اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الأعلام العراقي وتفرده في صناعة " القائد الضرورة "

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

كمال يلدو

مقالات اخرى للكاتب

الأعلام العراقي وتفرده في صناعة " القائد الضرورة "

لماذا يتحول عمل الدولة لهبات ومكرمات شخصية !؟

لم يعد خافيا على أحد حجم الخراب الذي تركه النظام البائد على كل مناحي الحياة ، والأهم منها ، على الأنسان العراقي . ولن نغالي حينما نلقي باللائمة على الماكنة الأعلامية والملايين التي صرفها البعث وصدام في شراء الأقلام والصحفيين والأعلاميين والشعراء والأدباء، الذين تحولوا بمرور الوقت الى جيش من المداحين والمزوقين ، تملقا وتزلفا لنزوات " الأب القائد" ، حتى يؤمئ باصبعـه الى احد حماياته ويقول : " اعطوه الف درهم" !!

هكذا كان المشهد البائس ، حينما كان العراقيون يكتوون بالحروب العبثية ، وأرهاب المخابرات ، ومنظمات البعث ، والجيش الشعبي سئ الصيت ، كان " طارق عزيز " و " مالك سيف " و " بيتر يوسف" و "صباح سلمان" وغيرهم من المداحين ، يؤلهون صدام حسين حتى اوصلوه لمنزلة الأنبياء والأولياء . نعم مازالت ذاكرتنا مثقلة بتلك الأيام السوداء . وربما يستذكر البعض ، كيف بدأت رحلة " السيد النائب " نحو الطريق الذي اوصله الى " بطل القادسية " و مجرم " المقابر الجماعية" . كانت اهم رافعة استعملها البعث هي الأعلام ، الذي وصفه احدهم ، بأنه " الفيلق الثامن" ، مكملاً به فيالق العراق العسكرية السبع .

بعد زلزال التاسع من نيسان ، خرج الأعلام من عباءة البعث وسلطة الحزب القائد ، ومن عطايا النظام ، وأنطلق في الفضاء محلقا . فأزدانت اسطح المنازل والبنايات بالأطباق ، ودخلت الفضائيات والكومبيوترات والصحف كل بيت ، وأزدحم أثير العراق بالكم الهائل من ذبذبات التلفزيونات والأذاعات ، ومن كل حدب وصوب . وكان لزاما على ايتام النظام البائد ، وأعلامييه ، ان يلبسوا ثوبا جديدا ليواكبوا التغيير ، حتى وأن تطلب منهم ذلك، شتم الأب القائد وعلى الأثير مباشرة ، وكأن ذاكرة العراقيين التعبة ، قد اصابها داء الألزايمر المزمن!

لا احسد العراقيين الذين تطل عليهم اليوم بعض وجوه الأمس ، وبما تمليه ضرورات المهنة . الا ان الأصعب من ذلك هي العقلية التي ترسخت في اولى دروس الأعلام البعثي ، وأعني به ، البحث عن " البطل " وكيفية ابرازه على المسرح ، بأسرع وأفضل صورة ممكنة ، وبأستعمال كل ما متوفر من مساحيق التجميل . هذه الآلية التي صنعت من اناس جهلة ، قادة عسكريين ، وأبطال ميدانيين ، ومفكرين سياسيين ، لا بل وصل الأمر الى تصويرهم بأنهم الرجال الذين سينقذون الأمة من هزيمتها ، ويوقظوها من سباتها ، ويرفعوها من كبوتها ، وهكذا كانت الشعارات " باجر بالقدس يخطب ابو هيثم " و " صدام اسمك هـز امريكا" ، وغيرها من المرثيات .

أغلب الفضائيات تبحث ، عن القصص المثيرة ، والغريبة ، لأنها تمثل مادة دسمة لحديث الناس ، وبالتالي تزداد شعبيتها ، فيرتفع اجر الأعلان التجاري فيها تبعا لذلك . وقد وجد بعض الأعلاميين ضالتهم في معاناة الناس ، اغلب الناس ، وخاصة شريحة الفقراء والمعدمين والمحرومين ، سكنة الأحياء الشعبية المنسية ، وبيوت الطين ، وأكواخ الحواسم والتجاوز ، قصور الصفيح وبيوت الشعر في قلب العاصمة والمدن العراقية التي مـّر على تحضرها عشرات السنين . وأكثر تلك الحالات اثارة ، هي بعض العوائل المعففة ، والتي ضربها الدهر مـرتين ـ الأولى بالفقر والعوز ، والثانية بالمرض أو الشيخوخة او بالأمراض الخبيثة التي عجز الطب العراقي عن علاجها ، بعد ان فرغت جيوبهم من كل ما جمعوه ووصل الأمر بهم الى طرح معاناتهم على الهواء ،لابل وتوجيه النداء والأستغاثة والترجي الى قمة الهرم ، رئيس الجمهورية ، رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان .

تفضح هذه المناشـــدات حجم الغبن الذي لحق ويلحق بالشرائح الفقيرة ، التي لا حول لها ولا قوة ، وعدم قيام المؤسسات المعنية بواجباتها تجاههم، وتكشف ايضا عن حجم جهل المواطن بحقوقه المنصوص عليها في الدستور ، وعدم محاولته تحدي " الخطأ " الشائع والروتين والفساد الأداري ، والقرب من الأحزاب الحاكمة او المسؤولين الكبار ، ويكشف في الجانب الآخر جهل ( بعض) المؤسسات الأعلامية بدورها التوجيهي في المجتمع ، والأكتفاء بولوج الطرق السهلة و (الرخيصة) في طرح المشاكل ، وأختزالها ب " الترجي" و " عطف" رئيس الوزراء " ابو اسراء" او رئيس الجمهورية " مام جلال" او رئيس البرلمان! دون محاولة توجيه تلك النداءات الوجهة الصحيحة التي تحفظ كرامة المواطن ( وما اكثرهم في العراق الجديد) ، ووفق السياقات الحكومية الصحيحة وعلى اساس حقوق المواطنة المكفولة بالدستور .

لايخامرني ادنى شك ، من ان معظم السياسيين ، والمسؤولين الحكوميين ، يبحثون عن الدعاية المجانية ، خاصة ان كانت موثقة ومنشورة في شبكات التلفزيون والفضائيات الكثيرة ، والتي تتسابق عليها ارضاءا للمسؤول ، ومن ثم يقوم ذات المسؤول بواجبه تجاهها ويرد الجميل لاحقا ، وهكذا تصاغ الأخبار في برامج خاصة ابتكرت لمثل هذه الحملات الدعائية الرخيصة :

" تلبية للنداء الأنساني الذي قدمته عائلة ....... والمنشور في محطتنا ، اوعز السيد ..........بأرسال المريض للعلاج في الخارج وعلى نفقته الخاصة" . طبعا ، من المضحك المبكي ، ان لا توجد ولا حالة واحدة قامت مسؤولة حكومية ، او احدى البرلمانيات او القياديات بمثل هذا العمل ، وبقى ذلك مقتصرا على الذكور من سياسيينا الأشاوس .

هكذا اذن يكتب السيناريو ، مظلمة ، وتلفزيون ، وأيعاز من المسؤول الفلاني ، ثم الحل ، ثم الثمن! تماما على خطى تلفزيون بغداد ونهج حزب البعث وصدام : احدى النساء تشكي لصدام حسين مشكلتها ، ثم يأمر بحلها ، ثم تنتهي التمثيلية بالرقص والهلاهل والهتاف " الله يخللي الريس " .... " الله يطول عمره " ، وهكذا صدق الريس وزبانيته ، وأرتفع رصيدهم ، وأرتفعت معه سقوف ارهابهم وجرائمهم .

ان قيام ( بعض ) وسائل الأعلام العراقية ، بالبحث ، والترويج لمثل هذه الحالات المؤلمة ، والتي تدمع لها العيون ، وتصيب المشاهد بحالة الحزن المطبق لما آل اليه حال العديد من العوائل العراقية ، فيما اجتماعات الأحزاب والوزراء والمسؤولين لا تجري الا وبحضور الورود ، والمياه المعلبة والفواكه والكراسي والأرائك المذهبة والمستوردة من كل اصقاع العالم ، انما تساهم حقا بالتغطية على الأهمال المستشري في مؤسسات الدولة والحكومة ، وأزدراءها بحقوق المواطن ، الذي كان اساس من اتى بهؤلاء المسؤولين الى هذه الكراسي الوفيرة والمذهبة ، وهو اســـلوب رخيص في اعادة انتاج ظاهرة " الأب القائد " و " القائد الضرورة" ، متناسين عن عمد ، او جهل ، بأن مهمة المؤسسات هي خدمة المواطن والأخذ بيده نحو الجهة الرسمية المسؤولة عن ذلك ، حالنا كحال باقي الدول المتحضرة ، التي لا نسمع ابنائها او حتى اللاجئين العراقيين الذين يعيشون فيها ، وهم يوجهون نداءاتهم للرئيس الفلاني او لرئيس الوزراء العلاني .

وأمام كثرة هذه المناشدات ، والمشاهد المؤلمة والحزينة ، ينبري الكثير من ابناء شعبنا مدفوعين بغيرتهم الوطنية ، لتبني هذه الحالات والصرف عليها ، وتذيّل تلك الوقفات الأنسانية عادة بعبارة " فاعل خير " ، ترى لماذا لا يقوم المسؤول المعني بذات الشئ ويكتفي ب " فاعل خير " ان كانت من مصروفه الشخصي ؟ او ان يوعز لمستشاريه ( وما اكثرهم) بملاحقة ومتابعة هذه القضايا وأيصالها للجهات المسؤولة ، والذين يفترض بهم ان يتابعـوا وسائل الأعلام المختلفة للوقوف على مثل هذه الحالات او المناشدات .

ان اســوأ ما يمكن ان تقدمه بعض الفضائيات ، ووسائل الأعلام اليوم ، هي اعادة انتاج الدكتاتورية من حيث ندري او لاندري ، بأضفاء صفات أوجدها المركز الأداري ، والميزانيات التريليونية ، والحاجة الماسة للدعاية الأنتخابية . واتمنى على هذا الأعلام ، لكي يبقى حـرا ومستقلا ومهنيا ، ان ينأى بنفســه عن القبول بـدور المســـّوق " للمسؤول" ، وأن يتم توجيه هذه المطالبات الى الجهات الرسمية المسؤولة ، وأن يجري متابعتها ، بكل صدق وأخلاص وحيادية ، وأن يمتنع الأعلامي عن اتباع الأساليب الرخيصة في عرض مشاكل هذه الشريحة المعدمة ، وأن يكون جادا في فضح حجم الفساد والسرقات ، التي يذهب ضحيتها هؤلاء المساكين . اذ لولا هؤلاء المفسدين ـ لكان العراق وأبناء العراق بأفضل حال ، ولما احتاجت بعض العوائل المثقلة بالمشاكل والأمراض ان تظهر بكل بؤسها وفقرها على شاشات التلفزيون وأمام الملايين ، لتستعرض شكواها بأنتظار رحمة احدهم ، بأنتظار شـــفقة " الأب القائد " ، وعطف "الريس" .

أمثلة للذاكرة : السيد أياد علاوي

* تبرع بما مجموعه (191) مليون دينار ، من رواتبه ومخصصاته الى ذوي ضحايا جسر الأئمة عام 2005 .

* رئيس الوزراء السيد ابراهيم الجعفري يوصي بتعويض أسـر ضحايا جسر الأئمة عام 2005 .

* الرئيس جلال طلباني يوعز بتعويض أسر ضحايا تفجيرات القرى اليزيدية في سنجار عام 2007.

* المالكي يتكفل بعلاج اللاعب كاظم عبود ، والفنان فؤاد سالم ، 2011 .

* السيد نجيرفان بارزاني يتكفل بعلاج طفل يعاني من امراض نفسية 2012 .

* النجيفي يوصـي بمساعدة المشجع الكروي " قدوري " لغرض العلاج ، العام 2012 ...والقائمة تطول وتطول .

آيار 2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.