اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (327)- بعضُ المفاهيم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 يوميات حسين الاعظمي (327)

 

بعضُ المفاهيم

       أعطى مفهوم الإبداع في العراق منذ الطريقة الغنائية القبانجية مفهوماً تطورياً جديداً وإن لم يكن واضحاً للتطور الثقافي في الجمال والذوق والفن، نحو الرؤية المستقبلية من خلال مبدعيها بمرور الزمن، والقبانجي ومن جاء بعده من المبدعين، إذ نادراً ما يتحدثون عن الحاضر فقط، حيث نرى تأكيداتهم على إقتران رؤيتهم بتماسك الماضي بالحاضر والمستقبل، وبقدر قدرتهم على الإجابة على مثل هذه التساؤلاتفهم يفعلون ذلك بصورة غير مباشرة، بصورة قائمة على تجسيد أحاسيسهم وإدراكاتهم العفوية والعقلية بقيمة الماضي والحاضر والمستقبل مجتمعين بواسطة نتاجاتهم المقامية.

 

          ومن الملاحظ ان إمكانية محمد القبانجيالتي تجسَّدت في طريقته الغنائية، تكمن في بنائه المحكم لمواد غنائه، وهذه الامكانية ترتبط ايضاً إرتباطاً وثيقاً بحبكته لهذه المواد والعناصر الأُصولية والتقليدية المكونة لشكل المقام العراقي المُغنّى. فهو يعمل على بناء مساراته اللحنية بصورة دقيقة، ومن ثم  يسعى ليعرضَ نتاجاته الغنائية بأُسلوب ذوقي ملائم. فهو ينشد النجاح والتفوق بين معاصريه، وهو يهدف الى تنمية الأساس الحسِّي والتعبيري لطريقته الغنائية التي يبني بها حبكته وصياغته لمكونات المقام المُغَنّى..! والمُهَيْمِنْ على كل ذلك صوته الكبير، صوته القوي، صوته الجميل، الذي يتمتع بإستقرار واضح يكاد أن يخلُ من العيوب تماماً..!

 

  إنَّ ما يجري التعبير عنه هنا قبل كل شىء، تطوُّر للتقليدية أو إخضاعها للنَّزعات الجديدة في التفكير والجمال والذوق وتطوير أعلى لمضمون التعابير المقامية انسجاماً مع تحولات الحقبة، والفنان الناجح يفرض حضوره حتى في أوساط من الناس لاتميل الى تذوق الموسيقى التراثية بصورة عامة، يعتبروا وإن لم يكن ذلك بحق، أن التراث ماض قد إنتهى..! ولا داعي للعودة اليه..!! إلاّ أن الإقرار بالجذور التاريخية لهذا التراث الغناسيقي ومن ثم الإنطلاق منه كقاعدة أساسية لبناء أصالة جديدة تعبـِّر عن حقبتنا، أمرٌ لا بدَّ منه..! أما جعله شيئاً ذا صفة بالية مطلقة وجامدة فذلك شيء مرفوض تماما.

 

      إنَّ علينا أن نعي مدلولات حقبتنا الزمنية ونحاول التعبير عنها من خلال ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وهو أمرٌ صحيح، وإستناداً الى هذا الأساس لا يمكن أن تُبْنى أي موسيقى موضوعية بدون أن تكون لها جذوراً وتراكمات تجريبية، بل هو ضرباً من المستحيل..! فقد تغلـَّب المؤدون المبدعون الذين جاؤوا بعد أُستاذهم القبانجي ممن صوَّروا هذا النمط الصحيح في بناء ألحان غنائهم وموسيقاهم المقامية أمثال حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبدالرحمن العزاوي وزهور حسين وسليمة مراد (1905 – 1974م) وسلطانة يوسف وغيرهم. بأساليب أَدائية مغايرة لأُسلوب أُستاذهم القبانجي. وقد فسَّروا بقوة بنائهم الغناسيقي هذا صحَّة الإعتماد على الجذور الأصيلة لمادتهم الغنائية ومن ثم صياغتهم لأصالة غناسيقية جديدة تعبـِّر عن واقعهم المقامي وروح عصرهم ومستقبلهم والتعبير عن هموم جمهورهم العاطفية. أي أنهم أدركوا الحاضر والمستقبل من الناحية التاريخية وكشفوا عن جميع الكوامن الأَصيلة الخاصة بجذور غنائنا وموسيقانا وقدموها كمادة حية تعتبر جديدة بحق من حيث مضامينها التعبيرية وأشكالها المهذبة.

 

        ولهذا السبب وحده إِذن، من الخطأ تماماً أن يعتبرَ الفنان مبدعاً ومجدداً ما لم يعتمد في نتاجاته الفنية على هذا المفهوم من البناء الفني الغناسيقي لأعماله، بحيث يحتضن كل ما يحيط بمادته الفنية المعاصرة من جذورها حتى آفاقها المستقبلية. وهكذا تأخذ هذه النتاجات الغناسيقية مسارها الصحيح وتصبح وثيقة الروابط فيما بينها، وبالتالي وثيقة الصلة بالحياة المعاصرة.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

كاظم الساهر مقام الخنابات

https://www.youtube.com/watch?v=hfg9zOEwZgE

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.