اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• موازين وضوابط العمل السياسي

عبد الرحمن آلوجي

 

 

موازين وضوابط العمل السياسي

 

لا يمكن تصور عمل سياسي لا تحكمه مجموعة من المعايير والضوابط , و لا تحيط به وتدفعه مجموعة من الموازين التي تحدد أفقه , وتصنف برامجه وتوجهاته سنن وقواعد تحكم في الواقع , ومن خلال تطبيقاتها على مدى نجاح هذه العملية أو تلك ,  ومدى اقترابها أو ابتعادها من المعايير والضوابط المطلوبة لعمل سلس وناجح أو آخر متعثر وبعيد عن الطموح والرؤية المتوازنة والمحققة لقدر من المصلحة العليا المطلوبة لمجتمع يسعى إلى النهوض والارتقاء , وتجاوز العقبات والعراقيل في ترتيبات الداخل والخارج وتحدياتهما وطموحهما , ومآل منهجية العمل السياسي وبرامجه المطروحة وآفاق العمل فيه .

 

 

ولا يمكن قياس نجاح هذه التجربة أو تلك, بما لدى هذا الكيان المنظم الذي يؤثر في قيادة المجتمع وهياكله التنظيمية والقانونية والإدارية والتشريعية من تشكيلات سياسية واجتماعية وقضائية , وما تحتويه من مواد ودساتير , ونظم وتشريعات, ترقى إلى كم هائل من التشكيلات الحديثة , والاجتهادات القانونية  وضوابط في العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي , بل لا يمكن أن يعد ذلك مقياساً تنضبط به موازين العمل السياسي الموجه , ما لم يستند إلى واقعية ملموسة في كيان المجتمع , يحرك كوامنه  ويضبط نزعاته , ويخفف من غلواء القائمين على إدارة برامجه التنموية , وخططه ومشاريعه  والإجراءات والنظم الموجهة , هذه الواقعية التي يمكن الوقوف من ورائها على مدى جوهرية التوجه وجدية التنفيذ , وحيوية التحرك المنظم إلى الارتقاء إلى موقف حقيقي يترجم التوجه القيمي والأخلاقي بحيث يمس شغاف الضمير و يتعمق المنهج المنضبط و المتوغل في أعماق الأفراد و الجماعات , عبر سلسلة طويلة من التربية و الإعداد , لإحداث نقلة حقيقية , تشكل معياراً ضابطاً , يحفظ للتشكيلات

      والقوانين إجراءاتها العادلة , في طابع رقابة ذاتية , تتمحور من خلال عملية إعداد طويلة للطاقة المشكلة و المبدعة لعمل إجرائي من شأنه تنفيذ الضوابط و المعايير التي ترقى إلى العدالة و تكافؤ الفرص  والمساواة , و تبعد العضو الناشئ في الجماعة و تشكيلاتها عن شبح الاستزلام و الفوضى و التبعية      أو الإقصاء و التغريب و التهميش , أو التمييز و القمع و الملاحقة , مما لا يجدي نفعاً إزاء ما ينبغي أن يتسلح به هذا المنخرط في الكيان الجمعي المنظم , سواء كان هيئة أو كياناً أو فرداً , لتكون قيم الضوابط و الموازيين مقرونة إلى ما وراءها من

تلازم بين الوازع الداخلي , و الرقابة الذاتية , و قوة التنفيذ , و ما تتبعها من إجراءات تحيط بالعملية السياسية و الاجتماعية .

إن التشكيلات التنظيمية و الإجراءات القانونية و فقه الدستور , و ما يحط بها من مكتبات حافلة بكتب الحقوق و الفقه و الكم الهائل من التنظيرات , و المناهج و الثقافة القانونية و الاجتماعية , لا يمكن أن تنجح أي عمل سياسي أو تشكيلة إدارية أو تشريعية , ما لم يستند إلى مركوز حاشد من الإعداد و البناء و التحضير لمجموعة من القيم و الضوابط و الموازيين الحافظة من الضياع , و الانزلاق إلى الخروج من الإطار المنظم , و تنفيذ الخطط و البرامج الموضوعة بعناية , ما لم يمتلك الفرد أو الكيان العام من مقومات تهذب الضمير الاجتماعي و ترقى به , و تسلس قياده , بحيث يغدو كل فرد منضبطا في محيطه لاجتماعي , و حلاقاته المتداخلة , ساعيا لإنجاح تجربة البناء و الازدهار , في ظل تحقيق متوازن للعدل و التكافؤ بين الحقوق و الواجبات , و قيم المواطنة المعتبرة , و المعبرة عن ذاتها بشكل سلس , يستند إلى مقاييس لا يمكن تحققها  مع الضغط و الإكراه , بقدر ما يكون الاندفاع العفوي و الرغبة الداخلية المحضة منطقة أمان لتنفيذ و برمجة و توجيه الإجراءات و القيم و المعايير المنبثقة من مصلحة الجماعة و أخلاقياتها و قيمها الرفيعة في الازدهار و التطور و مواكبة المد الحضاري , وهو ما ينبغي أن يتحقق في أي مجتمع ينشد الأمن و السلام و الرفاه لمواطنيه دون تمييز في لون أو عرق أو طيف أو انتماء أو توجه فكري و سياسي , ليحقق التوازن المطلوب , و ضبطا إيقاعيا لسلاسة عمل سياسي واع و مدرك لخصائص المرحلة و آفاقها.

و العمل السياسي و الاجتماعي في سوريا يستلزم جهدا كبيرا للاقتراب من التوازن المطلوب بين إحداث النقلة , و تحقيق التغيير و إرادة العمل في تجنب أي ممارسة في الشطب و الإلغاء و التمييز , بإتجاه تعزيز قيم مواطنة حرة , تتجه إلى ترسيخ قواعد عمل جمعي ينطلق من رقابة ذاتية , لا تستعصي على الحل من خلال مراجعة أمينة و ضوابط و موازيين للعمل السياسي , ترتب الداخل , و تسعى إلى ردم الهوة و تخفيف التراكمات و الاحتقانات , و إتاحة الفرصة لحياة متجددة , تنتفي منها كل أشكال التمييز و الإكراه و القسر و التنكر , باتجاه إغناء الجانب المجتمعي بتشكيلاته و أوضاعه و مقاييسه لإقرار مقدمات و ضوابط عمل سياسي و اجتماعي مثمر , لا يمكن إلا بعد مثابرة في إعداد طويل و تهيؤ لبناء أرضية و قواعد جديدة .

 

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.