مقالات وآراء
صحيفة أتحاد الشعب وسلام عادل وعبد القادر اسماعيل البستاني ودورهما في توعية الجماهير// محمد جواد فارس
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 27 تشرين2/نوفمبر 2025 12:08
- كتب بواسطة: محمد جواد فارس
- الزيارات: 208
محمد جواد فارس
صحيفة أتحاد الشعب وسلام عادل وعبد القادر اسماعيل البستاني
ودورهما في توعية الجماهير
محمد جواد فارس
طبيب وكاتب
ان الصحيفة ليست مجرد ناشر للدعاية والتحريض الجماعي بل هي ايضا منظم جماعي
فلاديمير أيلج لينين
بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 ظهرة الصحافة في اوسع انتشارها في الساحة العراقية، مثل صوت الاحرار والبلاد والاهالي واليقظة والانسانية والراي العام وخه بات والثبات والحرية وغيرها من الصحف التي صدرت في تلك الفترة وأصبحت من الصحف المتميزة والاوسع انتشارا وتوزيعا، جريدة [أتحاد الشعب] وهي امتداد لجرائد الحزب الشيوعي العراقي السرية، اصبحت الناطقة علنا بسياسة الحزب وكان يشرف عليها سلام عادل سكرتير اللجنة المركزية للحزب وكثر ما يكتب هو المقال الافتتاحي للجريدة، ورئيس تحرريها الشخصية الشيوعية المعروفة عبد القادر أسماعيل البستاني, ومدير الادارة الشيوعي حسين جواد الكمر، وكان من ابرز كتاب عمودها اليومي الشيق صاحب كتاب (من اعماق السجون) باسم مستعار راشد وهو المحامي عبد الجبار وهبي (ابو سعيد)، اتحاد الشعب صدرت بشكل علني في 25 كانون الثاني عام 1959 صدر العدد الاول لها، بدون ذكر انها لسان حال الحزب الشيوعي العراقي لعدم الاعتراف به رسميا من قبل حكومة عبد الكريم قاسم، وكان وزير الداخلية انذاك العقيد عبد السلام محمد عارف, حدثني احد الاصدقاء نقلا عن الوزير في حكومة قاسم زعيم حزب الاستقلال صديق شنشل قال؛ طلب مني الاستاذ كامل الجادرجي وزعيم الحزب الوطني الديمقراطي تقديم عريضة يطلب فيها موافقة عبد السلام عارف على اصدار جريدة الاهالي يقول في الاجتماع لمجلس الوزراء قدمتها الى عارف واذا به يهملها ويضعها جانبا، قال صديق شنشل تصور انا وشيباتي وتاريخي دون ان يحترمني هذا الرجل.
كانت جريدة أتحاد الشعب هي النافذة التي توضيئ للقراء مبادئ الماركسية الينينية والصراع الطبقي في التثقيف للعمال والفلاحين سياسيا ونظريا، ليلتف حولها العمال والفلاحين في النقابات المهنية والجمعيات الفلاحية، وكانت تدافع عن مكتسبات الرابع عشر من تموز في السيادة الوطنية والدفاع عن قانون الاصلاح الزراعي ونقابات العمال وقانون الحقوق المدنية والمراة، قانون الاحوال الشخصية رقم 188 وتحرير العملة العراقية اي فك ارتباط الدينار العراقي عن الاسترليني والخروج من حلف بغداد وتوزيع الاراضي على سكنة الصرائف ولاحقا قانون رقم 80 حول حصر سيادة العراق على التنقيب والاستخراج للنفط، والبدء في اقامة الشركة الوطنية العراقية للنفط وغيرها.
رئيس التحرير لجريدة أتحاد الشعب هو عبد القادر اسماعيل البستاني كان مناضل معروف واخيه عبد الله اسماعيل البستاني كان يدرس في فرنسا وهما شيوعيان، عبد القادر (ابو احمد) غادر العراق نتيجة مكافحة الشيوعية في العهد الملكي بدفع من المستعمر الانكليزي، الى سوريا وعمل مع الحزب الشيوعي السوري بقيادة خالد بكداش واكمل كلية الحقوق في دمشق وعندما سمع البيان الاول للثورة انطلق مع الجماهير السورية والعراقين في دمشق تأيدا لثورة الرابع عشر المجيدة، وبعدها عاد الى العراق واصبح عضو في اللجنة المركزية للحزب والتي يقودها سلام عادل، مع رفاق اخرين لهم تجربتهم الحزبية والفكرية وسلام عادل ذلك القائد الفذ الذي كان مدرسة فكرية نشطة خلال قيادته للحزب منذ عام 1954 ولغاية شباط 1963، حتى استشهاده، وبعد اعتقاله في قصر النهاية على يد الحرس القومي، الذي علم الجلادين درسا كيف يكون الشيوعي لن يخون وطنه وحزبه، مما اصبح المثل للصمود، ومن مرثية الشاعر الشيوعي مظفر النواب هذه الابيات بحق سلام عارل؛
لحظة ان سملوا عينيك العاشقتين
أضاء النفق المظلم بالعشيق الاحمر
واحتضر الموت فقال رفاقك ؛ لن تتوجع
الا رجفة صبر
وترجع مما غار السفود بعينيك
والكون
وصاح الصمت
أورق عماك المبصر للشعب
أعطيت بيان الصمت
وكلف سلام عادل عبد القادر البستاني، في رئاسة تحرير جريدة اتحاد الشعب اعتقل البستاني وعذب على يد انقلابي شباط الدموي عام 1963، التقيته عام 1965 في مركز شرطة الحلة وهو قادم من سجن الحلة، ذاهب الى بغداد للمحكمة، عند دخوله الى غرفتنا واذا بجبار معروف يناديني الى الباب ويطلب مني الاهتمام به وهو رجل طاعن في السن يعاني من الربو القصبي جئت ببطانية وضعتها خلفه ليسند ظهره واذا به يسألني؛ ابني ماهي قضيتك؟ قلت له انا شيوعي وقبلني قائلا؛ ابني أوصيك حافظ على رفاقك الذين تركتهم في الشارع يناضلون ولا تعترف عليهم اصمد هذه نصيحتي لك. وفي عام الهروب من سجن الحلة عام 1967 كنت في زيارة الى الرفاق وهم محسن حسين حمادي الحسن وكذلك محسن ناجي البصبوص وهذه الزيارة كانت قبل هروب السجناء من السجن الى الحرية، وصدفة شاهدت عبر القادر اسماعيل (أبو أحمد) في الساحة يتمشى تذكرني وقال لي امشي معي الى القاوش لاعرفك على اختي وفعلا عرفني عليها وحكى لها قصة تعارفنا. وكانت اخته تزوره في ايام الزيارات لسجن الحلة. ومن خلال متابعتي لتاريخه وجدت انه ايام قيادة الرفيق الخالد فهد كان من ابرز الكوادر النشطة في العمل الحزبي، عندما تطلب الامر المشاركة في الذهاب الى اسبانيا والتحاق بالقوات الشعبية للجمهورية الاسبانية وتوجهها الاشتراكي للمحاربة مع الفصائل الاممية ضد الانقلاب الذي قاده الجنرال الفاشي فرانكو اصدر الرفيق فهد لبعض الرفاق ومن بينهم عبد القادر اسماعيل البستاني للذهاب الى حلب ومن ثم الى تركيا ومن هناك الى اسبانيا ولم يوفقوا بسبب بعض الصعوبات للعبور الى تركيا، والجدير بالذكر كان هناك المهندس نوري روفائيل وهو احد الشيوعيين العراقيين الذي وصل الى اسبانيا نظرا لقربه من اسبانيا كان في بلجيكا, من هنا نستنج ان فهد كان ينفذ واجب الاممي للرفاق في الحزب، كما كان موقفه من القضية العربية وهي القضية الفلسطنية، اما الثقافة الجديد صدر العدد الاول لها عندما قدم صلاح خالص الماركسي التوجه والشفاف والشخصية المثقفة، الذي كان يؤمن بأهمية الرأي الاخر من اجل تصحيح المسار، ورفاقه طلبا لاجازتها عام 1954، وكان من كتابها ابراهيم كبة ومحمود صبري وشاكر خصباك وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وهي تحمل شعار [مجلة شهرية ثقافية عامة]. حتى ان حكومة نوري السعيد قامت باغلاقها خوف من انها سوف تلعب دورا تثقفيا ودعائيا، للفكر العلمي وللثقافة التقدمية.
كان من كتابها الشيوعي المعروف خالد السلام وفي العدد الاول لديه ترجمة من الفرنسية ( زولا فارس الحق) بقلم اندرية موروا عضو الاكاديمية الفرنسية، والمجلة تضمنت مقالات فكرية مختلفة في الفلسفة والاقتصاد وكذلك الاشتراكية ولكن رجال العهد الملكي لم يروق لهم اصدروا قرار بمنع صدورها، واغلقت حتى ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة اعادة الصدور.
ومن الدلائل على اهمية ودور الجريدة يكمن في تحريك الشارع وتحشيد القوى المهنية والمنظمات النقابية والاتحادات الطلابية والشبابية والصحفين والكتاب والادباء وحتى الجمعيات الفلاحية ان وجدت هذه القوى الجماهرية التي ممكن التعويل عليها في النضال المطلبي وحتى في حالة الانتخابات بكل انواعها، ولهذا ركزت على أتحاد الشعب ودور المشرف ورئاسة التحرير فيها.
وهنا اريد اذكر مئثرة للقائد سلام عادل، عندما اقترح قيام جبهة وطنية للمعارضة عام 1954 لخوض معركة انتخابية برلمانية، ضمت هذه الجبهة كل من كامل الجادرجي عن حزب الوطني الديمقراطي، ومحمد مهدي كبة عن الاستقلال والحزب الشيوعي العراقي وشخصيات مستقلة والغرض تحدي لحكومة نوري السعيد، وفعلا جرت الانتخابات وفازوا فيها كل من كامل الجادرجي ، ومحمد مهدي كبة وعبد الفتاح ابراهيم وناجي طالب، وعزيز شريف، وكان مرشح الحلة الشيخ عبد الكريم الماشطة الشخصية الوطنية ونصير السلام والقريب من الحزب الشيوعي العراقي والذي كان برنامجه في الدعاية الانتخابية ما يلي: [من يريد الخبز والعمل والمصانع والسكن والمدارس والمستشفيات بدلا من القنابل والمنشاءات الحربية فليصوت للشيخ عبد الكريم الماشطة] الم يكن هذا هو برنامج حزبنا الشيوعي انذاك وفعلا فاز الشيخ الماشطة ولكن عند انعقاد اول جلسة للبرلمان قرر نوري السعيد حل المجلس. هكذا كان الحزب يتحالف وهكذا يختار مرشحية، وهذا يعود لسلام عادل ورفاقه في اللجنة المركزية.
طبيب وكاتب


