اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الشعراء - صفحة 2

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

(4)

عندما تحلقُ كالطيورِ أحذيتُكُمْ

وترتدي أقدامكُمُ الأجنحةْ

وتكونُ النِّعَالُ فَطُورَ الأثداءْ

وجِماعُ الورودِ في الأقبيةْ

ةِ

أمرًا عاديًا في مجتمعاتْ

تِ

النومِ حتى معَ الموتْ

وإغواءُ النحلاتِ للقضاةْ

ةِ

شيئًا من الحكمةِ لا المحكمةْ

وسقوطُ عمانَ من قممِ الجبالْ

لِ

موضوعًا للثرثرةْ

وعضُّ القططِ للأوردةِ نهايةً لا تنتهي

إلا بإفراغِ كلِّ دمِ العالمْ

مِ

في مجاري الكونْ

عندما تلعقُ كالألسنةِ قصائدُكُمْ

بطونَ الشموسِ وتهملُ مؤقتًا خصورْ

رَ

النساءْ

وتتسلقُ أغصانُكُمْ عُنُقَ المطلقْ

قِ

بحثًا في السماءْ

ءِ

عن سريرٍ قديمْ

تذبحونَ فيهِ الغُلْمَةْ

ةَ

وأمنيةً لامرأةٍ عقيمْ

مٍ

تحبُّ امرأةً أخرى

وتتوجعُ وأنتم تسخرونْ

نَ

مِنَ الأقمارِ كلِّها

لأنها لم تكنْ في الحاراتْ

كأشياءَ رميتمُ بها كما رميتمِ القدسَ في مَقبرةْ

عندما تكتبونَ أسماءَكُمْ بأردافِكُمْ

فأقلامُكُمْ فَرُغَ مِدادُها

والزنابقُ لم تعدْ تحبلُ بالقذارةْ

في لحظةٍ من لحظاتِكُمِ الملهِمةْ

الناقدةِ لأناكُمِ العظمى

وهي ترسمُ صورةَ حاكمِ جهنمْ

أناكُمُ الأنانية

العمياءْ

أناكُمُ المبهرةُ بالهند

وبومباي في فراشِكُمْ مثلُ أيةِ كلبة

ستكونونَ من ذاكَ النوعِ الآخرِ من الشعراءَ

المفترسينَ للشموسْ

همجيةٌ هي الشموسُ التي تفترسونها

وجهنميةْ

وحيوانيةْ

وقَبْتاريخيةْ

حتى أنها سابقةٌ للوجودْ

وصحيحةٌ كلُّ الأوصافِ الأخرى التي تنعتونها بها

كُلُّها صحيحةٌ كمسدسْ

سٍ

لا يتوقفُ عنِ الإطلاقْ

كُلُّها تليقُ بمقامِ الكلابِ الأنيقةْ

كُلُّها تملأُ صدورَ الأشقياءِ راحةْ

تجعلُهُمْ يعشقونّ أنفسَهُمْ عِشْقَكُمْ لأنفسِكُمْ

ويهنأونْ

ويخلدونَ إلى الراحةِ والسكونْ

بينما الشموسُ تبقى الشموسْ

سَ

المشرقةُ منها أو المظلمةْ

كلُّ القوانينِ تبقى لِتَحْكُمَ قصائدَكُمْ

والرقابَ الشقيةْ

أما عنكمْ

فلا شقاءٌ لكم بل أنهارُ العسلْ

لِ

التي تَغْرَقُ فيها كلماتُكُمْ

 

(5)

تطرقُ قصائدُكُمُ الأبوابَ بحثًا عن دينٍ جديدْ

في حيفا فتحَ البحرُ لأحدِكُمْ

وجعَلَهُ يعانقُ حذاءَ النبيّْ

في حيفا كادَ بودلير يموتُ من القلقِ على مومسٍ لم ينمْ معها

رائحةُ السوسنِ في حيفا تملأُ مقهى بوشكينْ

ودخانُ السجائرْ

في حيفا حملَ الشاعرُ الذي هداهُ البحرُ كلَّ ماضيهِ في حقيبتِهِ

لن أحبَّ بعدَ اليومْ قال الشاعرْ

فبكى بودلير وهو يفكرُ في الانتحارِ من أجلِ مومسٍ لم ينمْ معها

كان يحبُّها أكثرَ من كلِّ قصائِدِهِ

ويحبُّ سمكَ حيفا

لن أقولَ لبوشكينَ سلامًا بعد اليومْ قال الشاعرْ

فحطَّ بودلير في بحرٍ من السأمِ أكبرَ من بحرِ حيفا

كيف يقتلُ أُقاحَ موسكو وحبيبتُهُ روسيةْ

مومسٌ لم ينمْ معها

مومسٌ غدتِ الوجودَ الأسودَ للقلقِ والكآبةْ

كتب قصيدةً عن وقتِ البحارةِ الضائعِ في حاناتِ حيفا

في كلِّ مرةٍ يقذفُهُمُ البحرُ كالسمكِ من بطنِهْ

وقدمها للشاعرْ

لفها الشاعرُ بالوطنْ

وذهبَ بها إلى السرابْ

عالمُ الخلودْ قال الشاعرْ

وفي طريقِ العودةْ

أعطاهُ الرملُ من المالِ ما يردِمُ بِهِ البحرْ

 

تطرقُ قصائدُكُمُ الأبوابَ بحثًا عن شعراءَ يخبئونَ زوجاتِهِمْ في ضلوعِهِمْ

في نابُلُسَ فتحَ الجبلُ البابَ عن أحدِهِمْ

وجعلكم ترونَ ثديًا مُحجبا

في نابُلُسَ كانتْ لامرئ القيسِ عشرُ نساءٍ عارياتْ

يكتبُ على أكفالِهِنَّ الشعرَ

لأنه شاعرْ

أما الآخرُ فَهُوَ جامعُ قمامةْ

في نابُلُسَ ذهبَ امرؤُ القيسِ إلى حديقةِ بيتِنَا

وقطفَ لي منها قصيدةْ

ةً

يقولُ لي فيها اليومَ خمرٌ وغدًا

خمرْ

فشربنا ونحنُ نقولُ الشعرَ والنساءُ عرايا بين ذراعينا

حتى تعبنا

أما الآخرُ

من يقولُ الشعرَ في الثديِ المحجبْ

فلم يجرؤْ على حملِ خِنْجَرِهِ ليطعنَ به روحَهْ

وتسيلَ القصائدُ مع دمِهْ

 

تطرقُ قصائدُكُمُ الأبوابَ بحثًا عن أكفٍّ تكمِّمُ الأفواهْ

في دمشق وفي القاهرة وفي الجزائر وفي الدوحة

وفي صنعاء

وفي كلِّ مكانٍ ينتمي إلى اللامكانْ

فُتِحَتِ الأبوابُ على مصاريعِهَا

كنتم أنتم أيها الشعراءُ الأكفَّ التي تكمِّمُ أفواهَكُمْ

الجبانُ بينكم بطلُ الصَّمْتْ

والشجاعُ من يتكلمُ عن أحوالِ الطَّقْسْ

المراكبُ قليلةٌ في نهر السينْ

بعضُ السياحِ يقومونَ بنزهةْ

القناطرُ كالذكرياتْ

ذكرياتٌ غيرُ ذكرياتِكُمْ

رامبو وميشو وإيلوار وفيرلين وآخرونَ غيرُهُمْ مِنَ المجانينْ

وقبلَ كلِّ هؤلاءِ أراغون وهيغو

وخطواتُ العابرينْ

 

(6)

الشعراءُ الذين هم مثلي يرفضُهُمْ حتى الجحيمْ

حتى الجحيمُ لا يقبلُ أن يكونَ لهم سَكَنَا

الشعراءُ الذين هم مثلي لا يبكونْ

نَ

في جنازتهمْ

الشعراءُ الذين هم مثلي

يغيرُ منهُمُ القمرُ لأنهم أبناءُ الشمسْ

الشعراءُ الذين هم مثلي يطفئونْ

نَ

الضوءَ في الليلْ

لِ

لئلا تخدعَهُمْ صورُهُمْ

الشعراءُ الذين هم مثلي لا يحلمونْ

كلُّ أحلامِهِمْ كوابيسُ تجعلُهُمْ يصرخونَ في الليلْ

ربما ليجدوا أنفسَهَمْ

وفي الصباحِ ليكتبوا

الشعراءُ الذين هم مثلي

لا يحبونَ دمشقَ ولا القدسَ ولا مكةَ

ويحبونَ فكرتَهُمْ عن غدِ كلِّ المدنْ

الشعراءُ الذين هم مثلي صديقُهُمُ الوقتْ

الشعراءُ الذين هم مثلي لا يعرفونَ الندمْ

لأنهم كالزهورِ الذابلةْ

الشعراءُ الذين هم مثلي أخوهُمُ السأمْ

كي يحتملوا الغِبطةْ

غِبطةَ الآخرينْ

وَغَرَقَهُمْ مَعَهُمْ في البحرِ فيما بعدْ

الشعراءُ الذين هم مثلي يكتفونَ بعدمِ الكلامْ

لئلا يكونَ الضجيجُ حولَهُمْ في المقاهي

الشعراءُ الذين هم مثلي يلعبونَ الورقَ مع الملائكةِ والشياطينْ

ويتركونَ أنفسَهُمْ يخسرونْ

الشعراءُ الذين هم مثلي يحبونَ الكلابْ

الشعراءُ الذين هم مثلي يغضبونَ من أبنائِهِمْ

ثم يحاولونَ البكاءْ

الشعراءُ الذين هم مثلي لا ينتظرونَ الموتْ

لا ينتظرونَ طارقًا يأتي في المساءْ

لا ينتظرونَ أن يناموا في الليلْ

لا ينتظرونَ أن يذهبوا في الصباحِ بالباصْ

إلى موعدٍ لم يحددْ

لا ينتظرونَ نهايةَ العامْ

لا ينتظرونَ هطولَ المطرِ في الصيفْ

لا ينتظرونَ سقوطَ الثلجِ على القرميدْ

لا ينتظرونً من أحدٍ هديةْ

لا ينتظرونَ التنزيلاتْ

لا ينتظرونَ أن يُنهي الآخرونَ قراءةَ ما يكتبونْ

لا ينتظرونَ كما ينتظرُ الموظفونَ أن تدقَّ الساعةُ الثانيةَ عشرةْ

 

(7)

لا أحَدَ يَقْرِضُ الشعرَ في حديقةِ اللكسمبورغْ

السياراتُ كثيرةٌ شارع سان ميشيلْ

والبانتيون هناكَ ليسَ بعيدا

مقبرةُ العُظماءْ

الشعرُ من ذكرياتِ النثرِ

في "طاعونِ" كامو ماتَ الشعرُ على رصيفٍ في وهرانْ

ضاقَ الشِّعْرُ ضيقَ الخاصرةْ

ولم يَعُدِ النحلُ يلسعُ كالماضي

فالعسلُ غيرُ مشكلةِ الإبداعِ صارْ

راحتِ الصورةُ تبحثُ عنْ نفسِهِا

تَألَّهَ الإنسانْ

نُ

بعدَ أن وجدَ الصورةَ في الإنسانْ

أصبحتِ الشوارعُ في باريسَ تُفَضِّلُ الضَّحِكَ في المساءْ

امتلأتِ المسارحُ بروّادِ الحزنْ

مدام بوفاري

مدام بوفاري

انتحرتْ ولم يَقْلَقْ بها أحدْ

مدام بوفاري ارتداها فلوبيرْ

رُ

وقالَ هي أنا

لم يعلمْ أنها قصيدةُ الغدْ

دِ

لمّا يتساوى الكلُّ أمامَ شاشةِ الكمبيوترْ

مدام بوفاري

مدام بوفاري

ما لونُ ثوبِكِ الذي اخترتِهِ لمقابلةِ الموتْ؟

تلاشتِ الفروقُ بينَ الواحدِ والآخرْ

رِ

أمامَ شاشةِ الكمبيوتر

والخبرُ البعيدُ غدا جِدَّ قريبْ

مدام بوفاري

مدام بوفاري

هل تسمعينني؟

زالتِ المسافاتُ بين زهرةٍ زرعها ماو وصيحةٍ أطلقها غيفارا

مدام بوفاري

مدام بوفاري

هل أنتِ أنا؟

لهذا غدا مطلبُ التميزِ أساسيا

ولهذا عادَ البحثُ عن شاعرٍ هو بالفعلِ شاعرْ

الشاعرُ الإله

عادَ البحثُ عن نصٍ يُقْرَأُ بسرعةْ

كلُّ شيءٍ يجري بسرعةٍ أمامَ شاشةِ الكمبيوترْ

القارئُ يلهثُ

يريدُ أن يقرأَ كلَّ شيءٍ في عدةِ ثوانْ

لكنْ...

في كلِّ هذهِ الفوضى الدقيقة

الشاعرُ الإلهْ

لم يوجَدْ بعدْ

 

منتصف النهار 2008.06.14

 

* القصيدة الثانية من ديوان "البرابرة" لأفنان القاسم 2008-2010

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.