اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• صحافة النجف (عاصمة الثقافة الاسلامية)

 واثق الخواري

صحافة النجف (عاصمة الثقافة الاسلامية)

 

كانت النجف خلال تاريخها المديد بلداً ينجب العلماء من أبنائه، وموئلاً للعلماء من أقطار العالم الإسلامي الذين قصدوه زواراً يطلبون العلم والمعرفة، أو للإقامة والاستيطان، يحلون على الرحب والسعة، هؤلاء العلماء الذين هم نجوم الأمة وكواكبها، وحياتها ونورها، فإن الله استشهد على ألوهيته العظمى بالعلماء مع الملائكة، فقال: { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [آل عمران:18].

  فقد كان أهل النجف منذ القديم يكرمون الضيف ويحلونه مكانة أعز من أنفسهم، يحبون العلماء ويحرصون على مجالسهم والاتصال بهم والانتفاع منهم بالعمل والتوجيه والقدوة، وكان علماءها يتمتعون بسمعة متميزة بين علماء المسلمين لدأبهم على الدراسة وتمكنهم من ناصية العلم ومتانة إنتاجهم العلمي، لذا كانت هذه المدينة بحق من عواصم الثقافة الإسلامية العريقة في علمائها وشعرائها وكتابها وأدبائها، وتتبين عاصميتها جلياً في المؤلفات التي أرخت لها ، وهذا كله أنموذج بسيط للتبادل العلمي والثقافي الذي نعمت به في تاريخها العريق، الذي يعرفه تمام المعرفة من قرأ التاريخ واستوعب دروسه.

إن  الحديث عن الثقافة  النجفية حديث شيق وممتع وضروري، وذلك لما للثقافة من أثر كبير في حياتنا المعاصرة خاصة بعد أن تعرضت ثقافتنا لأعنف هجوم فكري وغزو حضاري في تاريخها،من تسلط الحكام وظلمهم والحركات الفكرية المنحرفة. فقد صدر عدد من الصحف والمجلات فيها حول موضوع الثقافة والتراث النجفي.

لا يخفى أن الصحافة وسيلة من وسائل الإعلام الحديثة تضطلع بدور مهم في المجتمع ، فهي ميدان رحب للأفكار والمحاورات الفكرية والعلمية الجادة وصولاً إلى الحقيقة المطلوبة وتزويد القراء بكل جديد يحدث بصدق وصراحة ،كما أن لها دوراً كبيراً في التأثير على الرأي العام لأفراد المجتمع ، وإحداث التصورات المطلوبة عن الخبر أو المعلومة التي تطرحها وفق صياغة معينة فيما يخدم المصلحة العامة الحقيقية .بعد هذا العرض الموجز الذي سقناه إننا نجد كماً هائلاً من الصحف ، والمجلات اليومية والدورية ذات الورق الفاخر بصفحاتها التي سودت بكلام كثير ، يمنحك ولأول وهلة شعوراً بالغبطة والسرور على هذا الانفتاح والحرية التي سمحت بكل هذا الكم الورقي والكلامي في الكتابة والتعبير . لكنك ما تلبث بعد تمعن وفحص دقيق لمضمون هذه الإصدارات أن يتحول شعورك الوقتي السابق إلى أسىً عميق وحزن ثقيل على هذا الوضع المتردي ،حينما تجد هذا الحشو الرخيص المبتذل وقد سودت به هذه الإصدارات في كل عدد تغرق به سوق النجف الصحفية ! غير متمسكة بمبدأ نبيل أو هدف سام ، تقرأها من الغلاف إلى الغلاف فلا تخرج بفائدة ،  أقلام آسنة تستقى من مداد الرذيلة ، ويلون الصفحات بزائف الكلم ، ويقدمون الإيمان والجمال والحب والخير والحق وغيرها من تلكم المعاني الكبار في ثوب زور لُطخ بآسن الأفكار وزبالة الأذهان .. وأنا أتكلم عن واقع حي مشهود لا ماض مندرس ، فهي صحافة تبعية تتلقف بغباء أو سوء نية معلوماتها ، وتستقي أخبارها الهامشية  تفرغها نصاً دون تمحيص أو تدقيق لأن هدفها الغالب تجاري بحت ،أو أفكار لمنظمات أو أحزاب أو أشخاص ذو نفوذ لا ترقى بالأمانة والمسؤولية . الذين يتخذون يدا في جيب الحاكم ويدا في جيوب العامة، محاولين استغفال الطرفين واحتلابهما. هؤلاء الصحفيون لا يتعلموا من مُعلم بل يسرقون جهود الآخرين ويكوِّنون موادهم من النفاق والتملق والسطو . تتحرى بفارغ الصبر الدعم الدوري من الجهات الرسمية ، حتى لا تفلس ، وتواصل الإمعان والتضليل والتجهيل والتوجيه المعكوس . فإن أوردت خبراً ذا بال حرفته وأسقطت مضمونه وإن احتوت على تحليل أو مقال ، كان مضمونه بعيداً عن قضايا الناس والمجتمع ، يدور في فلك كاتبه انعكاساً لفكره الضيق ، وهذا يدلك على تيه هذه الصحافة وبعدها عن دورها الحقيقي ، فأخبارها سطحية مكررة ،وثقافتهم قرصنة أفكار الآخرين

إن الصحافة تفقد مصداقيتها حين تكون صحافة مجاملة، فالصحافة هي نَفَس الإنسان، ويفترض أن تكون تعبيراً حقيقياً عن مشاكله، وهمومه، وطموحاته، وآماله، وآلامه، وتطلعاته أما أن تمارس الصحافة دورها بشكل مقلوب، فهذه هي النكسة العظمى، والإجحاف الكبير بحق المجتمع النجفي، وهذا هو التنكر للرسالة التي كان يجب على الصحافة أن تحملها.

ثم جاءت الصحافة التي تسيطر عليها   (الجنة الاعلامية لعاصمة النجف الثقافية)فنفخت في تلك الدُّمى نفخاً جعل منهم قادة وجعل منهم صواغ فكر وصناع نفوس أقحموا أنفسهم مدعين علم ما لم يعلموا ,فصرفت لهم الاموال بدون وجه حق وقاموا بنشر مفالات مكررة  منشورة في الصحف المحلية وفي أعداد جريدتهم السابقة وكتاباتهم لاترتقي للمنهج الاكاديمي أكثرها حشوٌ بدون مصادر لا يقبلون نتاج غيرهم  ,بل المقالات متكررة في الاعداد السابقة وهَمُ محرووها هو قبض الاموال بأي صورة والجريدة حكر لهم كأنها  أرث آبائهم وآباء أصحاب مقالاتهم أو إرث فلان (وليس مال العباد)

فأي ضحك على المجتمع النجفي .من هذه الأقلام العرجاء إن رواج هذه الصحافة واستمرارها في الصدور يدل وللأسف على وجود خلل في الثقافة النجفية.

وإن ترك هذا الوضع على حاله ينذر بخطر عظيم أين الاساتذة والمؤرخون والاكادمون من أصحاب الاختصاص يجب تضافر الجهود لتغيير واقع الصحافة حتى تعود إلى ممارسة دورها المنشود ولن يتأتى ذلك إلا حينما ينخرط أبناء النجف من ذوي الفكر السليم في هذا المجال بقوة وفعالية تمكنهم من فرض وجودهم على الساحة الإعلامية متبنين طرح قضايا  الثقافة الحقة ومن هؤلاء الاساتذة والمثقفون الذين شهد لهم الناس بالتفوق والنبوغ، وأصبحت لهم جامعات ومدارس تسيطر على صياغة عقول الشباب وأفكار الناشئين،ورقي الثقافة,وأيضا ترك المقابل المادي وجعل الاقلام خدمة خالصة للنجف وتراثها.

وأخيراً نوجه نصيحتنا إلى جميع إخوانناالمثقفين ونخص بها الأدباء من كتاب وشعراء بأن يصرفوا جهودهم ويولوا عنايتهم وينفقوا قدراتهم في سبيل نصرة الثقافة سواء في ميدان التأليف، أو في ميدان الصحافة .

وهذا " الجهاد الثقافي " الذي يشكل الأديب إحدى ترساناته يجعل الموضوع الأدبي مُلْكاً مشاعاً للأديب ولغيره من الناس ، لكنّ عبقريّة الأديب تكمن في قدرته على إضفاء مسحة من الجمال الأدبي ، على موضوعه والارتقاء به إلى الأدب في خصوصيته.

إن الإعلام كله وبجميع مظاهره يجب أن يكون في خدمة  هذه المدينة، قولا وفعلا.

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.