مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1424)- من ذكريات دخولي معهد الدراسات النغمية العراقي/ 1
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 24 تشرين2/نوفمبر 2025 18:46
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 552
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1424)
من ذكريات دخولي معهد الدراسات النغمية العراقي/ 1
الطموح والاهواء
كانت حقبة مقتبل عمري وحداثة سني وبداية وعيي في الحياة، قد سادت فيها افكار وطموحات واحلام سيطرت على كل اهوائي وميولي الذاتية. أهمها فكرة الغناء والدخول في عالم الموسيقى والغناء، عالم غناء المقامات العراقية..! وفي حينها لم يكن معلوماً لدى الجميع عن وجود أي معهد موسيقي رسمي في بغداد غير معهد الفنون الجميلة التابع الى وزارة التربية. المعهد الرسمي الذي يمكن للمرء ان ينتمي اليه، آملا ان ينال ما يريده ويحققه من طموحات الوصول الى دار الاذاعة والتلفزيون. ليصبح بعدئذ مطربا على المستوى الاعلامي. وتطورت هذه الفكرة، وبتُ انتظر تخرجي من الصف الثالث المتوسط، لكي انتمي بصورة طبيعية الى معهد الفنون الجميلة، ومن ثم اكون معلماً موسيقياً في النشاط المدرسي. وبذلك اكون قريبا من تحقيق طموحاتي الغنائية والموسيقية، خاصة وقد كان بعض الفنانين المشهورين المنتمين الى دائرة النشاط المدرسي، يتنقلون بين المدارس الابتدائية لتحفيظ الطلبة بعض الاناشيد الوطنية. ويمكنني ان اتذكر البعض من هؤلاء الفنانين، كالفنان محمود عبد الحميد والفنان فاروق هلال، والفنان محمد غريب ابو عماد، وغيرهم. هذه الافكار وغيرها، كلها كانت محاولات فكرية وعملية، عقلية وعفوية، من اجل تحقيق بعض من الميول والاهواء والطموحات الذاتية، لان بيئتي كانت حاجزاً، او شبه ذلك بيني وبين عالم فن الغناء والموسيقى..! بدليل انني عندما تعرفتُ على المطرب المقامي حمزة السعداوي في المتحف البغدادي كما مر بنا سابقاً. اعتبرته اول فنان اتعرف عليه شخصياً، حيث لا اتذكر انني سبق ان تعرفتُ على غيره قبل هذا التاريخ..!
دخول المعهد
لم يكن الامر صعبا عليَّ، فقد توجهتُ مباشرة الى ادارة معهد الدراسات النغمية العراقي، مقتنعا بتنبيه ونصيحة احد الاصدقاء بوجود هذا المعهد وتخصصه بشؤون غناء وموسيقى المقام العراقي تحديداً. تاركاً فكرة الانتماء الى معهد الفنون الجميلة خلف ظهري دون التفكير في العودة اليها أبداً..! وفي ذلك كان حظيَ العظيم..! اقول ذلك وانا واثق من صحة توجهي الى المعهد الجديد(معهد الدراسات النغمية العراقي) الذي وجدتُ فيه معظم طموحاتي واهوائي وميولي.
كان دخولي الى المعهد منعطفا كبيراً في حياتي، حيث غيَّر مجراها تماماً، ومن خلاله انتظمت طموحاتي، وهدأت نفسي نسبياً وبدأتُ اساهم شخصياً في تسييرها وهندستها. ان كان ذلك بصورة عقلية واعية او بصورة عفوية طبيعية. ومن خلال المعهد، انفتحت لي جميع الابواب التي كانت موصدة في تصوراتي..! تعلمتُ فيه، تُـلمذتُ على يد اساتذة كبار ومشاهير، اساتذة من بلدي العراق الحبيب وعربا واجانب، تعرَّفتُ على الفنانين والاساتذة. عشت في الوسط الفني والمقامي من خلاله واكتشفني منير بشير في هذا المعهد الاثير. منير بشير الموسيقار الشهير الذي فتح العالم امامي كما وعدني، وقد اوفى بوعده..! المعهد الذي منحني شهادة علمية موسيقية، تدريس فيه، ادارة فيه ايضاً، وغير ذلك الكثير من امور حصلتْ لي بمجرد دخولي الى المعهد الاثير(معهد الدراسات النغمية العراقي). وهناك الشيء الكثير مما يمكن ان اتحدث به عمّا أنجز لي من خلاله طيلة المسيرة الفنية التي تجاوزت اليوم نصف قرن والحمد لله على كل شيء.
تأسيس المعهد
تأسس معهد الدراسات النغمية العراقي في العام الدراسي 1970- 1971، وفيما أتذكر، أن حفلة تكريمية كانت بمثابة حفلة إعتزال لمطرب العصور المقامية محمد القبانجي، أقامتها وزارة الاعلام في قاعة الخلد ببغداد يوم الثامن والعشرين من شهر مايس March من عام 1969. وقد شاهدتها من خلال شاشة التلفزيون، حيث نقلها التلفزيون العراقي مباشرة، وغـنى في هذه المناسبة عدد من مطربي المقام العراقي وهم. يوسف عمر في مقام الجمـَّال ومجيد رشيد الحيالي في مقام الاوج وعبد الرحمن خضر في مقام النهاوند وعبد الهادي البياتي في مقام البنجكاه وحمزة السعداوي في مقام الدشت ويونس يوسف الاعظمي في مقام الاوج والحاج هاشم الرجب في مقام البيات والمطرب الكردي علي مردان في احد المقامات وعبد الجبار العباسي في مقام الجمـَّال. واختتم الحفل المطرب المحتفى به، استاذ الجميع محمد القبانجي.
عندما إنتهى فناننا الكبير محمد القبانجي المحتفى به من وصلته الغنائية، صعد وزير الثقافة والاعلام د.عبدالله سلوم السامرائي الى خشبة المسرح، مقدما هدية ثمينة بإسم الدولة للفنان الكبير محمد القبانجي، تكريماً لتاريخ هذا الفنان الاسطورة الحافل بالانجازات. ثم ألقى المحتفى به الفنان القبانجي، كلمة بالمناسبة، شكر فيها الدولة والوزارة والفنانين المشاركين، وخلال الكلمة، إقترح أستاذنا القبانجي موجهاً ذلك الى الوزير الواقف بجانبه على المسرح، إقتراحاً تمنى ورجا فيه أن تؤسس مدرسة أو معهد أو أي مرفق علمي ومعرفي ودراسي لتعليم وتدريس المقام العراقي خشية عليه من الضياع والاندثار..
وعلى أثر هذه الكلمة وهذا المقترح، تم فعلاً العمل به، وتم تأسيس معهد الدراسات النغمية العراقي في العام التالي من هذه المناسبة. حيث كان العام الدراسي الاول للمعهد هو(1970-1971).
والى حلقة اخرى ان شاء الله.

صورة 1 / اغلب طلبة الدورة الرابعة في باب المعهد، يمينا الجالس على الكرسي حسن رحيم، الواقفون امال داوود ومضر قاسم وجمال توفيق وحسين الاعظمي، والجالسان محمود حسين من الدورة الخامسة وسامي عبد العزيز، والجالس على الكرسي خلف الجميع سليم دخان منتصف السبعينات.
صورة 2 / حسين الاعظمي يتوسط مجموعة من طلبته في معهد الدراسات الموسيقية اواخر الثمانينات . يمينا رياض كريم وصلاح شرجي وياسر نعمة ورضا العبد الله والجالس علاوي بدر.

صورة 3 / يمينا محمد زكي وحسين الاعظمي وداخل احمد في تونس منتصف 1981.

صورة 4 / يمينا ياسر نعمة ومحمد كمر والهادي بن عاشور التونسي وحسين الاعظمي في الثمانينات.


