اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

التحرش الجنسي في العالم والدول العربية (1-3) -//- د. ناهدة محمد علي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتبة

التحرش الجنسي في العالم والدول العربية (1-3)

د. ناهدة محمد علي

للتحرش الجنسي مسميات كثيرة في مراجع علم النفس وعلم الإجتماع وفي المراجع السياسية , فهو قد يسمى أحياناً بالعنف الجنسي أو الإعتداء الجنسي أو الإستلاب الجنسي , وكل هذه المسميات تساوي فعل واحد هو سلب الإرادة الحرة للمرأة في التعامل مع جسدها , وقد يتعرض لهذا الأطفال من الجنسين أو الرجال ذوي القوة البدنية المتدنية , وما يجمع كل هؤلاء هو واضح للقاريء والذي هو الضعف الجسدي وعدم وجود القدرة الدفاعية لإحاطة الجسد الممتلك بما هو ضروري من قوة , ويبقى الإنسان في كثير من الأحيان منقاداً الى غريزة العدوان والتي وُلد بها لكنها شُذبت بواسطة التربية والعقيدة والأعراف النزيهة , وقد تعلو أحياناً هذه الغريزة على كل هذا ويظهر للعيان ما يسمى بـ ( شريعة الغاب ) فيستلب القوي الضعيف , ويأخذ من لا يستحق ممن يملك .

أسباب العنف الجنسي :

إن أسباب الإعتداء الجنسي كثيرة ومتشعبة , عالجت الكثير من المصادر العلمية الكثير منها وبقي الكثير ايضاً خافياً عن الأنظار ويتراوح ما بين أسرار العقل البشري وما بين الإختلافات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية , فالأسباب الإقتصادية والإجتماعية والعقائدية متغيرة لكن الظاهرة واحدة ما بين الشرق والغرب وهي ظاهرة عالمية وتمتد من أقصى الهند الى أقصى الشرق العربي , ومن أقصى الحضارة في أُوربا وأمريكا الى مجاهل أفريقيا , وسندرج هنا أسباب ذلك .

1 – الأسباب الإقتصادية : -

قد يكون الفقر هو أحد الأسباب لهذه الظاهرة , فالبطالة المنتشرة وإدمان المخدرات وعدم القدرة على بناء مؤسسة الزواج قد يدفع الكثير من الشباب الى عالم المخدرات والمسكرات والى عالم اللذة السريعة كوسيلة من وسائل التسلية والمتعة , وقد يتصيد طالب المتعة فريسته في الظلام أو في البارات الليلية وفي الباصات المزدحمة ودور السينما وحتى في المدارس والجامعات . وتتوحد هذه الظاهرة كما ذكرت في الدول الغنية والفقيرة لأن الدول الغنية مع وجود الأزمات الإقتصادية المتكررة ووجود الكثير من الأحياء الفقيرة وأحياء الجاليات المهاجرة يتواجد فيها الكثير من الشباب العاطل والباحث عن المتعة السريعة . ولا تُستبعد هذه الظاهرة عن الأفراد الأغنياء , حيث يستزيدون من أنواع المتع بأنواع اخرى مريضة وتلعب في هذا غريزة الجنس وغريزة العدوان دون أية عوامل أخرى إضافية فقد يسلك هذا السلوك كبار نجوم السينما أو كبار نجوم الرياضة أو كبار رجال السياسة وتنقل وسائل الإعلام الكثير من الشواهد هم ليسو بحاجة مادية أو إجتماعية , بل قررت عنهم الغريزة الجنسية وللغريزة العدوانية قرارات سلوكية غريبة عن المنحى العام لهذه الشخصيات .

2 – الأسباب الإجتماعية .

إن ظاهرة الإعتداء الجنسي منتشرة في الدول المتخلفة إجتماعياً والمتحضرة لكنها أكثر إنتشاراً في الدول المتخلفة لعدم وضع الدولة هذه الظاهرة ضمن سياساتها العامة وإهمالها وتركها ومع وجود الأعراف القديمة التي لا تتسامح في أي مشكلة من مشاكل المرأة , لذا تزداد هذه الظاهرة إنتشاراً من جهة ومن جهة أخرى تزداد عدوانية المجتمع على أجساد النساء والأطفال فتنتشر كما نرى جرائم الشرف في كل الدول العربية والإسلامية والتي تملأ الصحافة المحلية من الخليج وحتى المغرب العربي والشواهد كثيرة في مصر وسوريا والأردن وإيران وأفغانستان والهند وباكستان .

إن الدول المتحضرة تضع الحلول العلمية لهذه الظاهرة والتي تكون فيها المرأة هي الضحية , فتخصص لهذه الظاهرة الموارد الخاصة في الميزانيات لعلاجها ضمن الخطط الوطنية المتعلقة بالعنف العائلي والجنسي , فظهرت هذه الخطط في ألبانيا 2007 وألمانيا 2007 والنرويج 2008 – 2011 وهولندا 2008 , وقد بدأت في المملكة المتحدة منذ 2007 , وتشمل هذه الخطط جميع القطاعات الحكومية الصحية والسكنية وتوفير المأوى للنساء الضحايا والقطاعات القضائية والإعلامية والبحثية , ولم تضع الدول العربية إستراتيجية وطنية لوقف ظاهرة العنف والتمييز ضد المرأة عدا الجزائر والتي وضعت في قوانينها إستراتيجية واضحة لمحاربة التمييز منذ 2007 , أما فرنسا فقد وضعت خططاً طويلة المدى لمحاربة التمييز والعنف ضد المرأة منذ 2008 – 2010 . وقد قامت هذه الخطط بالتصدي للعنف ضد المرأة وحماية النساء الضحايا وأطفالهن عن طريق التشريعات وآليات الدعم الحكومي , كما قامت دول مثل استراليا بتخصيص 150 مليون دولار لبناء منازل لإستيعاب النساء والأطفال الهاربين من العنف العائلي والجنسي وتهيئة سبل العمل لهن .

إن الكثير من النساء يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن العمل وخاصة العاملات في المجال الصناعي والزراعي ويكون المعتدين على الأكثر هم من المسؤولين المباشرين وغير المباشرين فتضطر المرأة للسكوت حفاظاً على عملها , أما في الدول العربية فتصمت المرأة حفاظاً على سمعتها وأحياناً عملها , وقد يتعرضن النساء للتحرش في السجون الحكومية والإصلاحيات وليس ببعيد ما حدث في سجون النساء وإصلاحيات الأطفال مؤخراً في العراق .

إن تقرير للأمم المتحدة قد بين منذ 2001 على أن واحدة من كل ثلاث نساء في العالم قد تعرضن للضرب أو للإكراه على ممارسة الجنس .

إن الإعتداء الجنسي قد يكون في الحياة المدنية والعسكرية ايضاً فقد يتعرضن له المجندات من النساء أو المدنيات من خلال النزاعات العسكرية وليس ببعيد عنا ما حدث في غزو الكويت وغزو العراق حيث تعرض النساء المحليات للأغتصاب من قِبل الجنود المعتدين أو من قبل الجنود المحليين كما حدث في ليبيا والسودان وفي مصر , وقد يكون المغتصب من الفئات العسكرية أو المدنية المسلحة , وقد أكدت منظمة الصليب الأحمر الدولية على أن الآلاف من النساء يتعرضن للإعتداء الجنسي أثناء النزاعات الدولية والمحلية , وتؤكد السيدة ( نادين بويشغير ) المستشارة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أن الإعتداء الجنسي في أثناء النزاعات هو ( فعل بغيض وغير مشروع ويجب أن يُقدم مرتكبوه للمحاكمة ) . لكن الذي يحدث في العالم العربي هو أن المرأة المنتهكة ترفض الإدلاء بشهادتها بسبب العرف الإجتماعي وصعوبة إثبات الدلائل , كما أن هناك سبب آخر هو الأكثر شمولية وهو أن المجتمع العربي مجتمع ذكوري ويدور في دائرة الذكور لا الإناث والمرأة فيه دائماً مُدانة وليست مدينة , وكثيراً ما يقتل الرجل زوجته أو إبنته ولا يسجن إلا لبضعة شهور متبوعاً بالقانون العرفي قانون ( غسل العار ) , وكثيراً ما يكون الجاني هو المنفذ لهذا القانون فقد يكون المعتدي أباً أو أخاً أو قريباً يخشى الفضيحة فيقوم بقتل المرأة التي إغتصبها , إذن للأعراف الإجتماعية وجهان وجه يقابل به الذكر والوجه الثاني للأُنثى , ويقوم الذكر بلوي العرف الإجتماعي لمصلحته دائماً وفي هذا تُظلم المرأة مرتين .

تتحرك في الجاني غريزة البحث عن الأُنثى ولا يعود في هذا مختلفاً عن أي نمر مفترس يبحث عن أُنثى مستشرساً في طلبها في موسم التزاوج وحسب معلوماتي عن عالم الحيوان إن النمر لا يبحث فقط عن إرضاء غريزته بل لحفظ نوعه أما الذكور البشرية فقد يتوفر لها إرضاء الحاجتين لكنه يستمر في إغتصاب ما ليس له .

تؤكد تقارير الأمم المتحدة على أن إحتمال وقوع المرأة ضحية للعنف والعنف الجنسي تزيده عوامل مثل ( السن والعرق أو الوضع بالنسبة للهجرة أو الإنتماء الى أقلية ) . وهكذا تلعب هذه العوامل دوراً في تحديد الجناة .

إن الدول العربية لم تحاول تغيير القواعد التي تدعو الى التمييز ولم تبدِ إستعداداً لتغيير هذه القوانين وتعديلها عدا سلطنة عمان والإمارات العربية , أما ما حدث في العراق فهو صورة شكلية على أساس نظام الكوته لرفع التمييز عن المرأة فالتمييز والإستلاب قائم في وضع المرأة العراقية الإقتصادي منه والإجتماعي ولم يُبن التغيير على أساس علمي أو منطقي .

( يتبع )

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.