اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

حرائق إسرائيل والمعجزات// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

حرائق إسرائيل والمعجزات

عادل نعمان

مصر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

لو أن نعم الله حق للمؤمنين والتقاة دون الفاسقين، وللمسلمين دون الكافرين، وللصالحين دون الفاسدين، وللموحدين دون المشركين، لكنا أولى الناس بها، وكنا أكبر خلق الله شأناً وأعلاهم قيمة، وأوفرهم حظاً، وأكثرهم علماً، وأوسعهم رزقاً، وأقواهم عتاداً وعدة، وأعزهم نفعاً، وأغناهم مالاً ونعيماً وملكاً، لكن نعم الله ورزقه وعلمه على عين الله، وتحت إرادته ومشيئته، تجوب الكون بطوله وعرضه، لمن يسعى إليها، ويشقى لها، ويعمل من أجلها، ويدور معها ليفوز بها وتكون من حظه ونصيبه، فلا يُمنع عنها مجتهد، ولا يُصد عنها ساع، ولا يحول بينها وبين من ربحها رابح، ولا ينالها متكاسل فاقد السعى، ولا تجرى على يد لا تكابد ولا تشقى، فلا وساطة عند الله يعطى وظيفة أو نعمة لمن لا يستحق لقرابة أو لمعرفة، أو لمتدين أو لورع أو لتقى، حتى لو جلس فى المسجد مائة عام يتعبد ويصلى ويتفكر ويتدبر دون بذل أو عطاء، لكن ينالها الفاسق المجتهد الراعى إليها ولو كان جاهلاً بالله أو منكراً له، ولو كان غضب الله من نصيب أهل الباطل دون أهل الحق، وعقاباً لأهل الشرك دون أهل التوحيد، وانتقاماً من أهل النكران دون أهل التصديق، وتأديباً لأهل الجحود دون أهل الطاعات، لكانت الدنيا قد خلت لنا دون خلق الله، ولانت لنا وقست عليهم، وبرئنا ومرض أهل الباطل، ونجحنا وفشل أهل الضلال، وفتحت لنا الدنيا أبوابها وأغلقتها فى وجوه أعدائنا. هكذا تكون المعادلة البسيطة بيننا وبين ظواهر الطبيعة بخيرها وشرها من ناحية، وبين من نحب ومن نكره من ناحية أخرى، فإذا صادف شرها من نحب قلنا اختبار، وإذا صادف شرها من نكره قلنا انتقام، وإذا أتتنا بخير قلنا رضا من الله، وإذا أتتهم بشر قلنا غضب منه، فليست الطبيعة سلاحاً للكسالى وللمتعطلين إذا تكاسلوا، وليست الطبيعة سيفاً للعدالة تعيد الحقوق للخاملين وللمتواكلين إذا تخاذلوا وتواكلوا، وليست يداً حانية تأتى بالخير والنماء للمتنطعين إذا جلسوا وتقاعسوا. ظواهر الكون تسير معصوبة العينين لا تميل على أحد فيصيبه منها النوازل والمحن، ولا تحيد عن أحد فينجو من القوارع والنقم، ولا تنتخب من عباد الله من يصيبه منها فضلها وكرمها، وتستبعد منهم عباداً يصيبهم منها زهدها وبخلها. أيها المسلمون الأفاضل لا تنتظروا فناء إسرائيل من حريق أو إعصار أو إفلاس، فلطالما واجهت من المحن والكوارث والحرائق الكثير وهتفنا بالنصر المبين، ولما أعادوها إلى سابق عصرها وجمالها، سكتنا وخرسنا وقلنا امتحان ونصر ودمار أكيد وقريب، ولم نتعلم الدرس ولم نفهم السبب.

 

الحرائق التى اندلعت فى إسرائيل ليست انتقاماً من الله، وليست غضباً لمنعهم المسلمين من استخدام مكبرات الصوت فى الأذان، وكان الأولى الانتقام منهم فى اغتصاب أرض وتشريد شعب، وحصار أمة، وهدم المنازل فى الأرض المحتلة لإقامة المستوطنات، وذبحهم العزل فى صبرا وشاتيلا، ومجزرة قانا والبقاع ومخيم حنين ونابلس ومحرقة غزة التى قتل فيها الآلاف، لو كانت الحرائق انتقاماً على ظلمهم لكانت مشتعلة ومستعرة من عشرات السنين لا تهدأ ولا تنطفئ. إسرائيل ليست الدولة الوحيدة صاحبة هذا القرار فهناك دول عربية سبقتها ومنعت مكبرات الصوت فى الأذان ليلاً ولم تشتعل فيها الحرائق ولم تصبهم الملمات والصروف، ولم يبوءوا بغضب من الله ولم نسمع صيحات الانتقام، لكنها كوارث تأتى على الناس جميعاً، منها بفعل الطبيعة، ومنها بفعل المهملين، ومنها بفعل المخربين من البشر، وليست هذه الكوارث أبعد من كارثة سقوط الرافعة على الحرم المكى وموت العشرات، وليست أقرب من نائبة تدافع الحجاج فى منى نفس العام وموت المئات، وليست أقرب ولا أبعد من أرواح تحصدها يد الفساد والإهمال فى طرقنا وبحارنا وأنهارنا كل يوم بالآلاف، فهذا إهمال يؤدى إلى فواجع ومحن، وذاك إهمال يؤدى إلى فواجع ومحن أيضاً، أو هذا بفعل فاعل خرب ودمر وذاك بفعل فاعل خرب ودمر أيضاً، فلا عُطلت الطبيعة عن المسلمين لينجوا، ولا أُذن لها بهلاك الكافرين ليفنوا، ولا أُجيز لها صب غضبها على الفاسقين، وحُرم ذلك على المؤمنين. الحرائق فى إسرائيل كما أصابت أشجار موالحهم أصابت الزيتونة الفلسطينية، وكما شردت إسرائيليين شردت عرباً فى الضفة الغربية. الغريب أن المسلمين ما زالوا أسرى المعجزات دون جد أو جهد، وما زالوا وقوفاً على أبواب لا يفتحها سوى العلم والعمل، لكن المعجزات حالت بينهم وبين ما يرجون، وها هم يزفون للناس بشرى فناء إسرائيل من الوجود، واقتراب حلم عودة إخواننا المشردين من بلاد الله إلى أوطانهم، وتحقيق حلم العودة إلى الديار المغلقة التى ستفتح ذراعيها لاحتضانهم بعدطول فراق، فالحرائق التى اندلعت فى إسرائيل ستطهر لهم الأرض من رجسهم، وتمهد لهم الطريق، وتنير جنباته وستفتح لهم بيوتهم الرحبة أبوابها لينعموا بالراحة التى حُرموا منها، وتستقبل الحدائق الغناء اليافعة جحافل المحرومين من التريض بعد طول حرمان، وسيُحرم الإسرائيليون من النعيم ليسقط فى يد المحرومين من إخواننا الفلسطينيين. هذا ما خدعنا به الأوائل وصدقه الأواخر ونسوا (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).

 

"الوطن" المصرية

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.