اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• مفاهيم اجتماعية ... وتأثيرها على الانسان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

علي اسماعيل الجاف

مفاهيم اجتماعية ... وتأثيرها على الانسان

التبرير

هو نوع الأليات العقلية التي ترمي الى مواراة النزاعات الخبثية عن طريق المغالطة اللاشعورية في الأفصاح عن الدوافع الحقيقية.

وهو حيلة دفاعية تقي الأنسان من الأعتراف بالفشل أو الخطاء أو العجز، كما يحدث عندما يصدر عن الفرد تصرفات صادرة عن دوافع غير مقبولة أجتماعياً، فيصمد تفسير سلوكه تفسيراً يبين لنفسه وللناس ان سلوكه له أسبابه المعقولة المقبولة من المجتمع. وليس معنى هذا ان يكون السلوك نفسه مقبولا ولكن التبرير يعني أننا نبرر سلوكناً متى يبرر في نظرنا ونظر الناس معقولاً ويعفينا من الأعتراف بالدوافع الحقيقية غير المقبولة.

وللتبرير طرق للحصول عدة منها أعتذار الفرد عن فشله في الحصول على شيء بأنه لا يميل الى هذا الشيء أو يكرهه. وكمثل السكير الذي يبرر أستمراره في أحتساء الخمر بأنه يساعده على النوم أو المقاومة للبرد أو بمناسبة عيد الميلاد أو أنه شراب جديد وأنه يرغب في تجربته من باب العلم بالشيء ... ألخ تلميذ يكره المدرسه (دافع لا شعوري غير مقبول أجتماعياً) ويتأخر عن المدرسة كثيراً، مبرراً تأخره بمرض والدته أو عدم أيقاظها أياه في الموعد المناسب، ومن الأباء من يبرر عقابهم الشديد لأطفالهم بأن ذلك لصالحهم في حين ان الدافع الحقيقي هو تصريف غضب الأباء. والطالب الذي رسب في الأمتحان ويعيد العام الدراسي مقنعاً نفسه في الأعادة أفادة.

من هذا نرى ان التبرير حيلة يدافع بها عن نفسه ما يؤذيها ويسبب لها القلق. هو حيلة يتنصل بها الفرد من عيوبه ومتاعبه ويموه عليها. هو حيلة يلجأ أليها كل مقصر أو فاشل أو معتد أو عاجز أو مخطئ وهو حيلة مشاعة بين الكبار والصغار خاصة بين من تناقض أفعالهم ما لديهم من مبادئ خلقية ومن ينساقون وراء عواطفهم ونزواتهم وعاداتهم الضارة.

الاعلاء

وهي حيلة يسعى بها الفرد الى الأرتفاع بالدافع أو الرغبة أو العاطفة المكبوتة الى مستوى أرفع أو أعلى أو أسمى.

فهي عملية تحويل الطاقة النفسية من ميدان وتوجيهه الى ميدان أخر أبعد مدى في جلب القبول الأجتماعي. فالشخص الذي يشعر بدافع عدواني قد يعلى هذا الدافع الى أعمال أجتماعية مقبولة مثل الصيد أو الملاكمة أو قطع الأشجار الى بعض ذلك المهن كالجراخة أو الجزارة والشخص الذي يخفق في دراسته قد ينقلب الى رجل أعمال ناجح والمراهق الذي يلجأ الى التفوق في الفن أو الرياضة هو أعلاء للدافع الجنسي الذي يخفق في أشباعه فالشخص الذي يحال بينه وبين أشباع الدافع الجنسي قد يقوم في أعلائه ويلجأ الى كتابة القصص الغرامية أو الشعر أو عمل اللوحات الفنيية وفي أعلاء تصريف كالطاقة الجنسية المكبوتة أو أنقاص من حدة التوتر. ولكنه ليس تصريفاً كاملاً ولا أنقاصاً تاماً وذلك لأن الأشباع الجنسي لا يحقق الدافع الجنسي وحده وأنما يحقق كذلك كثير من الدوافع الأخرى المرتبطة به مثل الحاجة الى الرفيق والرغبة في الأعتماد على الغير والأبوة والسيطرة، وهذه الدوافع لا يمكن أشباعها بالسلوك البديل الذي أعلينا به الدافع الجنسي.

الكبت

الكبت هو حيلة هروبية تلجأ أليها الانا لطرد الدوافع والذكريات والأنكار الشعورية المؤلمة أو المحزنة وأكراهها على التراجع اللاشعور أو (العقل الباطن) فنحن نكبت ما يسبب لنا الضيق والآلم وما تعانيه ذواتنا الشاعرة، وما يضر بمصالحنا في المجتمع وما يتنافا مع المثل الأخلاقية والجمالية وكل ما من شأنه ان يخرج كبريائنا أو يمس أحترام أنفسنا. والجزء اللاشعوري من (الانا) هو الذي يقوم بعملية الكبت، يقوم بها بأملاء من (الانا الأعلى) دون ان تعلم بها الذات الشاعرة ولذا يعتبر الكبت عملية لا شعورية أو حيلة دفاعية يدافع بها الفرد عن نفسه كلما يزعجه أو يجرح كبريائه أو يمس تقبل المجتمع له، ويمنع بها الدوائر الثائرة المحظورة – وخاصة الدوافع العدوانية والجنسية – ان تتحقق بصورة صريحة مباشرة يمكن ان تضده أو تؤثر على صلاحه في المجتمع.

وفي هذه الرغبات والنزوات التي يكبتها الفرد تصبح في حظيرة اللاشعور مستقرة بدون حدود زمانية أو مكانية بالمعنى الذي تفهمه الذات الشاعرة وتظل متحركة فيه لا تموت، تعمل على الخفاء وتلح جاهرة في الظهور، وقد يبدو أثرها في السلوك الظاهري بصورة صريحة كبعض فلتات اللسان أو زلات القلم، أو تظهر بصورة رمزية كالأحلام أو بصورة شاذة كأعراض الأمراض النفسية وأضطرابات شخصية والأنحرافات الخلقية والمشكلات السلوكية وغيرها.

ولا شك ان للكبت أثار ضارة متعددة. فالدفاع المكبوت لا يبقى خاملاً بل يعمل بأستمرارعلى دخول مجال الشعور، فتظل المعركة مستمرة بين الدفاع المكبوت والقوى المسببة للكبت التي تعمل على طمسه. وفي ذلك أستنزاف للطاقة النفسية مما قد يترتب عليه تعباً جسمانياً مستديماً ليس له أي سبب فسيولوجي ظاهر، أو غير ذلك من الأثار التي قد يكون بعضها ضار والبعض لا ضرر له.

ولكي نوضح بعض الأثار التي قد تترتب على الكبت في المثال التالي:

لو ان فتات لها شقيقة أجمل مظهراً منها بشكل يؤثر عليها بين الناس يحوطها المعجبون أينما حلت فأن هذه الفتاة ستعاني ولاشك من الغيرة من شقيقتها فأذا كانت في قراوة نفسها تميل الى الأحساس بالغيرة ولكنها تصر على عدم الأفصاح عنها، فأنها في الغالب ستكبت هذه الغيرة مما قد يترتب عليه أحد أمرين أو هما معا: فهي قد تنمي أزاء شقيقتها سلوكاً ودياً للغاية أو قد تلحق بها أذى أو ضرر بحيث تعتقد مخلصة بأن هذا الضرر لم يكن مقصوداً رغم أنه في الحقيقة سلوك مصدره تلك الغيرة اللاشعورية.

والغيرة أو العداء المكبوت الذي يظهر بصورة مودة مبالغ فيها هو أحد نتائج الكبت التي تعرف بالتحويل العكسي حيث تظهر النزعة المعارضة للنزعة التي كيفت بشكل مغالي فيه يظهر الحب المكبوت بصورة عداء شديد.

الاسقاط

حيلة لا شعورية تتلخص في ان ينسب الشخص عيوبه ومناقصه ورغباته المستكرهة ومخاوفه المكبوتة التي لا يتعرف بها، الى غيره من الناس أو الأشياء أو القدر أو سوء الطالع وذلك تنزيهاً لنفسه وتخففاً مما يشعر به من القلق أو الخجل أو النقص أو الذنب فترى الكاذب أو الجحود أو الأناني أو المتعصب الذي لا يشعر بوجود هذه الصفات في نفسه ينسب الكذب أو الجحود أو الأنانية أو التعصب الى غيره. والزواج الذي تنطوي نفسه على رغبة مكبوته في حياته يميل الى أتهام زوجته بالخيانة وكثيراً ما يكون أرتياب الفرد في الناس وعدم ثقته فيهم أسقاطاً والارتيابة في نفسه وعدم ثقته فيهم. ومن مظاهر الأسقاط وعظ الناس وأرشادهم الى تقويم أنفسهم من عيوب يتسم بها الواعظ وهو لا يدري. بل كثيراً ما يكون مفيداً أخطاء الناس دليلاً على عقدة ذنب ... فبالاسقاط نحكم على أنفسنا حين نحكم على الغير ... أنها أعترافات أكثر من ان تكون أتهامات.

والاسقاط واضح كل الوضوح في كثير من الأمراض العقلية اذا يسقط المريض رغباته الدفينة وشكوكه وكراهيته اللا شعورية على العالم الخارجي فيتخيل ألهه أنها صادرة موجودة في نفس الأخرين. فقد تتهم المريضة رجلاً بأنه يحبها ويغازلها ويراسلها في حين أنها هي التي تحبه وتود ان تغازله وان تراسله. والأسقاط يؤدي غرضاً مزدوجاً: فيه تخفف من مشاعرنا ودوافعنا البغيضة ونعمى عن رؤية أنفسنا كما هي عليه في الواقع – لذا كان حيلة خداعية – كما أنه يجعلنا في حل من نقد الناس وأتهاماتهم والمبادرة الى لومهم قبل ان يلومونا .

الاستاذ الباحث // علي اسماعيل الجاف

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.