اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

حمامتي// حيدر الحدراوي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حيدر الحدراوي

 

حمامتي

حيدر الحدراوي

 

هل ستعودين؟، لقد ربيتك قبل ان تولدي، أو قبل أن تفقس بيضتك، أخترت لك الأم والأب بعناية فائقة، بدقة تامة، اختيار مهندس لبيب، جمعتهما معاً في العش الذهبي، وانتظرت! ، حتى يتوافقا ثم يتزاوجا ثم يبيضا، وبعد صبر وتأنِ، باضا، وانتظرت بفارغ الصبرِ أن تفقس البيضتان وترين النور، حتى كان ذلك بعد ثمانية عشر يوماً، ألا إن أخاك مات بعد عدة أيام وبقيتي أنتِ، اختار لك الغذاء الجيد، بل الأجود، كي ينمو جسدك بأفضل صورة، هكذا ترعرعتِ بين كنف الوالدين في قفص عاجي، وتحت إشرافي.

بعد أن قوي جسدك ونمت عظامك وبنيت حولها العضلات بالصورة التي توقعتها بالضبط، فحررتكِ من القفص الى سماء الحرية، دربتك جيداً على عنوان البيت، ثم أطلقتكِ في الهواء، لتسبحي في السماء الزرقاء، وتحومي كالصقر حول البيت، كما توقعتكِ، قويةٌ جداً، لم يخب بك ظني، فأنتِ أنتِ التي ستكونين بطلة الموسم القادم بلا شك ولا سوء تقدير، فأنتِ الأقوى بين جميع حمائم السباق!.

لا أنتقص من مربي حمام زاجل السباق، فهم ايضاً لديهم الخبرة والمعرفة الجيدة بحمائمهم، واختاروا أفضل ما لديهم للسباق، ألقيت نظرة على حمائم بعضاً منهم، لا تجسساً وتلصصاً، لكن فضولاً وتفحصاً لما أعدوا من حمائم، اكتشفت إن الفرق شاسع بينكِ وبينهن، أنتِ الأفضل بلا ريب، أنتِ صاروخ السماء، أمكِ كانت بطلة في عدة مواسم متتالية، وكان أبوكِ بطلاً لعدة سباقات، فلابد أن تكوني انتِ بطلة هذا الموسم!.

السرعة، الوزن، التحمل، كلها وغيرها عوامل مهمة للفوز في السباق، إلا أن يعيقكِ رصاص الصيادين، أو مطاردة الصقور، وأنتِ لا زلتِ فتية ليس لديكِ الخبرة في التعامل معهما، لكني أثق بسرعتكِ سوف تتخطين الرصاص ولن يتمكن منكِ الصقر.

حان موعد السباق، وضعتكِ بيدي في العربة، وشيعتها حتى اختفت عن أنظاري، عدت الى البيت احسب الساعات والدقائق، منتظراً رؤيتكِ مجدداً مكللةً بالفوز الساحق، لكن .. طال الانتظار، وعادت جميع حمائم السباق إلا أنتِ، غابت الشمس، لم أيأس، لم أحبط، لازلت منتظراً، لم تعد تهمني نتائج السباق، كل همّي أن تعودي وإن كنتِ الأخيرة.

انتصف الليل، فخلدت للنوم، لم أنم بسهولة، لكن النعاس غلاب، راودتني عدة كوابيس فاستيقظت فزعاً مردداً (هل ستعودين؟)، أسرعت نحو السطح متفحصاً جميع الحمائم، لم أجدكِ بينهن، انهارت قواي، لم تعد قدماي تحملاني، هويت على الأرض جالساً، أين أنتِ؟، أطرقت الى الأرض، شاهدت قطرة دم، بقعة صغيرة، تفحصتها بقنوط، لم تكن الوحيدة، تلتها عدة قطرات، تابعتها زحفاً حتى وصلت الى مخبأ تحت الانقاض، نظرت الى الأسفل، يا للهول! ، ها أنتِ تختبئن هنا، خجلةً مني، تشعرين بالذنب لأنكِ خيبتِ ظني، لا .. ليس ذنبكِ، ليس ذنباً لصياد ولا لصقر، بل لقلة خبرتكِ في التعامل مع أسلاك نقل الطاقة الكهربائية، فلا تخجلي، المهم إني لم أخسركِ، ها قد عدتِ بالرغم من ثقل الجراح!.

حيدر الحدراوي

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.