهم لان ما يعرضوه أشياء بسيطة لا تتجاوز قيمتها بضعة دنانير فهذه إعلام خضراء يقتنيها الزوار للبركة لا يتجاوز سعر المتر ألف دينار وهذه مجموعة دبابيس لا تتجاوز المأتي وخمسون دينار ومثله كراس صغير للدعاء  أو كيس حرمل أو كيس يتم خياطته في البيت يستخدمه الزائر للتبضع ,مبلغ مبيعات بسيطة لا تتجاوز الخمسة آلاف دينا رفي اليوم الواحد.(ملاحظة قيمة 120 ألف دينار عراقي  تساوي مئة دولار) ولو استقطع منها رأس المال المستخدم لما كانت ذات قيمة كان يتكلم بلغة ومفردات بعيدة عن عوالم الطفولة

-وماذا تفعل بالنقود ؟

يبدأ بسرد القصة قد تكون ملفقه أو حقيقية ,فهم إما مهجرون أو أيتام سواء بالتفجيرات أو أي سبب آخر , أوان والده عاجز .وحقيقة الأمر ما نراه اغلبهم مشردون يثيرون الشفقة والتساؤل قد يكونوا يوما مشروع جريمة أو مشروع عمل إرهابي .ونسبة منهم طلبة يغتنمون فترة العطلة الصيفية لجمع مبالغ تعينهم على مصاريف الدراسة ,أو لنظرية الأهل أن يتعلموا العمل من الصغر بدلا من اللعب في الطرقات .لتأمين  مصروف العائلة فهو رجل البيت وعليه أن يتحمل المسؤولية وهو في هذه السن المبكرة .

 استعرض سؤال  :ماذا يفعل طفل لو تم إغراءه لأي غرض طالما هو يفكر في جمع النقود؟ هؤلاء الأطفال بحاجة إلى متابعة من المسئولين وليست المطاردة فقد ينعكس سؤالي هذا سلبا عليهم بدلا من تقديم العون والمساعدة  لهم .

في زيارتنا  إلى محافظة النجف كنا  قد التقينا الأستاذ حسن الصائغ مستشار المحافظ  كي نقدم له تقديرنا وشكرنا على موقفه في تقديم العون للأديبات لاحظنا وجود مراجعين لديهم طلبات  , أرامل ومعوزين  يراجعوه لغرض تسجيلهم و منحهم مساعدات مالية وعندما سؤول عن هؤلاء الأطفال الذين ينتشرون في المدينة طالما وأننا من غير محافظة  أجابنا :

أنهم من خارج المحافظة وهناك مؤسسات خيرية في النجف لا ترتبط بالدولة تقدم العون للأيتام فأنا اعمل في مؤسسة العقيلة ولدينا سجل  للأرامل والأيتام حيث تمنح الأرملة مبلغ خمسون ألف دينار ويمنح كل يتيم عشرة آلاف دينار وذلك كل شهر .

-برأيكم هل هذا المبلغ كافي لسد احتياجات الأسرة ؟

- لا أريد الحديث عن المساعدات لأنها تفقد ثوابها ولكن المؤسسة تصرف شهريا ثلاثمائة مليون  دينار يتوزع نشاطها في اغلب محافظات  العراق وقد ابتدأ عمل المؤسسة بمائة يتيم وذلك في حزيران عام 2003 والآن وقد وصل عدد المسجلين إلى عشرين ألف يتيم من كل المذاهب والأديان .كانت تعمل بشكل سري قبل الأحداث وحاليا لديها مكان معلوم في حي السعد.

هناك مؤسسات أخرى تمنح مساعدات مثل مؤسسة السيد السيستاني ومؤسسة الباقر والصادق وباستطاعتهم التسجيل واستلام المساعدات .فقد يصل مقدار المساعدات الممنوحة إلى مائتي وخمسون ألف دينارفي الشهر .

- وكيف عن رعايتهم ومتابعتهم؟

-لدينا مدارس خاصة تابعة إلى مؤسسة العقيلة ويتم تنظيم رحلات ترفيهية  أسبوعية  ويتم تنظيم قائمة بذلك كي يتم شمولهم جميعا بالرحلة بواقع مرتين خلال الأسبوع حيث يتوجهون إلى مزرعة خاصة تحتوي على  مسابح ومراكز ترفيهية  تابعة للمؤسسة كما توجد مكتبات ضخمة يتلقى الطلبة منها المعرفة .كما يتم ألقاء محاضرات توجيهية وتربوية لهم .

-وماذا بعد ؟

- يتم تزويدهم بالكسوة والمواد الغذائية ويتم دفع أجور الدور التي يعيشون فيها اذا كانت مؤجرة بالإضافة إلى ترميم دورهم وشراء الأجهزة الكهربائية المعمرة وتزويج الأيتام من البالغين الذين يسجلون لهذا الغرض حيث تتكفل المؤسسة مصاريف الغرفة والجهاز والزفاف وتكون المنحة اكبر فيما لو تزوج من يتيمة .

-ومن أين مصادر التمويل ؟

-لا علاقة للدولة بالتمويل ولا توجد لدينا مشكلة في ذلك ,حيث لدينا الخيرين والميسورين الذين يتم من خلالهم كفالة اليتيم ,حيث يبلغ مبلغ الكفالة مئة وعشرون ألف دينار شهريا ولدينا الكثير من الأيتام الذين ينتظرون الكفالة .يتم استقطاع منحة لليتيم والباقي يمول باقي الخدمات والنشاطات الخاصة بالمؤسسة . ورب سائل يسأل :

قد يكن هذا نظاما متكاملا ,لماذا لا تستفيد منه مؤسسات الدولة .

أنهيت زيارتنا بعد أن شكرناه على حسن الاستقبال والضيافة .

-لماذا لا تتوحد هذه المؤسسات تحت نظام واحد, كي تضمن توزيع عادل للعوائل المتعففة من الأيتام والمعوزين  المسجلين لديهم خاصة وإنها تعمل تحت نظام الإسلام .

-لماذا لا يتم إنشاء دور واطئة الكلفة توزع للأرامل والمعوزين لضمان سكن مناسب لهم .

-لماذا لا يتم بناء عمارة  أو استخدام أبنية الأسواق المركزية لغرض استخدامها سوق لعرض بضاعتهم او نتاج الأعمال اليدوية للعوائل التي لديها إبداع وبدون أن يتعرض اليتيم أو ذوي الحاجة إلى الإشهار, و يتم البيع بسعر مغري ومدعوم , وتعويدهم على العمل الشريف المنتج بدلا من الاستجداء وبكل إشكاله .خاصة إذا ماعرفنا إن هذا يولد طبقة لا تعرف الكرامة,و لم تهيئ لبناء مستقبل .بل جيل يتعود على الأخذ وربما يصبح موظف مرتشي من الطراز الأول .

أسئلة كثيرة اطرحها تمنى أن تجد من يأخذها بحسن النية للدراسة والتطبيق

.ورجاء أخير أن تعالج محافظة النجف هذا الموضوع طالما هي مقبلة على عام 2012والذي فيه  النجف عاصمة الثقافة الإسلامية وتضع في حساباتها مشروع لهؤلاء يعد تجربة يقتدي بها العالم)علما بأن هذه المؤسسات تغطي اغلب محافظات العراق وأن هؤلاء الاطفال من بين تلك المحافظات (يذكرني هذا بمقولة الرشيد ؛امطري حيثما شئت فأينما تمطري فأن خراجك لي ).