اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الإعلام والإبداع

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د.سناء الشعلان

مقالات اخرى للكاتبة

الإعلام والإبداع

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

   

    من البدهي القول إنّ من وظائف الإعلام لاسيما الثقافي أن ينقل صورة الإبداع إلى الجمهور،وأن يكون أداة للتوصيف والنقد والإصلاح،كما هو أداة للحقيقة والتواصل والنقل،وهذا ما يجب أن يقوم به الإعلام بكلّ حيادية وصدق ونزاهة وشفافية،وهذا ما يقوم به الإعلام النّاجح في كثير من الجغرافيات لاسيما في خارج الوطن العربي،إذ ينحاز الإعلام في الغالب هنالك للأفضل والأكثر استحقاقاً للدعم.

     أمّا في المشهد العربي ،فالإعلام لا يزال في غالب الأوقات أسير المحسوبيات والعصابات والمصالح المشتركة والاحتكارات،ولذلك كثيراً ما نجد المبدع مقصياً أو مستبعداً لاسيما إن كان خارج خارطة المصالح،أو بعيداً عن تشكيلات المجاملة والمقايضات،ولذلك لا يقوم الإعلام بدوره الأصيل والشريف في دعم المبدع،وتقديمه بحيادية للمجتمع وللجمهور،بل يعمل على إقصائه،وخنق فرصة،وتبديد جهوده،ومحاصرة وجودة،وقلّما يقوم بعكس هذا الدّور السلبي المخزي الذي يقدّم كلّ الدعم لمن هم دون الموهبة،ويذر المبدع الحقيقي.

    ولكن هذا لا ينفي بالتأكيد أنّ الإعلام العربي يقدّم بعضاً من الدّعم للمبدع ،ولكنّه دعم متواضع نوعاً وكمّاً وتغطية،ولا يزال متورطاً بالقصور والعشوائية والاعتباطية والمزاجية والشللية.

        ولكن من الملاحظ المؤسف في هذا الشأن أنّ الإعلام العربي لا يزال غير قادر على أن يكون مؤثّراً في الثقافة المجتمعية بأيّ شكل من الأشكال،بل هو أبعد ما يكون عن التأثير في الثقافة المجتمعية،وذلك لعدة أسباب؛أولها أنّ الإعلام الثقافي في الغالب لا يتوافر على مقدّرات مالية داعمة تسمح له بأن يقوم بواجبه كما يجب،كما أنّ من يقومون به وعليه في الغالب ليسوا على سوية عالية أو جادة أو منصفة ليقدّموا ما يجب أن يُقدّم،ومن ناحية أخرى المبدع الذي يلمّعه الإعلام في الغالب على حساب المبدع الموهوب المقصى هو ضئيل الموهبة والتأثير،ولذلك من الصعب أن يترك أثره التغيري على قيم الجماعة وعلى ثقافتها،ومن ناحية أخيرة ليس من السّهل أن يؤثر الإعلام الثقافي على ثقافة مجتمعات رتيبة متمسّكة بمحدداتها وتابواتها وجدرانها،فالتأثير في الثقافة المجتمعية يحتاج إلى جملة من المعطيات منها الإعلام القوي المقنع.

    وممّا يزيد الطينة بلّة أن نجد الإعلام الثقافي في كثير من الأوقات أسير أيدي مدّعي الثقافة والإبداع،وأولئك في الغالب يجدون في مناصبهم الوظيفية الإعلامية طريقاً كي يغرزوا أنفسهم في خاصرة كل تظاهرة ثقافية هنا أو هناك،ولذلك نراهم يتبادلون بينهم الدعوات واللقاءات والمقابلات الدعائية على أساس المعاملة بالمثل،وتبادل المصالح،فنراهم في كلّ محفل ثقافي،وتظاهرة إعلامية يمثّلون المشهد الإبداعي العربي،ويستحوذون على حظوظه من الدعم والتغطية والإعلام والدعم المالي والمعنوي،ليتصدّروا بصورهم وأغلفة إنتاجاتهم الهزيلة الزوايا الثقافية والأبواب الإبداعية والفقرات الإخبارية في الإعلام العربي.

    وبذلك يستولون على المشهد الإعلامي العربي مقدّمين بذلك صورة مشوهة وضعيفة عن الإبداع العربي الذي يُقدّم عبر أعمال هزيلة في الغالب يقدّمها الأدباء الإعلاميون الأشباه،في حين يبقى المبدع الحقيقي،والموهوب المفلق بعيداً عن أضواء الإعلام الذي كان جديراً به أن يقوم بوظيفته العادلة المتمحورة في التعريف بالمبدع،ودعمه،وتقديمه للمشهد العربي والإعلامي.

   هذا هو واقع أشباه المبدعين الإعلاميين،أمّا المبدعون الإعلاميون فمصيبتهم كبيرة في هذا الشأن،فهم يدخلون الوسط الإعلامي بحثاً عن عمل يؤمّن لهم حياة كريمة،وفي مخططاتهم أنّ يستأنفوا إبداعهم وسط انشغالاتهم الوظيفية،ومسؤولياتهم العملية،وقد يعتقدون أنّهم قد يستفيدون من مناصبهم ومواقعهم في دعم إبداعاتهم،ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن،ويستغرق المبدع في دوامة العمل الوظيفي الموصول المنهك المستبد،وعندما يستيقظ المبدع من سباته بعد زمن من العمل،والانقطاع عن إبداعه،وانشغاله بكلّ ما يشغل،يجد نفسه قد تقاعد من عمله،وكلّ مافي رصيده معاش شهري دائم،وذكريات عمل إعلامي طويل،ورصيد إبداعي شبه فارغ،فيدرك حينها أنّ إبداعه سُرق منه على يديّ الإعلام الذي وهبه عمره ووقته!!

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.