اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

عن مأساة ربى الجمال وجمعها بين صوتيِّ أسمهان أم كلثوم (2)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

عن مأساة ربى الجمال وجمعها بين صوتيِّ أسمهان أم كلثوم (2)

(الحلقة الثانية)

سيمون عيلوطي

 

جاء في الحلقة السابقة أن انطلاقة المطربة ربى الجمال كانت في العام 1975، حيث أثبتت تمكُّنها من الغناء الشَّرقي الأصيل، لا سيما تألقها في الارتجال، وتنقلها بين المقامات الموسيقيَّة بأسلوب ميَّزها عن غيرها من المطربات وجعلها تقف شامخة إلى جانب أسمهان وأم كلثوم ما سبَّب لها متاعب كثيرة مع الفرق الموسيقيَّة المرافقة لها، والتي لم تستطع أن تجاريها في الارتجال، وأحيانًا كانت هي في واد والفرقة الموسيقية في واد آخر، السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المقام هو هل تعمدت الفرقة أن تبلبل المطربة وتضعف من جودة غنائها لإرضاء النظام البعثي السوري الذي لا ينظر إليها بعين الرضى كما كتب البعض، أم أنَّ السبب هو ضعف الفرقة الموسيقية وعجزها عن مرافقتها عندما تُسَلْطِن في الارتجال؟. ثم هل كان سبب ذلك عدم تمكن الفرقة من عرف الغناء المصري الطربي الذي تغنيه مطربتنا بتألق واقتدار لكونهم معتادون على عزف القدود الحلبيَّة التي تتكرر وتعاد على المسارح السوريَّة بلا ملل؟

 

 الجواب عن هذه الأسئلة بقيَ غائبًا بين فريقين متخاصمين، ينقسمان إلى كتاب من المعارضة من جهة، وكتاب من النظام من جهة أخرى. من كتاب المعارضة، فقد كتب الكاتب والصحافي السوري، حازم درويش في موقع “درج” يوم، 26.05.2018 مقالة عنوانها: "خيبة مطربة من خيبات مدينة… ربُى الجمال وكيف يموت السوري رخيصاً قبل الحرب كما أثناءها!"، يقول بعد أن يهاجم النظام: "ربى الجمال، مطربة حلب التي تحلّ ذكرى وفاتها المهينة الثالثة عشرة هذه الأيام "فشلت في محاربة طواحين الهواء هذه كلها" على ما يروي حازم درويش في نصه عن حياتها و"مقتلها" اللذين يقولان كيف أن السوريين كانوا لا محالة ذاهبين إلى هذا الموت الرخيص الذي يحدث لهم الآن". ويتابع: "على المسرح الآن تقف غير راضية، الصالة ممتلئة بالمدعوين، لكنها لا ترى أحدًا. مرة جديدة ترى نفسها مرغمة على فعل شيء لا تريده. شيء أقل بكثير مما تتوقعه من نفسها أو ترتضيه لها. أَلَحُّوا عليها لتصوِّر أغنيات ألبومها الجديد على طريقة الفيديو كليب، يقولون إنها فقط بهذه الطريقة ستحقق نجومية لطالما بحثت عنها وانتظرتها. لكن من يفهم حقًا ما كانت تبحث عنه وتنتظره طيلة حياتها؟ كيف ستعيد الشرح لهم كل مرة من جديد؟ لا تظن أنهم في وارد الإصغاء، ثم إن الزمن زمن مسايرات وبيع وشراء ذمم ومصائر من تحت الطاولات ومن فوقها."

 

ويضيف: "إذاً على من ستقرأ مزاميرها؟ ألم تفعل ذلك مرارًا؟ الآن باتت هذه السيرة تضايقها أكثر من الماضي، إذ لا هي استطاعت أن تغيّر نفسها، على جزيل ما عانت وخبِرت، ولا الزمن عاد في مصلحتها أو في مصلحة ثقافتها وما تمثله. هل ستظلّ تحارب طواحين الهواء هذه كلها؟ هل ستستطيع ألا تفعل؟ مشكلة من: هي أنها رُبى الجمال؟". 

 

ويقول: "ارتضت كحلّ أخير أن تؤدي أغنيات ألبومها الجديد هذا في حفل مصوّر، أقيم في فندق "إيبلا الشام"، تظلّ خلاله واقفة أمام فرقة موسيقية مكتملة".

 

عرف الفرقة المرافقة لها تواصل على نفس الأخطاء التي لاحظتها أثناء التمرينات التي جرت قبل الحفلة، ما جعلها تشعر أنها مستهدفة، وهناك رغبة مؤكَّد لإفشالها وتشويه صورتها أمام الجمهور، تريد أن تسترسل بالغناء، وتسلطن، لكن الفرقة لا تتجاوب معها، حتى تصفيق الحضور كان خجولًا، رأت أن مستوى الحفل يهبط، لذا كيف ستستمر بالغناء؟ خاب أملها في حفل هذا المساء المشؤوم الذي يجري بالشام لصالح التلفزيون السوري، واستاءت كثيرًا من تردِّي عزف الفرقةـ، رمت الميكروفون وقالت بغضب: "كل ما بدي أسلطن بخلونيش" ثمَّ انسحبت من الحفلة إلى غرفتها المخصَّصة لها بالفندق وهي في حالة من الغضب الشَّديد. وقد جاء حول ذلك في نفس المصدر المذكور أعلاه ما يلي:               

"في غرفة الفندق تحاول أن تفهم سبب هذا الذي يحصل لها. ليس باستطاعة المنظومة الإعلامية/ الأمنية في هيئة الإذاعة والتلفزيون في دمشق تحمّل ربُى الجمال كما هي، شخصيتها وصوتها وخلفيتها الحلبية الأرمنية أشياء أكبر بكثير من أن تهضمها عقول ونفوس العاملين في دوائر التلفزيون السوري العائشين من خير النظام وعلى نعمته. يريدون لها أن تستسلم وكان هذا الحفل محاولتهم الأخيرة. هذا بات واضحًا وحقيقيًا لها الليلة أكثر من أي وقت مضى، وبات واضحًا أيضًا أنها لن تستطيع أن تقاوم أكثر. فكرتها عن صورة تريد الوصول إليها وتريد بها دومًا العودة إلى حلب، تهشمت أيضاً. انهارت ربُى تمامًا!"

 

القيمون على الحفلة حاولوا تهدئتها ومراضاتها لكي تعود إلى المسرح وتستأنف الغناء من جديد، لكن الصدمة الشديدة وقعت عندما وجدت أن أعضاء الفرقة غادروا المكان وكذلك الجمهور، لم تحتمل هول الصدمة فانتابتها نوبة عصبية نقلوها على إثرها إلى مستشفى “هشام سنان”، حيث رقدت فيه مده أسبوع، ثم غادرته عائدة إلى بيتها مرغمة، وذلك لتكاليفه الباهظة. مكثت في البيت عدَّة أيام حتى تدهورت حالتها النفسية والصحية أكثر، فقام عدد من الجيران والأصدقاء بنقلها إلى مستشفى الدوما الواقع في مدينة الدوما القريبة من دمشق، لكنها فقدت أغلى ما تملك، صوتها. حول ذلك جاء على صفحة "الملاك الحزين، ربى الجمال" على "الفيس بوك"، ما يلي:

"في هذه الأثناء كان التفاوض يتم مع نقابة الفنانين التي كان مجلسها الموقر، أو أصحاب القرار فيها، يتشاورون هل يقدمون لها المساعدة المالية أم لا.. على اعتبار أنها غير نقابية، وأن القانون قانون!". وتوضِّح الصَّفحة: "قضت ربى الجمال في المشفى أسبوع، لم يطرق بابها أحد من النقابة أو التلفزيون أو الإعلام.. باستثناء الأشخاص الذين كانت لهم صلة معها في حفلها الأخير"، ثم أصيبت بجلطة دماغية حادة لم تمهلها طويلًا، فقد فارقت الحياة سنة 2005 عن عمر يناهز 39 عامًا. 

 

المؤسف أن أهلها رفضوا أن يستلموا جثّتها، ووفقا للصَّفحة المذكرة، فقد "تكلَّفت جمعيَّة أرمنيَّة خيرَّية بدفنها، وكانت إجراءات الجَّنازة غاية في الغرابة والمهانة… أما القبر فكان قبرًا مجانيًا للغرباء في جمعيَّة الأرمن الخيريَّة!".

 

يقول الكاتب: نبيل محمد في مقال نشره في موقع "عنب بلدي" بعنوان: "حين قتلوا ربى الجمال"، "اشتهر فيديو جنازة ربى الجمال، ربما بالمرتبة ذاتها التي اشتهرت فيها مجموعة أغانٍ أدتها، فكان فيه من الخذلان ما يعبّر عن مدى الظلم الذي طال هذه الفنانة، حيث لم يتجمّع خلف نعشها سوى مجموعة صغيرة لا تجاوز 20 شخصًا من أصدقائها وأهلها، في ظل غياب أي تمثيل لمؤسسة رسمية، وفي ظل تغييب خبر جنازتها عن وسائل الإعلام، لقد أراد النظام حينها دفنها بهدوء، وأن حكمه على صوتها بالكتمان استمر بعد الوفاة لا شك".

 

(رحيل غير لائق!)

بالعودة إلى نفس "صفحة الفيس بوك" نجد أن "مشهد التشييع كان فضيحة بكل المعايير. عشرون شخصا أو أكثر هم من حضروا الدفن والتشييع بما فيهم شقيقتها الوحيدة وابنها الوحيد الذي لم يتجاوز الخمسة عشر سنة، والصديق المقرب ماجد زين العابدين الذي لحن لها أغانيها الأخيرة.. وبعض من الأصدقاء ورفاق الجوار". تتابع الصَّفحة: "من الفنانين لم يحضر سوى الفنان رفيق السبيعي، الشاعر توفيق عنداني، هادي بقدونس، سمارة السمارة، رمزي نعسان آغا، وآخرون!".

 

يعلَّل غياب الجمهور عن المشاركة الجماهيرية في جنازة هذه المطربة الكبيرة، حسب المصدر السابق "إلى ورقة إعلان نعيها التي حملت اسم وزارة الإعلام ونقابة الفنانين وكتبت بإهمال، فقد كتب اسم المطربة الحقيقي الذي يجهله الكثيرون بما فيهم العاملون في الوسط الفني والإعلامي:» وهو: زوفيناز خاجادور كاره باتيان" «ولم تسبقه لا صفة فنانة أو مطربة.. ولم يرفق بالتالي مع اسمها الفني الذي اشتهرت به، والتي كان يمكن لمن يود حضور جنازتها أن يذهب!

 

"أما الإعلان عن موعد ومكان الدفن.. فلم تهتم به وسائل الإعلام.. وكأن المطلوب أن تدفن هذه الموهبة العظيمة بأي شكل كان.. بغض النظر عن احترام عطائها الفني!".

  (يتبع)

https://www.facebook.com/watch/?v=1052961171392167

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.