ابْنُ العَاصِفَةِ// سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 04 تشرين2/نوفمبر 2025 19:34
- كتب بواسطة: سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك
- الزيارات: 106
سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك
ابْنُ العَاصِفَةِ
سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك
فِي الثَّامِنِ عَشَرَ مِنْ يُولْيُو،
كَانَ اللَّيْلُ يُعِيدُ تَرْتِيبَ الغَيْمِ عَلَى هَيْئَةِ رَجْفَة،
وَالسُّحُبُ تُلْقِي خُطَبًا غُبَارِيَّةً فَوْقَ الْمَدَى.
عَاصِفَةٌ...
دَخَلَتِ الْبَيْتَ قَبْلَ الْقَابِلَة،
وَصَرَخْتُ...
فَاهْتَزَّ الْبَابُ الطِّينِيُّ،
كَأَنَّ الرِّيحَ تُبَارِكُ مَا لَمْ تَفْهَمْهُ الْجَارَاتُ بَعْدُ.
قَالَتْ أُمِّي:
"وُلِدْتَ فِي تَوْقِيتٍ
تُغْلِقُ فِيهِ السَّمَاءُ سِجِلَّ الْأَعْمَالِ،
وَتَفْتَحُ بَوَّابَةَ القَدَرِ."
قَالُوا:
"وُلِدَ فِي غُبَارِ العَتْمَةِ!
أَيُّ بَرَكَةٍ تَنْزِلُ فَوْقَ صَدْرِ القَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ؟"
وَلَكِنَّ أُمِّي،
رَأَتْ فِي وَجْهِي
وَجْهًا يُشْبِهُ الغُفْرَانَ
إِنْ نَزَلَ مِنْ جَبَلٍ مَكْسُورٍ.
كُنْتُ إِذَا سِرْتُ، ارْتَجَفَ الحَائِطُ،
وَإِذَا بَكَيْتُ،
فَاضَ الحَنِينُ عَلَى سَجَّادِ الوَقْتِ،
المُطَرَّزِ بِأَنْفَاسِ الطُّفُولَةِ.
كُنْتُ أَعْبُرُ
بَيْنَ السَّاعَاتِ بِلَا ظِلٍّ،
فَمِنْ أَيْنَ يَأْتِي كُلُّ هَذَا النَّبْضِ؟
وَمِنْ أَيْنَ يَأْخُذُنِي اللهُ حِينَ أَغِيبُ عَنْ نَفْسِي؟
لِي مِنْ غَضَبِ الرِّيحِ وَشْوَشَةٌ،
وَمِنْ سُكُونِ الرِّمَالِ يَقِينٌ قَدِيمٌ،
يَهْدَأُ فِي صَدْرِي
كَنَبْضِ نَخِيلَةٍ
تَتَعَلَّمُ الصَّمْتَ قَبْلَ الغُنُوجِ.
لَسْتُ قَاسِيًا...
لَكِنِّي لَا أَضَعُ قَلْبِي عَلَى رَاحَةِ الغُرَبَاءِ،
وَلَا أَهَبُ وَجْهِي لِمَنْ لَا يَقْرَأُ مَلَامِحَهُ.
اليَوْمَ...
لَا أُطْفِئُ شَمْعَةً،
وَلَا أَعُدُّ السِّنِينَ الَّتِي ذَابَتْ مِنِّي،
وَلَكِنِّي...
أَتَذَكَّرُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كُلَّمَا مَالَتِ الغُيُومُ،
وَأَتَذَكَّرُ وَجْهَ أُمِّي
حِينَ قَالَتْ لِي:
"أَنْتَ...
هِبَةُ السُّكُونِ فِي زَمَنِ الصَّخَب،
وَابْنُ العَاصِفَةِ الَّتِي اسْتَأْذَنَتْ
قَبْلَ أَنْ تَهُبَّ."
وَاليَوْمُ يُشْبِهُنِي...
نِصْفُهُ حُلْمٌ،
وَنِصْفُهُ وَقْتٌ يَتَعَلَّمُ كَيْفَ يَحْزَنُ.
أَمْشِي عَلَى أَطْرَافِ صَوْتِي،
لَا أَخَافُ مِنَ الغَيْمِ،
فَالعَاصِفَةُ الَّتِي جَاءَتْ بِي،
مَا زَالَتْ تَسْكُنُ عَيْنِي.
وَإِنْ سَأَلُونِي: مَنْ أَنَا؟
قُلْتُ:
أَنَا صُورَةُ البَدْءِ
حِينَ تَخَفَّفَ مِنْ غُبَارِهِ،
وَابْنُ الأُمِّ الَّتِي لَمْ تَخَفْ مِنَ السَّمَاءِ،
وَابْنُ العَاصِفَةِ الَّتِي...
مَا زَالَتْ تَهُبُّ فِي الدَّاخِلِ.
سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك
المتواجون الان
348 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع



