اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الاستبداد بالحكم والمصير المجهول للمستبد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف زرا

مقالات اخرى للكاتب

       الاستبداد بالحكم والمصير المجهول للمستبد

 

مضت اكثر من سبع سنوات , والشعب العراقي يعيش في دوامة ومخاضات عبر انفاق مظلمة , وهي حصيلة طبيعية لصراعات على كراسي السلطة بين فئاته الفوقية . غير آبهة بما آل اليه وضع البني التحتية المسحوقة والتي تفتقر الى ابسط مقومات الحياة اليومية الخدمية والتي لا يمكن لأية عائلة الاستغناء عنها ومنها الكهرباء والماء الصالح للشرب والطرق الغير مبلطة والرديئة للمواصلات الداخلية والخدمات الصحية والبطاقة التموينية والرعاية الاجتماعية لملايين الأرامل والعجز , واستفحال البطالة والتشرد الجماعي لنسبة كبيرة من الشباب لخريجي الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية , الى جانب نزيف الدم المتمثل بالهجرة الجماعية ومن كل مكونات المجتمع العراقي الى دول الجيران والمصير المجهول . علاوة على ظاهرة التسول في كثير من المدن الكبيرة وفي مقدمتها العاصمة بغداد والتي بينت اخر احصائية تقديرية لهم بأكثر من مئة الف متسول من الاطفال وبمختلف الاعمار ومن كلا الجنسين وغالبيتهم لا معين لهم ولا مأوى .

 

   وتجلت الصورة البشعة للصراع الدائر طيلة هذه السنين وخاصة بعد الانتخابات الاخيرة لاعضاء المجلس الوطني ومجالس المحافظات والذي مضى عليه اكثر من سبعة اشهر ولازال هيكل الحكومة ناقصاً من اهم وزاراته كالدفاع والداخلية والتجارة والمخابرات وغيرها . وملتهية باستحداث وزارات غير فاعلة لا بل وهمية، وأحتارت الكتل المتنافسة على كيفية تقاسمها بينها وبآية اسماء وعناوين كانت. أي الغاية منها توظيف عدد من الرجال وملء جيوبهم برواتب خيالية لم يحصل عليها بصفة رسمية أي مسؤول لأية دولة في العالم من الملوك ورؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزارات وهلما جرى وما يتبع من المئات لا بل الاف الاشخاص برواتب فوق العقلانية وبأسماء نواب في البرلمان ومدراء عامين وغيرهم.

 

ولحد هذا اليوم لم يلتفت أحد من هؤلاء المسئولين وذوي النفوذ السياسي والاجتماعي والديني الى مايفرزه صراعهم على السلطة وتحت يافطة مشوهة ومبطنة.تارة بتسميات دينية او مذهبية وضرورة طغتيتها بصخب اعلامي لتبرير تاثيرها على السامع البسيط من عامة الناس وبغية تأجيج الخلاف وتصعيد التناحر الى حد نشوب حرب اهلية طاحنة بينها في حالات كثيرة. وما رافقها في كل يوم وساعة من القتل الجماعي بواسطة المفخخات والعبوات الناسفة, وسقوط الاف الضحايا بين قتيل وجريح من الابرياء ومن كل مكونات الشعب العراقي وبنسب متفاوتة.الى جانب الاغتيالات بالمسدسات الكاتمة لكثير من العناصر السياسية الوطنية وكوادر علمية وتربوية وعسكرية لاتحصى ولاتعد وفي وضح النهار. وتارة اخرى تنهال الهجمة الشرسة على غالبية الاقليات الاجتماعية والاتنية والدينية ومنها بالذات ( كلدان ، اشوريين ، سريان ) وغيرهم دون ان تكون لهذه الاقليات ضلعاً في الصراع الدائر بين الكتل الكبيرة المتنافسة على مقاعد الدولة قاطبة.

 

وهذا مما ادى الى اشاعة الفوضى والانفلات الامني في ارجاء الوطن كافة وبدون استثناء،واستفحال إنعدام الثقة بكل مسؤول وفي اي مستوى وعنوان رسمي يكون،بدءاً برئيس الدولة ونوابه مرورا برئيس الوزراء ووزرائه ورئيس البرلمان واعضائه. هذه النخبة المحترمة والمنتخبة من قبل ابناء الشعب بهذه الصورة او تلك. الى جانب قادة الكتل السياسية الموقرة وهم في حلبة الصراع وضمن المسؤولية الادبية والاخلاقية امام المجتمع. وكآن الآمر اصبح مستعصيآ على الجميع. وآصبحت شريعة الغالب هي السائدة والمتحكمة في امور الناس وبدون رادع قانوني لها في حين ترى ان الكل وحسب موقعه الرسمي في حالة شبه تنصل مما يجري على ارض الواقع. ويضع اللوم على الغائب المجهول والمسمى بالارهاب والجريمة المنظمة، وكآن الانسان العراقي اصبح بلا قيمة ولاحول له ولاقوة، وحتى عاجزآ بالدفاع عن نفسه، وفقد وعيه كما يتصورون.

 

ولكن الايام الاخيرة خير دليل وشاهد ان الشعب العراقي  واع رغم ان صبره كاد ينفذ، ونزلت جموع وبصورة ارادية ومنتضمة وفي الكثير من مدن العراق وبشكل مسيرات احتجاجية سلمية تطالب بما ينقصها من الخدمات المادية الاساسية الحياتية وحماية امنها. وهذا حق مشروع يقره الدستور العراقي في التظاهر السلمي والتعبير عن طموحاتهم في تحقيق نظام حكم ديمقراطي تعددي سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي . دون ان تملي عليهم بعض الفئات والعناصر المتطرفة دينيا اوامرها الحاقدة على الانفتاح الفكري وحرية الكتابة وتنظيم الحياة ضمن اتحادات وجمعيات مهنية وثقافية وفنية وغيرها.

 

ولابد ان نقول ونؤكد ان المسيرات والمضاهرات السلمية التي اجتاحت مدن العراق خلال الاسبوعين الاخيرين ولازالت مستمرة. لم تاتي بصورة عفوية او لا ارادية وبدون اهداف ومطالب حيوية ومشروعة كما قلنا مسبقا.

 

بل جاءت تعبيراً صادقاً عن الواقع المأساوي الذي تعيشه غالبية شرائح وطبقات المجتمع من جراء الفقر المدقع وظاهرة كبت الحريات كما جاء اعلاه ومن جانب اخر جاءت تضامناً مع المواقف البطولية التي خاضتها شعوب كل من تونس ومصر بصورة خاصة وامتدى لهيبها الى كل من المغرب والجزائر والاردن واليمن والعراق. والنتائج المذهلة التي حققتها الاحزب السياسية وشباب مصر وتونس في قلب الاوضاع السائدة على رأس حكامها وأجبروهم على الهروب او التنحي. فما اشبه اليوم بالبارحة ايام العدوان الثلاثي على شعب مصر عام 1956 من قبل بريطانيا وفرنسا واسرائيل إثر تأميم عبد الناصر قناة السويس والتضامن الكبير الذي قام به الشعب العراقي وقواه الوطنية التقدمية تضامناً مع الشعب المصري وسقطت حكومة العراق بعد المظاهرات الصاخبة التي اجتاحت العاصمة وغالبية مدن الوطن وختاماً نقول . ان حركة المجتمع الانساني في كل مكان وزمان لا يمكن ان تتوقف ولكل من يتصدى لها لا بد ان ينتهي الى التنحي والمصير المجهول.

 

12-2-2011

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.