اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• فسقط جدار برلين يا سور بغداد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف زرا

فسقط جدار برلين يا سور بغداد

 

حقا الحضارة  تراكم كمي ونوعي لفعل الإنسان على مدى الزمن ، وهي ليست إلا مجموعة مخلفات لسلالات بشرية تسابقت في إقامة  صروح معمارية من القصور والمعابد ضمن مدن إحاطتها أسوار وأسوار تركت بصمات يد الإنسان عليها رموزا فنية ودلالات لعظمة كل مدينة ولما عاصرها من شعوب وحكام ، ملوكا وأمراء ، أباطرة وخلفاء ، وما أنجزوه من القيم والأعراف والعادات الاجتماعية وأنظمة اقتصادية ، وعقائد دينية وغيرها . والواقع خير شاهد على ما خلفته الحضارات البشرية من الأمور العظيمة ولا زال قسم منها شاخصة في مناطق عديدة من كوكبنا تحكي قصة شعوب أرادت أن تثبت للتاريخ مدى اعتزازها بأوطانها قل من قلده عبر آلاف السنين ومنها سور الصين العظيم بتصميمه الفريد وبطوله الخيالي الذي يمتد إلى قرابة 1500 كم بدءا من جنوب غرب البلاد مارا بالسلسلة الجبلية العملاقة ( هملايا ) نحو الشمال ومنتهيا شرقا ، مكونا حدودا لجغرافية ارض لأوسع ثاني دولة في قارة أسيا من بعد روسيا الاتحادية .

 

وإذا كان لسور المدن قبل عشرات القرون وفي وادي الرافدين بالذات له معان عدة ، فله أهداف عديدة أيضا ، ومنها حصانه ومنعة المدينة أمام الأعداء ، وشموخ حكامها وتباهيهم بتفوقهم على غيرهم في حماية سلطتهم وأمن وحياة شعبهم ، وقدرتهم على تكريس الطاقة الإنسانية وتسخيرها في بناء أعظم هياكل وجدران كأسوار حول عواصمهم وحتى قصورهم . فها هي بابل عظمة الدنيا وبهاء يومها ، لا زال بقايا سورها خير شاهد للعيان ، وإطلال نينوى التي يحتضنها سورها الحجري حتى هذه اللحظة ، وعلى مسافة عشرات الكيلومترات جنوبا و جنوب الغرب منها العاصمة القديمة أشور و مدينة الشمس الحضر بأسوارهما أيضا .

 

 ولكن كل هذا من مخلفات عصور وعصور لسلالات من الحكام احاطو لشخصياتهم هالة من القدسية ....... لا بل صفة إلهية لا تقهر حسب اعتقادهم ، استماتوا في الذود عن سلطانهم  واستبدوا بكثير من الشعوب واستثمروها . فكان بناء الأسوار ميزة عصرهم وأفضل وسيلة في الدفاع عن مدنهم وامتداد حكم سلالاتهم وليس بعيدا عن الذاكرة حين حطت الحرب الثانية عام 1945 في أوربا خاصة أوزارها بين دول الحلفاء المتمثلة سابقا  بالاتحاد السوفياتي العملاق وأوربا الغربية ، وبين دول المحور ممثلة بالنظام النازي الذي أقامه هتلر في ألمانيا والنظام الفاشي لموسليني في ايطاليا . ودحر النظامان واقتسمت ألمانيا وعاصمتها برلين بين دول الشرق بقيادة الاتحاد السوفياتي ودول الغرب بقيادة بريطانيا وأمريكا .

 

وحال تأجج الصراع بين النظامين السوفياتي الاشتراكي والغربي الرأسمالي ، حتى كانت برلين بالذات حتى عام 1961 وفي زمن الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف الذي أمر بتقسيم المدينة إلى جزئين شرقي كعاصمة لألمانيا الديمقراطية وغربي تحت احتلال القوات البريطانية والأمريكية وشيد بينهما الجدار الكونكريتي الشهير والذي سقط عام 1991 اثر انهيار النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي ودول أوربا الشرقية الموالية

 

له فكان الجدار وصمة عار في تاريخ ألمانيا النازية ، وبسقوطه توحدت هذه الدولة ثانية وتحت علم واحد . فهلا يتأنى حكامنا الإجلاء في العراق ويفكرون قليلا قبل أن يجعلوا بغداد محمية معزولة عن عراقها الحضاري ، هذه المدينة التي شيدها المنصور وازدهرت في عهد الرشيد حتى أصبحت عاصمة الدنيا ومنارها وقبلة طالبي العلم والمعرفة والراحة والاستجمام .

 

فهلا يتريث حكامنا المحترمون قليلا ويلغون فكرة جعل بغداد سجنا لأهلها . ما كان سور بغداد القديم أيام المنصور والرشيد إلا حفاظا لها كدرة الشرق وشمسها الساطعة .

 

فجدار بغداد اليوم وبطول (112) كم كما تناقلته الصحافة الوطنية سيكون لعنة على شفاء كل عراقي آبي ، يناشد الشرفاء من كل مكونات هذا الشعب المغلوب على أمره والمراد إنشاؤه بحجة منع الإرهاب من التسلسل إليها . يا لها من حجة عجيبة ؛؛

 

حقا فهو اعتراف علني عن عجز الدولة من مجلس جمهوريتها مرورا بمجلس وزرائها وحتى آخر من يدعي من مراتب حفظ الأمن والنظام .

 

وتحقير لقيم الجيش العراقي الآبي تاريخيا ، وتصريح واضح بعدم أهلية كل المسؤولين في حماية هذا الشعب من الجريمة المنظمة . فأيها المسؤولون ... قد تبنون هذا الجدار حول بغداد .... أفلا تتذكرون جدار برلين لماذا شيد وكيف سقط ؟ ....

 

لان إرادة الشعوب لا تحاصرها جدران من قطع كونكريتي مسلح وحتى وان صب من حديد الصلب ، فغدا لابد أن ينهار وتوزع أشلاؤه إلى أبناء شعب العراق ... وأنا كعراقي كان قد وصلتني قطعة صغيرة من جدار برلين مسندة على قاعدة من البلاستك الشفاف مرسوم عليها خارطة برلين المقسمة .

 

فهلا من موعظة وردة فعل قبل الشروع .... وإلا !!!

 

القوش  12/6 /2010        

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.