اخر الاخبار:
حماس: نحتاج وقتاً لدراسة خطة ترامب بشأن غزة - الجمعة, 03 تشرين1/أكتوير 2025 10:15
أسماء المرشحين علی مقاعد الکوتا المسيحية - الجمعة, 03 تشرين1/أكتوير 2025 10:10
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو// رانية مرجية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

رانية مرجية

 

للذهاب الى صفحة الكاتبة 

قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو

رانية مرجية

 

 

أنا ابنةُ الأرض،

أحملها في صدري كما يحمل القلبُ ذاكرته الأولى.

حين ينام العالم، أسمعها تهمس لي:

 “اكتبي،

فمن لا يكتب وجعه،

يُصبح وجعًا لغيره.”

 

من طينها ودمعها وملحها جُبلت،

ومن حجارتها التي تصلي في صمتٍ

تعلّمتُ أن الله لا يفرّق بين الركوع والسجود،

بين الأذان والناقوس،

فكلّ صلاةٍ صادقةٍ

تصلُ إلى السماء من طريقٍ واحدٍ من النور.

في مدينتي،

الأجراس تعانق المآذن كلّ صباح،

والريح تحمل دعاء الكنائس إلى المساجد،

كأن الأرضَ تقول:

 “ما دام فيكم حبّ،

فأنتم أهلي جميعًا.”

 

رأيتُ امرأةً تُشعل شمعةً في كنيسة القيامة،

ورجلاً يرفع يديه في الأقصى المجاور،

فابتسمتُ…

الاثنان يصليان للواحد،

بلغةٍ مختلفةٍ من الخشوع.

كبرتُ،

ولم أنطفئ،

فالنار التي تسكنني

تعرف كيف تضيء دون أن تحرق.

كلّ تجعيدةٍ في وجهي سطرٌ من سفر البقاء،

وكلّ جرحٍ صغيرٍ

حروفُ صلاةٍ كُتبت على جسدٍ يعرف معنى النهوض.

أمّي كانت تقول لي:

 “الله ليس بعيدًا يا ابنتي،

هو في لقمةِ الخبزِ، وفي قلبِ من يغفر،

وفي يدِ من يزرعُ زيتونةً واحدةً

ثم يرحلُ مطمئنًا.”

تعلّمتُ منها أن الحنان دين،

وأن الأمّ أول كنيسةٍ وأطهر مسجد.

الحبّ عندي ليس وعدًا،

بل عبورٌ فوق نارٍ لا تحرق العارفين.

من أحبّ بصدقٍ لا يطالب،

لا يملك، لا يصرخ؛

يكتفي أن يرى النورَ في وجه الآخر،

ثم يشكر الله على الرؤية.

غاب أحبّتي،

لكنّ أصواتهم ما زالت في الهواء.

حين أقترب من الجدار الغربي،

أسمع أنينَ الذين صلّوا قبلنا،

وحين أمرّ بجانب كنيسةٍ قديمةٍ في الناصرة،

أشعرُ أن أرواحهم تسبّح في الضوء.

 

لم يرحلوا…

لقد غيّروا أماكنهم في الذاكرة،

وصاروا صلاةً تمشي بين القبور والأغاني.

يا الله،

يا من تسكن في الحجرِ والشجر،

وفي الجرحِ الذي صار طريقًا إلى الرحمة،

أنا لا أرفع يدي كثيرًا،

لكنّي حين أكتب عنك،

أشعرُ أنك تبتسم.

أنتَ لا تسكن المساجد وحدها،

ولا الكنائس وحدها،

بل تسكن في القلب حين يصير بيتًا للغفران.

أنا لست ظلًّا لأحد،

ولا امتدادًا لاسمٍ أو زمان.

أنا امرأةٌ من نورٍ وطين،

تُعيد تعريف النجاة كلّ يومٍ بالكتابة.

لا أبحث عن الخلود،

بل عن أثرٍ طيّبٍ

يهدّئ الغريب بعدي.

حين تحدّثني الأرض،

تقول لي:

 “لا تخافي من الفقد،

فالذي يزول يترك مكانه للضوء،

والذي يحترق يصير رمادًا

يخصب حياةً جديدة.”

أنا لا أكتب شعرًا،

أنا أكتب بقاءً.

أكتب لأن اللغة آخر وطنٍ لا يُحتلّ،

وأكتب لأن الكنائس والمآذن

تلتقي في قلبي كلّ فجرٍ

لتقول لي:

“ما دام فيكِ حبّ،

فلن تهزمي أبدًا.”

 

وحين يسألني أحدهم:

من تكونين؟

أقول:

أنا التي أقرأ الأرض كي أنجو،

وأكتب كي لا يموت الحلم في اللغة،

وأصلي —

في كلّ بيتٍ لله،

وفي كلّ قلبٍ يعرف الرحمة.                                               

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.