اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ما قبل التصويت .. وبعده

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

ما قبل التصويت .. وبعده

 

الهدف الإسرائيلي الأبرز هو أن تقوم المفاوضات على أنقاض المسعى الفلسطيني نحو الأمم المتحدة

"الحريّة": أعاد وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، تلخيص موقف إدارته من عملية التسوية خلال زيارته مؤخرا إلى رام الله، وافتتح حديثه بتكرار «التزام» الرئيس باراك أوباما بضرورة قيام الدولة الفلسطينية التي لا يمكن ـ برأيه ـ أن تولد من خارج رحم المفاوضات المباشرة مع الجانب الإسرائيلي؛ واعتبر أن بيان اللجنة الرباعية (23/9) قد وفر الآلية المناسبة لتحقيق هذا الهدف.

وبعد أن «رصد» الوزير الأميركي ردات الفعل على قرار الكونغرس وقف المساعدات إلى الفلسطينيين، وإعلان الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تعليق مشاريعها في الأراضي الفلسطينية، أراد أن يقدم إداراته كعامل توازن في الخريطة السياسية الأميركية من خلال تسجيل اعتراضها على هذه الإجراءات.

لكن حقيقة ما فعله أنه أضاف إلى ابتزاز الكونغرس ابتزازاً متمما من قبل إدارته عندما عرضت رفع أية عقوبة قائمة أو قادمة في حال استجاب الفلسطينيون إلى دعوة الرباعية (؟!).

من جانبه، رحب بنيامين نتنياهو (على طريقته) ببيان الرباعية الدولية وأبدى استعداده للانخراط في المفاوضات المباشرة، مع أن الجانب الإسرائيلي أبدى تحفظات واضحة على الجدول الزمني الذي طرحته «الرباعية». لكن حكومة نتنياهو أرادت ألا ترمي بتحفظاتها في وجه «الرباعية» ومن ورائها واشنطن، فبحث مجلسها الوزاري المصغر آليات يطرح من خلالها الموقف الإسرائيلي بحيث يستخلص الرأي العام أن الكرة في الملعب الفلسطيني حصراً.

فعندما طرح نتنياهو في وقت سابق أن الجدول الزمني يقيد عملية التفاوض، استدرك لاحقا بأنه يمكن التعامل مع هذا الأمر. واتضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ومجلسه الوزاري المصغر قد توصلوا إلى صيغة «عملية» تمكنهم من تحييد الجدول الزمني بل وإبعاد المفاوضات عن جدول أعمالها كما طرحته «الرباعية» وارتأوا أن يفتتحوا المفاوضات بنقاش تحفظاتهم على مضمون بيان اللجنة الدولية في أكثر من منحى.

فحكومة نتنياهو تبدي اعتراضها على إجراء مفاوضات تناقش في مرحلتها الأولى مسألتي الحدود والأمن، وستطالب بالتفاوض بشكل متواز في مسألة الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل وقضية اللاجئين الفلسطينيين وإعلان الموافقة الفلسطينية على أن نهاية المفاوضات تعني حكما نهاية «النزاع» بين الجانبين، وستطلب تل أبيب - بحسب المصادر الإسرائيلية - من الجانب الفلسطيني خلال المفاوضات تجميد طلب عضوية الدولة الفلسطينية المقدم إلى الأمم المتحدة.

تستند حكومة نتنياهو في موافقتها على دعوة الرباعية للمفاوضات إلى خلو هذه الدعوة من المطالبة بوقف الاستيطان أو تجميده كما ورد في بيانات سابقة للجنة وقد أكدت مؤخرا على ضرورة عقد المفاوضات من غير شروط. وقد خبرت هذه الحكومة «فوائد» هذه الصيغة من خلال ردات الفعل الدولية الضعيفة على إصدار القرارات الاستيطانية الأخيرة وخاصة بناء 1100 وحدة استيطانية في مستوطنة «جيلو» في القدس الشرقية.

لهذا السبب، يشعر نتنياهو بأنه يخوض معركة سياسية بشروط أفضل من تلك التي خاضها العام الماضي قبيل المفاوضات وخلالها عندما كان الاستيطان يقع في قلب التجاذبات بين واشنطن وتل أبيب إلى أن حسمته الأخيرة لصالحها.

ولهذا السبب يوافق على المفاوضات، التي يرفضها الجانب الفلسطيني دون ذكر تجميد الاستيطان وحدود العام 67 كمقدمة لازمة لانطلاقتها، ويعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن هذه فرصة لزرع جدول أعمال المفاوضات بالألغام عندما يضع قضية اللاجئين الفلسطينيين على قدم المساواة مع يهودية دولة إسرائيل، ويعتمد على ثنائية الأمن والحدود من أجل تسييد الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، وبقاء الاستيطان على حاله، مما يؤدي إلى تهميش النقاش حول حدود الدولة الفلسطينية وجعله بلا أفق عملياً وسياسياً. ويغطي نتنياهو بحماسته تجاه بدء المفاوضات ما يقترحه من إضافات على جدول أعمالها على اعتبار أن الجانب الفلسطيني لن يخوض بأجندتها طالما هو يرفض دخولها قبل أخذ مطالبه بنظر الاعتبار.

وإذا كانت الاقتراحات الإسرائيلية تجاه عملية التفاوض والتحفظات على بيان الرباعية تقع جميعها خارج التداول الفعلي الآن ومرهونة بموافقة الجانبين على بدء التفاوض، فإن الهدف الإسرائيلي الأبرز هو أن تقوم هذه المفاوضات على أنقاض المسعى الفلسطيني نحو الأمم المتحدة من خلال الاشتراط على المفاوض الفلسطيني بأن يسحب طلب عضوية الدولة الفلسطينية في المنتدى الدولي. والمؤسف أن هذه نقطة التقاء مع الرباعية التي تحاول من خلال بيانها إعادة الفلسطينيين إلى مرحلة ما قبل انطلاق مسعاهم.

الطريف بالأمر أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر يسوق لمقولة أن الجانب الإسرائيلي له تحفظات جدية على نص دعوة «الرباعية» ومع ذلك «يأخذ على نفسه» ويوافق على الدعوة وهو مستعد للانخراط في المفاوضات ـ وبالتالي ـ على الجانب الفلسطيني أن يحذو حذوه (!).

لقد شهدت مرحلة ما قبل التقدم بطلب عضوية دولة فلسطين سلسلة متصاعدة من الضغوط. ومن الطبيعي أن تشهد فترة ما قبل التصويت في مجلس الأمن ضغوطا أكبر. وإذا كان الضغط يتركز أساسا على الجانب الفلسطيني، فإن أطرافا أخرى تجد نفسها في مرمى هذا الضغط بدءا من الدول الأعضاء في مجلس الأمن وخاصة تلك التي يحسم موقفها لصالح عضوية دولة فلسطين تأمين الأغلبية اللازمة لتمرير مشروع قرار العضوية ولا يمنعه سوى «الفيتو» التي تتجنب واشنطن إشهاره لأسباب كثيرة، وتأمل أن يعفيها بعض الأعضاء من هذا الموقف.

ذكرنا سابقا أن الفلسطينيين أمام معركة مفتوحة في ميدانها وآفاقها، وخوضها يتطلب جهدا كبيرا ونفسا طويلا لا يمكن أن تختصره إحصاءات بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية وهو يعد على أصابعه عدد الدول المتوقع أن تؤيد المسعى الفلسطيني في مجلس الأمن ربما بقصد أن يمدنا بالتفاؤل ويرفع معنوياتنا.

المسألة كانت - ولا تزال - تحتاج ورشة عمل على المستوى الوطني سياسيا وديبلوماسيا وجماهيريا وتحتاج من جانبنا الرسمي إلى تفعيل دور المنظمات والكتل الإقليمية والدولية التي أيدت المسعى الفلسطيني بأمل توحيد خطابها تجاه الذين يسعون لإفشال هذا المسعى من زاوية إشعارهم بأن الوقوف ضد الاعتراف بالحقوق الفلسطينية له تداعيات كثيرة، سياسيا واقتصاديا.. وغير ذلك.

وأكدنا أن المعركة بدأت مع تقديم الطلب الفلسطيني إلى الأمم المتحدة ولم تنته بالوصول إلى تلك المحطة، كما أن المعركة لن تنتهي مع نتيجة التصويت على الطلب مهما كانت تلك النتيجة. فالنجاح له تداعيات كبرى ربما لن تمكننا منها واشنطن بحكم صلاحياتها في مجلس الأمن، لكن الفشل مع الفيتو الأميركي له حساباته أيضا، كما هو الفشل من غير فيتو. كل واحد من هذه الاحتمالات عنوان لمرحلة ما بعد مجلس الأمن.

والمعركة في الأمم المتحدة ليست «دورا تكميليا» للإخفاق في مجلس الأمن في حال حصوله، بل هي على العكس ـ برأينا ـ حيث تتحول القضية الفلسطينية إلى ميدانها الشرعي الرحب والتي يقع على مجموع أعضائها بحث دور المنظمة الدولية تجاه إعادة الاعتبار لقراراتها ذات الصلة بالصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وعدم رهن تجسيدها ضمن معادلات مجلس الأمن؛ وهو ما بات يطرح جديا ضرورة وجود نواظم أكثر عدلا داخل الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بقضايا تقرير المصير لشعب يخضع تحت الاحتلال في سياق أقدم قضية تحرر وطني في العالم.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.