اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• منشأ العولمة تاريخيا وإفرازاتها

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
يوسف زرا

منشأ العولمة تاريخيا وإفرازاتها

 

لم تكن ظاهرة العولمة الحالية التي افرزها النظام الرأسمالي العالمي بصورة عامة والغربي بصورة خاصة ، مع ثورة العصر ( تطور تكنولوجية المعلوماتية ) والتي انطوت على قيام علاقات اجتماعية واقتصادية استثنائية ، إلى جانب روافد فكرية وفلسفية مميزة . وان النظام الرأسمالي بحد ذاته هو وليد الطبقة البرجوازية الوطنية وهو الآخر وليد رحم النظام الإقطاعي . وكانت الثورة الصناعية التي انفجرت في القرن الثامن عشر الميلادي في أوربا الغربية بصورة خاصة . بقيادية البرجوازية الوطنية ، قد خاضت صراعا عنيفا اجتماعيا واقتصاديا وفكريا مع طبقة الإقطاع ذات النفوذ الواسع دينيا وعلمانيا المدعوم من قبل الكنيسة بصورة مباشر ة . ذلك النظام الذي حاول قسرا تعميم لا بل فرض مفاهيمه الاجتماعية والاقتصادية الفكرية على طبقة الاقنان المملوكة مع الأرض الزراعية وطبقة العبيد العريضة المملوكة خدميا لدى طبقة النبلاء والإشراف والأسر الحاكمة على مجمل القارة الأوربية . ومن عمق التاريخ على نطاق البشرية والذي لا بد أن نشير إليه ضمن إمبراطورية لا حدود لامتداد سلطانها ونفوذها الإداري والسياسي ، والتي ما انفكت تمارس أسلوب التوسع الجغرافي إقليميا وقاريا بشن سلسلة حروب طاحنة على شعوب الدول المجاورة لها والتحكم بمصيرها والتاريخ نفسه خير شاهد على ذلك من زمن الإمبراطوريات التي قامت في وادي الرافدين ، وادي النيل ، وادي السند ، ووادي النهر الأصفر في الصين ، عبر أكثر من أربعة آلاف عام ، حتى قيام الإمبراطورية الرومانية في أوربا قبل أكثر من ألف عام وسقوطها في القرن السادس عشر على يد البرابرة . ثم قيام الإمبراطورية العثمانية في بلاد الأناضول في القرن الخامس عشر واحتلالها غالبية دول أوربا الشرقية والوسطى والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسقوطها في العقد الثاني من القرن الماضي على يد الإمبراطورية البريطانية ، وظهور مجموعة كبيرة في الحالتين من دول ودويلات كمملكات وإمارات ومشايخ ، ولا زالت غالبيتها قائمة بمسميات قومية تحت خيمة الطبقة الإقطاعية ، أي كانت تحكمها أكثريتها اسر ، كال سبنسر في بريطانيا وال سعود ، وال هاشم ، وصباح ، ونهيان في الجزيرة العربية ومنطقة الخليج والأردن والعراق سابقا في العهد الملكي . ولو عدنا لدراسة مبسطة لكل مرحلة من مراحل نمو وتطور المجتمعات القديمة ، وما رافقها في فترة استقطاب النظام الإقطاعي على نطاق الكرة الأرضية ، رغم اختلاف المراحل الزمنية هنا وهناك . فكان في المحصلة . القائمة لذلك النظام ، تعميم المفردات الحياتية الاجتماعية والاقتصادية والإدارية ( المركزية المطلقة ) عل كامل المجتمع والأرض المسيطرة عليها أي جعله عالميا في آلياته اليومية لتلك المفردات . بمعنى ( عولمته ) وفق المفهوم الحالي . ولم يستثن أي مجتمع بشري في أي مكان وزمان من قيام إلى جانب نمط الحياة الاقتصادية الاجتماعية السائدة ، ظهور قيم وعادات وتقاليد ذات قدسية زمنية ، تناقلت مع الأجيال كمورثات تمثل في مضمونها مجموعة ، قوانين موضعية آنية تتحكم في تطبيقها حرفيا كل مكونات المجتمع البشري وتركيبه الطبقي على السواء ، بدءا من البُنى التحتية المتمثلة بطبقتي العبيد والاقنان المسحوقتين معاشياً والمسلوبتين إراديا ، ثم طبقة المزارعين والحرفين وصغار الكسبة ، وأخيرا الشريحة

 

السلطوية الحاكمة من الملوك والأمراء والشيوخ والسراكيل وغيرهم من الموظفين العاملين بأمر الشريحة المذكورة .

 

بمعنى إن العولمة الحالية للنظام الرأسمالي بسلبياتها وايجابياتها هي الامتداد الطبيعي عبر المراحل الزمكانية للمجتمع الإنساني . ولا بد لانتقال المجتمع البشري إلى نظام اقتصادي واجتماعي وسياسي وإداري حاملا معه مفاهيم وقيم وعادات تلائم آليات التقدم في النظام الاشتراكي الأقرب نسبيا في تحقيق العدالة الاجتماعية والذي تتساوى فيه حقوق الإنسان وبنسب معينة وبوتائر انسيابية متداخلة . أي لا يوجد فواصل زمنية ومكانية بين مرحلة وأخرى على مر التاريخ واستمرارية الحياة في كوكبنا هذا . وهكذا تبقى الأنظمة المذكورة وعلى التوالي ارحاما لولادات جديدة مع خصائص جديدة لتلك الإفرازات والظواهر المذكورة ولها مكانتها واحترامها لعدة أجيال وبدون انقطاع .

 

وأخيرا لابد إن نقول إن المادية التاريخية كظاهرة علمية لحركة المجتمع الإنساني الديناميكية،تبقى ميدان الحياة المطلق مساحة ،لأنها تمثل القانون الحي المتفاعل رغم التباين المهم في التطبيق في كل مجتمع وحسب ظروفه وبيئته الجغرافية والمناخية والفكرية ولا غير ذلك.وما تفرزه من المفاهيم الاجتماعية والاقتصادية والفكرية،هي بمثابة آليات مشاعة للبشرية،أي أممية بالمعنى السائد.عالمية التحقيق مستقبلا والمقصود(العولمة أيضا).

 

                                       

                             القوش 19/5/2010

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.