مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (1412)- المقام العراقي رواية العراقيين -18

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 20:14

كتب بواسطة: حسين الاعظمي

الزيارات: 130

حسين الاعظمي

للذهاب الى صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1412)

المقام العراقي رواية العراقيين -18

من كتاب (المقام العراقي في مئة عام)

تحت عنوان داخلي مركزي

المقام العراقي رواية العراقيين -18

القندرجي والقبانجي واتباعهما

        مرة اخرى، لا بد لنا ان نكرراعجابنا بنتاجات محمد القبانجي واتباعه المبدعين  كيوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن العزاوي وغيرهم.بتعبيراتهم الواقعية العاكسة لثقافتهم ومفاهيمهم الابداعية الفذة.وبقدرة هذا الاستاذ وهؤلاء التلاميذ، الذين اصبحوا اساتذة حقبتهم التي اطلقنا عليها(حقبة التجربة)،يمكن ترجمة عناصر التغير والتطور والابداع المستمر في كل نواحي الحياة الى مصائر ادائية فنية معبرة عن كل فئات المجتمع طبقيا وذوقيا.

       ان هؤلاء المؤدين المبدعين من اتباع الطريقة القبانجية الذين مر ذكرهم قبل قليل، وكذلك المؤدين الآخرين من الذين تبعوا الطرقة القندرجيةكحسقيل قصاب ورشيد الفضلي وعبدالقادر حسون واحمد موسى وشهاب الاعظمي والحاج هاشم الرجب. قد احتفظوا بهذا الصدق التعبيري والانساني والاخلاقي،عن اعماق المضامين التاريخية والبيئية للغناء المقامي العراقي. وردود الفعل الاكثر تحسُّساً واتفاقا من ابناء المجتمع، تحدث دائما في نتاجات امثال هؤلاء المغنين المقتدرين الناجمة عن الاطار الموضوعي للغناء المقامي العراقي عند انتصاف القرن العشرين وما بعده تقريبا..!وبهذا المعنى فهم يستقون غناءهم من اساتذتهم رشيد القندرجي ومحمد القبانجي، وهم يبدعون فيها ويضيفون اليها ويجعلوا منها طريقة غنائية تلائم حقبتهم الزمنية. وقد تحدثتُ عن هذا الموضوع في كتاب خاص مخطوط لم يطبع بعد اسميته(مغنون مبدعون في المقام العراقي)(هامش1)وكذلك اشرتُ لهذا الموضوع في كتاب آخر لم يزل مخطوطا ايضا اسميته(المقام العراقي بين طريقتين)(هامش2)اتمنى ان تكون بين يديك عزيزي القارىء ان شاء الهن.

       ونستطيع هنا ان نشير الى  بعض المقامات التي أُديت من قبل هـــؤلاء المغنين المبدعين كمقام اللامي بصوت فنان القرن العشرين ناظم الغزالي وهو من مبدعي الطريقة القبانجية بقصيدة ابي فراس الحمداني وهذا مطلعها.

(اقول وقد ناحت بقربي حمامـــــــة/أيا جارتا لو تشعرين بحــــــالي)

          وفي مقام العجم عشيران يغني عبدالرحمن العزاوي ابيات من قصيدة تقي الدين السروجي وهذا مطلعها.

(انعم بوصلك لي فهذا وقتـــه/يكفي من الهجران ما قد ذقــته)

ويغني حمزة السعداوي مقام الدشت بهذه الابيات بقصيدة هذا مطلعها.

(وطن العروبة موطني وبــلادي/لا فرق بين حواضــر وبوادي)

وهذا يوسف عمر في مقام الطاهر بقصيدة لعبد الغفار الاخرسوهذا مطلعها.

(عاد المتيم في غرامــــك داؤه/أهوَ السلـــــــيم تعوده عناؤه)

وفي مقام النوى يغني شهاب الاعظمي هذه القصيدة لجمال الدين ابن نباتة المصري، والاعظمي من اتباع الطريقة القندرجية.

(أودتْ فعالُك يا اسما باحشــائي/واحيرتي بين افعال واســماء)

اما المطرب عبدالقادر حسون وهو من اتباع الطرقة القندرجية ايضا فيغني بهذه الابيات الشعرية في مقام الاوج وهذا مطلعها.

(بها غير معذور فداو خــمارها/وصل بعشيات الغبوق ابتكارها)

اما احمد موسى فيغني لنا مقام الحسيني بقصيدة ابن مليك الحموي وهذا مطلع القصيدة

(قسما بحفظ عهودكــــم وودادي/لم اقض منكم في الغرام مـرادي)

        وفي مقام الاوج ايضا يغني حسن خيوكة وهو المستفيد من عدة طرق غنائية بهذه القصيدة وهذا مطلعها.

(حان التجلي وطاب الوقـــــت بالراح/فعاطنيها بكاس الانـــــس ياصاح)

       ولعبدالهادي البياتي نصيب من هذه التسجيلات المقامية فنسمعه يغني للشاعر المتنبي هذه القصيدة في مقام الحجاز ديوان، والبياتي رغم خصوصية غنائه المقامي ولكننا نجـــــــده في معظم مقاماته يميل الى الطريقة القبانجية.

(القلب اعلم يا عذول بدائـــــه/واحق منك بجفنه وبمـــــائه)

         ولعبد الرحمن خضر وهو من اتباع الطريقة القبانجية. قصيدة صوفية للشيخ علي سبط الشاعر عمر ابن الفارض، رغم انها اثبتت في ديوان ابن الفارض(هامش3)وليس لابن الفارض فيها سوى مطلعها..! لأن القصيدة الاصلية كانت مفقودة، ولم يعثر ابن الفارض على قصيدته الا بعد ان بنى سبطه الشيخ على قصيدة اخرى على مطلعها..! وعليه فان هناك قصيدتين موحدتيْ المطلع ومختلفتيْ الابيات الاخرى..! واحدة لابن الفارض والاخرى لسبطه الشيخ علي التي غناها عبدالرحمن خضر في مقام الحجاز ديوان وهي.

(أبرقٌ بدا من جانب الغـــور لامعُ/ام ارتفعت عن وجه لــيلى البراقعُ)

        وفي مقام العجم عشيران يختار يوسف عمر وهو ابرز اتباع الطريقة القبانجية، احدى قصائد معروف الرصافي.

(يا شعر انك صورة لضـــــــميري/يبديك حزني تارة وســــــروري)

        وهذا ايضا عبدالجبار العباسي وهو من اتباع الطريقة القبانجية يغني ايضا بابيات شعرية لعدنان القيسي في مقام النهاوند ..

(اقول لها وقد ازف الرحيــــل/اما للود عندكم دلـــــــيل)

       بهذه المقامات العراقية، نلاحظ تطور الاداء الفني. خاصة لدى مغني منتصف القرن العشرين. كحسن خيوكة وناظـــم الغزالي ويوسف عمر وعبد الرحمن العزاوي وغيرهم.

       ان الصدق الفني لهؤلاء المغنين المبدعين. هو امتداد متطور لتاريخ المبادىء الخلّاقة في الغناء المقامي العراقي لمغني القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر الكبار،كعبد الرحمن ولي ورحمة الله شلتاغ واحمد الزيدان وخليل رباز وحمد بن جاسم ابوحميد وغيرهم.وليس هذا بمعنى توسيعاًللموضوع، بل ان التطور الفني الذي توضح منذ انتصاف القرن العشرين(حقبة التجربة)هو تصوير الناس وتصوير للاحداث ومحاولة مواكبتها. وفي هذا التوازن من الاداء والتماسك الداخلي لمتطلباته. تكمن حسّاسيّة المغنين الكبار واتباعهم المبدعون.

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

هوامش

1 – كتاب مغنون مبدعون في المقام العراقي: صدر هذا الكتاب بالاسم الجديد(المقام العراقي ومبدعوه في القرن العشرين) في عمّان 2010 عن دار دجلة. ويذكر ان هذا الكتاب سبق ان صدر عن وزارة الثقافة الجزائرية عام 2007 تحت اسمه الاصلي(الاربعة الكبار في المقام العراقي).

2 – كتاب المقام العراقي بين طريقتين: صدر هذا الكتاب في بيروت عام 2011 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

3 - ديوان عمر ابن الفارض ص209.

صورة واحدة / حسين الاعظمي ومائدة نزهت وعبد الجبار الدراجي في شباط 1979 بلندن. اثناء اجراء جنرال بروفة.

• < السابق
• التالي >