اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• هنا مقر الحزب الشيوعي العراقي

علي عبد السادة

بالعربي الصريح

 

هنا مقر الحزب الشيوعي العراقي

 

ما يحدث للحزب الشيوعي العراقي، اليوم، نكتة سوداء. كوميديا يصنعها الارتياب والخوف من"التحول الديمقراطي"الصاعد برمزية جديدة لساحة التحرير.

عاقبوا الشيوعيين حين حصروا انصارهم وتاريخهم الابيض بزاوية اضيق من قانون مشوه للانتخابات، وقالوا لهم هذا قانون على مقاسنا و"براحتكم". فشاركوا، وتفاخروا بلمستهم الديمقراطية في عراق ما بعد صدام، وتشفع لهم راحة ضمائرهم يدهم النظيفة، لكنهم خسروا بامر عرابي المحاصصة والمناطقية. فقال الفائزون بمقاعد عرجاء:هذه هي الديمقراطية.

وعاقبوا الشيوعيين اليوم لانهم نزلوا الى الشارع الغاضب، في وقت لم يخرج احد من صناع حكومة الشراكة اكثر من مترين عن باب الخضراء، وهم في احسن الاحوال راقبوا المشهد من طوابق المطعم التركي. الشيوعيون حرضوا الناس، واغلب قوتهم ورصيدهم كادحون ومسحوقون، على حماية العراق الجديد من امراض الفساد والاستبداد، على صيانته من"ورم"التخبط وسوء التخطيط، من الاستخفاف بحاجة الناس واحلامهم. وفي جمع الغضب والكرامة صرحوا بـ"باطلٍ"اوجع رأس العراقيين كلهم. وما حرضوا عليه لا يخيف السلطة، بل يدعمها، هكذا افترض في حال كانت معايير الحياة المدنية هي السائدة.

الشيوعيون المستهدفون، مرارا، من قبل السلطة، أي سلطة، من تواريخ تسبق تشكيل حتى حزب من يمسك بمشهد الحكومة الراهن، لم يكونوا سوى صمام امان لجوهر تجربة العراق الجديد، ولولا وجودهم لسرنا نحو الهاوية.

عاقبوا الشيوعيين العراقيين تحت شعار"اخلاء المقرات العائدة ملكيتها للدولة"، وتحت متن مخفي: الرد على تضامنهم مع الاحتجاجات العراقية. حدث هذا وهو (الحزب) اخر من يفكر بالتجاوز على الممتلكات العامة، بينما يجري التجاوز عليها من قبل متنفذين على قدم وساق. اخلوا الشيوعيين من مقارهم، وتركوا الاخرين، في يوم طوقت مقارهم دون غيرهم.

الاحزاب المتنفذة دون استثناء لا تستطيع اتهام الشيوعيين بالفساد، ولا بالمساهمة في المحاصصة او صفقات الكراسي، لا تستطيع القول الا بانهم، وقوى ديمقراطية اخرى، الفصل الانصع بياضا في مشهد العراق الجديد.

الشيوعيون لا يحتاجون جدارا وسقفا شاهقا لتعلق عليه يافطة باسمهم، لديهم كل مكان في العراق، كل زاوية وزقاق وحي فقير، لديهم عواطف الصامتين والمظلومين، لديهم اوجاع الفقراء وامالهم، لديهم مقار لا تستطيع جحافل وهمرات اخلاءهم منها.

بينما يعرف النافذون في لعبة اليوم السياسية، انهم يطنشون، وينزعون من ذاكرتهم المشوشة فصل المعارضة، ايام كانوا يعرفون الشيوعيين جيدا؛ عملوا معهم، خبروا ايثارهم ولهفتهم على عراق ديمقراطي لا يتهالكون فيه على منصب او كرسي، على مخصص ونثرية، على عجلات مصفحة وحمايات بزمجرتها، على صفقة مشبوهة او مشروع وهمي، يعرفون جيدا من هم هؤلاء، لكنهم اليوم، وحين جاءت ساعة الغضب والاحتجاج، تظاهروا بانهم"ضيعوا العرف". واضاعوا شواهد كردستان والاهوار، وشواخص المقاصل وحبال الاعدام.

لن يتقاتل الوطنيون العراقيون على احتكار بنايات الدولة وممتلكاتها العامة، ولن يتحايلوا على الناس من اجل تعليق لافتات احزابهم على شواهق في بغداد دون وجه حق، ولن يرتضوا لانفسهم المشاركة في مساومة على حساب القوى المدنية الصاعدة في العراق. هؤلاء لا يكترثون بطابوق يصعد بناية وسط بغداد، فهم يعرفون اين مقارهم التي لا تصلها الاوامر العسكرية الا اذا اراد النافذون تكرار مشهد البعث ايام شراسته ووحشيته ضد الخصوم.

هؤلاء ينتشرون بين الناس، وفي بغداد تفوح رائحتهم بين الفقراء والمظلومين في كل مكان. واينما شاء النافذون البحث والتقصي عنهم.. فهنا مقر الحزب الشيوعي العراقي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة "المدى" ص3

الثلاثاء 8/3/2011

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.