اخر الاخبار:
حماس: نحتاج وقتاً لدراسة خطة ترامب بشأن غزة - الجمعة, 03 تشرين1/أكتوير 2025 10:15
أسماء المرشحين علی مقاعد الکوتا المسيحية - الجمعة, 03 تشرين1/أكتوير 2025 10:10
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (1408)- المقام العراقي رواية العراقيين -14

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

للذهاب الى صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1408)

المقام العراقي رواية العراقيين -14

 

من كتاب (المقام العراقي في مئة عام)

تحت عنوان داخلي مركزي

المقام العراقي رواية العراقيين -14

 

قيمة التسجيلات الصوتية

      على الرغم من كل النجاحات الفنية التي كسبها وحققها مطرب المقام العراقي محمد القبانجي من خلال تسجيلاته الصوتية للمقامات العراقية. فاننا نستطيع القول ان رشيد القندرجي وكل المغنين المعاصرين له، لم يقلِّلوا من أهمية ما يعني المقام العراقي،لم يقلِّلوا من فن غنائي وابداع أدائي وتفاعل وتصوير وخيال وتأمل في حقيقة الامر. لأن ثقافة حقبتهم الزمنية فرضت عليهم ما انتجوه من مستوى ثقافي فني، سواء في الابداع بالغناء اوفي التفكير. فقد حاولوا الاجتهاد بكل المقومات المتاحة.الى درجة كبيرة بحيث لاجظ النقاد، بل حتى الجمهور جوهر فنونهم الادائية ورصانة طرقهم القديمة. وعليه فانه بالرغم من قيمة ما انجزه القبانجي من صور غنائية حالمة. الا انه ليس تركيز الفن والتجديد وتكثيفه عنده، ابداعا جذريا بأي حال من الاحوال..! ان ما انجزه القبانجي، تلخيص خاص وتوسيع لأهم المبادىء الفنية للحقبة السابقة من التطور التي زاد عليها، وبمستوى ثقافة حقبته وامكانيته الفردية. ولكنه بعمله او نتاجاته هذه كان يرمز الى نقطة(تحول) في تاريخ الغناء المقامي..! لأن القبانجي انجز ذلك في نقطة تحول تاريخية كبيرة عمّت البشرية جمعاء انسجاما مع احتياجات العصر الفعلية. والفكرة القائلة ان هذا الابداع الفني في الغناء المقامي في هذه الحقبة، وحده يستطيع ان يضمن الاستمرار الصحيح لهذا التراث الغناسيقي، انما هي فكرة مقنعة جدا..!

      اذن، ان ما يهم الغناء المقامي العراقي على مدى تاريخه. ليس تكرار الاساليب الادائية للمغنين السابقين. بل الإيقاظ الفني والابداعي والفكري والجمالي والذوقي للناس المستمعين من الجماهير. وما يهم ايضا، هو ان نعيش مرّة اخرى وبصورة اقوى من أي وقت مضى، الدوافع التطورية والابداعية، وتهذيب الظواهر المبعثرة والمشتة والمخلفات الفنية في الفن الغناسيقي، التي تحتاج في نقلها الى افاق جديدة مستنيرة. وعليه فإن للكشف عن هذه الطموحات دوافع حضارية انسانية. نحو واقع افضل ثقافة وعلما وفنا وابداعا وتهذيبا. وبذلك فإن الكثير من النقاد والمغنين والجماهير امتدحوا القبانجي بحماسة فيما قدم وابدع..! تاركا لنا تسجيلات مقامية عراقية بصوته الفذ. تسجيلات غاية في الرصانة. لأنه اخذ على عاتقه تقديم صورة رائعة عن حياة حقبته الزمنية ضمن اطار الفن الغنائي في الغناء المقامي في العراق الحضاري.

  يترتب على الغناء المقامي اذن، ان يثبت وجوده بالوسائل الفنية والثقافية والجمالية والذوقية. ليؤكد بالظروف الزمنية التي استمرت بالتطور خلال القرن العشرين. بأن كل ما يعني المقام العراقي وثقافته الادائية وموسيقاه التقليدية. قد اصابه الكثير من التحسن بواسطة تحسن هذه الظروف، خاصة في العقود الاخيرة من القرن العشرين. فالأولون قد عانوا الكثير من بؤس الظروف القاسية التي لم تساعدهم بالنهوض بواقع الغناء المقامي في نواحيه الفنية الى المستوى المطلوب. ولكن هذه المعاناة استمرت بالاضمحلال نسبيا وبصورة تدريجية نظرا لتحسن هذه الظروف ولو بصورة بطيئة. واعتقد ان العامل الاقتصادي وتطوره كان مهما جدا في هذا الصدد الذي وصل ذروته بعد عام 1972 عند اعلان تأميم النفط في العراق وسيطرته على كل موارده النفطية. ومن الواضح ان استجابات الفنانين المعاصرين يمكن لها ان تصبح بسهولة نقطة تحول اخرى لمسيرة الغناء المقامي وتاريخه الطويل. في ظل هذا الاستقلال الاقتصادي الذي تمتع به العراق بعد تأميمه لنفطه مطلع السبعينيات. هنا نستطيع ان نرى تفاعلاً مجسداً تجسيداً جيداً. فالمغني المقامي العراقي او الفنان عموما. تصدر عنه ردود فعل ايجابية بوعي فني تلقائي تجاه ظروف بلده العراق. وهويتعلم من ردود الافعال هذه بسرعة ودقة ملحوظتين، وحسب امكانيته في الاستيعاب في توطيد واثبات تطور الثقافة الغنائية للمقام العراقي، من خلال اهتمام وسائل الاعلام السمعية والمرئية في حقبة اواخر القرن العشرين وبصورة مستمرة الى الان.

      ان لهذه الملاحظات اهمية كبيرة في فهم الاداء المقامي خلال مئة عام من تاريخه..! وهي اعوام القرن العشرين المختارة لموضوع بحثنا في هذا البحث. فمن الحالات المميزة للمغنين الكبار خلال هذه الحقبة حقا، هو ادراكهم الحسّاس بصورة غير اعتيادية لردود الافعال العفوية والعقلية للتحولات والتغيرات التي حدثت خلال الحقبة المحددة لمئة عام متاخرة من تاريخ المقام العراقي. كانت فيها هذه التحولات والتغيرات عظيمة الشأن. اذ ابرزت عبقريتهم في السرعة النادرة للتفاعل الايجابي مع ظروف حياة هذه الحقبة في تاريخ المقام العراقي. وقد استطاع المغنون المقاميون المبدعون بصورة عامة، ان يعمموا هذه العلاقة بين هذا المزاج والذوق والجمال الذي امتلكوه، ومجرى الاحداث المتغيرة والمتطورة خلال القرن العشرين على وجه الخصوص. وكانت هذه القدرة على الادراك والتعميم اساس ما يدعوه النقاد والمتخصصين المقاميين والمغنين عادة بـ(التفاعل مع الناس، مع الاحداث، مع الحياة برمتها).

       ان هذه الاحداث والتفاعلات بصورة عامة. تتجاوز الى حد ما افق مؤسسي طرق الحداثة الغنائية للمقام العراقي..! اذ لم يكن المقصود من هذه الحالة لدى معظمهم، الا تصوير التركيب العام للتفاعل، ولكن بالرغم من ان كل المغنين المبدعين والجيدين بصورة عامة، كانوا قد ادوا ادوارهم بوعي جيد، سواء كان هذا الوعي عفوي تلقائي ام وعيا عقليا فكريا. لأن هذا الدور كان اشبه بالخطة او النظام الدقيق في محتوى نتاجاتهم من المقامات العراقية بهذه العفوية اللصيقة بالحياة والقدرة على التعميم. وبالتأكيد ان هذه مهمة المغني الواعي ان يصور هذا التفاعل المحسوس. انسجاما مع ظروف التطور والتجديد ومواكبة الحياة بصورة عامة. وهي احدى اقوى مظاهر القدرة والقوة الشخصية لدى المغنين الناجحين.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

 

صورة واحدة / صورة يبدو انها اخذت صدى واسعا في المنشورات الفنية، حيث تجمع حسين الاعظمي بزميلتيه المطربتين مائدة نزهت والمطربة الكردية كلبهار في تشرين اول عام 1977. في حدائق كنيسة نوتردام الشهيرة بباريس. الكنيسة المشهورة في رواية فكتور هيجو(احدب نوتردام).

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.