اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الصناعة ثروة المستقبل (1) -//- د. اسامة حيدر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الصناعة ثروة المستقبل (1)

د. اسامة حيدر

المقدمة:

مهما كانت البنايات شامخة وعدد طوابقها كثيرة, وابراج الفنادق واماكن السياحة منتشرة وجميلة . فهي تعطي للزائر والناظر انطباعا مبهرا في نسق البنايات, وحسن تخطيط المدينة. الا ان ذلك يعتبر, احد اوجه الاستثمارات الخدمية التي تعتمد غالبا على ايادي عاملة من تخصصات محددة, مثل الفندقة وادارة المطابخ. ولا تعطي مردودا متطورا وابداعيا , كما هو الحال في قطاع الصناعات, وعلاقاتها ببقية مفاصل الاقتصاد المتعدد الموارد, وتاثيرها على مجمل عجلة الاقتصاد الوطني . لان التنوع في طبيعة المردود الاقتصادي, والخروج من الاقتصاد الريعي ذات المورد الاحادي, التنميطي النشاط, والذي عادة ما يكون مهددا بحركات السوق الاخرى المفاجئة. هدف استراتيجي لتطوير الاقتصاد .

المدخل:

الصناعة بكل انشطتها, ذات الجدوى الفنية والاقتصادية, لابد لها ان تحقق مردودات متعددة ومتجددة ومتطورة, لتواكب حركة التنافس في جودة النوعية, والاداء, والادامة السهلة, وضمان الخدمات التسويقية,  في مختلف اوجه النشاط الصناعي العام والخاص والمختلط.

الصناعة بمفهومها الحديث, هي ليست اقامة معامل انتاجية حسب , بل ان الصناعة  الحقيقية, هي التي ترسم منهج علمي وعملي لتحريك مجمل الاقتصاد الوطني, ومن اهمها هو تامين الامن الغذائي للمواطن, من خلال المكننة الزراعية واتمتتة مكائن  وصناعة المحصولات الزراعية وتعبئتها, في معامل الصناعات الغذائية, لتكون في متناول المواطن .

والصناعات الناجحة, هي التي تجد منافذ للعمل, كي تتوسع رقعة الاستثمارات الصناعية لمشاريع كبيرة, ومتوسطة, وصغيرة . كذلك تنشط حركة السوق, وتتنوع انشطة الخدمات الصناعية للقطاع الخاص ايضا, وبهذا تتزاحم تنافسيا, انشطة الطبقة الوسطى في البلدان , صاحبة الوعي الصناعي, والغذائي, والتجاري, والتعليمي, لتاهيل العاملين معها في هذه القطاعات المختلفة.

والصناعة وما تحركة, من وفرة مالية, تشكل موارد لاتقل عن موارد النفط على المدى البعيد . فالصناعات الخفيفة, والثقيلة, اضافة للصناعات التعدينية, تعتبر ثروة متحركة, ومتجددة, ومتنامية, في تعدد الموارد وليست اقتصاد ريعي احادي كالنفط.

ولغرض تبسيط وتوضيح, اهمية الصناعة في العراق, بعيدا عن التعقيدات التكنولوجية, وتحديد اهم الصناعات, التي تناسب العراق من حيث تقليل البطالة , وتحديث المناهج التعليمية في المعاهد الفنية والكليات ذات العلاقة لابد من:

اولا: اعادة تقيم المتوفر من الصناعات الحالية, والمتوقف بعضها عن العمل, ودراسة جدوى استمرارها, او اهمية تحديثها, لغرض الاستفادة من ادائها لخدمة الاقتصاد الوطني.بدلا من ان تكون عبئا على ميزانية البلد.

ثانيا: تحديد نوع الصناعات المطلوبة, بما ينسجم وحاجة السوق المحلي, وبما يوفر من العملات الاجنبية, التي تهدر الان باستيراد المواد الفاقدة للنوعية . اضافة الى طبيعة, ونوع الصناعة, التي تحتاج لايدي عاملة متوفرة داخل العراق.

ثالثا: بالنظر لوجود كفاءات عراقية عالية, في مختلف الاختصاصات, والمعطل ادائها سواء داخل العراق او خارجه. لابد من رعايتهم, وزجهم في وضع دراسات استراتيجية, لتنمية وتاهيل الكوادر, ولاعداد خطط للاستثمارات المطلوبة, وطريقة بناء منظومة اقتصادية, تطور الاقتصاد الوطني صناعيا, وزراعيا, وتعليميا, لضمان تنمية القطاع الخاص, الذي يعتبر الركيزة الاساسية للصناعات المحلية, المساندة لمختلف الانشطة, خلال ورشات عمل خاصة.

رابعا: فقدان التخطيط الاستراتيجي  في العراق, من خلال صرف الاموال  بما يسمى بالمنافع الاجتماعية, كالرواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث, دون رصد الاموال التي تنشط الاستثمارات, بمختلف جوانبها والتي لها مردود اقتصادي .

وهذا مايجعل الدولة مترهلة ومشوهة اقتصاديا, بعبئ موازنات سنوية, لاتستطيع ان تستثمر الكتلة النقدية المتنامية, لخدمة مشاريع اقتصادية, واضحة المعالم, ومحددة الاهداف, مقارنة بالاقتصاد الريعي احادي الجانب .

خامسا: لغرض تطوير المجالات, الصناعية, والخدمية, لابد من التخطيط لاقامة مجمعات صناعية, للقطاع الخاص, وتوزيعها جغرافيا, حسب ماتتطلبه الحاجة, والاخذ بنظر الاعتبار, التوزيع السكاني, وتوفر الخدمات والمعدات, التي يتقدم بها اصحاب المشاريع والورشات الخاصة , عن طريق هيئة التنمية الصناعية, لغرض دراسة الحاجة الفعلية وتقديم القروض المالية, من خلال المصارف الصناعية او الزراعية, لاقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة .

معاير صناعية :

1) اهمية احتساب الكلف الحقيقية, للمدخلات والمخرجات, في العملية   الانتاجية ,  لتحديد الربحية, اي القيمة المضافة , كمؤشر اولي مشجع.

2 )  احتساب فترة استرداد رأس المال, بما يتناسب مع الاموال المستثمرة, لتكون معيارا كلفويا, لاي مشروع صناعي, لتوضيح جدواه الاقتصادية والفنية .

3) اختيار افضل تكنولوجيا, تناسب المهارات العراقية, ولاتحتاج الى تكنولوجيا معقدة, لغرض تسهيل الانتاج وانسيابيته, وديمومة الصيانة لخدمات مابعد البيع

لابد لنا ان نوضح بعضا ومن خلال خبراتنا المتخصصة في الصناعات  , كي تكون مؤشرا اوليا, لما سنتناوله في الحلقات القادمة عن (الصناعة ثروة المستقبل) .

مثال لأهمية, الصناعات الهندسية, وتاثيراتها:

اّ. انتاج حديد  البناء والانشاءات, في معامل الحديد والصلب, والموجودة في البصرة كصناعة ثقيلة, فان معدلات الانتاج  تمثل الاتي:

كل طن شيش بناء او شيلمان, يشغل 15 الى 20 عامل وفني. ابتداء من السكراب او استخراج المواد الاولية, الى نقلها, ثم فرزها, وصهرها, وخزنها, وتسويقها, واستخداماتها في البناء والانشاءات, ومايترتب من حدادة, وقوالب خشبية لصب الاسمنت .. والخ من دورة العمل المكثف, لامتصاص العمالة وانتعاش حركة السوق .

وهذا ينعكس ايضا على صناعة البليت المسطح, في عدة استخدمات.

ب . في صناعة السيارات, الصالون والموجودة  في الاسكندية –محافظة بابل .

كل سيارة صالون, تحتوي على مايزيد عن خمسة عشر الف جزء. لاتوجد شركة بالعالم, تصنع جميع الاجزاء, بل تعتمد على الصناعات الساندة لها, والتي تسمى بالصناعات المغذية, لتغذي المشروع – الأم - لصناعة السيارا ت . وعادة تكون مصانع القطاع الخاص, هي التي تغذي الانتاج الرئيسي , او قطاعات صناعية مختلطة, الراسمال –حكومي وخاص, لتقليل كلف التصنيع, تجنبا للمصاريف الادارية العالية, في القطاعات الحكومية.

كل معمل لتجميع اجزاء السيارات يحتاج الى 10 الى 12 عامل وفني ومهندس لانتاج سيارة واحدة . بما في ذلك استلام الاجزاء, وتصنيفها, وتوزيعها على خطوط محطات, تجميع معظم الاجزاء وصناعة  الطلاء والعاملين في صناعة الاطارات الى ان تصل لمستخدمها ليقودها كوسيلة للنقل.

ج. ماورد من نماذج في اّ و ب  لاتنطبق على ما هو قائم بالعراق.

لان الانتاج متعثر ويوجد فائض بالعمالة اشبه بالبطالة المقنعة. ومايخص صناعة السيارات في الاسكندرية, هي مجرد نشاط تجاري لبيع السيارات بعد استيرادها كاملة الصنع, بل  اصبحت الشركة, مجرد وكيل لشركات تجارية , تتنافس تجاريا مع الشركة العامة لتجارة السيارات.

لم تقم الشركة العامة لصناعة السيارات, بنشاط صناعي حقيقي بالمفهوم العلمي للانتاج الصناعي, لافتقارها للخبرات الاستشارية, في التخطيط الانتاجي السليم, الذي يشغل ويدعم نشاطات القطاع الخاص.والدليل على ذلك, وجود قطيعة بين الشركة, والقطاع الصناعي الخاص. وعدم وجود تعاون بينها, وبين الحرف التي يمكن ان تساند الشركة  صناعيا  .

الاستنتاجات:

من خلال دراسة, الواقع الصناعي المتقدم, في دول الاقليم اي – ايران – تركيا  كذلك, الدول الاوربية الصناعية. فان للصناعات الايرانية المتنوعة, والتي تعتبر صناعات مناسبة, جدا للعراق من حيث العمالة, وتقليل كلف النقل, ولوجود خبرات ايرانية عالية, بمختلف الصناعات, و للدور البارز والهام في القطاع الخاص, في حركة الاقتصاد الايراني, والمتمثل بنشاط الطبقة الوسطى, التي تمثل مانسبته 20% من مجموع السكان. وهذا المؤشر في غاية الاهمية  لديمومة, وبقاء الاقتصاد الوطني الايراني, اضافة لوجود القوة الشرائية التي لن تتاثر في الهزات الاقتصادية الا قليلا وبمجالات محدودة, بسبب استقلالية وتنوع النشاط الاقتصادي الايراني  الممخطط له بدقة . ( 1 )

اما الصناعات التركية, فلا تناسب حاجات العراق وباختصار:

# الصناعات التركية, تعتمد كليا على المستثمر الاجنبي الغربي, والمستثمر اليهودي ( يهود الدونمة ),  وهذا يعني ان قرار التعاون الصناعي معها, مرتهن وليس مستقلا.

##  النقل من تركيا فيه عوائق عديدة, سواء بالاراضي التركية او من خلال كردستان .

علما بان الشركة العامة لصناعة السيارات في الاسكندرية بمحافظة بابل, وبالتعاون مع شركات صناعة السيارات في ايران, لانتاج سيارات الصالون . قد تعاقدت على تجهيز, وتدريب , وبمشورة فنية, لانتاج خطوط تجميع  سيارات ايرانية الصنع في العراق .ومن المتوقع افتتاح, مشروع انتاج السيارات والبدأ بالانتاج خلال الاشهر القريبة القادمة .

د. اسامة حيدر

السويد

15 May 2013

المصدر:

خلاص العراق من واقع ومستقبل مظلم / اسامة حيدر

( 1 )http://almothaqaf.com/index.php/maqal/69640.html

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.