اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في المرأة وفلسفة القهوة- النص 27: قهوةٌ لا تُزَفُّ الى الشِّفاه// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

في المرأة وفلسفة القهوة- النص 27: قهوةٌ لا تُزَفُّ الى الشِّفاه

د. سمير محمد ايوب

 

أنتَ كما تَهْوى يا سعد، قريباً أو بعيداً، حِكايَتي صُبحَ مَساء. حاصَرَني غِيابُك دونَ أنْ يَنْطفئَ قلبي. وإنْ عِشتُ فيهِ خوفاً شاقاً وَعِراً، مُشاغِباً ومُتَحَرِّشاً. حَرِصتُ ألا أغرقَ في تفاصيلِ حساباتِ عقلي. حاولَ الدهقون جاهِداً بِخُبثٍ، أن يختصرَ شوقي إليك، بانتقاءٍ مُتَعمدٍ مَشبوهٍ، لذكرياتٍ جميلةٍ عَبَرَتْ. عاندتُ الريحَ، لأبقى إمرأةً نقيةً على ضفافِ خوفي. وحاصرتُ وساوِسَهُ القهرية، بأملٍ تعيشهُ روحي. ولم أسمح لأغاليطِ العقلِ، أن تسرقَ أو أن تُشوه شيئاً، مِمَّا وَقُرَعميقاً في القلب، دون تَغَيُّرٍ أو تَحَولٍ أو مَوتٍ.

 

جَعلتُ من غِيابِكَ يا سعد‘، واحةً من القهوةِ التي لا تُزَفُّ إلى شفتيَّ. نسائِمُها صعبةَ المِراسْ. تُهَيِّجُ ما يَسْكُنُ مُضْطراً من ألأشواقِ ولوعَتِها. ولا تَعْذِلِ المُشتاق. فَتثاقَلَ الوقتُ. وتَباطَئَتِ الليالي. ولم تَعُد أجنِحتي قادِرَةٌ على التحليقِ بِنا معاً، فوقَ السحابِ كما إعتدنا.

 

كُنتُ ما أن يرتديَ الليلُ عَتمَهُ، ويرفعَ أستارَهُ، وتَتَسكع في أرجائِه قُطعانُ الوحدة، والصمتُ الخارجي، أتجرؤ وأطلقُ سراحَ حواسي وأعِنةَ خيالي وأُنْطِقُ شوقي. كنتُ أُشرِع نوافذَ الأِنتظارِ وأَستنشِقُك، مع أن بردَ الحنينِ كان نَزّازاً لا يرحَمْ، مخالبه مُشتبكةٌ مع الحشى. كَوَنَّاتِ رَبابةٍ تُحاصر مِهباشا يَئِنًّ ، من حول جمرٍ مُتقدٍ.

 

ما فائدةُ نوافذَ الشوق إن كانت لا تُطِلُّ على قلبك؟ لأشاهدَك، كنتُ كلَّ ليلةٍ، ألغي وظائفَ عينيَّ. أتَحسس همسَ مِخدتي بأصابعي. وفي الصباح أقول لقهوتي بنفسِ الأصابع، وهي تَتَحسسُ يسارَ الصدر: هُنا سعد، وأنا بهِ أولى. كُنتُ أناديكَ وأناجيك. وأصغي لِهَمسِك. فأسرع اليكَ بِلا صوتٍ وبِلا صورة. فأحِسُّ لَمْسَك. وأشْتَعِلُ بِلا رماد، وأنا أولدُ من جديد.

 

ها قد عُدْتَ يا سعدُ دون أن ترحلَ عن نَفْسِك. وعاوَدْتَ إختراقَ الضفافِ إلى الُّلجَةِ، لتُباشِرَ قلبيَ من النبع الى المصب. في شراييني دَمُك. وفي رِئتيَ عِطرُك. وأنتَ من يُضفي على الفرحِ مَذاقَه ونكهتَهُ وقيمتَه. لا يتساوى وجودُكَ يا سعدُ، مع أي شئٍ آخر. لذا ليس لشوقيَ السَّاري اليكَ من آخر. ولا يُنقِذُني من هذا الشوق،  إلا سِحرُك وتِقَتي بك والأمَل. فكيف أخاف من شئ وقد عٌدْت؟

 

 أعطانِيَ ربي سُؤلي. فلم أعد أرملةً، ولا يتيمةً، ولا مهجورةً. وبالطبع لن أبقى راهبةً على أبوابِ قلبك. معك وبِكَ، سَأُكمِلُ مُعانَدَةَ الريحِ كما عهدتني. كَحورِ العِينِ سأغُذُّ إاليكَ الخُطى. لأشاركك فرحَ النَّعيم، في غوطةٍ طالما حَلِمنا أن نغرسها سوية، في مكان ما من وطن العرب.

 

سعد، لِفضائِلك وشمائِلك التي لا تخفى على كل من عرفك مثلي، أحببتك ورغِبْتُ فيك. فما وَزَنْتُ بك رجلاً إلا رَجَحْتَ به. فَمِثلُك تَتمناه النساء، وتخطبه  لنفسها. وتبذل ما تستطيع لتصبح زوجة له. مُقتدِيَةً ومُهْتَدِيَةً بخديجة أمِّ المُؤمنينَ. بقلبٍ مُحِبٍ وعقلٍ راجحٍ، سأتجاوزُ كل الأعرافَ والتقاليد التي تجعل الرجل هو الخاطِب، أعرضُ نفسي على قلبك المُحب وعقلك الراجح، زوجةً تشاركك ضرَّاءَ الحياةِ قبلَ مَسراتِها.

 

أبشر يا سعد، سأمضي لِلْتوِّ، إلى قبر أبي في بلاد الحجاز، لأتلوَ لروحهِ الفاتحةَ وكثيراً من القرآنِ الكريم، مُستأذنةً فيما عزمتُ، وللسفرِ اليك. سأُنْصِتُ لفرحِ الأب يُنيرُ وجهه المستدير، مُبارِكاً قراري. ثم أنطَلِق براً إلى الأردن، تُسابِق أشواقي إليك أشواقي الى مأدبا، حيث يرقد بسلامٍ رُفاتُ أمي، على مرمى حجرٍ من كنيستها. لأدعوَ الله سبحانه، لها بالرحمة الواسعة، ولتبارك لي من عليائها ما قررت. فَرَحاً وتبريكاً سَتَدْمَعُ عَيْنا أمي. أمي التي اقتلعها الصهاينة عامَ اغتصاب فلسطين، ونَفوها بالإرهابِ الظالم من الناصِرَةِ في جليل فلسطين، إستقرت عند خالِيَ شماسِ الكنيسة في مأدبا. وهناك إلتقى أبي الحجازي المسلم، بالناصرية النصرانية ذات يوم.  فأحبها وتزوجها. وكُنتُ أنا الثمرةَ الوحيدةَ، لهذا الزواج المبارك.

 

سألتقيكَ كما إعْتَدْنا وحيث إعْتَدْنا، في مكاننا المفضل في جبل نِبُّؤ في مأدبا. نتذوق بفرحٍ غامرٍ مزيجَها المُذْهِل من التاريخ والثقافة الحديثة. ونقف ونحن نناقش تفاصيل زواجنا، حيث وقف كَليمُ الله موسى عليه السلام، مُناشِداً قومه بني اسرائيل، العبورمعه من هناك الى فلسطين. فجَبنوا خوفاً، لأن فيها قوماً جبارين.

 

سعد يا إبن الكرك، أيها المُناضِلُ المُحِبُّ، لا زال الصهاينةُ كما عَهِدَهُم نبيُّ الله وكليمُه، جُبناءَ أوْهى من بيتِ العنكبوت. وفلسطينُ باقية ٌوطناً للجبارين.

 

 23/4/2014 – ( الأسكندرية ( مصر

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.