اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• متى يُسن قانون الأحزاب الجديد؟ -//- مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مصطفى محمد غريب

مقالات اخرى للكاتب

متى يُسن قانون الأحزاب الجديد؟

منذ مجيء حكومة أياد علاوي طالبت أصوات ديمقراطية وطنية مخلصة في مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي وقوى أخرى بتشريع قانون للأحزاب السياسية في العراق يتماشى مع المرحلة الجديدة وينهي إلى الأبد قانون بول بريمر الذي وضعه بشكل غير مدروس ولمجرد النفاق السياسي مما خلق فوضى على الساحة السياسية والحزبية والتي كانت متوقعة لعدم وجود ضوابط قانونية تضبط العملية الحزبية وفق مفهوم الحريات العامة والتعددية الحزبية على أسس ديمقراطية، وبهذا يجري التخلص من التشرذم الحزبي وجعله في إطار تنظيمي حقيقي مرتبط بمصالح طبقات وفئات الشعب، ولشديد الأسف بقت عملية سن قانون جديد للأحزاب السياسية تتراوح خلال السنين المنصرمة إلا من الوعود والتصريحات وهي خسارة ألحقت الضرر بمفهوم التعددية الحزبية الحقيقية ومقدار أهميتها للوضع السياسي في العراق، في جميع البلدان المتحضرة التي تنتهج الحكم المدني بسلطاته الثلاث وفي المقدمة السلطة التشريعية سنت فيها قوانين للأحزاب حددت فيها واجبات وحقوق الأحزاب العاملة التي تتطابق شروط عملها وتكويناتها مع القانون، وبهذا انتهت قضية التعددية المئوية لتشكيل الأحزاب حيث كل من أراد أو أشتهى تشكيل حزب أو منظمة لا تتعدى أصابع اليد أعلن عن التشكيل لكن بدون البرنامج والنظام الداخلي أو الكشف عن مصادر التمويل المالي إلا من هلامية الدعوة والانبثاق، وقد استطاعت شعوب هذه الدول معرفة ماهية الأحزاب واطلعت على أنظمتها الداخلية وأهدافها البرنامجية مما جعلها تستمر في الحياة السياسية والحزبية.

في العراق لم تسمح الظروف السياسية في سن قانون واضح لتشكيل وتواجد الأحزاب بل كانت الدولة منذ العهد الملكي والى نهاية دولة البعث العراقي تسعى جاهدة في تسيير العملية الحزبية لصالحها ولصالح مصالحها والفئات التي تهيمن على حكوماتها، لقد ظهر أول قانون للأحزاب في عام 1922 ولم يكن بمستوى الطموح حيث سرعان ما جرى التجاوز عليه وحتى تناسيه من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة في العهد الملكي وكثيراً ما لعبت قوانين الطوارئ والأحكام العرفية دوراً كبيراً في تحريم العمل الحزبي وإلغاء الحريات القليلة الموجودة، ثم في الحقب اللاحقة أجيزت البعض من الأحزاب بعد ثورة 14 تموز 1958 ،وبانقلاب 8 شباط الدموي 1963 بدأت مرحلة جديدة حتى انقلاب 17 تموز 1968 الذي أصبح بعدها حزب البعث قائداً للدولة ، بعد سقوط النظام البعثي واحتلال العراق قام الحاكم الأمريكي بول بريمر بإصدار قانون فضفاض جرى على أثره بروز حوالي ( 500 ) حزب ومنظمة مما أدى إلى تبعثر في مفهوم وأسس تأسيس الأحزاب، وقد أثبتت الحياة الحزبية المترهلة على مدى تشرذم القوى وبقائها في دائرة الهم الانتخابي والتحالفات العشوائية في الحصول على المكاسب إن كان وظيفياً أو في مجلس النواب، بينما أظهرت جميع الانتخابات التشريعية أو انتخابات مجالس المحافظات عن إفلاس الكثير من الأحزاب والشخصيات، كما كشفت النتائج عدم حصول الكثير منهم إلا على عشرات الأصوات فقط والمحصورة في المفهوم العشائري والعائلي، بينما هيمنت أحزاب الإسلام السياسي وبواسطة قانون انتخابي غير عادل لا يصلح للممارسة الديمقراطية ولا إلى تطور العملية السياسية على أكثرية الأصوات لأسباب معروفة في مقدمتها استغلال الدين والمرجعيات الدينية والطائفية وتزامن معها شراء الذمم وشراء الأصوات تحت طائلة الكثير من الحجج غير المشروعة، إضافة إلى التلاعب والتزوير والاعتراف من قبل البعض من المسؤولين الكبار في المفوضية العليا للانتخابات، كما أظهرت العمليات الإعلامية للبعض منها صرف أموال طائلة تقدر بمليارات الدنانير العراقية التي لم تعرف مصادرها ومصادر تمويل البعض من الأحزاب والائتلافات والتحالفات، وقد أشير بدون لبس أو تشويه أن البعض من هذه المصادر هي دول خارجية، وفي خضم هذا الصراع المرير برز الصوت الوطني الديمقراطي بضرورة تشريع قانون جديد للأحزاب السياسية بدلاً من قانون بول بريمر ليكون بمثابة المعيار للتأسيس والعمل بموجبه شرط أن يكون واضحاً بشكل قانوني ويخدم الحياة الحزبية باتجاه صالح الشعب والوطن .

لقد ازدادت المطالبة وتصاعدت حتى وصلت إلى الصراخ بضرورة إنجاز سن قانون للأحزاب لكي يوفر الاسلوب الديمقراطي والوطني ويعزز الثقة بالعمل الحزبي باتجاه ما يطرح من برامج وأهداف يستطيع المواطن العادي من الإطلاع عليها لكي يقرر إلى من ينتمي أو يمنح صوته في المستقبل بدون أية ضغوط نفسية أو مادية، وكانت هذه الدعوة الجماعية قد استجيب لها بتقديم مشروع قانون الأحزاب في العراق الذي نشر في العديد من وسائل الإعلام والذي عرض من قبل اللجنة القانونية واقره مجلس النواب وتمت المصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية استناداً إلى إحكام البند ( أولاً ) من المادة ( 61 ) والبند ( ثالثاً ) من المادة ( 73 ) من الدستور، المشروع لم يخلو من الملاحظات والمقترحات وحتى الانتقادات لكن الأخطر من ذلك فان البعض من القوى السياسية والدينية أخذت تعمل بشكل مطرد بالضد من إنجازه وبخاصة قضية ضرورة معرفة التمويل المالي ومصادره والكشف عنها، وقد أوضح النائب كمال الساعدي عن التحالف الوطني بشكل جلي بهذا الصدد ما يترتب على التمويلات غير المعروفة " أن أخطر ما في قانون الأحزاب هو التمويل لان ضبط عمليات التمويل للأحزاب سيضعها أمام مساءلة قانونية " وأضاف في القول" أنا أرى أن البعض يحاول تعطيل هذا القانون إلى نهاية الدورة الانتخابية المقبلة". وهذا أمر معروف بسبب التراوح والمعوقات التي وضعت أمام مسودة المشروع وبدلاً من تعديل فقراته وتقديم المقترحات الكفيلة بالإصلاح فان البعض أصبح كابحاً كي لا يرى النور على الأقل في الظروف الراهنة التي هي بأمس الحاجة لسن القانون، كما طرحت البعض من القوى أن مشروع القانون الذي قدم قد يضع الأحزاب تحت سيطرة الحكومة وهو أمر غير مقبول في نظر العديد من الأحزاب، إلا أن هناك أيضاً اعتراضات أخرى حول مشاركة الأحزاب الصغيرة ودورها القادم في تشكيل الحكومات، ومع كل ما ذكرناه وقضايا أخرى نرى أن التباطؤ في سن القانون هو شرخ في العملية الديمقراطية وليس في صالح التطور الذي يجب أن يعم في هذا المضمار.

بعد استمرار وتنوع المناقشات التي أدت إلى تعديلات وصولاً إلى الصيغ النهائية والإعلان عن عدم وجود اعتراضات عليه بعدما انتهت اللجنة القانونية من الصياغة النهائية وفي مقدمة هذه التعديلات فك دائرة شؤون الأحزاب من وزارة العدل وربطها مع المفوضية العليا للانتخابات كي لا تتاح الفرصة للحكومات القادمة من التدخل في شؤونها الداخلية وتأكيداً على ذلك ويتحمل مسؤولية قوله أمام كل من قدم ملاحظاته ومقترحاته واعتراضاته فقد أشار عضو اللجنة القانونية حسن الفتلاوي بأن التعديلات انتهت وكذلك الصيغة النهائية واللجنة القانونية ستعرض القانون على " رئاسة البرلمان " كي يتم إدخاله ضمن جدول أعمال البرلمان، وهكذا أصبحت الصيغة النهائية حسب التصريحات الكثيرة من قبل اللجنة القانونية في البرلمان جاهزة وكنا نتوقع أنها ستعرض على رئاسة البرلمان ليجرى مناقشتها وإقرارها بصيغة نهائية لكننا فوجئنا بإيعاز مجلس الوزراء يوم الثلاثاء14 / 11 / 2012 لسحب مشروع قانون الأحزاب وحسب قول علي الدباغ المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية إن " مجلس الوزراء أوعز في جلسته الاعتيادية أل 49 لسحب مشروع قانون الأحزاب السياسية من مجلس النواب لمناقشة التعديلات التي قدمتها اللجنة القانونية لمجس النواب ورفعه في صيغته النهائية إلى البرلمان " ولسنا بصدد مناقشة تصريحات على الدباغ في 15 آذار 2011 والتناقضات الحالية فقد صرح حينها بأن مجلس الوزراء أقر قانون " الأحزاب السياسية في العراق تمهيداً لإرساله إلى البرلمان" ونبقى في هذا الدوران المزعج الذي على ما يبدو لا نهاية له مثلما حال المثال " البيضة قبل الدجاجة أو الدجاجة قبل البيضة " وكما هول الحال في الغياب المئوي في البرلمان والتأجيل بسبب عدم استكمال النصاب القانوني فقد يقوم البعض منهم الذين يرون في سن القانون ضرراً بمصالح تكتلاتهم وأحزابهم بوضع العراقيل والحجج كي لا يبقى يدور في فلك البرلمان واللجنة القانونية ومجلس الوزراء العراقي إلى يوم يبعثون، والله اعلم!

نص مشروع قانون الأحزاب الجديد يضم ( 69 ) مادة وهو يعتبر احد المتطلبات الرئيسية من اجل تنظيم الإطار التنظيمي لقيام الأحزاب وعملها اللاحق وهو مهم جداً وبخاصة في التوجهات الوطنية الديمقراطية التي من دعائمها المعروفة في العالم التعددية السياسية بما تحمله من توجهات ايجابية في خلق مناخ ديمقراطي يقوم على أساس الحريات العامة والشخصية وعليه يجب الإسراع في إنجازه وعدم المماطلة مهما كانت من حجج وادعاءات، وليس هذا فحسب ففي جوانب أخرى ولنجاح تطبيق هذا القانون الهام يجب أيضاً تعديل قانون الانتخابات التشريعية ومجالس المحافظات بدلاً من القانون الحالي الذي يعتبر أساساً للتجاوزات على أصوات الكتل السياسية الأصغر تحت طائلة الدوائر الانتخابية المتعددة بدون أن يكون العراق دائرة واحدة واعتماد النسبية لكي يتماشى مع أهداف الدستور الذي ينص على قيام دولة مدنية اتحادية تعددية وديمقراطية

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.