اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• استراتيجية الفكر القومي الكوردي

 عبد الرحمن آلوجي

استراتيجية الفكر القومي الكوردي

 

يتناول هذا الجانب ـ من الفكر القومي ـ ما سبق أن نوهنا به , منعطفات و تطورات الفكر القومي الكوردي , و رؤيته الاستراتيجية , كما هو كائن , و ما ينبغي أن يكون , في معرض التصدي لأهم تطور يمكن  أن يعزز الصلات الإنسانية , و يوضح آفاق فكر قومي متصل ببعده الحقيقي في التعامل الذاتي بين أبناء أمة متجذرة في التاريخ , و في التعامل الموضوعي مع الآخرين , في وجه حضاري بعيد كل البعد عن النفس العنصري  , و الرؤية العصبية القائمة على نصرة القوم في حقهم و باطلهم و التحيز لهم , و أيثارهم على الآخرين , و النظر باستعلاء إلى من حولهم من مِلل و أقوام و شعوب و قبائل , مما لا يمكن أن يأتي بخير , و أن يحظى برؤية متوازنة , طالما كان الفكر الاستعلائي قائما على رؤية دونية و دانية للآخرين , و الذي ينطلق ـ في حقيقته ـ من ردة غير علمية و لا أخلاقية و لا تاريخية مسندة .. لذلك كان منطلقنا في التأسيس و التعقيد لفكر قومي متوازن من تلك الرؤية الناضجة القائمة على منهجية علمية , و فكر متوازن , وقيم أخلاقية , وبعد إنساني يريح الفكر من ترهات الرؤية الضيقة و الأفق المغلق الممجوج و آثاره و نتائجه الكارثية  التي جلبت الكثير من الويلات و الأحقاد و المصائب و الصراعات عبر التاريخ , كحصاد مروع لفكر استئصالي كريه , و مُثل ٍ قائمة على الحقد و الكراهية و الدونية , كما سوف نجد ذلك في معرض هذه الرؤية , من خلال بعض الكتاب العرب و الآثوريين و السريان , الذين يضيرهم كثيرا أن يجدوا للكورد مكانا تحت الشمس ..

 

و الذي يستعرض التاريخ الإنساني , بصراعاته الدموية , و حروبه المدمرة , و كوارثه التي صنعتها تصورات تصورات استعلائية, يمكنه أن يدرك حجم الفكر الكارثي القائم على تصور ٍ أن يتماسك علمياً ومنهجياً , بخلاف البعد الإنساني , والمنهج المتوازن , والرؤية الرحبة للفكر القومي الإنساني , بما يحمل من إيثار وحب , وتواؤم وتلاؤم بين مختلف الانتماءات والأطياف والمكونات والأقوام , بما يتيح الترابط والتكامل , والبناء التراثي والمعاصر لهذا الفكر الذي ينبغي أن ترقى إليه وتعززه , ونبحث عن أسسه وقواعده في واقع حياتنا , ومنهج فكرنا , لبناء تلك الأرضية التكاملية , والتصور الواسع المضيء , بما يحضر لحالة التوازن , والبعد عن الضغائن والثارات والانتقامات ودواعي الصراع وأسبابه , والإقصاء والشطب ومظاهره وأشكاله.

 

وقد برزت قيم ومفاهيم ورؤى شنعت على الكورد وجودهم الحضاري , ودورهم الإنساني , بل طالت تلك المفاهيم حياتهم ووجودهم وكيانهم كأمة " كميل سهدو وآشور العراقي مؤخرا وكثير سواهم على فترات " , هذه الأمة التي يمكن أن تبدع وأن تنتج وتنتمي إلى المجتمع الإنساني , كما فعل سهيل زكار في نعت الكورد بالقصور والتبعية وكونهم عالة على الآخرين ( في صحيفة سوراقيا) , كما فعل غيره في التحامل على الكورد وتاريخهم وقادتهم ومواقفهم , ودورهم السياسي في العراق كما فعل العنصري طلال شاكر في الحوار المتمدن , وقد رددنا عليهما , وعلى الآخرين ممن تحاملوا على الكورد (( قحطان الشرابي , إسماعيل العرفي , هارون محمد , مطر , بشار يلدا ... )) وما أدلى ويدلي – كما نوهنا آنفا - المدعو (( كميل سهدو)) والذي يربط بين التاريخ العربي والسرياني والآشوري كأبناء عمومة , ويرى في وجود الكورد خاصة في الجزيرة السورية طارئاً , ومنذ عدة عقود , في حين ثبت وجود الكورد من قبل البعثة الأثرية الألمانية (( جامعة هايدنبرغ 1972 م )) منذ ثمانية آلاف عام ق.م وفي مستوطنة كوردية خالصة , هي نيفالي تشوري على رافد من روافد الفرات , وقد حرر هذا البحث ونشرت تفاصيله في صحيفة " فكر وفن الألمانية " ونشرت أدق التفاصيل في مجلة الحوار , – كما ذكرنا في أكثر من موضع وموقع – وقام العلامة الأثري الألماني شتاين هاوزن " ببحث متكامل في تاريخ وحضارة المتوطنة الكردية , والتي تعد أقدم من الحضارة الفرعونية بنحو خمسة آلاف عام , في حين كشفت البعثة الأمريكية  حضارة حموكر ورفعت زمنها إلى تسعة آلاف عام ق.م– والتي نشرت أبحاثها في جريدة ( الكومبيوتر السورية) , و (صحيفة تشرين )

  وكانت لغتهم في ( حموكر) هي اللغة الكوردية كما نصت البعثة الأمريكية والتي يتحدث بها سكان شمال وشمال شرق سوريا , وجنوب شرق تركيا , كما دلت عليه البعثة المذكورة , بالإضافة إلى عشرات الأبحاث الموثقة حول كوردية الهوريين والكوردوخيين والميتانيين والمؤابين والعيلاميين ( ول ديورانت , هوزينغ , شتاتهاوزن , د.سيد قمني , عبد الحميد

الروحاني , مار , د.أ ولسون ... ) في أبحاث رصينة , تركنا تفاصيلها في ست عشرة حلقة من ( التجذر التاريخي للأمة الكوردية ),  والتي نشرت في المواقع الكوردية والصحافة الكوردية , وما أدلى به دلوه الفارغ من كل محتوى المدعو ( آشور العراقي ) في موقع ( دجلة ) الالكتروني , بردّ إبراهيم إلى ( إبرام) مما ينفي النصوص القطعية الثبوت والواردة في القرآن الكريم باسم ( إبراهيم) نصاً في عشرات الآيات الكريمة " انظر على سبيل المثال لا الحصر سورة البقرة الآيات ( 124- 135 ثم الآية 139 ) وهو متطابق مع اللفظة الهورية الكردية برهيم ومعناها " بجانب الصخرة " , وهو تراث محفوظ عند الكرد منذ آلاف السنين , تناقلته الأجيال شفاها , في حين كان ورود هورية إبراهيم , والنحت اللغوي حول ( أوركيش ) ( أوركسيدم ) والدراسة الموثقة للدكتور سيد قمني ( وهو مصري) حول كوردية الهوريين , وما أسنده وقواه عبدالحميد الروحاني , وما ثبته الاشتقاق اللغوي , ثم الدراسات الأثرية المفصلة حول أسلاف الكورد .. كل ذلك يدحض مزاعم ( آشور العراقي ) الواهية , والمنطلقة من موقف مسبق , وتصور واهم حول (( افتقار الكورد )) إلى محتوى الأمة أو الشعب , أو الكيان كما اختاره وأكد عليه كميل سهدو في موقعه السرياني ( نركال) والذي راح يضرب يمينا بشمال , ويخبط خبط عشواء بدءاً من نفي وجود تاريخي للكورد إلى أي وجود لهم في فريق الجهاد , وهو ينم عن ضحالة وسذاجة فكرية بالغة وحقد بالغ على وجود الكرد وتاريخهم , مما يضعهم في أعتى خانة شوفينية تطوعا عن الآخرين , ودفاعا عن رؤية فاشية عنصرية , وكلاهما يلتقيان بل يستمدان من سهيل زكار و إسماعيل العرفي , ومحمد طلب هلال الذي غالى في عنصريته إلى درجة شنيعة , ودعا إلى مشروع عملي لضرب الكرد ومسحهم من الوجود وتشبيههم – حاشاهم وحاشا كل شعب عريق – بالكلاب المسعورة في فاشية لا نظير لها ..

 

كما أن قرب العرب من الكورد , وبخاصة عرب الشمال وعرب الشمر , والتقائهم في إبراهيم الخليل وهم العرب المستعربة , مما نص عليه ابن هشام وابن خلكان وابن الأثير وعشرات المصادر , وهي أوثق صلة في الأصول والتراث والعقيدة من الأقوام السامية , التي يتحدث عنها المدعو كميل سهدو , وقرينه آشور العراقي , كأن الكتاب الآثوريين والسريان يرون في وجود الكورد و دورهم التاريخي عاراً وقلباً للحقائق وإضراراً بتاريخهم . كما أن إحصاء كميل سهدو حول الكورد يفتقر إلى المنهجية والدقة العلمية والقصور الفكري ,  كما أن تحامله  وبعده عن الدقة والتوثيق لا يستلزم كثيراً من الجهد وكدّ الذهن , وتوثيق المراجع , فهي مليئة تاريخياً وواقعاً بأغاليط  و بسطحية بالغة , لا يستحق عناء الردّ .. إضافة إلى ما يشم من رائحة الكراهية والحقد ومحاولة التسلق ووضع أقدام في أرض مبتلة وزلقة .. وهو ممّن يحمل فكرا عنصريا بدائياً ضيق الأفق , بعيداً كل البعد عن رحابة الفكر الإنساني , والرؤية القومية المتوازنة , والتي نكن فيها لكل المكونات والأطياف عربا وسريانا وآثوريين وفرسا وتركا وأفغانا كل الوئام والاحترام والتوقير, وندفعهم إلى التعاون والتعارف والتكامل , لا التحارب والتضاد والصراع , وشحن الطاقة لمدّ صراع سوف يقود إلى حقد دفين , وينطلق منه ويؤرثه ولا يأتي بغير الوخيم من العواقب.

 

إن نظرة متوازنة إلى الشعوب والأجناس والأقوام على أنهم لآدم , وأنهم من ذكر وأنثى ليتعارفوا ويتحابوا ويتفاضلوا على أساس عمل صالح منتج ومبدع , لا على أساس من العرق والتعصب للعرقية ونفي الآخرين , ورفض وجودهم بإرادة سياسية , وإسقاط وقائع بقرارات ومقررات واهمة  .. وهو ما نرفضه  بقوة وحرارة ويقين , ليكون الإرث الإنساني المشترك رائد فكر قومي متوازن وملهم, يعطي ويثمر ويخصب الفكر الإنساني , ويعلي شأنه , ويمدّ أركانه , بعيداً عن كل ادّعاءات العنصرية وآثامها , وهو ما نرجو أن يتحقق ويعلو ويزكو طيباً سائغاً , بعيداً عن المرتع الوبيل , والرؤية الفجة القاصرة والتي تتجلى في مثل ذلك التحامل البغيض , والمنطق المسيس والمهزوز , والذي يتداعى أمام البحث الرصين والهادئ والمعتمد لغة الأثريين , ومنهجية العلماء والباحثين.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.