اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

ما هكذا تكون الجيرة يا جيران -//- ايليا حلبي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ما هكذا تكون الجيرة يا جيران

ايليا حلبي

القوش قصبة قديمة قدم التاريخ والشواهد على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر نبوءة النبي ناحوم الالقوشي الذي تنبأ على خراب نينوى في الفترة الواقعة بين سقوط طيبة على يد الآشوريين سنة 663 ق م وسقوط نينوى سنة 612 ق م هذا بحسب سفر النبي ناحوم وكان هذا النبي من سكنة القوش ووجود معبده فيها خير دليل على ذلك بالإضافة الى ذخيرته وهي محفوظة في مكان امين من هيكل مار ميخا . سقت هذه المقدمة لإثبات مكانة القوش التاريخية بالرغم ان المؤرخين لم يتحدثوا عنها الا عدد قليل منهم ، في حين ذكروا قرى لا اهمية لها قياسا بمكانة القوش التاريخية ، الى جانب تلك المكانة التاريخية كان لها موقع ومكانة اقتصادية على مر الازمنة فسوقها كانت عامرة بمحلاتها ودكاكينها وخاناتها مليئة بمختلف انواع البضائع التي كان يحتاجها المجتمع الزراعي آنذاك . ففيها البزازين والعطارين والنجارين والحدادين وأصحاب الحرف المختلفة كالحياكة وصناعة البرادع ومثبتي حذوة البغال والخفافين وكان جيرانها من القرى يقصدونها للتبضع وشراء ما يحتاجونه من لوازمهم بالإضافة الى انهم كانوا يجلبون اليها ما لديهم من المنتجات الزراعية والحيوانية صيفا وشتاءً . فكانت اسواقها وخاناتها مليئة بالحاجات والبضائع المختلفة تقدم خدماتها لجيرانها فهي تأويهم وتقدم لهم ما يحتاجونه من زاد ومأوى في بيوتها او خاناتها وتحافظ وبكل امانة على شرف نسائهم وبناتهم اللائي كنا تتجولن في ازقة القصبة وتطرقن الابواب لتبعن ما عندهن من المنتجات المختلفة والامر لا زال جاريا لحد الآن ولكن بصورة اقل ، فالقصبة كانت محل رحال القرويون بعيدهم وقريبهم يقصدونها من أقاصي جبالنا الشماء وسهولنا وعلى حد سواء . فالقرى الكردية والعربية والايزيدية والاثورية جميعها كانت تحط رحالها في اسواق القوش ، ومنها احيانا تنطلق الى القرى المسيحية جنوب القوش ، اوالى الموصل في حين دهوك كانت قصبة خاملة لا يقصدها الا النفر القليل من القرى المجاورة . المراد من هذا الحديث ان القوش كانت دائما تسعى الى التعاون واقامة العلاقات الطيبة وحسن الجوار وكانت سباقة في تقديم العون والمساعدة مادية كانت او معنوية لجيرانها وتقضي حاجاتهم المادية بحسب مفاهيم العلاقات التجارية المعمول بها آنذاك . انها لم تفكر يوما بالتجاوز على ممتلكات جيرانها او تنتهز الفرص للإيقاع بهم ، هكذا كان ديدنها المحبة والتعاون وحسن الجوار واليوم أصبح شبابنا بحاجة الى أراضي سكنية ليبتنوا لهم دورا ويستقلوا ويعيشوا براحة بعيدا عن الاختناق السكني لكون القصبة تعاني من ضائقة كبيرة في الدور السكنية وبحاجة ملحة الى مشروع إسكاني ربما يسبب الى حد ما في انخفاض اسعار الأراضي والدور السكنية الا اننا نشعر ان البعض من جيراننا يتربصون لهذه العملية ويريدون مزاحمتنا في أراضينا وأملاكنا بقصد الحصول على قطع سكنية على أساس مسقط الرأس ، طيب ان هذا الامر أولا يؤدي الى التغيير الديمغرافي للمنطقة وهذا ما لا نرضاه او نقبل به مطلقا ، لانه ببساطة نقولها صراحة : ان لكل منا له عاداته وتقاليده وعقائده ولم نصل الى ذلك المستوى من الوعي لقبول الآخر لأنه هناك الكثير من التصرفات انا اقبلها والآخر يراها موضع انتقاد ، وهنا سوف تكون سببا لحدوث احتكاكات ونحن في غنىً عنها . والامر الآخر يزعمون ان هذه القطع السكنية يبيعونها لنا اي بكلمة اخرى يتاجرون باراضينا واملاكنا معنا وهذا الامر لا يقل سوءا عن الآخر . اسرد لكم حادثة حدثت لي بهذا الخصوص بينمما كنت عائدا من الموصل نزلت في تلكيف لأستقل سيارة تقلني الى القوش ، وقفت على رصيف حيث كانت سيارة واقفة بادرني سائقها عن وجهتي قلت له : الى القوش . اجابني ندخل اولا الى حتارة ومن ثم الى القوش . قلت : لا بأس . ركبت في الحوض الخلفي وكان شابان آخران على نفس المقعد وآخر جالسا في الصدر . في طريقنا الى حتارة جرى حديث بيني وبينهم ، وكانت بيد احدهم قائمة تضم اكثر من عشرة اسماء وتبين من حديثهم انهم من سلك الشرطة عائدين الى اهلهم بأجازة وان تلك القائمة هي طالب يقدم للحصول على اراضي سكنية في مسقط الرأس ، فبادرني احدهم بالكلام انتم في القوش لا تسمحوا لنا بالحصول على القطع السكنية . فاجبته فورا : قطعا لا ..! وفي هذه الاثناء دخلنا قرية الحتارة قلت له : انظر الى هذه البيوت والمساحات الكبيرة المسيجة الا تكفيكم وتريدون مزاحمتنا في قصبتنا ونحن نعاني من ضائقة سكنية ، فرد عليّ وبكل سهولة : نبيعها لكم . قلت له : هل هذا معقول ، تتاجرون معنا بأراضينا واملاكنا .. هل هذا هو الانصاف مع جيرانك ...؟ فرد الجالس الى جانبي : لا والله غير صحيح ...! فقلت له هذا هو الكلام والمعقول والمسؤول . على كل حال نقول لأخوتنا وجيراننا نحن نطمح لتوطيد العلاقات الطيبة القائمة على اساس الاحترام المتبادل وصون ممتلكات الاخر ولا نسمح بالتجاوز . اما اذا كان هناك مجموعة تريد مزاحمتنا بأملاكنا وهي مصرة على ذلك ولا تعي معنى الجيرة فنقول لهم : آسفين يا اهل بالمصاعب فنحن لها والسلام .

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.