اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (138)- صورة من صور الاحتلال

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 عرض صفحة الكاتب

يوميات حسين الاعظمي (138)

 

صورة من صور الاحتلال

       استلمتُ ادارة معهد الدراسات الموسيقية ببغـداد، في ظروف قاهرة وعصيبة يمر بها بلدنا العزيز العراق. بعد ان تم نقلي من ادارة بيوت المقام العراقي، بالحاح شديد من قبل اخي وصديقي القديم بيرج كيراكوسيان (هامش1)، الذي اصبح مديرا عاما لدائرة الفنون الموسيقية حديثا. وكذلك من قبل السيد الوزير مفيد الجزائري. والفترة الزمنية التي اتحدث عنها الآن كانت ما بعد عام 2000 حتى عام 2005. فعندما حل الاحتلال البغيض لبلدنا العراق. كنت مديرا لبيوت المقام العراقي في بغداد والمحافظات الاخرى منذ سنوات قليلة. فعندما اقيمت اول حكومة بعد الاحتلال (حكومة د. اياد علاوي) كان السيد مفيد الجزائري اول وزير للثقافة فيها، وخلالها استلم السيد بيرج كيراكوسيان ادارة دائرة الفنون الموسيقية عام 2003، وهو من اصدقائي القدماء. الذي رأى ان موقعي في بيوت المقام العراقي يمكن ان يشغله فنان آخر غيري. في حين ان ادارة المعهد تحتاجني بالحاح شديد في ظل هذه الظروف القاهرة ، للمساهمة في نهضته من جديد، بعد ان كان قد تعرض للنهب والسلب والتدمير عشية الاحتلال، من قبل فئة ضالة من المجرمين والمتخلفين الذين حطموا البلد ودمروه شر تدمير. ورغم انني اعتذرت بشدة عن استلام ادارة المعهد لاسباب واقعية نظرا للظروف المعيشة، الا انني رضخت في النهاية بعد ان صدر الامر الوزاري في هذا الشان..! وعليه رشحت اخي وصديقي الفنان موفق عبد الهادي البياتي ليكون مديرا لبيوت المقام العراقي من بعدي.

      استلمت ادارة المعهد وهو خال من كل اثاثه وابوابه وشبابيكه ومقاعد طلبته وغير ذلك من محتوياته الاخرى..!! سوى اشياء بسيطة جدا لاتستحق الذكر..! منها مثلا، عدد قليل من الطاولات والكراسي شبه التالفة..! على كل حال، شمَّرتُ عن ساعديَّ وجمعتُ اخوتي وزملائي الموظفين والمدرسين وبعض الطلبة المتواجدين، وشحذت الهمم رغم كل الظروف غير المعقولة في سلبيتها، للنهضة من جديد، وبدأنا العمل بهمَّة عالية، تدعمنا قدر المستطاع بصورة مباشرة دائرة الفنون الموسيقية ووزارة الثقافة. وقد كان لحداثة فوزي بجائزة الماستر بيس Masterpiecea العالمية من منظمة اليونسكو، بالغ التأثير على مسيرة عملي خلال ادارتي للمعهد التي استمرت اكثر من سنتين بقليل. في العمل على نهضة المعهد واعادته الى الحياة العملية من جديد نسبيا. حيث قمتُ بتذكير وزير الثقافة السيد مفيد الجزائري، والمدير العام لدائرتنا السيد بيرج كيراكوسيان، بأن مضمون بحثي الفائز بجائزة الماستر بيس الذي فزتُ به بالجائزة العالمية، وبه اعلنت الامم المتحدة فوز العراق بهذه الجائزة في باريس يوم 7 تشرين الثاني November عام 2003 . واعتراف الامم المتحدة/ اليونسكو بأن المقام العراقي يمثل كل جغرافية العراق من شماله حتى جنوبه. حيث يتضمن تثبيت للكثير من المواقع الاثارية والبنايات التراثية التي تأثرت بظروف الحروب التي مر بها العراق، فضلا عن الحصار الظالم الذي استمر ثلاثة عشر عاما تقريبا. ابان غزو العراق للكويت عام 1990. وهو ما دوّنته بنفسي في تفصيلات البحث الفائز. وانطلاقا من كون البحث فائزا بالجائزة الاولى. فانه يترتب على المنظمات الانسانية اينما وجدت، انقاذ هذه الاثار والبنايات التراثية من التدمير والخراب ، باعتبارها ممتلكات انسانية. ولعل منظمة اليونسكو اقرب كل المنظمات الانسانية لهذه المسؤولية. وهكذا بادرت وزارة الثقافة العراقية على ضوء ملاحظتي هذه بالاتصال بمنظمة اليونسكو وفاتحتها بتفصيلات الامر مرفقة بكتابها شهادة فوزي بالجائزة..! فجاءنا الجواب بعد فترة قصيرة، بأن رصدت منظمة اليونسكو مبلغ من المال قدره 250000 $ مئتان وخمسون الف دولار امريكي، تم بها اعادة ترميم وصيانة المعهد من جديد خلال فترة ادارتي للمعهد..

 

       الصورتان ادناه تبين، صورة من صور ما خلـَّفه لنا الاحتلال البغيض من تأخر وتدمير وخراب. اذ يظهر فيها الفنان الكبير الاستاذ فؤاد السادن (هامش2) ، مدرس آلة الكمان في المعهد، وهو يلقي محاضرته العملية لاحد الطلبة، وقد وضع ورقة النوتة فوق عدد كثير من الكراسي لتكون في مستوى نظر الطالب، لأن المعهد لم يكن يمتلك بعد التدمير حتى (ستاندStand ) واحد للنوتة ليضع ورقة النوتة عليه..!! ولشعور الاساتذة والطلبة بالمعاناة لمثل هذه الظواهر والصور المحزنة. قمتُ بتصوير الكثير من الظواهر المشابهة، ومنها هذه الظاهرة التي توضحها هاتان الصورتان، وهي حالة من الحالات المشابهة التي تعيشها كل دوائر العراق منذ الاحتلال البغيض حتى يوم الناس هذا..! ولعل السؤال الذي يطرح نفسه..! هو لماذا تركتُ المعهد وقدمتُ استقالتي بعد اكثر من سنتين لادارتي له..؟ والسبب هو استلامي اكثر من تهديد شخصي ينذرني فيه كاتبوه بضرورة استقالتي وتركي للمعهد، وإلا تكون النتائج وخيمة..!!؟ كذلك كانت رؤيتي المستقبلية القادمة للتغيُّـرات الادارية في الوزارة والدائرة والوضع الامني في البلد، هي الاخرى ستكون غير ملائمة للعمل بالنسبة لي. يقابل ذلك استعداد المعهد الوطني للموسيقى في عمـَّان التابع الى مؤسسة الملك حسين (رحمه الله) لضمي الى هيئته التدريسية. هو المكان الذي فضلته ووجدت فيه الامان والراحة التامة حتى يوم الناس هذا. والحمد لله على هذا الحال وعلى كل حال..

 

هامش

هامش1 : توفي بيرج كيراكوسيان في بريفان العاصمة الارمينية عام 2009 عن عمر ناهز 68 عاما .

هامش2 : فؤاد السادن : يقال انه توفي مطلع عام 2013 عن عمر ناهز التسعين عاما

 

 

صورتان / الاستاذ فؤاد السادن مع احد طلبته خلال محاضرته العملية

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.