اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ذكرى رحيل العراقي البروفسور نعيم دنكور// نبيل عبد الأمير الربيعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

ذكرى رحيل العراقي البروفسور نعيم دنكور

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

      ولد السيّر البروفسور نعيم دنكور في العاصمة بغداد عام 1914م, لعائلة أصيلة بارزة في الطائفة اليهودية في بغداد, جدهُ الحاخام الأكبر عزرا دنكور, أسست عائلته أقدم المطابع الأهلية للكتب عام 1904م, وكانت تستورد الورق من السويد, والدهُ الراب الياهو عزرا دنكور تاجر الورق في بغداد (تولد 3 حزيران 1883م) الذي درسَ في مدارس بلدته ثم انصرف إلى التجارة والأعمال, واهتم بالمطبعة التي أنشأها أبوه فوسعها وطورها, ونشر بعد الحرب العالمية الأولى مئات الكتب العربية ولا سيما كتب دائرة المعارف, والكتب المدرسية للمدارس الابتدائية والثانوية والعليا, وكان في مقدمة مستوردي الورق وآلات الطباعة والحروف المطبعية, أسرة دنكور هي أول من طبع القرآن الكريم في مطابعها, أصدر سنة 1929م جريدة (الدليل) التجارية الأسبوعية, ثم أخرج سنة 1936م (الدليل العراقي الرسمي) في مجلدين ضخمين بالغتين العربية والانكليزية, وقد غادر الياهو العراق في تشرين الأول 1973م وأدركته المنية فيها في 26 تشرين الأول 1976م ([1]) .

     أكمل السير نعيم دنكور دراسته الابتدائية والثانوية في بغداد وسافر إلى المملكة المتحدة عام 1930م لدراسة الهندسة في جامعة لندن, بعد إكماله الدراسة عاد إلى العراق الوطن الأم للالتحاق بالجيش العراقي لأداء الخدمة الإلزامية, ثم قام ببناء مؤسسات ضخمة ناجحة في العقارات والصناعات.

تزوج عام 1946م من رينية دنكور وهي أول ملكة جمال بغداد منذ عام 1947م, وقد توفيت في لندن عام 2008م, وقد عرفت خير مثال للمضيفة الفاضلة التي تميزت بكرمها العراقي وأدب الضيافة لكبار الأسر النبيلة في أوروبا, ضمن مشاريع السير نعيم دنكور الناجحة حصل على امتياز شركة كوكا كولا في العراق مع شريكه المسلم أحمد صفوت في خمسينات القرن الماضي.

     بالرغم من نجاحه الباهر في مجال العمل والصناعات الحرة في العراق هاجر من البلد عام 1964م بسبب الأوضاع السياسية المضطربة وملاحقة الحكومة لليهود في العراق, عندما ترك العراق استقر في المملكة المتحدة تاركاً خلفه كل ممتلكاته وتجارته الناجحة وأصدقاءه, بعد مجيء البعث إلى السلطة في تموز عام 1968م, أصدرت مرسوماً على يهود العراق أما العودة أو مصادرة جميع ممتلكاتهم, اختار اللجوء تاركاً ممتلكاته وأمواله, مارس حياته العملية في انكلترا في بناء العقارات وتطوير الأعمال التجارية, وبعد فترة وجيزة التحق به أبناؤه الأربعة تاركين موطنهم الأصلي العراق.

      ضمن أعماله الخيرية أسس مركزاً اجتماعياً في غرب كنسنغتون للمهاجرين الجدد وتقديم الخدمات المختلفة لهم, هذا المركز الخيري يعد صرحاً علمياً كبيراً ومشروعاً ثقافياً اجتماعياً عظيماً, حيث النسبة العظمى من الطلاب فيه من ذوي اللاجئين الذين لا يجيدون  الانكليزية, وتكون الانكليزية اللغة الثانية لهم, فيساعدهم المركز ليتخطوا الحواجز اللغوية من المرحلة السابقة إلى المستوى (A) .

     عام 1971م أسس مجلة (سكرايب) ليهود بابل, وذلك لتوحيد الشتات اليهودي العراقي, وقد ترأس تحريرها باعتباره المساهم الكبير فيها لأكثر من ثلاثين عاماً, كان للمجلة دور في توثيق تاريخ تجارب المهجر, كما أنشأ مؤسسة (المنفيون) كمؤسسة خيرية في مساعدة ودعم الجانب التعليمي في بريطانيا وأنحاء العالم, ومن ضمن نشاطات المؤسسة مساعدة المدارس من الهدم ومشروع الأرز في القدس وإرسال عشرة آلاف من الأكياس أسبوعياً للمدن الفقيرة.

      عند سماع البروفسور نعيم دنكور بالحصار والجوع والمرض الذي أصاب العوائل العراقية نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض على العراق بعد حرب الخليج الأولى, قام سراً بإرسال ما يقارب من مليون باون استرليني عبرَّ مكاتب تحويل للأموال موثوق بها لدعم العوائل المحتاجة, لكن كان للسير دنكور شرطان في منح هذه العوائل, الأول أن لا يعرف المحتاج من أرسل المساعدات والثاني أن لا يقال للبروفسور دنكور مَن استلمها([2]).

      قدم البروفسور نعيم دنكور عام 2005م منحة مليون جنيه استرليني لطلاب الجامعات البريطانية, وفي تموز عام 2006م حصل على أعلى وسام في بريطانيا من الملكة اليزابث الثانية في عيدها الثمانين, عندما منحته وسام الإمبراطورية البريطانية جزاء لأعماله  الخيرية في دعم مجال التعليم.

      يعد البروفسور نعيم دنكور من كبار المؤرخين والمعلقين السياسيين والنقاد في بريطانيا في مقالاته وتعليقاته في الصحف البريطانية ولا سيما في مجلة (سكرايب), تظهر هذه المقالات على مدى إطلاعه على ما يحدث في بريطانيا والعراق والبلاد العربية والإسلامية.

      من ضمن مشاريعه الخيرية, ذكرت صحيفة (التايمس) أن المليونير العراقي دنكور تبرع بثلاثة ملايين باوند كمنح لزمالات علمية للتلاميذ العراقيين الفقراء في الجامعات البريطانية وفي غيرها من الأقطار, لذلك نقدم للبروفسور دنكور كل التقدير والإحترام الخاص لمواقفهُ الوطنية والنبيلة في مجال دعم العلم والتعليم ومساعدة الفقراء والمحتاجين, الذي بقى طوال حياته بمشاعره وقلبه مشدوداً للعراق.

      عام 2010م انتخب البروفسور نعيم دنكور رئيساً فخرياً لرابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق بدعوة من البيروفسور سامي موريه, يعتبر دنكور من مؤسسي صندوق رأس الجالوت في لندن (The Exilarch's Foundation, London) الذي يرأسه. ويعتبر من كبار أعيان العراق في لندن، إذ وهب الكثير من ثروته لخدمة أبناء وطنه العراق.

     رحل السير البروفيسور نعيم دنكور يوم 20 نوفمبر 2015م في لندن بعد أن تجاوز عمره الواحد بعد المئة.

 

 

     من القصائد الرائعة للشاعر د. جبار جمال الدين، مهنئاً بها البروفيسور نعيم دنكور على لقب "سير" من ملكة بريطانيا اليزابث الثانية "إذ قال :

 لَقَبُ "السِّير" الّذِي قَدْ حُزْتَهُ............هُـوَ فَخْرٌ لِيهودٍ وَعَـرَبْ

يَا نَعِـيمٌ! وَلَكَ النُعْمـَى الّتِي...........ِهيَ لِلْحُرِّ ابْتِغاءٌ وَطَـلَبْ

يَدُكَ الْبَيْضاءُ كَمْ بَاعٍ لَهَا  فِي..........دُرُوبِ الْخَيْرِ شَعّتْ كاللَهَبْ

قَدْ جَمَعْتِ المَجْدَ مِنْ أطـْرافِهِ..........وَالنّدِى جاءَكَ مِنْ أمٍ وَأبْ

يا سَلِيلَ الرّابِ دَنْكُورٌ وَمنْ..........شَيّدُوا للْشّعْبِ مَجْدًا مِنْ ذَهَبْ

وَارِثَا آشُـورَ وسِنْحارِيبَ...........والنّهْـرَينِ  والْمَاءُ العـَذِبْ

يَا ابْنَ فِيلونَ الذينَ خَطّ لَهُ...........فِي ثَـنايا فِكْرِهِ أعْلى الرُتَبْ

ياابنَ مَيْمُونَ الّذِي أصْغَى لَهُ........مسمعُ الأفلاكِ مِن شرْقٍ وغربْ

يا ابنَ كمونه يا منْ قدْ عَلا...........جاوزَ الجوزاءَ فيمَا قَـدْ وَهَبْ

لقبُ "السـير" دليلٌ إننا.............أمّةٌ سيدَةٌ طُولَ الحِـقَـبْ

والعراقيُّ أبِيٌّ شامِخٌ.............نفسُهُ دونَ عَطاءٍ لمْ تطِبْ

ياابنَ عِزرا ايّها الكاتبُ فِي.........صَفْحَةِ الكاتبِ ما يَجْلي الكَرَبْ

وحِوارٍ بينَ أدْيانٍ لَه..............غايةٌ تَسْمو على أسْمَى الشّـهُبْ

حَسْبُ دنكور فخارا...............إنّهُ عـالمٌ  فَـذٌ  أريبٌ فِـي الأدَبْ

 

المصادر

1- بصري. مير. أعلام اليهود في العراق الحديث. دار الوراق للنشر. لندن. ط3. 2009. ص174.

2-  الحيدري. نبيل. مقال حول توثيق دنكور لفلم عن يهود العراق في قصة لاعبي كرة الطائرة. موقع الكتروني. فراديس العراق.

http://www.iraqparadises.com/?page=news&id=4210

 

 

الحاخام عزرا دنكور وعائلته

 

صورة لزواج نعيم دنكور من رينية  دنكور عام 1946

 

نعيم دنكور وزوجته رينية دنكور  والسفير الايراني

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.