حين جفّ الماء// سعيد إبراهيم زعلوك
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 02 كانون1/ديسمبر 2025 11:26
- كتب بواسطة: سعيد إبراهيم زعلوك
- الزيارات: 309
سعيد إبراهيم زعلوك
حين جفّ الماء
سعيد إبراهيم زعلوك
حين جفّ الماء على دجلة والفرات
صرخت الأرض بصمتٍ ثقيل
وغاب العطر عن المدن القديمة
وغنى الغبار وحده على أطلال الحكايات
تاه الطير بين الأشجار العارية
وعيون الأطفال كتبت العطش على الرمل
على الحجر
على جدران البيوت المنهارة
وعلى أحلامٍ لم تولد بعد
دجلة، كم كنتِ أغنية الفرح
كم كنتِ سقاية الحضارات
واليوم صار وجهك مرآة للعطش
تنظرين إلى السماء بلا سؤال
والريح تسرق آخر همساتك
حتى الصخور تشهد على دموعك
الفرات، يا شاعر الأهوار والقصور
كم ضحكتَ مع الغيم
واليوم يجرّ السراب خيوطه على وجوه الأطفال
ويكتبون على الرمل قصص فقدٍ
عن أيادٍ سرقت الماء والفرح
وعن صمتٍ سمح للخراب أن يستقرّ في البيوت
العراق يئنّ بصوت الحجر
ويحكي الجفاف كل مأساة لم تُكتب
عن حضارة كانت
عن مدن مشيدة بعرق الإنسان
عن أزهار غرستها الأيدي في مياه لم تعد
وعن أيادي سرقت الخصب
وعن قلوب أغلقت على الجراح
وعن نهرين جفّت دموعهما
الرياح تردد الأنين بلا توقف
تخبرنا أن دجلة والفرات يبكيان
وأن الأرض تنتظر ماءً لا يعود
تنتظر حضارةً لم تعد
تنتظر سلامًا ضائعًا بين الصخور والغبار
وتنتظر أصواتًا تعرف أن الحلم لم يمت بعد
أنا شاعرٌ لا أملك سوى صوتي
صوتٌ يئن فوق صخور العراق
يبحث عن نهرٍ لم يعد
عن قلبٍ لم ينسَ
عن طفلٍ كتب العطش على الرمل
وعن زهرةٍ لم تزرع بعد
وعن أحلام تاهت بين النخيل والعريش
وعن حضارةٍ ضاعت بين صرخة الإنسان والصمت الأبدي للطين
أقدّم اعتذاري لله
عن كل دمعةٍ لم تُسكب
عن كل صرخةٍ ضاعت بين الجفاف والصمت
عن كل نهرٍ جف قبل أن ينسكب شعري عليه
عن كل حضارةٍ انهارت قبل أن أستطيع أن أحمل وجعها بالكلمات
وأعد أن أظل أكتب
حتى لو بقيتُ أنا فقط أسمع صدى الألم
حتى لو ظلّ العراق يبكي بصمت
يبكي بصوتي
ويبكي بصمت كل الحجر
سعيد إبراهيم زعلوك
المتواجون الان
863 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع



