اخر الاخبار:
طقس العراق.. فرص أمطار بعد منتصف أيلول - الأربعاء, 10 أيلول/سبتمبر 2025 19:18
شرطة الكرخ تصدر توضيحا بشأن "انفجار السيدية" - الأربعاء, 10 أيلول/سبتمبر 2025 19:14
حصيلة جديدة لعملية "السعادة والرشاد" في بغداد - الثلاثاء, 09 أيلول/سبتمبر 2025 19:03
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

الغريب الذي يبيع الظلال// رانية مرجية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

رانية مرجية

 

عرض صفحة الكاتبة 

الغريب الذي يبيع الظلال

رانية مرجية

 

في مساء رمادي من شتاء لم يكتمل، ظهر رجل غريب في ساحة المدينة، يحمل حقيبة سوداء صغيرة. لم يعرف أحد من أين جاء، لكنّ همسه سبق خطواته. كان يقترب من الناس ويعرض عليهم شيئًا لم يُعرض من قبل: ظلال جديدة.

 

“ظلكم متعب،” كان يقول، “دعوني أستبدله لكم بظلٍ آخر. ظل أطول، أبهى، يليق بأحلامكم.”

 

ضحك بعضهم وسخر، لكن آخرين مدّوا أيديهم، واشتروا. في اليوم التالي، تغيّرت ملامح المدينة:

 

رجلٌ قصير بات يمتلك ظلًا عملاقًا يسبق خطواته في الشوارع، فيظنه الناس أكثر عظمة مما هو عليه.

 

امرأة نحيلة حملت ظلًا ممتلئًا، فتبعها المعجبون كأنها ملكة.

 

شاب بائس اشترى ظلًا يضحك، بينما وجهه ظلّ حزينًا.

 

لم تمضِ أيام حتى غدت المدينة غريبة، كل إنسان يحمل ظلًا لا يشبهه. ضاعت الحقيقة في الزحام.

 

لكنني كنت أراقب. اقتربتُ من الغريب وسألته:

 

– “كم ثمن ظلي؟”

 

ابتسم وقال: “ظلك مختلف، هو آخر ما أملك في حقيبتي. إن بعته لك، ستبقين بلا ظل.”

 

ارتجفت. شعرت أنني لو بعت ظلي، سأختفي. تراجعت. وحين هممت بالرحيل، رأيت الغريب يغلق حقيبته ويذوب في العتمة.

 

في الصباح، كانت المدينة بلا ظلال. الناس يمرّون في الشوارع كأنهم أشباح. وحدي ظلّ لي ظلّ. أدركت حينها أنني لم أشترِ الوهم، ولم أبع نفسي.

 

ومن يومها، صار ظلي أغلى ما أملك. هو مرآتي، حارسي، وهو الشيء الوحيد الذي يثبت أنني ما زلت إنسانة حقيقية في مدينة باعت نفسها للزيف

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.