اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (321)- طريقة الغـنـاء/ جزء2

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

يوميات حسين الاعظمي (321)

 

طريقة الغـنـاء/ جزء2

اما مهمة نقاد الغناسيقى المقامية او النقاد عموما، والكتَّاب والمؤلفين المتخصصين. فلا تنحصر في انتقاء الاخطاء المنفردة غير الموفقة – حسب رأيهم - في غناء أي مغن مقامي وتحطيمها واخجال مغنيها وفنانيها واحراجهم، وربما تجاوز الامر الى اكثر من ذلك، فمن واجب الناقد، او ان الواجب يقتضيه، فهم طابع مستواه الثقافي وتفكيره الفني وثقافة المرحلة التي يعيــشها، أي معرفة جوانب القوة والضعف فيه، ضمن اطار ما يمتلكه من نظام فني خاص، ان اول مبادئ النظرة النقدية للاعمال الفنية تنحصر فيما اعتقد، في فهمنا العميق لرابطة الاسلوب الغنائي والفكرة الفنية مع فهم رؤية الفنان المغني الحياتية ونظرته للمجتمع وما يجسده كل ذلك في عملية ادائه الغنائي للمقامات، عندها نستطيع ان نكوِّن نظرة نقدية جيدة في حق أي مغن نقوم بنقد نتاجاته الغنائية..!

 

ينبغي اذن ان تنطلق الدراسات وتتضمن البحوث والمؤلفات الفنية حول طريقة الغناء على اعتبار ان الطريقة الغنائية انعكاسا للاطلاع والاحتكاك الذي يحدث بين طريقة الاداء وبين المجالات الفكرية، فينبغي دراسة الطريقة الغنائية المقامية وتاريخ غناء وموسيقى المقام العراقي، بين هذه الحقبة او تلك لاسلوب الغناء المقامي الدارج ضمن المدرسة البغدادية مثلا او مدرسة ديالى أو المدرسة الكركوكية او المدرسة الموصلية أو المدرسة الاربيلية أو المدرسة السليمانية باعتبارها مدارس غنائية جماعية المنحى.

 

ان الاسلوب الذاتي للمغني في اعتقادي، يتجلَّى في نظام مزج تفاصيل اسلوبية مختلفة ومتباينة لطريقة الاداء او الطرق المختلفة للغناء المقامي الفني، ويعتمد كل ذلك على ذوق المغني نفسه، فيتكوَّن عندئذ من كل هذا التفاعل. الشكل الذي يتميز به المغني في ادائه، ومن ثم يمكن ان نصِف لغة اسلوبه الادائية بأنها جديدة او هي خاصة بذلك المغني. لا تربطها رابطة واضحة بما يجسده هذا التفاعل. وعلى هذا الاساس، فنحن نكرر القول، ان الكاتب والمؤلف او الناقد المتخصص والفنان الغناسيقي عمليا ونظريا، يستطيع التعبير عن القضية الادائية بعمق وتفصيل، وكذلك يستطيع الفنان العملي مغنيا او عازفا، تحسس وادراك الانتقال من المعنى العام الى الفكرة فالاسلوب. في حين يتوجب على المتخصص النظري ايجاد المعنى العام او رؤيته بواسطة التحليل الدقيق للتفاعل العملي في النتاجات الغنائية ان كان في استطاعته ذلك التحليل..! لأنه ليس جليا، كيف يستطيع الكاتب والمؤلف النظري التحدث عن المعنى العام لقضية الاداء مباشرة دون القيام بتحليل دقيق للتفاعل الاسلوبي الذي يعتبر امتيازا خاصا يتمتع به المتخصص النظري والعملي معاً..!

 

ورغم ذلك تبقى القضية الادائية التي نتحدث عنها، قضية رئيسية بالنسبة للكتَّاب الغناسيقيين والمؤلفين جميعا. فالاسلوب يلعب دورا خطيرا، والمســتمع المرهف الحس يفهم فهما رائعا كل دقائق الطريقة والاسلوب. فالفن والعلم يرميان الى فهم وتوضيح قوة الطريقة الغنائية ومعناها لاجل استنفاذ الكشف التام عن الافكار والمشاعر والنتاجات الفنية جميعا في سبيل تربية حاسة المتلقي وارهافها، واذا لم يتحقق هذا، فإن دراسة الطريقة الادائية والاساليب تبقى دون فائدة تذكر..!

إن الكتابة النظرية عن موضوع حسي وعملي لا بد أن تقـــترن بالمعرفة التطــبيقية. فالقضية مترابطة دائما، فعزل الطريقة الادائية وتجريدها، يقودنا الى نتائج تشوه جوهر القضية الادائية.

 

ثمة مغنون وعازفون وكتَّاب ومؤلفون ونقاد للموسيقى، يخيَّل إليهم ان هناك اسرار أثناء تأدية الاسلوب..! ترفدها عوامل عديدة للاستنباط والابداع. إن مفردة أسرار في الواقع تبدو مجازية..! لأن المغني الحقيقي لايلجأ الى أية أسرار أو طرق من هذا النمط أو الى أية مناورة مزيفة..! فهو يعي الحياة كما يعيشها، ويلتمس الاحتكاك بالجمهور ومعاشرة ممن هم من اختصاصه. إنه ينفعل ويغضب ويفرح ويبكي ويكتب ويغني ويفكر بطريقته الخاصة، حتى نصل الى حقيقة النتاجات الطبيعية، وبالجهود المستمرة ينمِّي موهبتة التي تفيض بالحياة والغنى الروحي، وتتجلَّى قوَّتها ألرئيسة بهما. ولهذا السبب فإن اهتمام وانشغال المغنين من أمثال أحمد الزيدان ورشيد القندرجي ومحمد القبانجي بمضامين طرقهم الغنائية، لا يتجلَّى في خلق تأثيرات معينة. بل في تعميق إهتمامهم بطريقتهم وأفكارها والعمل على كشفها بكامل قوَّتها ليتم الاندماج بين أصالة الذاكرة العفوية وأصالة الذاكرة العقلية الواعية..! لأن ديناميكية النتاج الفني ودراميته في أفكار المغني وبناء طريقته لا يأتي إلا من خلال التفكير، ولاغرو في ذلك، لأن المغني المقامي لايدرس قواعد النتاجات وطريقة أو اسلوب عرضها كما يفعل النحوي مثلا، ولكنه يدرسها بصورة مغايرة تماما، إنه يعيها بفطرته وعقله الواعي وغير الواعي. وعليه يمكن أن نشير الى أن أمثال أحمد الزيدان ورشيد القندرجي ومحمد القبانجي ممن أسسوا طرقا وأساليب غنائية في غناء المقام العراقي، كان من شأنها ان كوَّنت لها أتباعا من المغنين، أسسوا بغنائهم الاسلوب وفق الطريقة الخاصة التي فكروا بها بوعي الفطرة ووعي العقل، ونظروا وفهموا الناس والحياة بموجبها. لقد عاشوا ماقدموا من نتاجات غنائية، وغنوا ما عاشوه، لقد عكسوا واقع الحياة وعبروا عنها بكل صدق وامانة.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

موسيقى من مقام الاوشار لموسيقيين كبار

https://www.youtube.com/watch?v=dLPCljhzo1g

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.