اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الزيارة الخاوية -//- محمد السهلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

الزيارة الخاوية

محمد السهلي

أجمع المراقبون على أن زيارة أوباما إلى المنطقة لن تحمل جديدا بما يخص ملف التسوية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وعلى الرغم من ذلك، سعت وسائل إعلام عبرية إلى ترويج أفكار قالت إنها قيد التداول في سياق الزيارة وإن من شأن هذه الأفكار أن تحرك المياه الراكدة بعد توقف المفاوضات نتيجة إصرار تل أبيب على الاستمرار بتوسيع الاستيطان في جميع أنحاء الضفة الفلسطينية، بما فيها القدس.

ومع أن البيت الأبيض خفَّض قبيل الزيارة من سقف توقعات بنتائجها على جبهة التسوية، إلا أن الأوساط المحيطة بالرئيس الأميركي أوباما لم تقطع مع إمكانية حصول تقدم في هذا المجال إذا وافق الجانبان على الأفكار التي يتم الترويج لها عبر الإعلام العبري.

فهل بدأت إدارة أوباما في ولايتها الثانية تفكر جديا في تقديم مبادرة تختلف عما كان عليه الأمر في السنوات السابقة أم أن إشغال الجانب الفلسطيني بهموم التسوية غير الناضجة هو ما تفكر فيه فعلا هذه الإدارة كي تتفرغ تماما للملفات الدولية والإقليمية ذات الصدارة في اهتماماتها؟

كانت الإدارة الأميركية قد «افتتحت» ولايتها الثانية «فلسطينيا» بإحالة ملف التسوية إلى وزارة الخارجية، وتحدثت عن تفويض الرئيس الأميركي وزير خارجيته جون كيري بمتابعة هذا الملف، دون أن يكلف الرئيس نفسه عناء التدخل بين الحين والآخر كما كان يفعل في ولايته الأولى في سياق جهده لتجديدها في الانتخابات القادمة.. وهو ماحصل.

ومع تخفيض مستوى الاهتمام الرسمي الأميركي بملف التسوية بدأت اللغة السياسية لوزارة الخارجية تتحدث عن إحياء سيناريوهات قديمة وردت في إطار تداول مبادرات سابقة من بينها المبادرة العربية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وثبتتها القمة العربية في بيروت العام 2002. لكن هذه الخطة كما يبدو ستكون خاضعة قبل «إحيائها» لتعديلات تتطلب بحسب الإعلام العبري مرونة من الجانب الفلسطيني كي يتفاعل معها.

فمثلا عند التفاوض على مبدأ العودة إلى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، ينبغي على الجانب الفلسطيني أن يتفهم حاجات ومتطلبات إسرائيل في مسائل عدة من بينها عدم موافقة تل أبيب على المس بمستقبل الاستيطان والنزول عند رغبتها في ضم الكتل الاستيطانية الكبرى مقابل الخوض في بازار نسب تبادل الأراضي، وبالتالي فإن العودة إلى الحدود المذكورة أصبحت عنوانا دون تفاصيل تخدم تحقيقها.

والمرونة الفلسطينية المطلوبة متوزعة على مجمل القضايا الأساسية في الصراع وفي مقدمتها إيجاد حل «مناسب» لقضية اللاجئين على أن يكون هذا الحل بعيدا عن تطبيق القرار الدولي 194 الذي يتحدث عن وجوب السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طرودا منها؛ وكذلك الأمر في موضوعة القدس التي تصر حكومة نتنياهو على جعلها مدينة موحدة وعاصمة أبدية لإسرائيل.

وفي سياق تداول هذه الأفكار تطلب واشنطن من دول عربية عدة أن تكون حاضنة لما يتم تداوله على أساس أن ما يتم الحديث عن تحريكه على جبهة التسوية إنما هو المبادرة التي أجمع العرب حولها في قمة بيروت. وهذا يعني أن لجنة المبادرة العربية التي غاب دورها منذ سنوات ستكون مجالا أوليا لبحث هذه الأفكار. ولكن في هذه المرة في ظل تواري اللجنة الرباعية الدولية التي باتت مواقف بعض أطرافها لا تنسجم تماما مع ما تريده واشنطن المنحازة أساسا إلى الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، ومؤخرا تراجعت حتى عن موقفها السابق من مسألة توسيع الاستيطان.

وفيما تريد واشنطن مرونة فلسطينية لتفهم احتياجات إسرائيل، تريد أيضا مقابلا عربيا لمجرد موافقة إسرائيل على الخوض في إمكانية «إنعاش» عملية التسوية، وتبدأ واشنطن منذ الآن الحديث عن ضرورة فتح الأجواء العربية أمام طائرات شركة «العال» الإسرائيلية، وتنشيط مكاتب الاتصال الإسرائيلية بأشكالها الاقتصادية وغيرها في عدد من العواصم العربية.

كل ما يتم تداوله من أفكار ينتفي مع تفهم وزير الخارجية الأميركية الجديد كيري لمواقف نتنياهو من عملية التسوية، حيث يرفض الأخير الخوض في تسوية دائمة ويفضل الوصول إلى تسويات انتقالية.

والهدف من هذا واضح، إذ يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي إشغال الجانب الفلسطيني في جدول أعمال المفاوضات وآلياتها وتوالي القضايا الأساسية التي ينبغي نقاشها في الوقت الذي يعمل فيها وحكومته على تحقيق «الحلم الاستيطاني» ومنع أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة؛ وربما لهذا السبب احتفط هو بوزارة الخارجية لنفسه حتى لا تخرج تسيبي ليفني عن الإيقاع الذي يريده في مسار العمل السياسي لجهة التسوية هذا إن تحرك أصلا هذا المسار.

ونتنياهو يعرف تماما أن الملف الإيراني سيكون مقايضة مؤقتة، بين تل أبيب وواشنطن إلى حين تقدم المشروع الإسرائيلي التوسعي أكثر فأكثر، ومن ثم يبدأ مجددا في قرع طبول الحرب على طهران تمهيدا لاستدراج عروض أميركية جديدة على صعيد تسليح إسرائيل وتزويدها بالأسلحة النوعية تحت عنوان مواجهة «الخطر الإيراني».

من الواضح أن الرئيس الأميركي هو من يريد إخراج العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية من تداعيات التجاذبات التي حصلت بين الجانبين على خلفية الاستيطان وتصريحات الرئيس الأميركي السابقة التي دعت إلى تجميده.

جميع المؤشرات تدل على أن زيارة الرئيس الأميركي لا تحمل جديد للفلسطينيين وهو الأمر الذي يفترض بالحالة الفلسطينية أن تعمل على أساسه وتلتفت إلى معالجة أوضاعها وحل أزماتها بدءا من إنهاء الانقسام وصولا إلى بلورة البرنامج الوطني الموحد الذي يكفل تعزيز قدرة الشعب الفلسطيني وحركته السياسية على مواجهة السياسية التوسعية الإسرائيلية.. ومن غير ذلك سيواصل نتنياهو السير باتجاه تحقيق «حلمه الاستيطاني» على أنقاض حقوقنا الوطنية.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.