اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• حسن سريع وملحمة الانتفاضة ونهار القمع الوحشي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

نبيل عبد الأمير الربيعي

مقالات اخرى للكاتب

حسن سريع وملحمة الانتفاضة ونهار القمع الوحشي

بدعم من القوى المعادية لثورة 14 تموز 1958 نجح حزب البعث الفاشي، مع حلفائه من القوى الرجعية، والمخابرات المصرية والاستخبارات الأمريكية، وشركات النفط، ورجالات الإقطاع في العراق ، في 8 شباط الأسود من عام 1963 ، في إسقاط النظام الوطني الجمهوري ، على الرغم من المقاومة الباسلة التي أبداها الشارع الوطني، و الجماهير التي لم تحصل على السلاح للدفاع عن وجودها، وعن المكتسبات التي حققتها الثورة لهذه الجماهير، فقد قام الانقلابيون بإراقة دماء الوطنيين وتصفية قادة الثورة من الضباط وقادة الحزب الشيوعي العراقي، فما كان من بعض أعضاء الحزب الشيوعي العراقي ممن لم يتم اعتقالهم إلا ان يتحركوا وينتفضوا في ملحمة بطولية يوم الثالث من تموز عام1963 ضد قادة الانقلاب، وكان لنائب العريف حسن سريع الدور الأبرز في هذه الملحمة.

حسن سريع ذلك الفتى الذي لم يتجاوز من العمر الخامسة والعشرين، نحيف البنية وذو بشرة سمراء وعينين صغيرتين، لكنهُ كان يمتلك قوة الشخصية وقابلية الحوار والصدق في التعامل مع الآخرين، ولد في بداية الأربعينيات من القرن الماضي في قضاء عين تمر التابع لمدينة كربلاء ومن أصول عشائرية تعود لبني حجيم من مدينة السماوة المشهود لها بالمواقف الوطنية، وبسبب فقر العائلة، فقد أكمل الدراسة الابتدائية في قضاء ( شثاثة ) وتطوع في الجيش، فانضم إلى مدرسة (قطع المعادن المهنية) في معسكر الرشيد، وبسبب قابلياته الذهنية العالية تم اختياره معلما في نفس المدرسة برتبة نائب عريف، فيما دفعه حبه للدراسة إلى الالتحاق بالثانوية المسائية.

ملحمة حسن سريع

وانتفاضة 3 تموز عام1963

بعد أن رزح العراق تحت نير الطغاة الانقلابيين، وما قاموا به من قمع همجي للشيوعيين وأصدقائهم وقادة ثورة تموز، انتفض نائب العريف حسن سريع ورفاقه الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والسادسة والعشرين .. وكان عددهم يقدر بحوالي الألفين (1)

وقد ذكر عزيز سباهي في كتابه "عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي" قائلا:

"ان كادراً حزبياً عمالياً يدعى إبراهيم محمد علي، كان يعمل في إطار اللجنة المحلية للمشاريع العمالية الصغرى التابعة إلى منطقة بغداد، هو الذي بدأ هذا النشاط وقادهُ.. وكان من بين الذين انخرطوا فيه، محمد حبيب (أبو سلام) وهو عامل في مقهى، وكان يقود لجنة قاعدية.. وقد عرف التنظيم بـ (اللجنة الثورية)، (2)، ولكن وقوع قائد المجموعة إبراهيم محمد علي في قبضة الحرس القومي، حيث واجه التعذيب حتى لفظ أنفاسه دون أن يفشي سراً، فخلفه في قيادة التنظيم محمد حبيب (أبو سلام)، وبدأ حسن سريع مع محمد حبيب بالتهيئة لانطلاق الانتفاضة وكان تنظيمهم ينوي إطلاق سراح المعتقلين في سجن رقم واحد في معسكر الرشيد والمقدر عددهم بأكثر من 1300 ضابط من مختلف الرتب والأصناف ومجموعة كبيرة من الطيارين والأطباء وتؤكد بعض المصادر إن عدد السجناء كان يقدر بـحوالي 1150 وكان حسن سريع "عنصراً فاعلاً في التحضير وتنفيذ الانتفاضة، فهو الذي هيأ المكان لاختباء المنفذين في وحدته" (3)، وتم الاتفاق على ساعة الصفر في الخامس من تموز 1963، ولكن هذا الموعد قدم إلى يوم الثالث من تموز لأسباب عدة منها التخوف من اكتشاف أمر التنظيم بسبب إلقاء القبض على عريفين من قادته، وخشية أن يبوحا تحت التعذيب بخطط الحركة، سارع قادة الحركة إلى تنفيذ خطتهم، وقد تمكنت هذه المجموعة في الاجتماع الأخير في الساعة الثانية عشرة والنصف من ليلة الانتفاضة في أحد أكواخ كمب سارة حيث تم توزيع المهام وتحديد ساعة الصفر، من أداء اليمين، حيث أقسم حسن سريع وأعضاء حركته: "نقسم بتربة هذا الوطن أن نحررهُ من رجس المجرمين"، وتحت جنح الظلام تحرك الثائر حسن سريع ومجموعته من جنود وضباط صف المدرسة المهنية العسكرية ومن المدنيين الذين وزعت عليهم أدوارهم والملابس العسكرية، كما حمل البعض رتب الضباط منطلقين باتجاه كتيبة الهندسة، وقد سيطروا على باب نظام المعسكر والحرس المتواجد فيها، ثم على كتيبة الهندسة، وعلى أغلب أقسام معسكر الرشيد، والتي كانت تضم أعدادا كبيرة من الدبابات والمدرعات والطائرات، و تمكن حسن سريع من "اعتقال ضابط الخفر وكسر مشجب السلاح ووزع السلاح على المنتفضين، وهو الذي أطلق الرصاصة الأولى لبدء الانتفاضة، وكان الموجه الرئيس لها" (4)، فكان أول المطلوب هو القيام بإعتقال قادة الانقلاب بعد استدراجهم إلى المعسكر، وقد تم ذلك ومنهم:

(طالب شبيب)، (وزير الخارجية)، حازم جواد (وزير شؤون رئاسة الجمهورية)، منذر الونداوي (القائد العام للحرس القومي)، كما تم اعتقال عدد من الضباط الموالين لسلطة الانقلاب البعثي داخل المعسكر، الذين رفض الثائر حسن سريع تصفيتهم، وإنما طلب بعد نجاح الحركة تقديمهم إلى محكمة عادلة تحاكمهم على الجرائم التي اقترفوها بحق الوطنيين من أبناء الشعب وقادة ثورة تموز. وكان من أقواله المأثورة: "لا تقتلوا الأسرى سنقدمهم للمحكمة"، بهذه العملية تحقق الهدف الأول من حركة حسن سريع، أما الهدف الثاني فكان السيطرة على معسكر الرشيد وإطلاق سراح السجناء الضباط من سجن رقم واحد، فيما تمت تهيئة الطائرات بالعتاد من قبل من أُنُيطت بهم هذه المهمة للسيطرة على بغداد وإسقاط حكم الانقلابيين، عند الهجوم من قبل مجموعة حسن سريع على السجن رقم واحد، اصطدموا بدفاع حراس السجن وآمرهم النقيب حازم الصباغ (الأحمر) المستميت، مما أخر إطلاق سراح الضباط وساعد ذلك في منح الفرصة للسلطة لإحباط المحاولة، حيث أدى ذلك في النهاية إلى انكشاف المحاولة وإحباط الانتفاضة بعد حين، إذ سرعان ما تدفقت دبابات النظام، واقتحمت المكان، وطوقت معسكر الرشيد بكامله، ثم هرع بعد أكثر من ساعة قادة الانقلاب برمتهم نحو المعسكر، بمن فيهم احمد حسن البكر وعبد السلام عارف، ودوى إطلاق الرصاص، فسقط عدد كبير من الجنود والضباط، وتم إلقاء القبض على الثوار ومطاردة الفارين منهم، ثم تلا هذه الإجراءات تشكيل محكمة عسكرية صورية خاصة، أصدرت أحكاماً بالموت في غضون يومين على أكثر من ثلاثمائة من اؤولئك المناضلين الثائرين.

لقد نجح إنقلابيو السلطة في إجهاض الانتفاضة واعتقال ما تبقى من المجموعة، ونقلوهم إلى مقر هيئة التحقيق التي كانت تضم ناظم كزار وعمار علوش وخالد طبرة، وأحيل قائد الحركة حسن سريع ومجموعته إلى المجلس العرفي العسكري، وتم الحكم عليهم بالإعدام.

محاكمة حسن سريع

ومجموعته الثائرة:

في المحكمة الصورية التي شكلها قادة الانقلاب سأل رئيس المجلس العرفي العسكري حسن سريع:

كيف سمحت لنفسك بوضع رتبة ملازم أول ولبعض المنتفضين كذلك؟

وضعت أقل رتبة ضابط في الجيش العراقي، وكنت سأنتزعها بعد نجاح الانتفاضة.

كيف تتقلد رتبة ملازم أول وأنت نائب عريف؟

كيف يتقلد العقيد عبد السلام عارف رتبة مشير برمشة عين وهو عقيد؟

هل تريد أن تصير رئيس جمهورية ؟ (5)

ما أردت أن أصير رئيس جمهورية أو ضابط كبير في الجيش، إنما أردت أن أسقطّ حكومتكم..

وأعلن حسن سريع تحمل مسؤولية الانتفاضة كاملة بقوله: "أنا المسؤول عن الثورة، وقد أرغمت الآخرين على حمل السلاح، إنهم أبرياء".

كما يؤكد أحد أعضاء الحركة (نعيم الزهيري )في مقال له: "كان الشهيد حسن سريع لا ينام ويردد قائلاً: وراءنا نوم طويل !! كانت ثقة حسن بالحزب بلا حدود وكان يقول.. ستكبر ابنتي وترفع علم الثورة".

وندم حسن سريع لعدم تصفية قادة الانقلاب، و يذكر نعيم الزهيري "إن حسن سريع كان يردد ونحن في السجن: والله لو قتلناهم أو قتلنا رؤوسهم لكان على الأقل خلصنا الناس من بعض الرؤوس القذرة!! ثم عقب حسن سريع على تخاذل حرس باب النظام الشمالي: "الأفندية بدلاً من أن يعتقلوا المجرم عبد السلام وقد جاء برجله ووقع بين أيديهم، يأخذ جليل الخرنوب سلام الأمراء لهُ، وبذلك ارتبك الجنود، فالثورة ضد منّ إذا كنا نأخذ سلام الأمراء لرئيس الجمهورية؟ لقد رأيت راضي شلتاغ وخلف حسين هنالك في التحقيق وبصقت بوجهيهما".

بعد أكثر من أسبوع نقل حسن سريع إلى السجن العسكري رقم واحد مع مجموعة كبيرة من ثوار المعسكر إلى أن اعدم مع رفاقه في فجر يوم 31 تموز 1963 وهو يردد: السجن لي مرتبة والقيد لي خلخال.... والـمشنقـة يا فهد مرجوحة الأبطال

اعدم حسن سريع مع 30 من رفاقه (في الوجبة الأولى) رمياً بالرصاص. مناضلون من العراق كله

اخيرا لابد من القول ان اؤلئك الأبطال كانوا من جميع القوميات والطوائف العراقية، وقد مثلوا الفسيفساء العراقي، فمن بابل كان العريف جليل خرنوب، ومن السليمانية زين الدين سيد أمين، ومن الموصل العريف حسيب، ومن باب الشيخ في بغداد عامل الخياطة حافظ لفتة، ومن أربيل إبراهيم محمد علي الذي لم يعترف على رفاقه قبل الحركة حتى نال الشهادة تحت التعذيب، ومن الفرات الأوسط جبار شنافية، ومن عبن كاوه العريف جمعة شيشة وصباح إيليا، ومن ديالى العريف طه الجبوري وغيرهم المئات من الأبطال الآخرين ومن الوجوه المشرقة المتطلعة الى وطن حر وشعب سعيد.

المصادر

ــــــــــــــــــ

1- عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي-عزيز سباهي ج2 ص573)

2- قطار العمر –حكمت محمد فرحان ص229

3- سيرة ثائر – حامد مصطفى مقصود ص472

4- سيرة ثائر – حامد مصطفى مقصود ص472

5- ذكرياتي عن انتفاضة معسكر الرشيد الخالدة – نعيم الزهيري – موقع الناس

ــــــ

أسماء بعض المشاركين في الانتفاضة

جاسم الفرطوسي، كاظم فوزي، حافظ لفتة الخياط، محمد حبيب، محمود القيسي، محمود طلال، النقابي العمالي إبراهيم محمد علي من الموصل، فاضل شعوب، وعريان السيد خلف، حمدان هاشم مهاوي المحمداوي (أبو ثائر)، (هؤلاء لعبوا دوراً بارزاً وملحوظاً باستخدام قناني المولوتوف)، وجاسم جبر عزيز وصباح الصافي وعزيز محمود الچلبي وكاظم زراك، ولعيبي بطل، ومن الموصل حميد عبد الرضا

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.