اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ذكريات التنوير والمكابدة.... المربي والمناضل علي محمد الشبيبي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

نبيل عبد الأمير الربيعي

ذكريات التنوير والمكابدة.... المربي والمناضل علي محمد الشبيبي

المربي والمناضل (علي محمد الشبيبي) شقيق شهيد الحزب الشيوعي العراقي والحركة الوطنية وعضو المكتب السياسي (حسين محمد الشبيبي- صارم) سليليّ الأسرة الدينية والوطنية المعروفة نجفياً وعراقياً , فهو معمم كما يفترض , ملتزم بطقوس رجال الدين , لكنهُ اختار الطريق الوعر المحفوف بالمخاطر , فدخل تأريخ النضال الوطني بجواز الفكر الماركسي.

صدر عن دار تموز للطباعة والنشر في دمشق كتاب ( ذكريات التنوير والمكابدة) للمربي والمناضل علي محمد الشبيبي الطبعة الأولى 2012 , إذ احتوى على (597) صفحة من الحجم الكبير , وقد صمم غلاف الكتاب الفنان التشكيلي (فيصل لعيبي) , كما كتب مقدمة الكتاب البروفسور ( عبد الإله الصائغ) مدير موسوعة الصائغ الثقافية , وقد جمع وحقق الكتاب ولدهُ (محمد علي محمد الشبيبي)

ولد المربي والمناضل (علي محمد الشبيبي) لعائلة دينية في مدينة النجف عام 1913 , حيث تعلم حروف العربية الأولى على يد امرأة يطلق عليها ( الملّة) , ثم دخل المدرسة الابتدائية في مدينة الناصرية حيث انتقل والدهُ إليها من مدينة النجف, فقد وصفها الشبيبي بمذكراته " ذلك التاريخ المتلبس بالطقوس العثمانية ", لعائلة الشبيبي الدور في مقارعة ومكابدة التخلف والاستعمار, وكان لأبنائها الدور في المشاركة في ثورة العشرين , إذ ألقيت قصائدهم في تلك الثورة لتحريض أبنائها على نيل حقوقهم واستقلال بلادهم , فقد كانوا شعراء الثورة وخطبائها , لكن مدينة النجف التي أنجبت العلماء والأدباء والمناضلين تستحق أن تكون عاصمة عالمية للثقافة عام 2012 وهي الجديرة بذلك , مدينة النجف أيام زمان كانوا الشيوعيون فيها يحضرون مجالس تعزية سيد الشهداء الحسين(ع) , ويشاركوا في العزاء , كانت قصائد التعزية يكتبها الشهيد(حسن عوينة) , فكانوا يحترمون خصوصيات هذه المدينة , ومنهم المربي (علي محمد الشبيبي) , الذي

شاء أن ينتقل من زي العمّة إلى زي الأفندي ,فيذكر المربي الراحل في مذكراته عندما تم يعينه عام 1934 معلماً في قرية (أم البط) التابعة لسوق شعلان في المشخاب , فكان للراحل( الدور في بث الفكر الماركسي التقدمي بين المقربين منهُ), إذ كان رمزاً راقٍ ومربٍ وطني سامق , ومؤرخ فطري ثبت , كانت مجالس النجف تشيد بسيرته وكان شعره متداولاً , (زد على ذلك ثلاث ثقافات قد حصل عليها المربي : ثقافة نجفية دينية بحتة , وثقافة لبرالية مصرية لبنانية عامة , وثقافة ماركسية متصلة جادة ),هذه من كلمات البروفسور عبد الإله الصائغ بحق الراحل علي محمد الشبيبي أدرجها في مقدمة الكتاب .

يعتبر بيت الشيخ محمد الشبيبي والد الشهيد (صارم)أحد أبرز بيوتات النجف مجداً ووجاهة , فهو بيت سطح وتألق من خلال كوكبة علماء الدين التنويريين والمناضلين الأشداء والشهداء الأفذاذ , فقد انتخب الشيخ محمد الشبيبي عضواً في مجلس السلم العراقي أبان الحكم الملكي , وكان منبرهُ الحسيني الذي يُنصب في شارع الخورنق , لا تجد مكاناً للجلوس فيه لكثرة الحضور , إذ كان تعليقهُ عن طغات العراق بقوله ( لا بدَ لهم من فتيان أن يزلزلوا الأرض تحت أقدامهم, وتدفع الأذى عن الفقراء والكادحين) , فما كان من ولدهُ حسين محمد الشبيبي (صارم) إلا أن بدأ الخطوة الأولى , غير هياب ولا وجل , فطالهُ حبل المشنقة مع رفيقيه في النضال مؤسس الحزب الشيوعي العراقي الرفيق الخالد(فهد) وزكي بسيم ( حازم) عضو المكتب السياسي للحزب, لكن بقى اللصوص والقتلة والسفلة يغيرون وجوههم وأقنعتهم وخطاباتهم في كل عصر , طبقاً لمنافعهم الشخصية , لكن نقول سيظهر لهم ألف ثائر وثائر يبددوا حياتهم في ليل مظلم من قبل أبناء شعبنا الأبي , ليقودوا المعدمين والفقراء حتى يطالوا الحكام الجائرين وسارقي قوتهم والمال العام.

الكتاب عبارة عن مذكرات للمربي الراحل علي محمد الشبيبي , فقد نشرت سابقاً على موقعي الحوار المتمدن وموقع الناس , على شكل حلقات بعنوان ( ذكريات معلم) وهي أوراق لمربي ومناضل خلال حياته النضالية في صفوف الحزب الشيوعي العراقي والتعليمية في مدارس جنوب العراق ,فقد قسم الكتاب إلى أربعة أقسام , يبدأ القسم الأول , أول دخول علي محمد الشبيبي سلك التعليم عام 1934 ,كان أسلوب كتابة المذكرات شيقاً لذكر العادات الاجتماعية وطبيعة العلاقات بين أبناء المحلة والأصدقاء والشخصيات السياسية المتنفذة, فيذكر محمد علي محمد الشبيبي إن والدهُ كان معلمهُ الأول في الدراسة الابتدائية وزميلهُ ورفيقهُ في السجون والمعتقلات , إذ سجن سويتاً في سجن الحلة المركزي ثم نقل ابنهُ محمد إلى نقرة السلمان وبقى الوالد علي الشبيبي في سجن الحلة المركزي بعيداً عن ابنه وفلذة كبده.

في مذكرات المربي الشبيبي بعنوان ( معلم في القرية) يذكر علي الشبيبي تعيينهُ الأول في التعليم الابتدائي في قرية أطراف مدينة النجف (أم البط) , كيف كان حال الفلاحين وبؤسهم وكيف يتم استغلالهم من قبل شيخ القرية , كما يصف تدهور التعليم فترة الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي بسبب خضوعهُ للتيارات السياسية فيذكر في ص53 حال الفقراء في القرية :( إنهم يجمعون في أحاديثهم ومجاملاتهم لبعضهم البعض, بين الخشونة واللين , بين الطيبة والخبث , بينما تنطق أسارير وجوههم بالبؤس والشقاء والمتاعب من تلك الحياة لتلك القيود والأغلال) , كما يتناول الشبيبي في مذكراته أسلوب نقدي للطائفية وتأثيراتها السلبية على الوحدة الوطنية , وكيف يستغلها السياسيون المتنفذون في الحكم من أجل مصالحهم الضيقة , وهذا ما نلاحظهُ في كل العصور ومراحل الدولة العراقية التي ابتليت بمثل هذه النماذج التي تفضل مصالحها على مصلحة الوطن والشعب , وقد أشار المربي الراحل في كيفية دخولهُ غمرة النضال في صفوف الحزب الشيوعي العراقي وتأثيرات أخيه الشهيد(صارم) في وعيه الوطني , فيذكر في ص94 ( رحت أجاهر , أخطب في تجمع الجماهير المتظاهرين في الصحن العلوي , نواجه رجال الدين ونطالبهم بالعمل الجاد , نحرر النشرات , ننسخ منها نِسخَاً كثيرة , نحملها للمتطوعين منا , لنشرها بين صفوف الجيش المرابط في قضاء أبي صخير ) , ثم يعقب ( كان هذا التحرك بسبب الخلاف الذي حدث بين الحكومة ورئيس عشيرة آل فتلة " عبد الواحد سكر" , وكانت محاولتهُ لجلب الزعيم السياسي ياسين الهاشمي إلى الحكم , وكان لهم ذلك , فسقطت وزارة الأيوبي وتشكلت وزارة الهاشمي في 17-3-1935 ) , نجدهُ يستعرض ما يدور بين مختلف أبناء الشعب من أفكار وتوقعات وتكهنات متناقضة .

أما في القسم الثاني من الكتاب فيتناول المربي علي محمد الشبيبي ذكرياته التعليمية وارتباطه تنظيمياً بالحزب الشيوعي العراقي , فقد غير هذا الارتباط من أفكار وثقافة الشبيبي تغييراً جذرياً , فهو يؤكد على من يختار طريق النضال من أجل تحقيق رغبات شعبه في الحياة الحرة الكريمة (عليه أن يكون صلباً شجاعاً صبوراً ) , فيكتب الشبيبي في موضوعة (بداية الطريق ص217 : ( إني أكره الاستغلال , أحب أن أتحرر فكرياً , كم تمردت على بعض العادات , كم أطلقت لنفسي العنان في مجال اللهو , وتهربت من كثير من الالتزامات , كم شاركت بالحركات الوطنية , وأحببت أفكاراً خلُتها هي السبيل الصائب إلى تحرير نفسي وتحرير بلدي وأمتي ) , فقد اهتدى المربي والمناضل علي محمد الشبيبي للإجابة على تساؤلاته لمعرفة الأسس والمنطلقات العلمية لتحرير البشرية من العبودية والاستغلال بواسطة شقيقهُ الشهيد (صارم) و لكن بعد إعلان الحرب العالمية الثانية , واصطفاف العراق مع دول المحور , يذكر علي السبيب في مذكراته ص 229 :(استغلت حكومة نوري السعيد بعد إعلان الحرب بنود المعاهدة , وزادت هجومها على الوطنيين والأحرار من مختلف الفئات , وحشرت معهم السفلة والمتشردين في معتقلات العمارة وبدرة ونقرة السلمان , لتجد المبرر لوصفهم بالنعوت الشائنة) .

يشير الكاتب علي الشبيبي في مذكراته في ص 250 على حصول أحد رفاق الحزب على العضوية في مدينة كيف يتم الاحتفال والتهنئة بهذه المناسبة : ( ضج الرفاق الذين سبقوني إلى دار الرفيق "...... موسى" وقد عقدنا اجتماعاً في بيته بمناسبة قبولهُ عضواً في الحزب ) , كان المربي والمناضل الشبيبي حلقة وصل بين أخيه الشهيد(صارم) والرفيق الخالد (فهد) في إيصال الرسائل , إذ يذكر اللقاء الأول بين الشهيد حسين الشبيبي(صارم) والرفيق (فهد) في مقر مجلة (المجلة ) في حزيران عام1941 فقد وصف الراحل علي الشبيبي هذا اللقاء :( عاد بعدها وعلى وجهه شعاع مبهج , وبين جوانحه عزم يكاد يطير به , أسر إلي أمراً , علمت إن (المجلة) لسان فئة نذرت نفسها لتحرير الفكر وتحرير الوطن , لأنها تنتهج في سلوكها منهجاً علمياً وفق أحدث نظرية أثبتت علمياً إنها هي ولا غيرها الطريق إلى تحرير الإنسانية من العبودية بكل أشكالها) , فكانت بداية النصف الثاني من عام 1941 بداية العمل التنظيمي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي للراحل علي الشبيبي , فقد حصل على العضوية , وكانت باكورة نضالهم في مدينة النجف المبادرة لكشف الفساد

والمفسدين من المسؤولين والإداريين في المدينة , فقد ذكر في ص229 : ( جاءت جريدة الشرارة طافحة بالمقالات عن الحرب وموقفنا الأخير منها , ورسالة عن النجف واختفاء البضائع ومشاركة المسؤول الإداري والقائم مقام (لطفي علي) لبعض التجار , مما أحمق القائم مقام على أخي متهماً إياه برسالة النجف إلى الجريدة) , كما يشير الراحل علي الشبيبي إلى دورهُ في المجال التعليمي والعملية التعليمية في مدينة النجف ففي ص 220 يذكر في موضوعة "مدرستي" : ( الواقع إني غيرت الكثير من نظرياتي في مواد درس العربية , في الأمثلة ومواضيع النحو , في الإنشاء والمحفوظات , سخرتها جميعاً لبعث الوعي ولكن بحكمة وأسلوب لا يثير الشكوك حولي).

فكان الشبيبي صائباً لتبنيه الفكر الماركسي الثوري , وذات قناعة بصواب هذا الفكر فكتب في موضوعة ( المدير النطاح) في ص 222 : ( وإذا اخترت طريق الاشتراكية العلمية فذاك لأني أدرك أن رجال المال من أية قومية ... هم الذين عملوا ويعملون لإثارة النعرات القومية والطائفية , ليلهوا الجماهير عن معرفة أسباب بؤسهم وشقائهم , ليبقوا عبيداً يشيدون الجنان , ويوفرون بكدهم كل أسباب الرفاه لاؤلئك الأسياد) , كما يذكر المربي علي الشبيبي كلمة رائعة للمفكر (أوغست بيل) " إذا رضي عني عدوي ,عليً أن أعيد النظر بسيرتي " , فيذكر فترة الانشقاقات التي حدثت عام1943 من قبل داوود الصائغ وذو النون أيوب(قادر) , ودور الرفيق (فهد) في مواجهة هذه الانشقاقات

وإصداره جريدة (القاعدة ) بعد سيطرت المنشقين على جريدة (الشرارة) , وقد كتب الرفيق فهد الكثير من المقالات حول الكتل الانتهازية , وأكد عدم استمراريتهم في العمل وقد تحقق ذلك .

ويتضمن القسم الثالث من مذكرات المربي علي الشبيبي طريقة اعتقاله و فصله من عملهُ في مجال التعليم ثم عودتهٌ للوظيفة عام 1947 في مدينة الناصرية , فيذكر في ص 345 بموضوعة "عدنا وعادت حالنا القلقة"( أتذكر إن رفيقاً جديداً على التنظيم قال للرفيق فهد , ماذا يكون الإنسان , إنهُ من دم ولحم أمام التعذيب الوحشي ؟ إن طاقة الإنسان محدودة !!

أجاب الرفيق فهد : رفيقي تصور أن الشرطة ألقت عليك القبض لمجرد إنها رأتك تمشي مع شيوعي , وأنت لا تعرف عنهُ شيئاً مطلقاً , وأن الصدفه جمعتك به في ديوان أو مقهى , فلو هددتك الشرطة إنها تنزع عنك جلدك بالخيزران وتريك (عزرائيل), فماذا تفيد ؟

قال الرفيق : لا أدري ما أقول وأنا لا أعرف شيئاً .

قال الرفيق فهد: من يحسب نفسهُ رفيقاً , يدرك عظم مسؤوليته والمخاطر ) .

كانت النكبات تلاحق العوائل الوطنية , وقد لاحقت عائلة الراحل علي الشبيبي , حيث سمع وهو في نادي الموظفين خبر قرار الحكم بالإعدام على سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وأعضاء مكتبه , وكان شقيقهُ (صارم) أحد المحكوم عليه بالإعدام , فقد أسرعت حكومة نوري السعيد بتنفيذ الحكم في 15 شباط عام 1949 ومنعت العوائل من إجراء مراسيم الفاتحة , كما لم تسلم جثامينهم الطاهرة لعوائلهم ما عدا الشهيد حسين محمد الشبيبي ( صارم) , حيث نجحت والدته وزوجته بلقائه لعشرة دقائق فقط قبل الاعدام, هكذا كانت إنسانية الحكم الملكي الذي يروج لهُ في الوقت الحاضر بعد عام2003 بأنهُ الحكم الوطني الذي يلبي طموحات الشعب العراقي , ويذكر المربي علي الشبيبي موقف العائلة عند سماع الخبر في ص 365 : ( لقد منعنا من إقامة الفاتحة من الرجال والنساء ) , ولكن المربي علي الشبيبي عندما يسألونه عن أخيه حسين الشبيبي (صارم) كان يبكي بمرارة ويردد اسمهُ بألم حيث كتب قصيدة طويلة بحق أخيه الشهيد بعنوان ( أحباءنا ) في 17-2-1949:

أحباءنا طالت علينا ليـــــــــالينا ..... لنلقاكموا واستنزف الوجد ما فيـــنا

رجونا لكم عمراً مديداً نراكموا...... به فوق عرش النصر يزهو رياحينا

صداكم بهذا الجو ما زال داويا...... يجلجل في الآفاق للحق يدعونـــــــــا

علينا لكم دينٌ سنوفيه في غـــدٍ...... فإن الوفاء الحر يحسبهُ دينـــــــــــــا

مشيتم أمام الركب أخلص قادةٍ ..... و مارستم درب الكفاح أفانينــــــــــا

لئن رفعوكم في المشانق عالياً ..... فقد كنتموا فوقاً وماكنتموا دونـــــــــا

وكنتم عليها كالنجوم تألقـــت ...... وعانقتموها يا أباة ميامينـــــــــــــــــا

أخي قم إلينا وأخطب الجمع حاشداً .. إذا قلت فيه الحق ردد آمينــــــــــا

أخي إن أمي لا يقر قــرارها ...... تنوح كنوح الساجعات فتشجينـــــــا

كان الشهيد حسين محمد الشبيبي( صارم) ذا نظرية في الشعر والثقافة , إذ كلمتهُ تلقي اقباساً تضيء التفكير الاستباقي في التحديث لدى هذه العائلة , فالشهيد مقتدر في المقالة , إذ كان رصين الكتابة مع توفره على الأدب الأجنبي بسبب إتقانه للغة الانكليزية وتدريسه لها , فالشهيد صارم خلق موهوباً وعاشقاً للجمال .

لكن الشيخ الراحل محمد الشبيبي كان يحلم بيوم يفضح به الطغات وقتلة ولده ورفاقه فعند انبثاق فجر 14 تموز 1958 تلك الثورة التي فضحت الطغات وتحمل الشيخ عسف الظالمين ومضايقاتهم لهُ واعتقاله لأكثر من مرة , إلا أنهُ رحل عن الحياة يوم 7-9-1958 , وفيه لوعة الوالد بإعدام ولدهُ , وقد تركت أثرها في حياته وحياة المربي علي الشبيبي , رغم قسوة المصيبة على العائلة يبقى علي الشبيبي مصراً على مواصلة النضال ومنهج الكفاح من أجل الثأر من الطغاة فيقول في بيتين من الشعر:

حلفت يميناً لا أسيل مدامعي ...... إذا لم تسل من قاتليك الدما الحمرُ

بيوم سيأتي ليس منهُ تخلص...... يضيق على الطاغي به البر ُ والبحرُ

يذكر المربي الشبيبي في مذكراته كيف كان أخيه الشهيد حسين محمد الشبيبي يستشهد بآيات من القرآن الكريم ويتحدث علي الشبيبي عن صلابته وشجاعته مع رفاقه ومؤسس الحزب الشهيد الخالد (فهد) أمام جلاديه , كان علي الشبيبي يكتب المقالات بأسماء مستعارة ليفضح الفساد الإداري والمالي المستشري في مؤسسات الدولة في مدينة الناصرية وما أشبه اليوم بالبارحة , فقد أثارت مقالاته غضب السلطات الإدارية والأمنية التي تحركت دون جدوى للبحث عن كاتب المقالات وكانت من مقالاته ( أينما تولي وجهك ستستقبلك سمعتك) .

أما في القسم الرابع من المذكرات فكانت تخص ما بعد ثورة 14 تموز 1958 والمنجزات التي قدمتها الثورة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتي غيرت من حال الشعب كثيراً , فقد نقلت العراق إلى نقلة نوعية متقدمة , لكن شراسة المتآمرين على الثورة من قادتها العسكريين وبعض القوى القومية والدينية ودعمهم من قبل الاستعمار وحكومة عبد الناصر وشركات النفط التي رحلت من العراق مجبرة , فقد كتب الشبيبي مقالة بعنوان ( من هو ) فيذكر في ص 467 : ( أنا أعتقد أن مقياس الديمقراطية الحقيقي هو إباحة الرأي والمعتقد ضمن الدستور المؤقت والدائم فيما بعد ) , كما أشار الراحل الشبيبي إلى أهمية الحياة الديمقراطية والانتخابات الحرة النزيهه وسن قانون الأحزاب , لكن المربي علي السبيبي قد تعرض للاعتقال أيام ثورة تموز وقد طرد من وظيفته وصدر قرار الإبعاد إلى مدينة الخالص , ولكن بعد فترة الإبعاد بثلاث أشهر حدث انقلاب شباط الأسود عام1963 بتحالف الرجعية والعروبيين وعبد الناصر

وبعض القوى الدينية والاستعمار , فما كان من ميليشيا الحرس القومي إلا انتهاك الأرواح والأعراض والممتلكات , فزجوا الوطنيين في المعتقلات إذ تعرضوا للتعذيب والتصفيات الجسدية , وتحولت قاعات الملاعب والمكتبات العامة إلى مقرات للتعذيب , فقد حكم بالسجن سنتين على المربي علي الشبيبي وخمس سنوات على ابنهُ البكر كفاح وستة أشهر على أحد أبناءه .

وبعد انقلاب 17 تموز 1968 صدر قرار عودة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم وشمل القرار عودة المربي علي الشبيبي إلى الوظيفة في مدينة العمارة , حتى أحيل على التقاعد أواسط عام1971,هذا سفر لحياة المربي والمناضل الراحل علي محمد الشبيبي الذي غادر الحياة عام 1997 . وقد أضاف للمذكرات ولدهُ محمد علي الشبيبي ملحق للصور المهمة التي تبين واقع اعتقال المربي علي الشبيبي في سجن الحلة المركزي وسجن نقرة السلمان وبعض الصور الشخصية للعائلة , إذ تعتبر المذكرات مرحلة ورحلة من حياة المناضلين وأعضاء الحزب الشيوعي العراقي الذي وثقهُ المربي الراحل علي محمد الشبيبي.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.