اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (324)- المتحف البغـدادي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

يوميات حسين الاعظمي (324)

 

المتحف البغـدادي

يصادف يوم 23-3-2020. الذكرى (47) لصعودي على المسرح لاول مرة يوم 23-3-1973 الذي تقرر فيه مصير حياتي..! وكان ذلك على مسرح المتحف البغدادي الاثير الى نفسي وذكرياتي..! ويذكر انني كنت قد احتفلت بهذا اليوم اول مرة في عام 1998 بعد مرور ربع قرن على هذه الذكرى على المستوى الاعلامي، واستمر احتفالي حتى عام الاحتلال الذي توقفت عن ذلك حتى اليوم..! وبهذه المناسبة احكي لكم اعزائي حكايتي مع المتحف البغدادي من بدايتها عسى ان تروق لكم ودمتم لاخيكم الاعظمي.

 

ذهابي الى مقهى المتحف البغدادي مطلع السبعينات من القرن الماضي. او يمكن تحديد ذلك بصورة دقيقة في يوم 20-3-1973 الثلاثاء تاريخ او دخولي الى المتحف البغدادي منقادا بطموح الغناء..! والحكاية بدات بواسطة السيد فاروق قاسم(هامش1) وهو من أبناء الحي الذي اسكن فيه في مدينة الاعظمية ومن العوائل المعروفة، حيث ينتسب الى جده لامه مطرب المقام العراقي المرحوم جميل اسماعيل حجازي الاعظمي، بعد ان نبــَّهني بأن هناك مقهىً جماهيرياً شعبيا تؤدى فيها حفلات غناء وموسيقى المقام العراقي في عصر يوم الجمعة من كل اسبوع داخل بناية المتحف البغدادي، واخبرني بان متعهد هذه الحفلات أو الشخص المستأجر لهذه المقهى، هو مطرب المقام العراقي المعروف حمزة السعداوي (هامش2). فشجعني بل ظل يلح عليَّ للذهاب الى هذه المقهى لتجربة حظـِّـنا فيها ، بالرغم من أن السيد فاروق قاسم كان قد جرب حظه وذهب من قبل الى هذه المقهى في عادي الايام وفي أيام الجمع الاسبوعية بجانب كثير من هواة مغنِي المقام العراقي ، ولكن دون أن يُسمح له ولا لغيره من الشباب بالصعود الى المسرح لغناء احد المقامات العراقية لحد هذا الوقت الذي كان يشجعني فيه، لعدم جاهزيتهم حسب ما يراه المرحوم حمزة السعداوي زمنذاك..!

 

يبدو ان مقهى المتحف البغدادي كانت هي الحلم الغيبي المنتظر الذي كنت انتظره بالاشعور..! بل ان كل المنعطفات الفنية التي واجهتها وتعاملت معها بدراية العقل العفوي وبعناية الاهية مباشرة من العلي القدير. تداخلت هذه المنعطفات مع بعضها في زمن متقارب جدا، او في فترة زمنية قصيرة جدا في منظور السير الفنية عموما. والغريب انها كانت منعطفات مترابطة مع بعظها ومتماسكة في بناء محكم منسجم بديناميكة تلقائية مستمرة رغم انها متنوعة المصادر في امكنتها الفنية. كانت حلم غيبي لا شعوري انتظره واتمنى حدوثه.

 

      على كل حال ومن ناحية اخرى، فانا اعتقد ان كل ذلك ربما من نتائج احلام اليقظة واحلام الغيب معا في حقيقة الامر..! منعطفات فنية مثيرة ونادرة الحدوث في تقاربها الزمني وفي نتائجها الفنية المثيرة وفي بناء مسيرة فنية متواصلة ومستمرة حتى يوم الناس هذا، في تصاعد تدريجي محبك وصلب رغم كل الظروف التي مرت على بلدنا العراق. انه عناد وتحد كبير..! فلا وجود لأي فكرة لليأس او القنوط، فالحياة فيها متسع كبير للتفاؤل والعمل الدؤوب والاستمرار في العطاء.

 

       وحكايتي مع كل هذه المنعطفات الفنية المتتالية والمتداخلة فيما بينها، كان محورها اللطف الالهي وما منحه العلي القدير لي من حظ كبير..! أو كما يقول المثل (على نيِّاتكم ترزقون)..! ومن هذه المنعطفات الفنية كان المتحف البغدادي، وللمتحف البغدادي حكاية اثيرة في نفسي، فقد كانت اللبنة الاولى في ولوجي عالم الغناء والموسيقى والمقام العراقي رسميا. متجاوزا تحفظ عائلتي لهذه الخطوة التي لم يسبق لغيري من اهلي ان غامر وقدم نفسه الى وسائل الاعلام واعلن عن طموحاته الفنية في غناء المقام العراقي دنيويا..! وحكايتي هذه مع مقهى المتحف البغدادي كانت بصورة عفوية وطبيعية، طغى عليها الخيال والتاملات والتفاؤل، وبالتالي كانت بداية الحظ الايجابي الذي صادفني منذ البداية..!

 

       على كل حال، ذهبتُ مع السيد فاروق قاسم الى مقهى المتحف البغدادي عصر يوم الثلاثاء 20/3/1973. وتعرَّفنا على بعض الحاضرين والهواة وغيرهم من رواد هذه المقهى، الذين إستمعتُ الى بعضهم يغنون ويتداولون فيما بينهم تفاصيل الخطأ والصحيح فيما يؤدون من هذه الاداءات المقامية، دون أن نحظى بحضور السيد حمزة السعداوي في هذا اليوم..! وفي يوم الخميس 22/3/1973 أي بعد يومين. ذهبتُ مع السيد فاروق قاسم الى مقهى المتحف البغدادي وبإلحاح من منه مرَّة أخرى، وفي هذه المرَّة إلتقينا بالسيد حمزة السعداوي المسؤول المباشر على هذه المقهى البغدادية. والذي ألتقي به وأتعرف عليه شخصياً لأول مرَّة. علماً أنني لم أكن قد تعرَّفتُ على أي فنان قبل هذا التاريخ فيما أعتقد..! وربما أستطيع القول أن حمزة السعداوي يكون أول فنان تعرَّفت عليه شخصياً، أو هو من أوائل الفنانين الذين تعرَّفت عليهم في بداية حياتي الفنية..! وهكذا قدَّمني إليه بعض الحاضرين.

-    الاخ حسين جاء منذ يومين، ويبدو انه يرغب بقراءة المقام العراقي.

 فالتفتَ اليَّ السيد حمزة وقــال موجهـاً كلامه لي.

-    ماذا لديك لتسمعنا من مقامات أخ حسين..؟   

-    أي مقام تريد..!

     فوجئ السيد السعداوي بجوابي وأردف قائلاً.

-    هل تعرف غناء مقامات كثيرة..!؟

-    اعتقد ذلك.

-    وأين تعلمتها..؟

-    من اسرتي وبيئتي وجهاز التسجيل الصوتي..!

-    إذن أسمعنا مقام المخالف.

وعندما أسمعته مقام المخالف كاملاً دون أي نقص أصولي تقليدي، ودون أية إضافة أو تعليق منه أو من الحاضرين..! أبدى إستغرابه وإعجابه، فضلاً عن بقية الحاضرين الذين يستمعون اليَّ لأول مرَّة. وقال لي بالحرف الواحد.

-    من أين أنت..؟

-    من الاعظمية.

-    هكذا إذن..! فالاعظمية مدينة مقامية تراثية فيها خزين هائل من قرَّاء وهواة غناء وموسيقى المقام العراقي. وما عليك يا أخ حسين، إلا أن تأتي عصر الغد لأقدمكَ الى جمهور المتحف البغدادي، ولتكن مفاجأة حفلات مقهانا البغدادية هذه.

في عصر اليوم الثاني 23/3/1973 الجمعة، كان يوما مشهودا بالنسبة لي، كنتُ متوسطاً فناني مسرح مقهى المتحف البغدادي لأول مرَّة في حياتي..! وطبيعي لم تجرى أي بروفة على مقام المخالف مع اعضاء الفرقة الموسيقية..! ولم يسبق لي ان غنيتُ مع أي فرقة موسيقية..! كذلك لم يسبق لي ان واجهت جمهورا منظما يستمع الى غنائي..! فكان وجودي بين فناني المتحف البغدادي عصر هذا اليوم 23/3/1973 امرا مباشرا ومفاجئا لي وللجمهور الحاضر..! حالة لم يمر بها أي فنان من قبل..! كل شيء دون تهيئة واستعداد ولا أي تجربة، كل الامور المحيطة كانت خام في خام..! لم ادرك نفسي الا وانا بين اعضاء الفرقة الموسيقية امام الجمهور الحاضر..! اول مرة التقي بفنانين واول مرة اجرب حظي واغني مع الموسيقى واول مرة اواجه جمهورا منظما جاء ليستمع الى غناء المقامات العراقية ليستمتع ومن ثم يمارس نقده لِما استمع اليه..! انه جمهورا خاصا ومتخصصا في شؤون غناء وموسيقى المقام العراقي وليس جمهورا عاديا..!

 

         مجمل القول، وصلتُ الى بناية المتحف البغدادي والامسية كانت قد بدأت منذ قليل. وما أن رآني المرحوم حمزة السعداوي، حتى ناداني بجهاز المكبر للصوت بالصعود الى المسرح. وما هي الا لحظات قليلة مرَّت حتى وجدتُ نفسي جالسا في وسط المسرح. عن يساري مجموعة من هواة مطربي المقام العراقي،  كما يظهر ذلك في الصورة رقم 1. وهم طارق القيسي(هامش3) وصلاح السراج(هامش4) وعبد الله ابراهيم المشهداني(هامش5) ومحمد العاشق(هامش6) ونجم عبود(هامش7) وحمزة السعداوي. وعن يميني جلس أعضاء الفرقة الموسيقية وفي مقدمتهم عازف القانون عبد الاحد جرجيس(هامش8) ثم عازف العود محمد سعيد وعازف الكمان يونس(هامش9) وعازف الايقاع بديع. وأتذكر أن عريف الحفل كان قد قدَّمني الى الجمهور بهذه الكلمات.

 

(والآن مع المطرب الشاب الجديد حسين اسماعيل الاعظمي، في مقام مخالف)

 

في الحقيقة اثارني هذا التقديم من قبل عريف الحفل، فقد انتبهت لاول مرة الى اللقب الذي نعتني به – الاعظمي – فلم اسمع اي شخص ناداني به من قبل، فهذه هي المرة الاولى التي يقرن اسمي بهذه الكنية. على كل حال، غنيتُ في هذه الامسية الاولى في حياتي مقام المخالف، وهو المقام المغنى من قبل الفنان يوسف عمر بهذا الزهيري.

 

بعـــــــــــد المودة حبيب القلب عاداني

ظــــــالم بعينة صرت مـن يوم عاداني

حتما اعــــــوف الوطن وابتعد عاداني

                                       والهج بروحي واطلق عنانها ويالعنى

                                       لاخير في عــــــشرة مشـابكة ويالعنى

                                       الله يذل العـــــــــــذل مــا بيننا ويالعنى

من سم الخــــــياط بالبهتان عـاداني

وهكذا بدأتُ من هذه المقهى، وبقيتُ أذهب إليها غالبية الاسابيع وأغني فيها المقامات العراقية حتى بعد عام 1973.

 

ولعل الصورة رقم 2، تعكس هذه الحالة، فهي في 26 نيسان 1974 حيث أظهر فيها جالساً مع المطربين المقاميين في أول الصف من اليمين أغني مقام الخنبات وسط دهشة الفنانين الجالسين معي كما هو واضح في الصورة، في يميني علي ارزوقي(هامش10) وحسن البناء(هامش11) وعبد الرحيم الاعظمي(هامش12) وحمزة السعداوي وعازف الجوزة محمد صالح عمر وباقي الموسيقيين.

 

 

الهوامش

 - فاروق قاسم: أصبح مطرباً مقامياً ايضا فيما بعد بإسم – فاروق الاعـظمي– وتوفي يوم 26/12/2018.

 2- حمزة السعداوي: مطرب مقام عراقي معروف، تعهد بافتتاح المقهى البغدادي في اروقة المتحف البغدادي واماسي المقامات العراقية الاسبوعية فيها. توفي عام 1995.

3 - طارق القيسي: لم اعرف اخباره بعد هذه الفترة.

 4- صلاح السراج: هو الاخر قد ابتعد عن الوسط المقامي كثيرا، ولم يظهر الا في بداية فترة ما بعد الاحتلال البغيض لبلدنا العزيز عام 2003 عندما كنتُ مديرا لبيت المقام العراقي منذ عام 2001، حيث جاءني وقد بان عليه تعب الحياة، فعملت على تعيينه في بيت المقام العراقي.

 

5 - عبد الله المشهداني:ترك الغناء على المستوى الاعلامي وغمرته الوظيفة وخلالها حصل على شهادة الدكتوراه في التربية الرياضية، ولكنه يكتب عن المقام العراقي ويتابع شؤونه وقد الف كتابا اسماه – موسوعة المقام العراقي -

6- محمد العاشق: المطرب القديم الذي يقال انه ادرك تسجيل بعض الاسطوانات في الثلاثينات من القرن الماضي، وفي اواخر السبعينات اوعز المرحوم احمد حسن البكر رئيس الجمهورية للاذاعة والتلفزيون بتسجيل بعض مقاماته العراقية بصوته رغم انه كان قد ناهز الثمانين عاما..!

7- نجم عبود: هو الاخر ابتعد نسبيا عن الغناء المقامي، على الاقل على المستوى الاعلامي، ولكنه افتتح محلا لصناعة الالات الموسيقية وعلى الاخص آلة العود.

8- عبد الاحد جرجيس:هو والد أشهر عازف إيقاع في العراق (سامي عبد الاحد).

 9- اتذكر ان اسمه يونس ولكنه ليس يونس الدايني.

10- علي رزوقي: بفي يغني حتى اليوم.

1 - حسن البناء: عرف مغنيا للمقام العراقي، وهو من جيل الخمسينات او الستينات، وانقطعت اخباره بعد الثمانينات ولم نعرف عنه شيئا منذ ذلك الوقت، ويقال انه توفي.

 12- عبد الرحيم الاعظمي: بقي يغني رغم مرضه المستديم حتى وفاته مطلع التسعينات.

 

اضغط على الرابط

حسين الاعظمي مقام الحجاز ديوان

https://www.youtube.com/watch?v=NYullfRAKvg

 

 

 

صورة 3/ في المتحف البغدادي نيسان 1973 لمجموعة من الفنانين في الموسيقى والغناء المقامي الواقفون من اليمين محمد صالح عمر وناجي العبيدي وغازي العزاوي وغني الطبال وعلاء السماوي. الجالسون حمزة السعداوي وعبد الملك الطائي وحسن البناء وأحد الهواة وعبد الرحيم الاعظمي وفاروق الاعظمي والشهيد محمود كنوْ الاعظمي والواقف في اقصى يسار الصورة حسين الاعظمي.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.