اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الموروث العمراني: دراسات تحليلية في الإنقاذ والإحياء في تشكيل المدن- الجزء 15 من 16// د. هاشم عبود الموسوي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

الموروث العمراني

دراسات تحليلية في الإنقاذ والإحياء في تشكيل المدن

الجزء 15 من 16

 

إعداد

د. هاشم عبود الموسوي

معماري ومخطط مدن

و

د. محمد صباح الشابندر

معماري ومخطط مدن

 

التطور الجوهري في مفهوم الحفاظ :-

     كان الحفاظ سابقاً يعني حماية بناية منفردة أو شاخص معين، أما المفهوم المعاصر فقد توسع ليشمل الحفاظ على مجموعة متكاملة من الابنية ذات القيمة المعمارية العالية والاهتمام. بالقيمة الكلية للمجموعة (Group Value).

     وتوسع المفهوم المعاصر للحفاظ أيضاً في صيغة المعالجة الحفاظية من الخصائص المعمارية للأبنية كأرتفاع المبنى والواجهات والفتحات ومواد البناء والهيكل الانشائي... وغيرها، لتشمل هذه الصيغة الخصائص التخطيطية للنسيج الحضري مثل :

"البنية الحضرية" (Urban Grain)، "النمط الحضري" (Urban Pattern) أو "الكثافة البصرية" (Visual Density).‏

ويتطلب ذلك شمولية بجوانب واسعة ومتعددة مثل انماط الحركة وخدمات البنية التحتية والاستعمالات والجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

كما أن التوسع في صيغة المعالجة الحفاظية اخذ يشمل مفهوم الحفاظ على البيئه التاريخية (Historical Environment‏) التي يقصد منها الحفاظ على خصائص المراكز التاريخية وشخصيتها الحضرية وهويتها المحلية. وترمي هذه الصيغة إلى إعادة تأهيل الأبنية الحفاظية والمناطق ذات القيمة المعمارية والتاريخية لكي يمكن إعادة استعمالها بشكل معاصر بحيث تصبح تلك الأبنية نقاط للدلالة (Reference Points‏) للمقياس المحلي وتكون المناطق الحفاظية معبرة عن الشخصية الحضرية بشكلها المتكامل.

ان ابرز توجهات هذه السياسة في معالجة البيئة التاريخية، تقع ضمن مستويين رئيسيين:-

      المستوى الاول وهو مستوى الابنية المنفردة، حيث يتم صيانة هذه الأبنية و إعادتها إلى وضعها الاصيل عن طريق تعويض العناصر البنائية الناقصة أو التالفة ببناء جديد مماثل من حيث الشكل و والحجم ومختلف من حيث اللون و الملمس، والمستوى احياناً، ليتميز الجديد عن القديم. وتشمل المعالجة كذلك إزالة العناصر أو الملامح الدخيلة عليها ويمنع إجراء أي تحوير للملامح الخارجية والزخرفية وطرز الأبواب و الشبابيك والشرفات... وغيرها.

      أما المستوى الثاني، فهو مستوى مناطق الحفاظ (Conservation Areas) حيث يتم تطيبق سياسة شاملة للحفاظ على الخصائص والشخصية المميزة لها وهي: ارتفاعات الأبنية والخصائص والطرز المعمارية والمقياس البنائي للكتل، وخصائص النسيج الحضري كالنمط الحضري والبنية الحضرية والملمس....

‏      أن ذلك كله يتطلب ان تكون التصاميم المعمارية للابنية الحديثة، ضمن تلك المناطق، وأعمال الصيانة والإصلاح والتوسيع متوافقة ومتناغمة على المستويين التصميمي والتفصيلي مع محيطها المجاور من حيث المقياس والشكل واللون والملمس والمواد وطرز البناء والمعالجات المعمارية للواجهات والتفاصيل المعمارية.

      كما ينبغي ان يحافظ على النمط الأصيل للعلاقة بين الأبنية الحفاظية والنسيج المحيط الذي يرتبط بتلك الأبنية وظيفياً وبصرياً، فعلاقة الهيمنة التي يفرضها وجود المراقد المقدسة مثلاً يجب أن يحافظ عليها من خلال تحديد ارتفاعات وطرز أبنية الإملاء الحضري إلى مساحات معينة حولها اعتمادأ على التأثير الوظيفي والبصري لتلك المراقد.

إن إقرار وضع سياسة للحفاظ على بناية أو منطقة معينة يجب أن يستند إلى اتجاهين أو هدفين أساسيين هما: دوافع الحفاظ و معايير أو خصائص الحفاظ.

فبالنسبة إلى الحفاظ التاريخي الذي يستند إلى سياسة " دوافع الحفاظ "، يمكن إجمال أهدافها بما يلي:

أولاً- حماية الإرث الوطني، المتمثل بالنسيج الحضري، لأسباب تتعلق بأبعاد تاريخية وروحية ووطنية واجتماعية وجمالية ووظيفية إلى جانب كونه يمثل أنموذجاً رائداً في ملائمة هذا النسيج وبجميع أبعاده الوطنية والبصرية مع الإطار الاجتماعي والاقتصادي الذي يمكن الاستلهام منه بإطار معاصر.

‏ثانياً- تزايد الضغوط والمتغيرات التي تهدد هذا النسيج بالزوال وضرورة تكييفه لملائمة المتطلبات المعاصرة، مثل انتشار تجارة المضاربة بالعقارات وعدم توفر الخدمات التحتية والاجتماعية في أجزاء هذا النسيج وتعرضه للضرر عند إدخالها فيه بدون أشراف فني دقيق، أضافه لمشاكل المرور المختلفة.

ثالثاً-  إضفاء التباين في النسيج الحضري وذلك من جانبين أساسيين، وهما:

-    الجانب الجمالي (Aesthetic)، بحيث يساعد الحفاظ في كسر الملل وإضفاء التباين في الخصائص البصرية.

-    والجانب العملي (Practical)، وذلك بسبب الحاجة لإيجاد تباين يناسب التباين الاقتصادي والاجتماعي واختلاف تطلعات واحتياجات المجتمع المحلي.

‏رابعاً- الجدوى الاقتصادية للحفاظ، حيث يمكن أن تحقق أبنية ومناطق الحفاظ، في حالة تحولها إلى مواقع سياحية، مردوداً اقتصادياً مجزياً.

 

‏أما بالنسبة الى الحفاظ التاريخي الذي يستند إلى " خصائص الحفاظ " فيمكن إجمال أهدافها بما يلي :-

الأولى- الجمالية و التفرد، في النواحي المعمارية والخصائص والقيم الجمالية بما يعكس مراحل التطور الحضاري.

‏      الثانية- التعبير عن طراز معين من طرز الأبنية، أو ندرة نوع الأبنية.

‏      الثالثة- الدور التاريخي لبعض الأبنية والمواقع الحضرية، إما لعلاقته بالموروث الحضاري أو لكونه ذا بعد اجتماعي .

‏      الرابعة- امتلاك المجموعه المتكاملة والمترابطة من الأبنية لما يسمى قيمة المجموع (Group Value)

‏      الخامسة- مساهمة بعض الأبنية في تدهور المنطقة وتشجيع مالكي العقارات المجاورة على تحسينها بما يسهم بالتالي في تطور المنطقة.

‏      والسادسة - التفرد في بعض الخصائص والمميزات.

‏وتجدر الإشارة هنا إلى ان مناهج الحفاظ التاريخي ، ‏في مختلف البلدان ‏تواجه مشاكل عديدة ومن أبرزها:

-    أن الأبنية التي تستحق الحفاظ قد لا توجد بالضرورة ضمن مجمع متكامل وسليم وانما تتواجد متناثرة في مواقع مختلفة من المدينة .

-    ان حقوق الملكية العقارية تمنع إلزام مالك العقار أو الضغط عليه لإجباره على الحفاظ على ملكيته التراثية، سيما إذا كان إعادة البناء وتغيير الاستعمال تسبب له تكاليف باهظة.

-    مسؤولية الجانب الذى يتولى عملية التمويل للحفاظ، ومن الذي يقرر الأبنية الواجب الحفاظ عليها والمعايير التي يستند عليها لذلك.

-    أن وجهة النظر التي ترى أن المدينة ينبغي أن تحوي أجزاء تاريخه تتناقض مع وجهات نظر ومفاهيم أخرى عن المدينة المعاصرة.

ولا يمكن أن تنجح جهود الحفاظ على المباني التاريخية والنسيج التراثي بمعزل عن النسيج الحضري المتكامل في المدينة التي ينتمي أليها. لذا فان للتصميم الأساسي للمدينة دور أساسي في هذا الجانب، ويتمثل ذلك بما يلي:

أولاً- تحديد أهداف ومقاصد الحفاظ وسبل تحقيقها، آخذين بنظر الاعتبار اعتماد المسح والتقصي الميداني وتغطية كل الأبعاد المعمارية والتخطيطية والاجتماعية والاقتصادية للنسيج.

ثانيا- اعتماد البرمجة الفنية وتقسيم التصميم الأساسي إلى مراحل زمنية.

‏      ثالثا- ايقاف أي أعمال للتطوير القطاعي في المناطق التي تتضمن نسيج حضري تراثي، لفترة زمنية محددة، بهدف التأكد من الانسجام والتناغم بين القديم والجديد المضاف.

‏      رابعا- التأكيد على حماية الكل الذي ينتمي إليه الجزء، أي الابتعاد عن الاهتمام بالوحدات المعمارية والتخطيطية الموروثة على انفراد.

‏      خامسا- إدخال وظائف معينة تناسب النسيج الحضري التاريخي من نواحي المقياس، وطبيعة الاستعمال وتوليد الحركة.

ويرتبط مشروع الحفاظ مع مفهوم " إعادة الاستعمال " (Re-Use‏)، وهو أسلوب متبع لجعل الأبنية والأحياء الحضرية القديمة صالحة للاستعمال ثانية، ولكن ليس بالضرورة، بنفس الوظيفة التي شيدت من اجلها، إذا كانت تلك الوظيفة لا تتوافق مع البيئة الجديدة او غير صالحة لها. لذا يجري تكيفها وتحويرها وإعادة تأهيلها لتخدم أغراضا جديدة مع المحافظة على أصالة شكلها وشخصيتها.

أن أسلوب إعادة ‏الاستعمال يسمح بقدر من المرونة فيما يتعلق بجانب الأصالة التاريخية للمبنى أو المنطقة، حيث يسمح بإجراء بعض التغيرات او الإضافات التي يتطلبها تكييف الأبنية التراثية أو الأحياء التراثية مع الحاجات المعاصرة والوظائف الجديدة المقترحة لها. مع مراعاه الحفاظ على الشخصية التاريخية وطبيعة الإحساس بالهوية المحلية للمناطق الحفاظية.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.