بعد موت أمي// رانية مرجية
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 30 تشرين1/أكتوير 2025 19:54
- كتب بواسطة: رانية مرجية
- الزيارات: 110
رانية مرجية
بعد موت أمي
رانية مرجية
بعد موت أمي، لم يعد الموت يخيفني.
صار وجهه مألوفًا،
كجارٍ قديمٍ يطرق الباب كل حينٍ دون اعتذار.
أدركتُ أن الفقد لا يحدث دفعةً واحدة،
بل يتسلّل مثل الليل إلى النوافذ،
حتى تستيقظ ذات صباحٍ لتجد العالم رمادًا بلا نار.
كانت أمي أول وطنٍ أسكنه،
وأول رحيلٍ علّمني أن الأرض تدور،
لكنها لا تعيد الذين نحبهم.
منذ غابت، تغيّر شكل الدعاء،
صار رجاءً صامتًا، يختبئ بين نبضٍ ونبض.
لم أعد أطلب شيئًا من السماء،
إلا أن تترك لي حلمًا واحدًا أراها فيه.
بعد موت أمي، صارت اللغة عاجزة.
كل حرفٍ يتلعثم،
كل كلمةٍ تبدو ناقصة،
كأنها تبحث عن صدرها لتكتمل.
تعلمتُ أن أُصافح الناس دون دفء،
أن أضحك كي لا يسألني أحد،
أن أبدو بخيرٍ وأنا أختنق من الداخل.
الحزن أصبح طقسًا يوميًا،
كصلاةٍ بلا قبلة،
وذكراها المعلقة في قلبي صارت إنجيلي الوحيد.
أحيانًا أظن أنني تجاوزت،
ثم أسمع صوتها في الريح،
فأعود طفلًا يحمل حقيبته نحو بابٍ لن يُفتح.
أمي لم تمت.
هي فقط انسحبت من الجسد،
وتركت في صدري وطنًا لا يُرى،
ومواسمَ حنينٍ لا تنتهي.
ومنذ ذلك اليوم،
كل موتٍ بعد موتها يبدو حدثًا صغيرًا،
عابرًا، لا يترك أثرًا،
لأنني فقدت كل ما يُوجِع بعد أن فقدت من كانت تداوي كل وجعي.
المتواجون الان
532 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
 
                 
						


 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	
 
 