اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• بعض ما قيل في تاريخ البساتين - صفحة 2

"8"

" بعد غياب الشمسْ

لا نسمع الا ريحاً تمضي

وهدير الازمانْ

تحمله في الليل سواقي البستانْ "

"9"

 " قبل الفجر

والغيمة توشكُ ان ترحلْ

نسمع صوتْ:

"المستقبلْ

حيٌّ بينكمُ، لم يُقْتَلْ" ! "

"10"

"نشروا فوقنا الفؤوسْ

واستهانوا إبادَتنا

صار كلٌّ على ثنْيةٍ، حفرةٍ

او تظّللُهُ شجره،

الجمالْ

اعزلاً يتّقي القتَلَه.."

"11"

لغةٌ شَرِسه

يبِسَ السمُّ فيها،

نحسُّ زناداً وراء العيون ِ

وأمراً بقتل الكلامْ.

كانت الريح ترشُّ مساميرَها

فوق اوجهنا اليابسه

فجأةً، وتفجر خزّان موتٍ

"ابيدوا!

ابيدوا!

أبيدو..........هُمُ!

اقتلعوا هذا العشب الطالع من بين الاحجار

لا تبقوا مختبئاً،

يتفتح في اول غيثٍ،

يتواطأ والامطارْ.

كم كانت تحمل موتاً هذي الارض الخضراء!

"12"

أسودت اشجار الله المشتعلة

واجْتُثَّتْ ازهار الاطراف

الاحجار السودْ

متناثرة في الساحاتْ

وبقايا كتب محترقه

وشعارات.

"13"

من بعيد يلوح الدخان

يغطي حقول الذره

هكذا كانت المجزره.

"14"

بعدما خمدتْ فوق انقاضها القرى

بعدما صارت القريةُ موقدَ نار

وعادت الى ليلها العرباتْ...،

النخيل البعيد تراءى مسلاّتِ حزنٍ

معبّأةً بالدخانْ

لا تبوح بما هي تعرفُه

وتموتُ على ليلِ أسرارها

بانتظار مواسمَ قادمةٍ ورؤى فاصله

بانتظار انفلاق الجدارْ

وتدفّقِ ضوء النهارْ

ليخرجَ للارض سرٌ كبيرْ

سرُّ موتِ القرى والبساتين والمدن الفاضله..

 

(3)

مرثيات كتبها شاعر مجهول

 

"1"

اغتفرْ لي حكايا قديمه

اغتفرْ لي أسى يتحوّلُ في ليلهِ

كلماتِ ملثَّمةً وخناجرْ

اغتفرْ لي أُحدّثُ اشباحَ قتلى

وأُحدّثُ في عزلتي عاشقاتٍ

رمينَ الظفائر فوق القبورِ

اغتفرْ لي دماءً مضتْ في الترابْ

لتُصبِحَ اشعارَ حزنٍ

تسيحُ مرارتُها في سطور الكتابْ.

اغتفرْ لي أُهرّبُ مأساتَكم

وأجوبُ بها في العصورِ

فأنا كلفّتني الحياة

لآتي بأحداث منسيةٍ

وبأسماءَ غائبةٍ

وقلائدَ مقطوعةٍ ما تزال عليها

دماءُ النحورِ...

"2"

انتِ يا أنجماً صاعده

برّدي وحشتي

وأريقي اشعَّتكِ البارده

فوق هذي القباب من النخل والبرتقالْ

فوق اكواخهم والتلالْ

وعلى اوجهٍ يابسات

نقرأ افكارها في الغضون ِ.

خلني أشفِ غِلّتي،

خلّني أُكملِ الخطابْ

خلِّني أُطلق الطيورْ

أُرسلِ الشعرَ والمرايا

وامد يدي لازيح الغيومْ

واقبّل كل الذينْ

سقطوا في طريق النجومْ..

"3"

اسنحثُّ المهارات كي تبدأ الان تمجيدَها

للقرى النائمه

للنخيل يمدّ على الشطّ مأساتَهُ

ولاشجار بستاننا الواجمه

أيبَسْت قلبَها ضرباتُ الكوارثِ،

للزورق المنتظرْ

من سنين ينامُ على جُرْفهِ، ترسم الاشناتُ

على ظهرهِ طرُقاً للعدمْ

وتنام البروقُ بليل جراحاتهِ.

ولاهل القرى المتعبين من الخوفِ،

للطالعاتِ بزينتهن لعل شهاباً

من الرغبة يعثرُ في حِشْمةٍ تنتظرْ

للذين انتهوا من مغازلةٍ

قطَعَتْها خطى أو وقاحةُ

غصنٍ هطَلْ.

للذين انتهوا، اغلقوا بابَ بستانِهم

والتقوا في الدروبْ

متعبين تهرول فيهم مطاياهمُ الضاحكه.

للنساء الحوامل يملأن اثوابهن ببالون

من عبثٍ يُطلع المعجزاتْ.

ولابقار تلك القرى والدجاجْ

ولجلْساتهم في المقاهي،

لاحاديثهم في النَسَبْ

للذين يعودون واعينُهم لامعاتٌ

الى ورقٍ نثرتهُ أكفُّهمُ بين

تلك البيوتْ

وبعد التقوّل، بعد الظنونْ

يقولون: لو ان ما جاء فيها، يكون!

"4"

يا قرى نائمات على سبَخٍ في الجنوبْ،

يا بيوتَ القصبْ

ومواقدَها في الغروبْ

يا شذا الرز يخرج للدرب يصطادُ

آكلَهُ ويؤوبْ!

يا طيور الغروبْ

يا زوارقَ سكرانةً

أكملتْ رحلةً في قرى الجّن وعادتْ

محملةً سُكرّاً وطيوبْ.

يا وجوه الشمال،

يا وجوه الجنوب،

يا وجوه ديالى التي لا تغيبْ،

أنا كلَّ صباحٍ

وكلَّ مساءْ

أرفع الوجهَ كأني أرى الشهداء يمرّونْ

وأودّعُ قافلةً لا تؤوبْ...

"5"

اتذكّر تلك البساتين ترسو على ليلها النجومْ

وتنام الوجوهُ الحكيمةُ هانئةً بالمواسمِ

زاخرةً بقناديلَ من زهَرٍ

ومرايا مذهّبةٍ ورسومْ.

أتذكركم يا فيالقَ من كادحينْ،

يا ملائكةً في السجونْ

أتذكر اصواتكم تُشعِلُ الليلَ،

اراكم امامي واذرعُكم عاريه

تسحبون الربيع الى السُهُب النائية.

أتذكر ذاك النخَيل على الشطّ مزدحماً بالحقائقِ

مكتثماً لا يحرّر الغازَهُ من سنينْ..

"6"

كلهم يعرفونْ

خلف هذا التراب محاريثُ محروقةٌ

خلف هذا التراب فؤوس مثلّمةٌ

ونثارُ قبورْ

وعتابٌ خفيٌّ يبوح به غبشٌ ناعمٌ

ويمرّ أنيناً يلامس ابوابهم والوسائدْ

يتهاوى على العشب انداءَ سوداً

يترسّبُ فوق الوجوهِ رمادَ قصائدْ.

"7"

أتساءلُ والنسَمُ العابرات تحرّكُ

عشبَ السواقي:

كيف بعد الدمارْ

غسلت نفسَها البيوتْ

وأزاحت دماً يابساً وبروقاً محطّمةً

وصخوراً شواهدْ؟.

من أدارَ الرحى وأعادَ الجرارَ الى الشطِ،

من انضجَ الخبزَ، من سار مبتهجاً بالعنبْ

وأعاد الطيورَ الى الظلّ وغيّبَ ذاك الغضبْ؟

"8"

كلُّ شيء مضى والحياة العظيمةُ

تحتمل الجرحَ هادئةً،

تُنجز الزمنَ الاخرَ، تبتكر المُعجزه

وتُقَدِّم بعد انحسار العواصفِ

حكمتَها الموجزه ...

"9"

صوتهمْ في الرياحْ

صوتهم في شقوق الجدار القديم وفي

قشّ سقفٍ يقدّم للريح اوجاعَهُ

صوتهم في لحاء الجذوع وفي زهرة الخوخِ

والقصَبات الطوالْ

صوتهمْ موجعٌ وطريٌ لدى كل بابْ

صوتهم يتردَّد حين يميلُ الغَرَبْ

وَهَناً، حينما تخمد بعد القطاف السواقي

وتهوي عروشُ العنبْ .

صوتهم حاضرٌ ان زها ولَدٌ بفتوّتِهِ

وتمشطُ فاتنةٌ شعرَها

أو يلف الرجالُ عباءاتِهم اذ يحطُّ

على اسطح القرية السحابْ.

صوتهم يتعقّبني لالِفَّ حريرَهُ

فوق ضلوعي

وأكتبَ في الليل ملحمةَ الموتِ،

أحمِلُ وردةَ روحي

لخرائبَ نامتْ وراء متاريسَ

من غضبِ وترابْ:

ذِكرُهمْ وردةُ اللهِ

ترفُّ لوجهيَ اما فتحتُ الكتابْ...

"10"

في كل يومٍ غائمٍ، من آخر البستانْ

أسمع هذا الصوتْ

يصيح في الزمان:

"لا تحزنوا!

لا تحزنوا!

تبتديء القصصْ

وتنتهي القصصْ

ونحن متنا موثَقينَ

والرصاص في جباهنا .

 جراحُنا ظلتْ بلا ضمادْ

لكنها حقيقةٌ تعرفها النجومْ ،

تعرفها مرافيُْ البلادْ:

حياتُنا ما فارقتْ جلالَها

وهيبةَ الاسيادْ....."

ـــــــــــــــــ

جريدة "طريق الشعب"

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.