اخر الاخبار:
بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل - الأحد, 02 تشرين2/نوفمبر 2025 11:14
سامراء.. القبض على الإرهابي "أبو إخلاص" - الخميس, 30 تشرين1/أكتوير 2025 20:34
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ابْنُ العَاصِفَةِ// سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك

 

 

ابْنُ العَاصِفَةِ

سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك

 

فِي الثَّامِنِ عَشَرَ مِنْ يُولْيُو،

كَانَ اللَّيْلُ يُعِيدُ تَرْتِيبَ الغَيْمِ عَلَى هَيْئَةِ رَجْفَة،

وَالسُّحُبُ تُلْقِي خُطَبًا غُبَارِيَّةً فَوْقَ الْمَدَى.

 

عَاصِفَةٌ...

دَخَلَتِ الْبَيْتَ قَبْلَ الْقَابِلَة،

وَصَرَخْتُ...

فَاهْتَزَّ الْبَابُ الطِّينِيُّ،

كَأَنَّ الرِّيحَ تُبَارِكُ مَا لَمْ تَفْهَمْهُ الْجَارَاتُ بَعْدُ.

 

قَالَتْ أُمِّي:

"وُلِدْتَ فِي تَوْقِيتٍ

تُغْلِقُ فِيهِ السَّمَاءُ سِجِلَّ الْأَعْمَالِ،

وَتَفْتَحُ بَوَّابَةَ القَدَرِ."

 

قَالُوا:

"وُلِدَ فِي غُبَارِ العَتْمَةِ!

أَيُّ بَرَكَةٍ تَنْزِلُ فَوْقَ صَدْرِ القَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ؟"

وَلَكِنَّ أُمِّي،

رَأَتْ فِي وَجْهِي

وَجْهًا يُشْبِهُ الغُفْرَانَ

إِنْ نَزَلَ مِنْ جَبَلٍ مَكْسُورٍ.

 

كُنْتُ إِذَا سِرْتُ، ارْتَجَفَ الحَائِطُ،

وَإِذَا بَكَيْتُ،

فَاضَ الحَنِينُ عَلَى سَجَّادِ الوَقْتِ،

المُطَرَّزِ بِأَنْفَاسِ الطُّفُولَةِ.

 

كُنْتُ أَعْبُرُ

بَيْنَ السَّاعَاتِ بِلَا ظِلٍّ،

فَمِنْ أَيْنَ يَأْتِي كُلُّ هَذَا النَّبْضِ؟

وَمِنْ أَيْنَ يَأْخُذُنِي اللهُ حِينَ أَغِيبُ عَنْ نَفْسِي؟

 

لِي مِنْ غَضَبِ الرِّيحِ وَشْوَشَةٌ،

وَمِنْ سُكُونِ الرِّمَالِ يَقِينٌ قَدِيمٌ،

يَهْدَأُ فِي صَدْرِي

كَنَبْضِ نَخِيلَةٍ

تَتَعَلَّمُ الصَّمْتَ قَبْلَ الغُنُوجِ.

 

لَسْتُ قَاسِيًا...

لَكِنِّي لَا أَضَعُ قَلْبِي عَلَى رَاحَةِ الغُرَبَاءِ،

وَلَا أَهَبُ وَجْهِي لِمَنْ لَا يَقْرَأُ مَلَامِحَهُ.

 

اليَوْمَ...

لَا أُطْفِئُ شَمْعَةً،

وَلَا أَعُدُّ السِّنِينَ الَّتِي ذَابَتْ مِنِّي،

وَلَكِنِّي...

أَتَذَكَّرُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كُلَّمَا مَالَتِ الغُيُومُ،

وَأَتَذَكَّرُ وَجْهَ أُمِّي

حِينَ قَالَتْ لِي:

 

"أَنْتَ...

هِبَةُ السُّكُونِ فِي زَمَنِ الصَّخَب،

وَابْنُ العَاصِفَةِ الَّتِي اسْتَأْذَنَتْ

قَبْلَ أَنْ تَهُبَّ."

 

وَاليَوْمُ يُشْبِهُنِي...

نِصْفُهُ حُلْمٌ،

وَنِصْفُهُ وَقْتٌ يَتَعَلَّمُ كَيْفَ يَحْزَنُ.

 

أَمْشِي عَلَى أَطْرَافِ صَوْتِي،

لَا أَخَافُ مِنَ الغَيْمِ،

فَالعَاصِفَةُ الَّتِي جَاءَتْ بِي،

مَا زَالَتْ تَسْكُنُ عَيْنِي.

 

وَإِنْ سَأَلُونِي: مَنْ أَنَا؟

قُلْتُ:

أَنَا صُورَةُ البَدْءِ

حِينَ تَخَفَّفَ مِنْ غُبَارِهِ،

وَابْنُ الأُمِّ الَّتِي لَمْ تَخَفْ مِنَ السَّمَاءِ،

وَابْنُ العَاصِفَةِ الَّتِي...

مَا زَالَتْ تَهُبُّ فِي الدَّاخِلِ.

 

سَعِيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك                                                             

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.