اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

خارطة طريق أولية للحكومة الجديدة -//- محمد السهلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

خارطة طريق أولية للحكومة الجديدة

محمد السهلي

ينبغي تبني سياسات إقتصادية - إجتماعية تقوم على مبدأ العدالة الإجتماعية لكل فئات الشعب، خاصة في ظل الإحتلال.

مع استقالة فياض وحكومته، تتسلط الأضواء مجددا ليس فقط حول ماهية الحكومة «الجديدة» وتشكيلتها المفترضة، بل وبالأساس حول الأولويات التي ستضعها هذه الحكومة على رأس جدول أعمالها.

وعلى اعتبار أن الانتقادات التي وجهت سياسيا وشعبيا للحكومة المستقبلية قد صبت بالأساس على سياساتها الخاطئة تجاه المسألة الاقتصادية ـ الاجتماعية، فإن أبرز ما يمكن أن يطرح على بساط البحث يتعلق بالاستراتيجية الاقتصادية كما السياسية التي ينبغي أن تتبعها الحكومة الجديدة تلافيا لما حصل من تداعيات كارثية على حياة المواطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومن موقع الاختصاص والتركيز المهني، رأينا أن نشير باختصار إلى أبرز الاقتراحات التي سبق أن تقدمت بها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في هذا الخصوص، وتبلورت هذه الاقتراحات في إحدى الوثائق الأساسية الصادرة عن مؤتمرها الوطني العام السادس.

فقد كشفت المظاهرات والاحتجاجات، التي عمّت مختلف مناطق الضفة الفلسطينية في أيلول (سبتمبر) 2012 حقائق لم تكن تخفى على أحد وطرحت على جدول أعمال الهيئات والمؤسسات الرسمية والأهلية الفلسطينية، سواء في م.ت.ف أم في السلطة الفلسطينية جملة من التحديات والأسئلة، التي لم يعد ممكنا تأجيل الإجابة عليها.

تفجرت هذه الاحتجاجات والمظاهرات على خلفية ارتفاع أسعار مشتقات النفط وعدد من السلع الأساسية، التي لا غنى للمواطن العادي عنها في حياته اليومية، غير أن تلك المظاهرات والاحتجاجات كانت في الوقت نفسه تؤشر على عوامل احتقان أخرى كانت تتفاعل منذ فترة ليست بالقصيرة في المجتمع السياسي والمدني الفلسطيني كانسداد آفاق العملية السياسية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وآفاق إنجاز الوحدة الوطنية واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني.

وعلى المستوى السياسي أصبح واضحا أن التسوية السياسية المتعثرة أصلاً، قد تجمدت بعد أن صعد إلى الحكم في إسرائيل ائتلاف يميني، هو الأكثر تطرفا في جميع حكومات إسرائيل، وتشكلت قاعدة هذا اليمين الإسرائيلي من أحزاب يمينية وحريدية، هي الأكثر عداء وعدوانية في التعامل مع الفلسطينيين ومع حقوقهم الوطنية والسياسية والاجتماعية بالتحديد. وأحكم هذا اليمين سيطرته على الحكم.

فبقدر ما وجهت جماهير هذه الاحتجاجات والمظاهرات غضبها ضد ارتفاع الأسعار والسياسة الاجتماعية – الاقتصادية، للحكومة، فقد وجهت غضبها كذلك ضد الاتفاقيات الموقعة بدءا باتفاقيات أوسلو وانتهاء ببروتوكول باريس الاقتصادي وطالبت بوقف العمل بها وبإلغائها. فقد وجد الرأي العام الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في الضفة، نفسه أمام تدهور متواصل في مستويات المعيشة بفعل سياسة الاحتلال من ناحية وسياسة الحكومة من ناحية أخرى، وهي حكومة كانت تسير على غير هدى وتدور في حلقه مفرغة من التقليد الأعمى «للحكم الرشيد»  فيه الكثير من التقليد المشوه لسياسة اللحاق بعولمة ليبرالية جديدة، حكومة توهم الرأي العام بـ «موعد قريب مع الحرية» ومع بناء مؤسسات دولة.

وانكشف عن مأزق السلطة وعجزها وعدم قدرتها على توفير متطلبات الحياة الكريمة للمواطنين تحت الاحتلال، هذا المأزق، الذي عرّى أوهام الازدهار والنمو الاقتصادي وأوهام وسراب الترويج لـ «موعد مع الحرية» وبناء مؤسسات دولة في ظل الاحتلال.

لقد فتحت الحكومة على امتداد الأعوام الثلاثة الماضية شهية المواطن على وضع معيشي أفضل بشكل عام، ووضع معيشي أفضل من الوضع المعيشي الصعب في قطاع غزة بشكل خاص، ليصحو الرأي العام على وضع معيشي يتدهور دون توقف، بفعل ارتهان الاقتصاد الفلسطيني لقيود اتفاقيات أوسلو وقيود مساعدات الدول المانحة، ودخوله في تباطؤ اقتصادي فاقمته تدابير التقشف العرجاء وزيادة الضرائب على نحو غير متوازن، وهي تدابير مستوحاة من توجيهات البنك الدولي بإلقاء أعباء ومسؤوليات التنمية على قطاع خاص يعمل في دائرة ضيقة دون حد أدنى من إجراءات الحماية.

إن إجراء إصلاح ديمقراطي شامل في النظام السياسي الفلسطيني هو ضرورة سياسية لإقامة نظام يرتقي في بنيته وآلياته وأهدافه إلى تجسيد المشروع الوطني الفلسطيني، وكذلك تبني سياسات اقتصادية ـ اجتماعية تقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية لكل فئات الشعب، خاصة في ظل الاحتلال. وترتبط هذه الخطة الاقتصادية ـ الاجتماعية بآلياتها وأهدافها ارتباطا وثيقا بمتطلبات النضال الوطني التحرري والهادف إلى الخلاص من الاحتلال والاستيطان، ونيل الاستقلال والسيادة. هدفها الرئيس توفير مقومات الصمود للمجتمع في معركة الاستقلال الوطني.

وكي تصبح  هذه الخطة قابلة للتنفيذ لابد أن تكون حصيلة توافق وطني شامل يقوم على أساس المشاركة الفاعلة في صوغ أهدافها وآلياتها من قبل القوى السياسية والاجتماعية المؤثرة (أحزاب ونقابات ومؤسسات ومنظمات شبابية ونسائية وأكاديمية وأهلية..).

ولابد أن تضمن الخطة لها تطبيقا خلاقاً ، لمبدأ التكامل بين السياسات الاقتصادية والسياسات الاجتماعية. فأهداف التنمية الاجتماعية لا يمكن تحقيقها على نحو مستدام بدون الموارد التي يؤمنها النمو الاقتصادي. والنمو الاقتصادي يصبح بلا مغزى ما لم يهدف إلى الارتقاء بمستوى حياة المواطنين في مختلف المجالات.

والأهم فيما سبق أن يأتي في سياق تطبيق إستراتيجية وسياسات اقتصادية اجتماعية بديلة، أن تؤخذ بعين الاعتبار الحقائق التالية:

■ إن سياسة الدمج والإلحاق الاقتصادي التي انتهجتها سلطات الاحتلال منذ حلوله في العام 1967 ألحقت دماراً شاملاً ببنية الاقتصاد الوطني ومزقتها إلى أشلاء ترتبط بوشائح عميقة من التبعية مع الاقتصاد الإسرائيلي.

بعين الاعتبار الشروط الموضوعية والخصائص الفريدة التي يتميز بها الوضع الفلسطيني وتسعى إلى توفير مناعة المجتمع إزاء التحديات الناجمة عن استمرار الاحتلال ومواجهة سياساته.

■ ما نحن بصدده هو تحديد السياسات المطلوبة لتعزيز صمود المجتمع في ظل الوضع القائم بما يفرضه من قيود ومعيقات، وفي سياق استمرار النضال من أجل التحرر والاستقلال. ولكي تكون هذه السياسة واقعية فإن عليها أن تنطلق من حقائق الوضع الراهن، وتسعى في الوقت نفسه إلى توفير المقومات والشروط لتغييرها وتجاوزها.

إن التحرر من قيود الاتفاقيات المجحفة، بما في ذلك بروتوكول باريس الاقتصادي سيء الصيت، بل والخلاص من ممارسات الاحتلال المدمرة للاقتصاد الوطني وتعزيز صمود المجتمع الفلسطيني لمواجهة تحديات المجابهة المتواصلة مع الاحتلال واستمرار النضال من أجل التحرر الوطني.

■ إن التفاقم المضطرد للاعتماد عل العون الخارجي وعلى المساعدات المالية من الدول المانحة. وقد لعبت السياسات الحكومية دورا مهما في إحداث زيادات كثيرة في الإنفاق العام القائمة على افتراض أن هذا سيساعد على حفز الاستثمار الخاص وبالتالي النمو الاقتصادي، ما جعل السياسات المالية إلى حد كبير رهينة العون الخارجي. وهو ما بات يتطلب تغييرا جوهريا في هذه السياسات يجعل من التقليص التدريجي للاعتماد على العون الخارجي أولوية بارزة من أولويات الخطة الاقتصادية ـ الاجتماعية في الإستراتيجية البديلة.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.