اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

العملية السياسية وآفاقها المسدودة// معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

العملية السياسية وآفاقها المسدودة

معتصم حمادة

فلسطين

 

 كل المؤشرات تؤكد انغلاق الآفاق أمام العملية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية في ظل الأوضاع الراهنة ما يفترض بالحالة الفلسطينية الالتفات نحو سياسة بديلة باتت مرتكزاتها متوفرة في اليد

الإنشغال بالعملية السياسية الفلسطينية، منذ توقيع إتفاق أوسلو، وحتى اللحظة، يؤكد إستحالة الوصول مع الجانب الإسرائيلي إلى تسوية مقبولة للصراع في ظل الموازين والعلاقات السائدة، إما بين الجانبين، أو في الإطارين الإقليمي والدولي. ومن تابع مفاوضات واشنطن، بعيد إنطلاقة مؤتمر مدريد، لاحظ كيف أن قضية وقف الإستيطان، كشرط للوفد الفلسطيني المفاوض، آنذاك، للدخول في المفاوضات، وإصرار الاحتلال على مواصلة سرقة الأرض، شكلت العقدة التي قادت إلى الإنسداد في العملية التفاوضية، رغم أن المناطق المحتلة كانت تشهد إنتفاضة شعبية شاملة، لولاها، على سبيل المثال، لما رضي الجانب الإسرائيلي بالجلوس إلى طاولة المفاوضات في مواجهة وفد، أعلن على الملأ أن عنوانه هو منظمة التحرير الفلسطينية، وأن برنامجها السياسي هو مرجعيته في العملية التفاوضية.

وعندما جرى الانقلاب على مفاوضات واشنطن، وعلى م .ت .ف، من قبل القيادة الرسمية، جرى رهان على اتفاق أوسلو، الذي وصفه الرئيس عباس، [وهو الذي وقعه في 13/9/93 في حدائق البيت الأبيض] أنه «مغامرة، قد تقودنا إلى الاستقلال، وقد تقودنا إلى الكارثة». وعندما ذكره فهد سليمان، رئيس وفد الجبهة الديمقراطية، إلى الحوار الوطني في القاهرة في كانون الثاني (يناير) 1993 بهذا القول، رد متوتراً «لقد أخطأنا. وجل من لا يخطئ».

وبين الخطأ والخطيئة استمرت العملية السياسية، تجرجر نفسها تحت سقف أوسلو، واشتراطاته وآلياته، و مرجعيته الهابطة جداً، وتشكل في الوقت نفسه سقفاً لعملية استيطان بلا حدود، اجتاحت القدس الشرقية المحتلة، وأنحاء مختلفة من الضفة الفلسطينية، بحيث بات عدد المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة يقف عند عتبة المليون مستوطن، في رقم له تداعياته السياسية والديمغرافية على طبيعة الصراع الدائر مع الاحتلال، وعلى طبيعة العملية السياسية التي لم تتوقف الجهود حتى الآن، عن العمل لاستئنافها، دون أن تغادر حدود الأسس والآليات والمرجعيات المرسومة لها، إن في تل أبيب، أو في واشنطن.

***

الحالة الفلسطينية، دخلت مع وصول الرئيس عباس إلى سدة المسؤولية، مرحلة جديدة في إدارة العملية السياسية. ففي الوقت الذي كان فيه الرئيس الراحل عرفات يدير العملية، ويحتفظ بين يديه بأوراق مخفية، يبرزها عند الضرورة، دون أن تشكل هذه الأوراق، على أهميتها، خشبة الإنقاذ لعملية سياسية حكمت على نفسها بالفشل، منذ أن نزلت تحت الإشتراطات الإسرائيلية.. إنطلق الرئيس عباس في إستراتيجية الأوراق المكشوفة، حين أعلن تبنيه المفاوضات مع إسرائيل سبيلاً وحيداً للوصول إلى تسوية، وعمد تحت هذه الإستراتيجية إلى تطويق الإنتفاضة، ومحاصرتها، وتفكيك المجموعات المسلحة المقاومة في الضفة والقطاع، وصولاً إلى إعلان التهدئة المديدة مع الجانب الإسرائيلي. من جهة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، الذي كان بحاجة حقيقية إلى إعادة الترتيب، ومن جهة أخرى لتوفير الأجواء المناسبة للدخول مع حكومة شارون، ومن بعده أولمرت في مفاوضات، تعددت مراحلها. لكنها تميزت هذه المرة، بأنها هبطت أكثر فأكثر، عن مستواها، حتى تحولت إلى شكل من أشكال العلاقات العامة. وأغرقها الإسرائيليون، حتى على مستوى اللقاء بين عباس وأولمرت، بالعديد من القضايا الجزئية والفرعية، التي كانت تحلّ من قبل ضباط ارتباط بين الجانبين ولا تحتاج إلى جولات تفاوضية.

ومما لاشك فيه أن الانقسام الذي وقع في 14/ 6/2007، وأغرق قطاع غزة في الدماء الفلسطينية، شكل فرصة ذهبية لإسرائيل، وللولايات المتحدة الأميركية، لإعادة إطلاق المفاوضات، في ظل ظروف أكثر هبوطاً. كان هدف المفاوض الفلسطيني منها آنذاك في جانبه الأكبر «تجديد شرعيته » في عيون تل أبيب، وواشنطن، كرد على الانقسام. لكن هذا «التجديد»، دفعت الحالة الفلسطينية ثمنه باهظاً، إذ انتهت المفاوضات بحرب عدوانية على قطاع غزة نهاية العام 2008، مع قضم مئات الدونمات، وبناء آلاف الشقق الاستيطانية الجديدة، إن في جوار القدس الشرقية المحتلة أو في أنحاء الضفة الفلسطينية، حتى أن الرئيس عباس نفسه اضطر للاعتراف، تحت وطأة الفشل الذريع لمسيرة المفاوضات، أن الإسرائيليين غير راغبين في السلام.

***

رغم الإدراك التام أن المفاوضات التي دارت منذ حوالي 22 عاماً، باتت عقيمة وعبثية [عقيمة على الجانب الفلسطيني، ومثمرة على الجانب الإسرائيلي، سياسياً واستيطاناً]. فإن المفاوض الفلسطيني ما زال، حتى اللحظة، يتلهف على أية مبادرة من شأنها أن تستأنف المفاوضات. ويلاحظ في هذا السياق، أن المتحدثين بإسمه يخاطبون الرأي العام بلسانين وخطابين: الخطاب الأول هو «تحذير» الجانب الإسرائيلي بضرورة الالتزام بالاتفاقات الموقعة كي يصار إلى الالتزام بها فلسطينياً، علماً أن الجانب الفلسطيني ما زال ملتزماً هذه الاتفاقات ولم يخل بها، خاصة بجوانبها الأمنية والاقتصادية. وبالتالي يشكل هذا الخطاب حالة استجداء سياسي ابتدأت مع خطاب الأمم المتحدة في أيلول من العام الماضي ولم تتوقف حتى الآن. وهو خطاب يخفي وراءه رغبة جامحة في الحفاظ على الحالة الراهنة، وضبط الوضع العام الفلسطيني، تمهيداً لتحضير الأجواء المناسبة لإستئناف المفاوضات. أما الخطاب الثاني فهو ناطق بما فيه الكفاية دون مواربة، حين يؤكد أن اليد الفلسطينية «ممدودة» لإستئناف المفاوضات، ويطالب بالمقابل بشروط الحد الأدنى، منها  إطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى، وهو بند كان يفترض بالمفاوض الإسرائيلي الالتزام به لكنه أخل بتنفيذه في الجولة التفاوضية الماضية، وأصبح الآن «موضوعاً تفاوضياً جديداً»، في هبوط جديد عن السقف السياسي الهابط أصلاً الذي أدبرت به مفاوضات الأشهر الأخيرة. ومنها أيضاً وقف الاستيطان، علماً أن هذا الموقف الفلسطيني لا يتسم بالتماسك المطلوب لأن العديد من جولات المفاوضات دارت في ظل تواصل الاستيطان. أما الشرط الثالث فهو وضع سقف زمني للمفاوضات، وهي لعبة فاشلة سبق أن تم تجريبها، خاصة في الجولة الأخيرة، التي انتهت دون الوصول إلى حل. ومع ذلك تقاعس الجانب الفلسطيني، وبدلاً من أن يخطو خطوة استراتيجية في الإعلان عن نهاية المرحلة الانتقالية، وبالتالي إعلان سيادة الدولة الفلسطينية على كل شبر من أرضها، ونقل العملية السياسية، وآليات الصراع إلى مستوى جديد، عاد يستجدي المبادرات لإستئناف المفاوضات، وأخرها المبادرة الفرنسية التي رحب بها بيان اللجنة التنفيذية الأخير [5/ 2/2016]، علماً أنه لم يتم في اجتماع اللجنة الاتفاق على موقف موحد من المبادرة، إذ تراوحت المواقف بين الترحيب، [ الرئيس عباس]. والرفض[تيسير خالد] والتحفظ [عدد من أعضاء اللجنة].

وكخلاصة، قديمة، نعيد التأكيد عليها، إن السبل كلها مغلقة إلى عملية سياسية تشق الطريق لتسوية تضمن الحقوق الوطنية المشروعة لشعب فلسطين، وفي ظل الأوضاع الراهنة، إن على مستوى العلاقات الفلسطينية ــ الإسرائيلية، أو على مستوى العلاقات الفلسطينية ــ الفلسطينية، أو على مستوى العلاقات الإقليمية والدولية، ما يتطلب من الفلسطينيين اعتماد استراتيجية سياسية جديدة و بديلة، وفّر المجلس المركزي في آذار(مارس) 2015، مرتكزاتها السياسية، كما وفرت انتفاضة الشباب الفلسطيني في القدس وأنحاء الضفة مرتكزها الكفاحي الشعبي. وهو الأمر الذي يتطلب أن يكون محور تركيز واهتمامات المكونات السياسية للحالة الفلسطينية.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.