اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• معلومات غير منشورة عن غبطة البطريرك بولس الثاني شيخو -//- سالم عيسى تولا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سالم عيسى تولا

بمناسبة مرور 23 عاماً على رحيله

معلومات غير منشورة عن غبطة البطريرك بولس الثاني شيخو

1906 – 1989

في صيف 1960 إنتقلت أمي ( كتي يوسف ختي ) إلى جوار ربها في بغداد، فأخذناها إلى مسقط رأسها أ(القوش) حسب وصيتها.

بعد إكمال مراسيم الدفن أثمنا مراسيم العزاء أبي وأنا والأقارب. كان من جملة المعزين غبطة البطريرك بولس شيخو حيث كان في زيارة إلى دير السيدة.

فتعرفت عليه عن كثب وأنسجمنا معاً في حوارات دينية وثقافية، ثم غادر المجلس معززا مكرماً.

كان من الواجب عليّ أن أزوره في الدير لتقديم الشكر. فرحب الرجل كثيبراً وطلب منّي أن أتواصل في بغداد. كان هذا أول لقاء لي لهذا الرجل الذي دخل قلبي دون إستئذان وشعرت كأني أعرفه منذ سنوات، فكان يناديني بكلمة ولدي ليشعرني بدفء المحبة.

أثناء هذه الزيارة كلفت أحد الأصدقاء بإلقاط عدة صور بصحبة هذا الرجل النبيل الذي تعلمت منه الشيء الكثير بزمن قليل. والصورة التي تزيّن هذا المقال إلتقطت في باحة دير السيدة في صيف 1960 وقد أهديت لسيادته عدة لقطات مأطرة ومزججة فشكرني عليها كثيراً.

نبذة موجزة عن حيات غبطته: إن حياة هذا القديس مليئة بالأعمال الجليلة، ولا أعرف من أين أبدْ، فعذراً إن هفوت أو سهوت، فقد ولد الطفل صادق الذي سمي على إسم جده، في الأول من تشرين الثاني 1906 في بلدة ألقوش من أبوين ورعين هما الشماس ججو شيخو الذي كان يعمل ساعوراً في الكنيسة ويمتهن الحياكة، وشوني ميخا برنو. أنهى دراسته الإبتدائية وألتحق بالمعهد الكهنوتي في الموصل وسيّم كاهناً في 1930 وسمّي بإسم بولس نظراً. نظراً لتفوقه الدراسي، أرسل إلى روما وتخصص في العلوم الشرقية ونال الدكتوراه في الحق القانوني، ثم عين مديراً للمعهد الكهنوتي. في 1947 رسم مطراناً على أبرشية عقرا والزيبار، قم نقل إلى حلب.

وعلى أثر وفاة البطريرك يوسف غريمة، إنتخب مار بولس بطريركاً.

إشتهر بغيرته على بناء الكنائس والأديرة والمدراس فشيد ما يقارب أربعين كنيسة ودير ومدرسة.

رسم ثلاثاً وثلاثين أسقفاً وعشرات الكهنة والشمامسة وشارك في الكثير من جلسات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، إهتم بالنشر والتأليف والترجمة فأصدر عدة كتب، هذا فيض فيض من فيض لأعمال التي لا تحصر. وسنأتي الآن على بعض مما لم يكتب عنها، وقد لا يعلم بها إلا نفر ضئيل، خشية الضياع والنسيان أردت أن ادون قسماً منها وعشت بعضها أو سمعتها من أناس لا يرقى إليهم الشك.

1- في إحدى الأماسي كنت جالساً في محل أحد الأصدقاء، فدخل رجل أنيق في ملبسه مهذب في كلماته، قدّمه لي صديقي بـ (المحامي حسن دزئي)، فرحبت به وقدمني له بإسمي الثلاثي فسألني: هل أنت من (القوش)؟ قلت: بلا. قال: خيراً صادفت، أردف قائلاً ألست من بلدة البطريرك بوسل شيخو؟ قلت: بلا. قال: أنا من (عقرة) كنت أشغل فيها وظيفة مرموقة في الوقت الذي كان البطريرك شيخو مطراناً فيها. كنّا نلتقي مع علية القوم في ديوان مفتي عقرة المرحوم (هيبة الله) كان عينا في مجسل الأعيان. نتجاذب أطراف الحديث وكنّا جميعاً متشوقين لحضور المطران، كنّا نناديه (بسيدنا) ونستمع لأحاديثه العذبة وكنّا نجله أيما إجلال.

غاب عن مجسلنا لعدة أيام فأردنا أن نستطلع الخبر وشعرنا بأسف على غيابه، فطلب منّي السيد المفتي أن أزوره بإعتباري أصغرهم سناً. فطرقت الباب عليه فإذا به يفتح الباب، فدخلت وسألته عن غيابه هل هو مرض لا سامح الله أم عائق آخر؟ فأجاب: الحمد لله صحتي جيدة ولكن العائق هو: سمعت إنكم تنوون بناء جامع في عقرة ولم تطلبوا منّي المساهمة فقلت: سيدنا نحن لم نرد أن نحرجك بطلبنا هذا ويسعدنا ويشرفنا أن تكون من المساهمين في بناء هذا الجامع، وكذلك نحن سنسعد كثيراً لو سمحتم لنا بترميم كنيسة أو دير فلكلها بيوت الله.

2- في السبعينيات كنت أملك سيارة متواضعة لخدمة العائلة. في أحد أيام الصيف والحر على أشده، إنتهي من شراء حاجاتي المنزلية من الشورجة على شارع الجمهورية، وأنا أتهيأ لعبور الشارع إلتفت يساراً وإذا بغبطة البطريرك بملابسه الحمراء وعمامته المدورة السوداء ولحيته البي اء وصليبه الذهبي وعكازه البني يسير مسرعاً، فأسرعت الخطى نحو مستفسراً عن سبب تسرعه في هذا الحر اللاهب والعرق يتصبب من وجهه؟ قال كي ألحق (باص المصلحة) لأني ذاهب إلى كنيسة الروّاف في البتاوين. فقلت: تريّث قليلاً سيدي، أنا عندي سيارة وسأنقلك حيث ما تشاء فلا تقلق، فشكرني كثيراً ودعا لي بالخير والبركة.

3- في زمن وزير التربية عبد الستار الجواري، أصدر أمراً بتدريس القرآن في جميع المدارس بحجة تعلّم اللغة العربية. سمع بذلك البطريرك بعد تأكده من الأمر طرق باب السيد طارق عزيز، فأستقبله بفتور وراح يسفّه أقوال البطريرك، فأستائءت منه أمه وأنبته قائلة: كيف تفضّل الحزب على دين أبائك وأجدادك؟ وخرج غبطته من عنده غاظباً متذمراً ومهدداً بأسوء العواقب. وأخيراً وصلن هذه الأخبار إلى صدام حسين، فجمّد الأمر وسحب الكتاب والقى باللون على الوزير ثم أقيل.

4- حدثني أحد القسس الذي رافق غبطة البطريرك لحضور مجلس العزاء في بمناسبة وفاة أم صدام حسين في تكريرت فقال: ذهبت بصحبة البطريرك إلى تكريت لنقدّم تعازينا للسيد صدام حسين، فدخلنا الباب الأول فالثاني ولن يبفى إلا الباب الزجاجي وهو الثالث وشاهدنا صدام ينظر إلينا، فجاء الحرس وطلبوا منّا نزع قسم من ملابسنا قصد التفتيش.

فقال البطريرك لمسؤول الحرس: لماذا تفتشوننا؟ إذا لم تثقوا بنا فلا موجب لحضورنا، وألتفت إلي وقال: هلم نعود؟ فرآنا صدام ونحن نهم بالخروج. فسأل صدام عن السبب. فأجابوه: إنهما يرفضان التفتيش فقال: دعهما يدخلان. عندما وصلنا إليه وقدمنا التعازي. إعتذر صدام للبطريرك قائلاً: هذا صوج الويلاد؟

5- كان لي قريب قضى معظم عمره في السكر والعربدة دون أن يحسب حساب الشيخوخة والأمراض والإهمال، فقد بصره ومصدر رزقه. زرته سائلاً عن أحزاله فقال: أعيش على وسادة الخيرين. سألته عمّن يدفه إيجار مأواه. قال أحد الخيرين وأوصاني بأن لا أبوح بإسمه. بعد إلحاح منّي قال: إنه البطريرك يأتي ويدفع إيجار الغرفة وإلا لتهت في الشوارع؟

6- حينما كان مطراناً في عقرة تعرض أخوه (يوس) إلى أزمة مالية خانقة، فقصد أخاه حتى يساعده، فقال له: من قال لك اني أستطيع مساعدتك. أنا لا أملك شيئاً، انها أموال الكنيسة، هل تريدني أن أسرق من الكنيسة وأعطيك؟ أنصحك بالعودة من حيث أتيت. إذهب وأعمل حالك حال غيرك. عاد يوس إلى ألقوش خالي الوفاض.

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.