اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (7)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (7)

سيمون عيلوطي

 

(الحلقة السَّابعة)

 

سناء موسى: "أغاني من ذاكرة السَّاحل الفلسطيني"

لم تترك الباحثة والمطربة سناء موسى في مشروعها الفنيّ الرَّائد، أيّ شأن من شؤون العادات والتَّقاليد والطُّقوس والثورة والحرف في حياة الفلسطينيِّين على هذه الأرض عبر التاريخ، إلا خصَّته بأغنيات، بذلت في سبيل العثور عليها الكثير من الجهد، استغرق سنوات طويلة، وكانت دائمًا تسأل عن الأغنيات الخاصة بأهل السَّاحل الفلسطينيَّ، أين ذهبت؟! ثمَّ تعود وتطرح نفس السُّؤال، بصيغة أخرى، كيف كان فنّ البوح الغنائيّ عند أهل مدن السَّاحل، ولكنَّها لم تصل إلى إجابة مرضية عن سؤالها، ما دعاها إلى تشكيل طاقم مختص، مهمَّته مواصلة البحث عن تلك الأغاني الساحليَّة وغيرها. أظنُّها فعلت ذلك لإدراكها أنَّ البحر ما دام قد تشكَّلت ملامحه الأولى عند العرب في الأدب الجَّاهليّ، لتتضَّح معالمه أكثر في أدب رحلات ابن بطُّوطة، ثُمَّ رحلات السِّندباد البحريَّة، إضافة إلى مخطوطات الترُّاث العربيّ الهامَّة في أدب البحر، كقصص التُّجار العرب وأصول أدب المرشدات البحريَّة وغيرها. كما لاحظت في عدَّة مصادر أنَّ أدب البحر عند العرب تضمَّن عبر مراحل زمنيَّة مختلفة، فنونًا أخرى، كالشِّعر والقصَّة والأدب الشعبيّ والدَّبكات والغناء. وبحسب هذا المنطق: فإنَّ البحر ما دام قد شغل العرب في آدابهم وفنونهم، فلا بدَّ من إيجاد أغنيات عن البحر عامَّة، والسَّاحل الفلسطينيّ خاصَّة، ما يُتيح المجال أمامها لمعرفة كيف كان أهل السَّاحل يُعبِّرون بالغناء عن هموم حياتهم وعملهم في الصَّيد البحريّ، وما يخصُّ كافَّة شؤونهم الأخرى، وقد تمكَّن طاقمها بعد جهد جهيد من العثور على بعض تلك الأغاني "الساحليَّة" التي أخذتها سناء، ووضعتها تحت الإعداد اللازم من النَّاحية الفنيَّة لتقديمها في برامجها في العام 2022/ 2023. وقد جاء في تعريف العرض الخاص الذي قدمته لهذه الأغاني يوم الجمعة 26 آب، 2022 على المسرح الخارجيّ للمتحف الفلسطينيّ-بير زيت، بعنوان: "أغاني من ذاكرة السَّاحل الفلسطينيّ -عن الألحان والأغاني والكلمات التي غُيِّبَت بعد النَّكبة". وجاء أيضًا: "هذا العرض هو خلاصة مشروع بحثي عن ذاكرة أغاني أهالي السَّاحل، بدأته الفنَّانة Sanaa Moussa سناء موسى مع فريق من الباحثين منذ سنوات".

 

شدت سناء في هذا الحفل أغنيات لم نسمعها من قبل، إلى جانب أغنيات معروفة للجمهور، قدَّمتها بأسلوب يُساير صوتها، منها: أغنية "عندك بحرية يا ريِّس" التي سبقها إليها المطرب الكبير، وديع الصَّافي، ألحان عبد الوهاب. موضِّحة أنَّ مخاطبة "الريِّس" في هذ الأغنية، كان بمثابة حثَّه على تمكين البحَّارة من العودة إلى ذويهم وأحبتهم بعد قضاء فترة طويلة في البحر.

 

استهلت سناء حفلها بالابتهالات، وقالت: "هذا النَّوع كان يجسِّد في غناء الصيَّادين عزمهم على دفع مراكبهم، للحصول على المزيد من الصَّيد، وكانت تغنَّى في صيدا "يا إمامي يا شفيع يا إمامي يا علي"، بينما كانت تغنَّى في حيفا "يا رسولي يا شفيع".

 

وفي موقع "منصَّة الاستقلال الثقافيَّة"، جاء في تقرير صحافيّ بعنوان: "سناء موسى تأتي بالبحر إلى بيرزيت!" ما يلي:

"قدَّمت موسى فقرة تحت عنوان "دعاء" يندرج في إطار ما أسمته "أربعا أيُّوب"، وهو طقس يعكس علاقة الإنسان بالبحر، فسكَّان السَّاحل كانوا يتطهَّرون من ذنوبهم بمياه البحر، كما كان ذوو الأطفال ممَّن يتأخَّرون في النُّمو والنُّطق يأتون بأطفالهم إلى البحر في يوم الأربعاء الأخير الذي يسبق "أحد الفصح" ويدعون لهم بالشِّفاء، وهو طقس شعبيّ أكثر منه دينيّ، كان يمارسه جميع أهل السَّاحل، ينطبق على المتأخِّرات في الإنجاب."

 

توَّزع حفل "أغاني من ذاكرة السَّاحل الفلسطينيّ"، على أغنيات من يافا وحيفا ورأس النَّاقورة وغزَّة وعسقلان، وغيرها، وتمحورت، على مدار ساعة، حول أغانٍ من يافا وحيفا ورأس النَّاقورة وغزَّة وعسقلان ومن صيدا أيضاً، وغيرها، كأغنيات: "منديلي"، "يا نازلين البحر"، "إشْ جيَّبك يا غزال"، "يا زارعين السَّفرجل"، "لا تطلعي من بويتك والهوا غربي"، "يا واردة ع الميَّة"، "مدِّي دَيَّاتِش يا مِريم"، وغيرها.

 

استطاعت سناء من خلال هذه الأغاني أن تجعل ذاكرة البحر وبحَّاراته وقصصهم التي تُجسِّد الحب والحرب، تعانق خيال الحضور وتتجلَّى أمامهم بمشاهد عن فلسطين، كما اعتبرتها سناء في بداية حفلها أنها: الجِّبال والسُّهول والبحر والصَّحراء، هي أغانينا: أغاني النِّساء والرِّجال، أغاني الجَّبل والبحر والسَّاحل، وأغاني الغزل والمطر."

 

وقالت: "إن فلسطين تُحيلها إلى كيف كان يعيش أهلها، وكيف كانت الموسيقى والأغنية مرآتهم... السَّاحل الفلسطينيّ كبير، وله خصوصيَّة ثقافيَّة، وخصوصيَّة غنائيَّة من رأس النَّاقورة إلى غزَّة مرورًا بيافا وحيفا والطَّنطورة وغيرها... أهل السَّاحل الفلسطينيّ كان لهم طقوس تشبههم كما غيرهم، وأضافت: "بحثتُ طويلًا، ولم أكن أعثر على إجابات دومًا، أحيانًا كنت أجد اللحن ولا أجد الكلمات، وأحيانًا العكس، لذا قرَّرتُ أن أغمض عينيّ وأتخيَّل، بعد هذا المشروع الطَّويل، حيث خرجنا به بأغنيات عدَّة، لكن هناك الكثير منها اندثرت مع الوقت للأسف، وبعض تلك الأغنيات تبدَّدت مع موت الكبار، خاصَّة ذات الصِّلة بالسَّاحل، وما تعكسه من وظيفة مرتبطة بعمل الصيَّادين وتطوُّر مراكبهم وغير ذلك، لكنِّي أرى أنَّ ما فعلته هو طريقتي في استرجاع فلسطين."

 

  وأوضحت سناء أنَّ "أغاني الصَّيد توقَّفت قبل النَّكبة بكثير، وخاصَّة مع دخول المحرِّكات إلى المراكب، فمع القوارب المزوَّدة بمحرِّكات باتت المسافات أقصر، وبالتَّالي لا مُتَّسَع للغناء، كما أنَّ تلك الأغنيات التي كانت تتردَّد بأصوات الصَّيادين لتشجيع بعضهم البعض على دفع القوارب، فقدت مبرِّرها بوجود المحرِّكات، علاوة على صوت المحرِّكات المرتفع الذي يصل لدرجة ألَّا يسمع الصيَّادون بعضهم البعض، ومن لا يسمع نفسه لا يغني". أمَّا هي فقد حضرت إلى هذا المسرح "البير زيتي" لتغنِّي للسَّاحل في عكَّا وحيفا ويافا والذيب والفرديس وقسارية وغزة وعسقلان، فتجاوب السَّاحل الفلسطينيّ معها رغم اختلاف الزَّمان والمكان، ورسَّخَ الذَّاكرة صوتها بأعذب الألحان.

 

(يتبع)

https://www.youtube.com/watch?v=6M_hqzgjGlE&list=RD6M_hqzgjGlE&start_radio=1

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.