اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• تقرير "بالمر" رفصه اممية لمبادئها

بقلم / د. تحسين الاسطل

تقرير "بالمر" رفصه اممية لمبادئها

 

واجه شعبنا والشعوب العربية والاسلامية صدمة جديدة من العيار الثقيل ، كانت بمثابة رفصه لكل الاخلاق القيم الانسانية وحقوق الانسان ، ومع الاسف الشديد من لجنة اممية اوكل لها البحث في قضية الحصار البحري على محافظات قطاع غزة، والاعتداء على سفينة مرمرة التركية ، التي انطلق بها احرار العالم ، الذين سآئهم ان ينتموا لأمم تشرعن الاحتلال وحصار الاطفال ، وركبوا اعالي البحار في ثورة اسقاط الحصار عن غزة بمنأى.

اليوم تخرج لجنة "بالمر" لتقول ان الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة قانوني ، ففي غمرة الربيع العربي ، ونشوة الانتصارات الشعبية على انظمتها ، يخرج علينا هذا التقرير ليشرعن الحصار والاحتلال ، ففي نظر القائمين على هذا التقرير حرمان صيادين قطاع غزة من صيد الاسماك في البحر المتوسط شرعي ، فلا داعي في نظر الامم المتحدة راعية الحقوق والديمقراطيات الانسانية لأهل غزة ان يأكلوا السمك الطازج كباقي البشر ، ولا داعي لأهل غزة في نظر اصحاب هذا التقرير ان يخرجوا في رحلات بحرية في عرض البحر بعيدا عن حراب الاحتلال ، وهل جاء من كتب هذا التقرير الي غزة وشاهدوا المعاناة التي يعيشها اهل غزة ، وحالة الخوف للأسر الفلسطينية الي تخرج الي شاطئ البحر ، وتبقى ترصد تحركات البوارج العسكرية للاحتلال التي تجوب البحر طولا وعرضا ، خشية ان تتكرر مأساة مجزرة عائلة الطفلة هدى غالية ، التي اعدمت بقذائف بوارج الاختلال ، التي لم يرق لها ان ترى عائلة فلسطينية تستجم على شاطئ البحر، وبقيت صورة المأساة محفورة في ذاكرة اطفال الشعب الفلسطيني ، فيما حققت الامم المتحدة صفرا كبيرا في اعادة الامل لهم مرة اخرى ، او أدانة الجاني الذي بقى دائما فوق القانون الدولي وكل الاخلاق والمبادئ الانسانية.

ويبدو ان صاحب تقرير "بالمر" علم مسبقا ان تقريره لن يرى النور اذا كان في غير صالح الاحتلال ، فاعد تقريره ليتلاءم مع القائمين والمتحكمين في الامم المتحدة ، حتى لا يضعهم في حرج وجدل وصفقات ، على غرار تقرير "جولدستون " خاصة انهم يعلمون مسبقا ان اسرائيل ستضرب بغرض الحائط كل القرارات ، مع المفارقة ان الضحية اليوم وعلى غير العادة ، لم يكونوا فلسطينيين او عرب ، وانما مواطنين اتراك ، ودولة اقليمية لها وزنها ، فشكلت نتائج التقرير ضربة قوية لها ، خاصة ان هذه النتائج تتنافى مع ابسط المبادئ والاخلاق الانسانية ، الا انها تتماشي مع مبادئ شرعنة الاحتلال وحصار الاطفال وقتلهم التي تقرها الامم المتحدة ولجنتها .

الامم المتحدة ومجلس الامن الذي يشرعن الاحتلال ، ويحرك الاساطيل والطائرات في ساعات ، لإيقافقمع القذافي لشعبه ، بعد ان ضمن تسديد فاتورة التحرك ، لم يستطيع ان يفعل شيئا لإيقاف الطغيان والقهر الاسرائيلي للشعب الفلسطيني منذ اكثر من ستين عاما ، بل شكل ضمانة وحماية للاحتلال لاستمرار قمعه ، وكذلك لم يستطيع ان يفعل شيئا لإيقاف موت الاطفال بالصومال بسبب الجوع ، ولم يحرك الاساطيل والطائرات لمحاربة الجفاف والمجاعة في الصومال ، وغيرها من البلاد الافريقية ، فاصبح مجلس الامن والامم المتحدة سمسار لمن يريد ان يشن الحروب ويقمع الشعوب ، بينما يقف عاجزا امام الالاف من الاطفال والنساء ، الذين يهيمون في الارض بحثا عن ملاذ او شربة ماء ، ويسقط الاف منهم صرعا قبل ان يبلوا ريقهم بشربة ماء .

اليوم الامم المتحدة بكل مؤسساتها امام اختبار حقيقي ، اما ان تنحاز الى الشعوب ويدافع عن قضاياها المصيرية ، وتتحرر من قوى الاستعمار والهيمنة للقوى الكبرى وحلفائها ، أو ان الشعوب وخاصة العربية والاسلامية وهى تعيش لحظة انتصاراتها على انظمتها القمعية لن تبقى رهينة التفرد والوقوف في وجه تطلعاتها في الحرية والاستقلال والعيش بكرامة كباقي شعوب الارض.

فالشعب التركي لن يقبل الاهانة من قبل الاحتلال الاسرائيلي ، ولن يسامح في دماء الاحرار الاتراك ، الذين خرجوا من بيوتهم ، في تظاهرة زرع الامل ورفع الحصار عن شعبنا في قطاع غزة ، والامم والمتحدة مطالبة بتغيير سياساتها في المنطقة قبل فوات الاوان ، فاذا كانت الامم المتحدة تريد الديمقراطية ونشر حقوق الانسان والدفاع عنها ، فهي مطالبة بإعادة الحقوق المسلوبة ، وعليها ان تضع دولة الاحتلال تحت طائلة القانون الدولي والانساني ، وتفرض عليها احترام المواثيق الدولية ، خاصة انها الدولة الوحيدة التي اقيمت بقرار دولي ، ولم يكن لها أي وجود لا شعبا ولا ارضا على ارض فلسطين قبل انشاء الامم المتحدة ، وربما الشعوب العربية لن تنتظر طويلا حتى تعيد الامم المتحدة لها حقوقها المسلوبة من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي ، وربما سياتي اليوم الذي تجد فيه الامم المتحدة نفسها في موقف مشابه للأنظمة العربية التي سقطت بفعل ارادة شعوبها ، والتي حاولت ان تقدم بعض الاصلاحات وتعيد للشعوب بعض حقوقها ، الا ان تحركها جاء بعد فوات الاوان ، ووقفت مشلولة التفكير والارادة والحركة امام الهبة الشعبية التي افقدتها صوابها واساليبها المتبعة في خداع شعوبها، حتى اخرجتها شعوبها خارج اللعبة تماما.

تقرير لجنة "بالمر" خطير وغير مسبوق في تاريخ الشعوب ، كونه شكل سابقة فريدة من نوعها ، من حيث ادانة الضحية وتبرئة الجاني ، بل تبرير الحصار الظالم من قبل لجنة تحمل الصفة الاممية ، وهو مشابه للخطاب الاول للرئيس التونسي الهارب ، الذي وصف فيه المتظاهرين الذين خرجوا مطالبين بحريتهم بالغوغائيين ، وهو مشابه لمعركة الجمل في ميدان التحرير ، حيث حاول اتباع النظام المصري مهاجمة المتظاهرين بالبغال والحمير والجمال ، بعد ان فشلت الدبابات وادوات القمع الحديثة ، والتي شكلت الضربة القاضية للنظام بعدما استطاع الرئيس حسني مبارك استعطاف الجماهير في خطابة الثاني ، وهو مشابه كذلك للخطاب الاول لمعمر القذافي الذي وصف شعبه بالجرذان والخونة ، ما دفع كل الشعب حتى اصدقائه واتباعه المخلصين الى الخروج علية.

الامم المتحدة والنظام العالمي عليهما معرفة انهما ليسا في منأى عن ارادة الشعوب وخياراتها ، فمجلس الامن الذي تسلط على الشعوب العربية والاسلامية ، وكان الحامي دائما لدولة الاحتلال الاسرائيلي ، والمدافع عنها عندما ترتكب جرائمها البشعة منذ اكثر من ستين عاما ، علية ان يتعظ من الانظمة العربية التي تسلطت على شعوبها ، وتدخلت في ادق تفاصيل حياته ، الى ان قرر الشعب في لحظة تاريخية اما هو او انظمته القمعية تحت الشمس.

ونحن مقبلون على استحقاق ايلول وطلب الفلسطينيين والعرب بالتمثيل الكامل لدولة فلسطين في الامم المتحدة ، تكون الامم المتحدة ومجلس الامن في اختبار حقيقي امام مصداقيتها، ومدى تحررها من الضغط الصهيوني ، وقدرتها في الدفاع عن مبادئ حقوق الشعوب وحريتها والحفاظ عن السلام العالمي ، الذي لا يمكن ان يتحقق في ظل استمرار التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني.

فهل نشهد في ايلول ثورة جديدة للنظام العالمي بالامم المتحدة ومجلس الامن تعطي لشعبنا الفلسطيني حقوقه.

والله من وراء القصد

عضوالامانةالعامة

نقابةالصحفيينالفلسطينيين

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.